الثامن عشر

349 8 0
                                    

رواية :انعكاس الماضي
بقلم :سمر خالد
الفصل الثامن عشر :

في شرم الشيخ....
كان يحيي يجري مكالمة هاتفية مع شخص ما...
يحيي : عرفت هتعمل ايه؟..الغلطة في العملية دي برقبتك.
علي الجانب الأخر : اطمن ياباشا.. هي دي أول مرة نشتغل مع بعض؟..
يحيي بحزم : مش أول مرة، لكن العملية دي متعلق عليها حاجات كثير.. ولازم تتم بنظافة، فاهم قصدي طبعاً.
علي الجانب الآخر : فاهم ياباشا.. اطمن كل شئ تحت السيطرة، ومحدش هيمسك علينا حاجة!
يحيي بخبث : تمام.. هتفق معاك علي الوقت المناسب بالضبط إلي تنفذ فيه.
يغلق الهاتف وعيناه تعكسان انحراف أفكاره وسواد قلبه الذي ينبض بالحقد.............

في حجرة الفندق القاطن بها سليم وزمردة...
كانت زمردة تقف في شرفة غرفتها الملحقة بجناح مكون من غرفتين واحدة لها والأخري من نصيب سليم..
تنظر للأفق البعيدة وراء البحر المطل عليه شرفتها، غامض وبعيد ومظلم!!
هذا ماكانت تراه في الأفق، وتفكر أن تلك الصفات تنطبق أيضاً علي حياتها!
تتنهد وتستنشق نسيم البحر ورائحة الملوحة المنعشة لروحها، وتأخذ أفكارها شكلاً أخر وهي تري سليم يتمشى علي الرمال والهواء يتلاعب بخصلات شعره السوداء الناعمة، تقطب جبينها وتفكر في سبب خروجه من غرفته في هذا الوقت من الليل وبعد ارهاق السفر بالسيارة!
أما سليم فقد جافاه النوم صارعته أفكاره وهي تتابع في ذهنه واحدة تلو الأخرى تفرض عليه التيقظ والتأمل بهم!
جلس علي الرمال ينظر للبحر ويفكر في معذبته التي اقحمت نفسها بقلبه دون أن تشعر حتي!
يفكر في حياتها الأخري الذي يجهلها، لا يعرف ماذا سيحدث بعد عودة الذاكرة إليها؟
يتنهد بقوة وقد تغلب عليه التعب و الارهاق وقرر العودة لغرفته حتي يستريح.
بعد قليل أثناء دخوله إلى الجناح ومروره من أمام غرفتها.. يلفت انتباهه صوت همهمات!
يقترب من باب الغرفة ويتأكد انه صوتها.. هل تبكي؟.. يفتح الباب بهدوء ويدلف للغرفة!
يراها تنام علي فراشها ووجهها يتصبب عرقاً وهمهمات بكائها تعلو، يقترب منها ويهمس بخفوت : بتحلم !.. ويسطرد بصوت أقوي : زمردة.. زمردة.
كان يحاول ايقاظها ويربت علي خصلات شعرها  بحنان، لتفتح عيناها ودموعها تسقط علي وجنتها وتتنفس براحة وهي تسمعه يأكد لها انه مجرد حلم سيئ.
تتشبث بيده بخوف وتتحدث بتلعثم يرافق شهقاتها : سليم.. أنت.. متسبنيش.. شوفته. يقاطع سليم سيل كلماتها الغير مفهومة : ششششش.. متتكلميش ارتاحي وبس وبعد كدة تبقي تحكيلي الحلم إلى خوفك كدة.
تومأ زمردة برأسها ثم تباغته فجأة وترتمي بين ذراعيه بعفوية تتلمس الدفئ والأمان، ينظر لها بندهاش ويتحول لإبتسامة رضا لشعوره بإحتياجها لها وتقربها منه، لكنه يخشى القادم... ويسمع همسها الذي يليه تنهيدة ارتياح :خليك جنبي!
يبقى محتفظاً بها بين ذراعيه وهي تتشبث بقميصه وبعد مدة... كان سليم يمددها علي فراشها ويدثرها ثم يطبع قُبلة حانية علي جبينها وينظر لها ويخرج متجهاً لغرفته، يرجو حصوله علي قسطاً من النوم......
في المستشفي الراقد بها شوكت أبو العزم..
بعدما رأي عادل والده يفيق من الغيبوبة شعر بالسعادة والتقط هاتفه سريعاً وأجرى اتصال هاتفي بسليم وأخبره.. وكان الأخر سعيد أيضاً لرجوع عمه لوعيه أخيراً..كم كان مخطئ بكرهيته تجاه سليم، فهو اكتشف في تلك الفترة أثناء مرض والده أن سليم شخص مسئول وذو أخلاق ومبادئ حقاً وليس ادعاء كم كان يظن!..
يقطع سيل أفكاره طرقات باب الغرفة، يقطب جبينه ويسمح للطارق بالدخول.. ويري أية تدلف للغرفة علي استحياء، ليقف سريعاً يستقبلها بإبتسامة واسعة عكست مدي فرحته بقدومها.
تتقدم نحوه وهي تنقل نظرها بينه وبين والده..
عادل : جيتِ.. لتومأ برأسها تأكد ملاحظته، يسطرد حديثه : مش اعتذارتِ وقولتيلي انك مش هتقدري تيجي تاني؟
ترد أية بحذر : لما عرفت أن مستر شوكت فاق من الغيبوبة آآآ...
يقاطع أسترسالها في الحديث بتساؤل : عرفتِ إزاي أنه فاق من الغيبوبة؟
تتسع عيناها وتتوتر ولسان حالها يخبرها بمدي سذاجتها، لقد أوقعت نفسها وكشفت مصدر معلوماتها!.. نعم فهي تتجنب لقائه منذ أيام حتي تنظم أفكارها وتتأكد من صحة قرارها الذي استقرت عليه.. لكنها لم تشعر بالراحة وهي بعيدة هكذا، ثم اتفقت مع احدي الممرضات فتاة لطيفة وفضولية قليلاً.. لكنها كانت تفي بالغرض وتطمئنها علي عادل ووالده، وعند معرفتها بشفاء والده.. جاءت!
يرى انفعالاتها علي وجهها، ليكرر سؤاله مرة أخري بإصرار أكثر، لم تجد وسيلة للهروب من حصاره سوا الصراحة..!
أليس أقصر الطرق هو الطريق المستقيم؟
تتنهد ثم تقول بإرتباك : أصل في ممرضة بتشتغل هنا.. كنت سيبالها رقمي.. علشان أطمن علي مستر شوكت.
يعقد عادل جبينه : وليه متتصليش بيا تطمني عليه بنفسك؟.. ثم يسطرد بفهم : انتِ كنتِ بتهربي!.. مكنتيش مشغولة، حتي مكنتيش عاوزة تتصلِ بيا وبتعرفي اخباري من حد غريب!
أية بيأس :كنت محتاجة أبعد شوية.. كنت لازم أعرف أنا صح ولا غلط؟.. أنا مش بقبل بالمخاطرة،لانِ ببساطة مش هقدر أتحمل العواقب!
يبتسم عادل : ليه بتفكري كتير؟.. حلو أننا نحكم عقولنا في قرارتنا، لكن لازم نعرف أن لقلوبنا كمان  حق علينا ولازم ساعات نسيب لها فرصة تقرر.
يتنهد عادل بيأس ثم يسطرد حديثه بهدوء: أية أنا لما حبيتك مفكرتش في أي حاجة ممكن تبعدنا، أنا شايف اختلافنا من منظور مختلف عنك.. أيوة أنا شايف أننا بنكمل بعض، أنا هسيبك برحتك ومش هضغط عليكِ لكن لازم تعرفي أن مفيش حاجة هتبعدني عنك... غيرك!
أية بحيرة : غيرى!... إزاي؟
عادل بجدية : يعني القرار في ايدك انتِ وتقدري تحددي انتِ عاوزة ايه... لكن متفكريش بظروف، الظروف احنا بإيدنا نغيرها.
...........................................
في اليوم التالي في شرم الشيخ...
يجلس كلاً من زمردة وسليم علي منضدة بمطعم الفندق يتناولوا الإفطار بذهن شارد!
فسليم كان يتذكر حديثه مع المحقق الخاص به "خميس" وحديثهما عن وصول الأخير لطرف الخيط يمكنه من معرفة من الشخص الذي كان يرافق زمردة بالسيارة، وقررا الحديث مع أهل زمردة ويحاول معرفة أدق التفاصيل الخاصة بإبنتهم المفقودة!
أما زمردة فكانت تشرد في الحلم الذي رأته أمس
فهي حتي الأن لا تستطيع منع قلبها عن الارتجاف خوفاً، وتظل تدعو الله وتبتهل أن تمر تلك الأيام علي خير وترجع لإبنتها التي تشتاق لها من الأن.
تنتهي وجبة الإفطار الصامتة ويصتحبها سليم خارج المطعم، ليلتقوا بيحيي في طريقهم...
يحيي بإبتسامة : كويس أوي انكم خلصتوا فطار.. يلا بينا بقي علي اليخت.. أنا متأكد انه هيعجبكم جداً.
سليم بمجاملة : أنا كنت عاوز أروح أباشر الشغل شوية الأول.
يحيي : أول ماتيجي علي الشغل علي طول كدة.. طب ابدأ من بكرة وانهاردة نخرج وتشوف شرم.
أذعن سليم لطلبه بعد إلحاح من يحيي وفقدت زمردة الأمل في أن يتملصان من تلك الرحلة الثقيلة على قلبهما......
بعد قليل كانوا يقفون علي الرصيف أمام الشاطئ ويصطف أمامهم العديد من اليخوت بمقاسات مختلفة، ليشير يحيي لأحدهم يبدو عصري بطلائه الأبيض اللامع.
بعد فترة كانوا يجلسون بداخله وفجأت زمردة بوجود زوجة يحيي تنتظرهم بالداخل... ويمضوا بعض الوقت بحديث عام اشترك فيه الجميع.
حتي قرر الرجال الحديث عن الأعمال، وانسحبَ المرأتين بعيداً وانخرطَ هما أيضاً في الحديث.
زمردة بإندهاش : يعني انتو لسة متجوزين من كام شهر بس؟
تبتسم هنا ابتسامة بسيطة وتومأ برأسها...
وتسطرد قائلة : أيوة لسة متجوزين من فترة بسيطة ... بس أنتِ وسليم شكلكم بتحبوا بعض أوي .
تبتسم زمردة وعيناها تشي بعشقها لسليم وتقول بهيام : تعرفي ياهنا أنا حبي ليه تخطي الحد المسموح به في قلبي وبقي يمشي في عروقي.
تبتسم هنا بطيبة : ربنا يخليكم لبعض.
وتشرد هنا عند انشغال زمردة بمراقبة سليم الجالس مع يحيي يتناقشان في الأعمال.
وتفكر هنا كم تبدو تلك الفتاة زمردة طيبة وتستحق السعادة مع زوجها... وتتذكر مساء أمس عندما كانت تمر أمام شرفة الغرفة المقيمان بها وسمعت حديث ذلك الحقير المدعو زوجها!
يجب أن تمنع وتحبط خططه، فتلك المرأة البريئة وزوجها المهذب لا يستحقان هذا المصير!
يقاطع استرسال أفكارها هزة زمردة التي تلكزها بكفها بهدوء، تنظر هنا إليها بحيرة.. لتبرر لها زمردة بإبتسامة انها كانت تتحدث معها وتناديها وهي تبدو شاردة!
تنظر لها هنا بتمعن ثم تفاجأها : زمردة.. خلي بالك من نفسك!
زمردة وقد انقبض قلبها من حديثها وقبل أن تستطيع سؤالها عن السبب كان سليم ويحيي يقتربان و يقاطعان حديثهم.
مر اليوم ببطء علي كلاً منهم..
فزمردة بقت طول الوقت تفكر في حديث هنا وخائفة فقلبها ينبئها بحدوث شئ ما.
وهنا تخشي أن ينجح يحيي بمخطته فهي تخشي أن تواجهه فيقتلها ويقتل طفلها.
وسليم يترقب انتهاء اليوم حتي يصله معلومات مهمة حول زمردة.
ويحيي ينتظر انتهاء اليوم حتي ينتهي معه حياة زمردة... وسليم!
فاليوم هو أخر يوم لهما، ومن الغد سوف يسترجع حقه ويسترجع كرامته واسمه!
بقي الأربعة كل منهم شارداً بأمر مختلف وتختلف النوايا والأفكار وتبقي تلك الليلة هي الفيصل بينهما!
تأخر الوقت وبعد أن استعد الجميع للنوم فاليخت به غرفتان للنوم وقد احتلهما كل ثنائي منهم.
بعد قليل من الوقت...
كان سليم ممدد علي مقعد وثير بالغرفة تاركاً الفراش بأكمله لزمردة، يشعر بإهتزاز بهاتفه الساكن بجيبه... يلتقطه ويري رسالة تخبره بعدة محاولات فاشلة للإتصال به بسبب التغطية السيئة، ليقرر الخروج من اليخت الراسي علي المرفأ ليبحث عن مكان به تغطية حتي يجري مكالمة هاتفية!
تخرج من غرفتها ببطئ وتسير علي أطراف أصابعها، تقف عند غرفة زمردة وسليم وتفتح الباب بهدوء.. تري زمردة نائمة بمفردة وهذا أفضل لها حتي تستطيع تحذيرها!
تدلف للغرفة وتهم بإيقاظها..فتري ظل يتحرك خلف نافذة الغرفة، تفكر قليلاً ثم تدس شئ بجيب الغلالة التي ترتديها زمردة، وتخرج سريعاً بحذر.. تذهب لغرفتهما وتصطنع النوم.
يدخل يحيي الغرفة ويتقدم نحوها : هنا.. هنا
هنا : نعم يايحيي.. في حاجة؟
يحيي بحزم : لازم نطلع من هنا بسرعة!

انعكاس الماضي💜 (سمر خالد) مـكتــملة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن