رواية :انعكاس الماضي
بقلم : سمر خالد
الفصل السادس والعشرون :
( نهاية الظلام!! )ترقد علي فراشها في المستشفي براحة وعقلها تتوافد به الذكريات والأحداث..
تسمع صوت تعرفه يخترق عقلها، صوت حنون يحمل الحب والقلق في طياته لكنه غير واضح، لتبدء في الإستيقاظ و فتح عيونها تدريجياً.. تسمع الصوت مجدداً والأن بوضوح : زمردة يا حبيبتي أنتِ كويسة دلوقت يا بنتي؟..طمنيني عليكِ يا قلب أمك!
تنظر لها زمردة و تطفر عيناها بالعبرات : ماما.. أنتي هنا بجد؟..لترتمي بين ذراعيها وتبكي شوقاً لها..تستنشق رائحتها المحببة و تتنهد براحة، تشعر بالسعادة لوجود والدتها.
زمردة بقلق : فين بابا؟..هو بخير صح؟
تنظر لها أمها بحزن : هو دلوقت أحسن ياحبيبتي..هو تعب شوية بس لما أنتِ أختفيتي فجأة..فضل يدور عليكي كتير..وبعدين تعب.
زمردة تبكي بقلق : تعب ازاي طمنيني عليه ياماما بالله عليكي..بابا فين أنا لازم أروح ليه.
تربت أمها علي كتفاها : استني بس تبقي كويسة ونرجع كلنا..متقلقيش بابا لما عرف انك كويسة و بخير صحته بقت أحسن..عمتك قاعدة معاه لحد ما احنا نرجع.
تذعن زمردة لأمها بعدم اقتناع..لكن هي تعرف أنها لم تتعافي كلياً، فجسدها بأكمله يألمها.
تسمع صوت طرقات علي باب الغرفة ثم يدخل ثلاث رجال الغرفة..تنظر لهم وتتعجب من وجودهم معاً!
ليبادر مصطفي في الحديث بهدوء : أنتِ كويسة دلوقت؟..لتومأ له زمردة بالإيجاب و هي تختلس النظرات لسليم الواقف في زاوية بعيدة بالغرفة!
ليستطرد مصطفى حديثه: أنتِ افتكرتي كل حاجة يا زمردة؟
لتنظر لسليم الذي يترقب اجابتها و بداخله شعورين يتقاتلان..فأحدهم يتمني أن تنفي رجوع الذكرة إليها..لتبقي زمردته له وحده، والأخر يتمني لها أن تتعافي و تعود لها ذاكرتها لتقرر هي ما تريده في حياتها!
حتي وإن كان هذا يؤلمه..لكن هو لن يتمنى لها إلا كل خير، فقد عانت بسببه الكثير حقاً.
لتجيب مصطفي بهدوء : أيوة افتكرت كل حاجة.
ليسابق صوت أخر الجميع ويقول بسعادة : الحمد لله ياحبيبتي انك بخير..متعرفيش كنت قلقان عليكِ قد ايه.
لتنظر له قليلاً بتقطيبة : هي تتذكر من هو لكنها الأن بالذات أصبحت لا تتقبل وجوده بجوارها.
لينظر لها ويبرر لها : زمردة أنا علاء..أنتِ فكراني أنا خطيبك!
لتنظر له ببرود : فكراك يا علاء..أنا بس راسي وجعاني شوية.
مصطفي بهدوء : تقدري نتكلم أنا وانتي دلوقت و لا أسيبك و نأجل كلامنا وقت تاني؟
زمردة بتفكير : لا نتكلم عادي يامصطفي.
يتنحنح مصطفى : أنتِ المفروض تحكيلنا كل إلي حصل، علشان نقفل القضية.
تنظر زمردة لسليم و عيناها تطفر بالعبر وتبدء في السرد : في يوم جت شاهي عندنا بولادها الإتنين كارما وأدم..فضلت تبكي و تقولنا أن زوجها هياخدهم منها وهيسافر وهي مش هتقدر تبعد عن ولادها أبداً..المهم احنا استقبلناهم في بيتنا وهي كانت مش مهتمة بيهم ولا الولاد حتي متعلقين بيها..أنا و بابا وماما حبناهم أوي وبعد فترة هي اختفت و سابت الولاد عندنا، بعدها بكام يوم اتصلت تطمن عليهم وتقولنا انها بتشتغل علشان تقدر تشتري بيت ليهم بعيد عن باباهم..بعد فترة اتصلت بيا في الشغل وقالتلي تعاليلي بكارما في.....
أستغربت وسألتها ليه مردتش تقولي وفضلت تبكي لحد ما وافقت اروحلها..بالفعل روحت جبت كارما وروحنا العنوان إلي قالتلي عليه هي
قالتلي أروح لزوجها و أسيب عنده كارما وأسلمه جواب هي الي كتباهوله! ضغطت عليا لحد ما وافقت..قالتلي أخد الخاتم بتاعها علشان يتأكد أن هي إلي بعتاني..ركبت العربية مع واحد شكله غريب ومش مرتحاله أبداً عرفت أن اسمه كامل فضلت حضنة كارما جامد مش عارفة ليه بس كان في حاجة جوايا بتحذرني منه.
مشينا شوية وبعدين كارما بدأت تبكي عاوزة تأكل..وانا قولتله يقف اجيبلها أكل راح مهددني بمسدس وفضل يزعق جامد وكارما تبكي خايفة منه حاولت اسكت كارما بصعوبة لحد مانامت.
فضلت أبص عليه و علي المسدس علي التبلوه وعقلي يدور وكل همي ابعد أنا وكارما عنه.
فجأة سحبت المسدس و زعقتله قولتله يوقف العربية..وهو يزعقلي و فجأة حاول ياخد المسدس من أيدي و فقد السيطرة علي العربية كنت خايفة أوي لحد ما..سبحت عيناها في عبراتها و تلعثمت في الحديث : في..رصاصة خرجت من المسدس جت فيه!
و بعدها العربية بقت تميل يمين و شمال لحد ما شوفتها بتقع غمضت عيني و حضنت كارما أكتر.
رفعت زمردة يداها علي عيناها وانخرطت في بكاء هستيري..ليتضمها والدتها تهدئها وتربت علي كتفاها بحنان.
والدة زمردة : دايماً كانت شاهي بتتسبب بمشاكل لزمردة..بنتي طول عمرها طيبة متعرفش ترفض لحد أي طلب، كانت شاهي دايماً بتستغل طيبتها دي..كنا نسيناها لما هربت أول مرة وسابتنا، مكنش عاجبها عيشتنا ولا أننا بنعدل فيها وننتقض تصرفاتها..كانت عاوزة تاخد كل حاجة في الدنيا.
يمد علاء يده على كتفاها يربت عليها..لتنتفض زمردة و تبتعد عن لمسته لها!
ينظر لها سليم بحزن..كل ذرة من جسده تحثه أن يذهب لها ويلتقطها بين ذراعيه ويتولى هو بث الطمئنينة في قلبها،كم أشتقت لك!
ترك سليم الغرفة، وخرج قبل أن يتهور و يذهب الأن أمام الجميع ويزرعها بين ضلوعه، ويرحل بها مبتعد عن كل الناس خصتاً ذلك المدعو علاء!
رأت زمردة ابتعاد سليم بحزن وعقلها يجيبها أن هذا كان متوقع..فمهما حدث هو رجل متزوج ومن بنت خالتها يمكن أن يصلح الأمور بينه هو وشاهي و يستعيدان أسرتهم البسيطة!
لترجع رأسها للخلف وتغمض عيناها بتعب.. ليفهم الجميع أنها تشعر بالنعاس وتريد الراحة.
يذهب الجميع و يتركوها تتذكر ذلك اليوم منذ سنوات عندما كانت هي وشاهي في ذلك الحفل، قد كانا مدعوتان عليه من قبل صديقة مشتركة بينهم، كانت زمردة لا تفضل الحفلات وتلك الأجواء.. لكن شاهي كعادتها أصرت علي الذهب معها، جلست وحدها في منضدة بعيدة نسبياً عن تلك الأجواء الحافلة.. ثم رأته!
كان يقف بقامته المديدة كأنه ينظر للجميع من أعلي، لم تعلم السبب لكن هناك ما يجذبها في النظر له.. يبدو عليه الثراء، من ملابسه ووقفته كل هذا ينطق بمستواه المدي الجيد، في الحقيقه كل هذا لم يهمها فكل ما كان يجذبها له نظراته و ابتسامته اللطيفة، كان مختلف عن الجميع.
وبعد فترة وجدت شاهي تنظر لها بخبث من حيث هي، ثم جاءت لها و اصطحبتها و رحلوا.
والأن بعد كل هذا.. تكتشف أن ذلك الرجل.. هو سليم!.. لقد بقت كثيراً تفكر فيه، كانت تتمنى أن تراه مرة أخرى.. دعت ربها أن يقترب منها.
وكل هذا الوقت كان هو زوج بنت خالتها!
تبتسم بحزن على حالها و عبراتها تخدش وجنتيها.. لتتمتم لحالها : لسة بتحبيه يازمردة!
امتي هتيأسي من حبه إلي عامل زي بير المياة في صحراء وكل ما تقربي منه عشان تروي عطشك لحبه.. يطلع سراب.
تدخل والدتها عليها تقترب منها وتبتسم بحنان : حبتيه؟
لم تدعي زمردة عدم الفهم بل أجابتها بصدق اعتادته مع والدتها دائماً : من زمان وأنا بحبه.
والدة زمردة : طيب وعلاء ياحبيبتي ايه وضعه في حياتك؟
زمردة : ياماما أنا و سليم صعب نكون لبعض.. هو ممكن يرجع لشاهي ويصلح إلي بينهم صح؟
تنظر لها والدتها وتجيب : يمكن.. الله أعلم.
تكمل زمردة كأنها تقنع نفسها : كمان هو مش بيحبني.. وإن كان بين ليا مشاعر معينة.. فأكيد المقصود بيها كانت شاهي.
تصمتان قليلاً ثم تقوال والدتها : طيب حتي لو مفيش حاجة بينك انتِ و سليم، هتكملي ازاي مع علاء وانتِ بتحبي غيره؟.. كدة بتظلميه وبتظلمي نفسك... إلا بقي لو عارفة انك تقدري تنسى حبك لسليم.
تشرد زمردة في حديث والدتها و عقلها يخبرها أنها تستطيع أن تنسى حبه.. وقلبها ينفي حديثه و يخبره أنه واهم إن ظن هذا.. فحب سليم تغلغل بداخلها وأصبح لقلبها إرادة منفصلة عنها تماماً.. فهو يرفض أن يستبدل حبه بأخر!
لتتنهد وتريح رأسها للخلف وتغمض عيناها تريد أن تغفو قليلاً، و تتوقف عن التفكير نهائياً.
بعد فترة سمعت طرقات رتيبة علي باب الغرفة!
لتأذن للطارق بالدخول بصوت ضعيف بالكاد وصل له.. ليطل من الباب علاء بهيئته المرتبة دائماً..
علاء بجدية : عاملة ايه دلوقت يا زمردة؟
زمردة بهدوء : الحمد لله أحسن كتير يا علاء.
يتحرك علاء في الغرفة بتوتر ذهاباً و إياباً بتفكير.
تنظر له زمردة بتقطيبة.. فهي تعرفه جيداً، فهو عندما يفعل ذلك يكون علي وشك أخذ قرار مهم.
يتوقف علاء فجأة وينظر لها ثم يقول : زمردة أنا عاوز أسألك سؤال ضروري شاغلني من وقت ماعرفت بإلي حصل.
تعتدل زمردة في جلستها وتومأ له بالموافقة.
ليتنحنح علاء ثم يقذف سؤاله : هو انتي كنتِ بتنامي مع سليم في نفس.. المكان و آآآ.. نفس السرير؟
تنظر له زمردة وتضيق عيناها وتسأله :تقصد ايه؟
ليجيب علاء بتلعثم : يعني.. ممكن يكون.. حصل بينكم.. حاجة.. بما انك كنتِ فاقدة ذاكرتك.. وهو كان فاكر انك زوجته.
تنظر له زمردة بتفكير ثم تقول كاذبة : آآآ أيوة يا علاء حصل.. مقدرش أخبي عليك.. أنا وهو كنا زوجين طبيعين .
يقطب علاء بتفكير ثم يجلس علي أقرب مقعد ويضع يداه علي رأسه.
لتستطرد زمردة حديثها ببرود: علشان كدة ياعلاء..أنا أسفة مش هقدر أكمل معاك،أنت ملكش ذنب تتحمل إلي حصل.
ينظر لها علاء بصمت قليلاً : لكن أنا...
لتقاطعه زمردة : أنا بحبه.. بحب سليم، مش هقدر أظلمك معايا..أنت تستحق أحسن من كدة.
يومأ لها علاء ثم يهم بالخروج لتسرع في القول : علاء.. ليلتفت لها،لتقول : أنا بستقيل كمان من الشركة.. ممكن تكتب الإستقالة بدالي وتجيبها أوقعها لو سمحت؟.. ليومأ لها موافقاً ثم يخرج.
لماذا تشعر كأنها كانت تحمل علي ظهرها حمل ثقيل واختفى فجأة!
هي لم تحب علاء يوماً.. بل لم تبني علاقتهم على الحب من الأساس، فهو رأي فيها الزوجة المثلى وهي رأت فيه المسكن الذي يداوي جرح قلبها من هوسها بسليم!
في المستشفي الراقد بها شوكت أبو العزم...
كانت أية تجلس جواره تتحدث معه كعادتها منذ سفر عادل لشرم الشيخ، وهي تأتي يومياً لتطمئن علي والده.. فأول مرة ذهبت كان يشعر بالقلق والوحدة وأعترف لها أن زيارتها كانت لطيفة.. فقد أحب تلك الفتاة الخجولة و العفوية.
وقد شعر بحبها لأبنه.
شوكت : يعني أنتِ فعلاً بتحبي عادل؟
أنت تقرأ
انعكاس الماضي💜 (سمر خالد) مـكتــملة
Mystery / Thrillerالملخص : دوامات تتقاذفها،موجات من الألم تصدمها تكاد تشق صدرها و تقبض قلبها.... لم تعي ما يحدث لها ، كل ما كانت تدركه حينها هو ذلك الألم الساحق الذي يفتك بجسدها، و تلك المرارة الخانقة التى تصاعدت في حلقها ... و شعور قاسي بالفزع و الوحدة، و تكالبت ال...