رواية :انعكاس الماضي
بقلم :سمر خالد
الفصل الرابع عشر :في فيلا يحيي الشرقاوي......
يجلس يفكر بشر في خطة يوقع بها سليم وكيف يستخدم ورقته الرابحة التي تتمثل في ابنه الغالي، لكن أولاً يجب أن يعرف مكانه!!
فهو قد أوكل مهمة إخفائه لشاهي ومساعده و ذراعه الأيمن كامل، لكنه اختفي لا يعرف أين ذهب ويشك أن يكون متواطئ مع شاهي في خطتها ان تدعي النسيان وهو يختفي بالطفل يجب أن يعرف ما يخططان له معاً... لن يسمح أن يخدعه هؤلاء الحثالة... يجب أن يتصرف في أقرب وقت!!
فلن ينال من سليم غيره.. ولن يستولي علي كل مايملكه سليم غيره، فهو حقه فالنهاية!في مكان آخر يجلس كلاً من سليم وشاهي وكارما وأحمد وسندس علي طاولة تطل علي البحر والنسيم يلفح وجههم وينعش أرواحهم.
سليم بإبتسامة : يلا يابنات اختارو التحلية.. كل واحدة تختار الي تحبه.
سندس سريعاً : أنا عاوزة تشيز كيك فراولة وآيس كريم فانيليا وعليه صوص فراولة وكمان.. آآآآآ..
أحمد بصدمة : كمان ايه كفاية، أكلتي فراولة البلد!.. ايه ياأمي بتودي كل ده فين؟
سندس وهي تحدجه بطرف عيناها : الله أكبر.. فرحانة شوية فنفسي مفتوحة!
أحمد بحب : فرحانة علشان جيت معاكوا صح؟.. أنا مكنتش هاجي والله لكن سليم ألح عليا واتحايل كتير لحد وافقت علشان خاطر عيونك بس.
لتضحك سندس وتتورد وجنتاها بحمرة الخجل... ليلكز سليم أحمد بقدمه من تحت الطاولة بقوة ثم ينحني سليم علي أحمد بغيظ وصوت منخفض : يادكتور.. لاحظ أن أناقاعد قصادك يعني، فياريت نتلم ونتأدب ها!
وبعدين مين ده إلي اتحايل عليك؟.. دانتا جاي معانا تدبيس أساساً!!..
ليبتسم أحمد وينظر لسليم برجاء ويتكلم بنفس الصوت المنخفض : أبوس ايدك سيبني أرسم نفسي قدمها، أنا صحبك برده مش كدة؟
ليرد سليم بسخرية :أنا مش هتكلم علشان اختي الهبلة الي بتحبك... الصراحة لايقين علي بعض.
أحمد بهيام : أوي... بحس اننا اتخلقنا لبعض...
سليم بغيظ :ماتتلم بقي قولنا اختي.. متتكلمش عنها كدة قدامي.
في الجهة الاخري كانت الفتاتان غارقتان في الحديث ومندمجتان معاً مع بعض التحفظ من شاهي بالطبع فهي مازالت تشعر بالاحراج من سندس ومافعلته معها....
سندس بإبتسامة : بس ياستي وجه اعترفلي أخيراً بحبه بعد ماكنت هفتح دماغه بالخشبة وبس
شاهي بسعادة :بجد مبسوطة علشانك.. انتِ تستحقي كل خير ياسندس، وأحمد طيب وباين عليه بيحبك أوي.
سندس بحب : أنا كمان بحبه أوي ومحستش بطعم الحياة إلا بعد مااطمنت علي قلبي وعرفت انه راح للي يستحقه..... وعرفت انه بيحبني واتعذب عشانِ الفترة دي كلها، حسيت بالراحة والأمان كأني كنت هايمة وتايهة وفجأة لقيت إلي كنت بدور عليه وبتمناه، لقيت أماني ووطني وبيتي...كانت شاهي تتطلع لسليم خلال حديث سندس وتشعر بكل كلمة تنطقها تنغرز بقلبها وتثبت مشاعرها الساحقة لسليم، فهي تشعر بكل ماتشعر به سندس وأكثر فسليم لها كل عالمها ومصدر أمانها وخوفها...تستشعر كل همساته كل لفتاته كل إمائاته تحفظها لتنطبع في ذاكرتها وتترسخ هناك في أعماقها.
تنظر سندس لشاهي المتأملة في سليم ووجهها لوحة تظهر وتتلون بها مشاعرها وتتالي من حب لضياع ليأس لحزن لهيام لخوف!!..
لتتأكد من شكوكها فهي تشعر بتلك العاطفة التي تلوح حولهم معاً... لكنها تشفق عليهم من تلك الحواجز التي يجب أن يتخطوها ليصلا لبعضهما.
............................................
في المستشفي...
كانت تجلس أية بجانب شوكت تنظر له بشرود.. فهي ألحت علي عادل أن يذهب للأغتسال وتغير ملابسه ويستريح لبعض الوقت ثم يعود وهي هنا تجلس بجانب والده تراقبه مثلما كان يفعل عادل خلال تلك الفترة الماضية بصبر وحب....
تري ملامح وجهه وتلاحظ الشبه القوي بين الأب وابنه... فهكذا سيبدو عادل بعد سنوات طويلة حين يتقدم في العمر!
لتبتسم لأفكارها التافهة وتتمتم بشرود... لو تعرف بحب ابنك قد ايه... لتتنهد بيأس فهي مقتنعة بإستحالة اتمام ارتباطهم....
تكمل حديثها بنفس الشرود ولا تنتبه لذلك الذي يقف وينتصت لحديثها بسعادة واهتمام...
أية بتخاذل : عارف المشكلة أن أنا عمري مافكرت أرتبط بواحد بنفس صفات عادل!!
أنا وهو مختلفين في كل حاجة تقريباً.. بس برده بحبه، لتنحني رأسها لاسفل وتقول: بس خايفة.. خايفة أدخل الحلم ده وانسي نفسي فيه، خايفة أصحي منه علي ألم كبير.
يسمع ماتقوله ويشعر بخليط من المشاعر يغلب عليهم الغيظ والسعادة!!
عليه أن يطمئنها ويجعلها تفهم أن الحب يتخطي كل الحواجز وأنه مستعد أن يتخلي عن كل شيء في سبيل أن يفوز بقلب مثل قلبها بنقائه يحبه.
ليتقدم منها بخطوات هادئة وهو ينظر لوجهها البائس وتخبطها بشفقة.. فهي مازالت تتعلم الحب.... وسوف يلقنها هو مبادئه.
تقدم عادل من أية يقف خلفها مباشرةً... تشعر بوجودهالتقطت أنفها رائحته العطرة وأيضاً من وجيب قلبها الذي ارتفع فجأة يرحب بقدوم مالكه الوحيد...!!!
تغمض عيناها تنظم خفقات قلبها وتكبح أفكارها ومشاعرها تلك التي تطل من نافذة عيناها لتظهر بوضوح له ....
عادل بهدوء ظاهري : أتأخرت عليكي؟
تحرك رأسها يمين ويسار تنفي كلامه....
يكمل عادل : عاوز اتكلم معاكي.. برا!.. ممكن؟
لتومأ برأسها موافقة وتخرج خلفه بهدوء يخفي خلفه توترها لتذهب خلفه حتي يصلان لاستراحة بالمستشفي ويجلسان معاً.......
تجلس بجانبه بتوتر ملامحه لا تنبئ بأي شئ، تفرك أصابع يدها بإرتباك وعيناها لا تقابل عيناه المحدقتان فيها بتأمل وغموض.. صمته يربكها!
عادل بهدوء :عارف انك بتحبيني..
أية بصدمة من كلامه : عارف!!.. قصدي.. آآآ..
عادل وهو يرفع كفه امامها يقاطعها :متقوليش حاجة اسمعيني ممكن؟
أية بإرتباك تومأ له بهزة بسيطة من رأسها...
عادل وهو يستند بمرفقيه فوق المنضدة امامهم وينظر لعيناها التي تكافح لتواريهم عنه...
عادل : أنا مش مقتنع بأي سبب أنتي شايفة أنه ممكن يفرق بينا يا أية.. احنا إلي بنتحكم في الظروف مش هي إلي بتتحكم فينا....
لتهم أية بمقاطعته ليشير لها بالصمت، لتغلق فمها وتذمه بعفوية محببة ليفكر أن عفويتها وبرأتها هما مايجذبانه اليها وجعلاه غارقاً لأُذنيه بحبها كما الأبله....
يتنحنح يجلي حنجرته وأيضاً يستعيد تركيزه ليسترد قائلاً : عارف ان ساعات الظروف بتكون أقوي منا لكن أنا متمسك بيكي ومش مستعد اسمحلك بخوفك وترددك انك تبعدي، انتي خلاص بقيتي هنا وهنا "قال هذا بالتزامن مع اشارته لرأسه وقلبه، أي ان عقله وقلبه اتفقا عليها سواء" عيناها متعلقتان به تستشعر كل كلمة ينطق بها بقلبها... قلبها الضعيف الذي أوشك أن يرفع رأية الاستسلام ويعلن ملكيته وينحي حصونه وينطلق في حب جارف مجنون لكنه رغم ذلك يشعرها بالامان...
يتابع تبدل مشاعرها بشغف علي صفحة وجهها المعبرة بشدة عن مايدور بداخلها، لكنه يعرف نتيجة تلك الحرب بين حبه وعشقه لها وترددها وخوفها... فهو لن يسمح لها بالتخاذل.
............................................
بعد يوم طويل استمتعت فيه شاهي بالخروج بصحبة سندس وأحمد... وسليم، مجرد نطقها لاسمه يجعل خفقاتها تنشد له عشقاً وصدرها يتسع استعداداً لمناورة قلبها المسكين...
عادا جميعاً للمنزل وتركتهم شاهي وصعدت لغرفتها بإرهاق بعد أن شعرت بوجع براسها خفيف، فأحمد وسندس لم يكفان عن مغازلة بعضهما برومانسية وزوجها مارس دوره كأخ غيور علي أخته الوحيدة وهكذا ظل أحمد وسليم يتناكفان وأحمد يصر علي سرقة بعض النظرات لحبيبته....
وهي وسندس يشاهدان تلك المعركة بين الصديقان بتفكه....
لقد تقاربت كثيراً من سندس لاتصدق للأن أنها قبلت أن تحدثها وتجلس معها!
تنهدت براحة بعد أن ارتمت علي فراشها واغمضت عيناها بعد ان اغتسلت وبدلت ملابسها لاخري مريحة.........
ينتفض جسدها ويتشنج بتوتر عند سماعها صوت ذلك الهاتف الذي اخترق الصمت المسيطر علي الغرفة... تنتظر أحد أن يجيب من أسفل لكن بدون فائدة، لتعتدل بضيق وتلتقط الهاتف وترد.....
لتسمع صوت أخر شخص ودت أن تفكر حتي به الأن فهي لا تملك ذهن صافً للتعامل مع شخص ملتوى مثله...
يحيي : ألوو....
لترد شاهي بعد فترة صمت لتهيئ نفسها لكلماته الخبيثة :ألوو..
يحيي بسخرية : حظي حلو انك إلي رديتي... عملتي ايه في الي قولتلك عليه؟
شاهي بهدوء مصطنع : مش فاهمة انت بتتكلم عن ايه؟
يحيي بجدية : لا ياحلوة انتِ فاهمة كويس أنا بتكلم عن ايه... بس لو عاوزة تمشيها كدا وعاوزانا نلعب علي بعض أنا مستعد، بس متجيش بعد كدة تندمي... علشان أنا مؤذي.
شاهي وقد تملكها الرعب واصابتها رجفة قوية من كلامه لتقول بهستيرية : أنا والله مش عارفة انت عاوز ايه.. أنا مستحيل أتفق مع أي حد علشان اخطف ولادي، أنا مش فاهمة انت عاوز ايه مني سيبني بقي في حالي.
لتغلق الهاتف سريعاً وجسدها كله يرتجف وشفتاها ترتعشان وعبراتها تسقط علي وجنتياها بغزارة، لقد ضاق صدرها مما يحدث ومن كلمات ذلك الرجل الملعون لماذا يصر علي تعذيبها هكذا؟
لماذا يصر الجميع علي إدانتها بذنب لا تتذكره بذنب ترفض الاعتراف بإقترافه!!
في الجهة الاخري يقف يحيي ينفث ناراً من اذنيه ويكاد أن يرتكب جريمة قتل من شدة غيظه وغضبه الأسود الذي يحاله لشيطان لايري أمامه....
ليتوعد لشاهي بالقتل بعد ان ألقي الهاتف بقوة ليتهشم ويصبح حطام وينظر للهاتف بتشفي وغل وعيناه تتحركان بطريقة غريبة ويظهر بها مدي غله وحقده.......
يصعد سليم متجه لغرفته وهو يفكر في كم استمتع برؤية زمرته وهي تبتسم وتضحك وتتعامل بعفوية، كم يرجو أن لا تصبح ظنونه صحيحة وأن تكون زمردة غير متورطة مع شاهي بخطتها، فعقله يدينها... وقلبه يرفض ادانتها!
وكم يتمني أن يكون قلبه علي حق..
يمر من أمام غرفتها، ليتسمر واقفاً يفكر هل يدخل للإطمئنان عليها أم يتركها لترتاح فهي كانت تعاني من ألم برأسها قبل صعودها!
ليحسم أمره ويدخل لها حتي يطمئن علي حالها.
ليفتح الباب ويدلف بهدوء...
ليري شئ جعل قلبه يختض وعيناه تتوسعان ويتجمد في مكانه و...............
" وأنا لا أطلبُ تفسيراً , ما قَتَلَ الحبَّ سوى التفسيرْ، إني أهواكِ وذاكرتي , في أقصى حالاتِ التخدير " نزار قباني "
أنت تقرأ
انعكاس الماضي💜 (سمر خالد) مـكتــملة
Gizem / Gerilimالملخص : دوامات تتقاذفها،موجات من الألم تصدمها تكاد تشق صدرها و تقبض قلبها.... لم تعي ما يحدث لها ، كل ما كانت تدركه حينها هو ذلك الألم الساحق الذي يفتك بجسدها، و تلك المرارة الخانقة التى تصاعدت في حلقها ... و شعور قاسي بالفزع و الوحدة، و تكالبت ال...