رواية:انعكاس الماضي
بقلم :سمر خالد
الفصل الثالث :
لتشتعل عيناه بغضب أسود موجه لذلك الشخص الذي يعرفه ويبغضه ليقول من بين أسنانه :أنت...
ليرد له الاخر النظرات بسخرية وابتسامة سخيفة تتكون علي ثغره : إزيك ياسليم باشا.. إزيك ياأبو نسب وحشني والله.
لينظر له بضيق شديد وهو قابض علي يده بشدة ويتكلم من بين أسنانه : أنت ايه إلي جابك هنا؟
لتنقل نظراتها بين الرجلان..وتفكر : أبو نسب!!
هل يقرب ذلك الرجل السخيف لسليم؟
لتأثر الصمت وتتابع حوارهم وجو الغرفة مشحون بالكراهية المتبادلة.
ليضحك الاخر بشدة ويرد : دي مقابلة تقابل جوز أختك بيها برده.. علي العموم هرد عليك.. ليحول نظره تجاه شاهيناز ويتكلم وهو يرمقها بنظرات سافرة وعيناه تلمع بخبث : انا جاي أسأل علي شاهي... وأقولها حمد الله على السلامة.
لترتجف وتشيح بنظرها للجهة الأخرى لا ترغب في رؤية هذا الشخص المستفز.
لينظر له سليم بحدة و يتكلم بهدوء يناقض النار المتأججة في عيناه : شكراً لسؤالك ياأستاذ يوسف.. لا فيك الخير بجد.. بعد كل إلي عملته ليك عين تيجي لحد هنا جاي تسأل علي مراااتي!!
لينظر له الاخر بلامبالاة ويرد : أنا بعمل الواجب متنساش اننا قرايب ونسايب،متنساش ان أنا لسة جوز أختك .
ليغمض سليم عيناه ويقبض بيده حتي يهدء من غضبه الشديد من هذا الرجل، ليفتح عينه ويوجه نظراته اللائمةنحو زوجته.
تنظر لسليم ومحاولاته في كبح غضبه، لتتعاطف معه وتفكر : هل يمكن ان يزوج أخته لشخص سيئ كهذا اليوسف المستفز، ليقع نظرها علي سليم الذي يقاوم استفزازه ثم يلتفت ينظر لها بحدة ونظراته تلومها او تعاتبها.
لتبتلع غصة في حلقها وتفكر في سبب نظراته القاتلة لها وتدعي أن لا تكون هناك أي صلة تربطها بيوسف هذا.
ليعقد يداه أمام صدره ويوجه نظرات قوية ثابتة تجاه يوسف ويرد : طيب مش سألت وخلاص.. اتفضل انت بقي. ليكمل بسخرية: مش عاوزين نعطلك عن أشغالك الكتير.
لتختفي إبتسامة يوسف وينظر لسليم بتحدي :لسة ملحقتش أسلم علي شاهي.
سليم ببرود : سلامك وسؤالك وصل يا يوسف.. ويلا أوصلك لعربيتك في سكتي ونسيب.. شاهي ترتاح.
ليخرج يوسف وهو غاضب من سليم ومن تدخله ولسان حاله يقول : اصبر ياسليم لو مخدتش منك كل عزيز وغالي زي ما أخدت اختك منك مبقاش أنا يوسف الوكيل.
ليخرجا معاً من المستشفي ليوقف سليم فجأة أمام يوسف يرمقه بنظرات شرسة يتوعد له :بص يا جو.. أختي وهعرف اخليك تطلقها عشان مش أختي أنا إلي تضحك عليها وتلعب بيها وتستغلها ، ومتفتكرش ان انا علشان ساكت لحد دلوقت ده قلة حيلة مني ولا إستسلام، لا أنا بسيب ليك فرصة تراجع نفسك ممكن تتعدل وتبقي بني أدم نظيف، وبالنسبة لشاهيناز فاشيلها من دماغك خالص أحسنلك.
ليتركه واقف بعد ان نظر له بتحذير ورحل عائداً مرة أخرى للمستشفي وهو لا يري أمامه من الغضب ليجلس علي أول كرسي يقابله في الردهة ليتكاء بمرفقيه علي ركبته واضع يده الاثنين فوق رأسه والذكريات تعصف في رأسه غير قادر علي إيقافها، ليتنهد ويتذكر عندما قابلها أول مرة، كان حولها الكثيرات لكنها الوحيدة من لفتت نظره بلبسها المحتشم وهدوئها وإبتسامتها البريئة.. تعلقت نظراته بها طوال الوقت لم يري أحد غيرها بفستانها الوردي البسيط وشعرها الأسود الطويل الذي ينساب بنعومة علي ظهرها.
ليأتي أحد أصدقائه يلقي عليه التحية سريعاً وبعدها يبحث بعينه عنها بين الحشود لا يجدها، إختفت تماماً، ظن انه تخيل وجودها.
ظل يفكر بها ويتخيل وجودها لاسابيع وعندما أقنع نفسه ان بحثه بلا جدوي.. رأها نعم هي لكنها مختلفة قليلاً لكنها هي ولم يتركها يومها إلا عندما تكلم معها وتبادلوا أرقام الهواتف علي وعد بلقاء أخر وإستمرت مكالماتهم ومقابلتهم حتي تعلق بها وأحبها وتزوجها وبعد فترة بدأت تصرفات شاهيناز تتغير وتبدلت كلياً وبدأت معاناته معها.
ليعود إلى واقعه بعد أن شعر بيد أحمد صديقه علي كتفه ويظهر عليه القلق : ايه ياسليم مالك وكنت فين كدة؟... روحت لشاهيناز بعدك أسالها حصل ايه لقتها بتقولي كلام غريب وواحد شكله مستفز كان عندها ومفهمتش منها حاجة!!
لينظر له سليم ويرد بسخرية: جو.. جو إلي كان عندها.. لينظر سليم لملامح وجه أحمد الذي تغيرت ومشاعره التي تتبدل من الغضب والكره للحزن والاسي.
ليقف سليم ويضع يده علي كتف أحمد الذي تسمر مكانه وربت علي كتفه بخفة وذهب..
تجلس علي فراشها ترجع رأسها للخلف تغلق عيناها تحاول النوم وعدم التفكير في سليم ولا ذلك الرجل الاخر المستفز.
ليفتح الباب فجأة ويدخل دون أن يطرق، لينظر لها ويتسأل.. هل فعلاً لا تتذكر أحد، رد فعلها عند مقابلة يوسف يثبت تلك الفكرة.
ليتنهد بقوة لتنتفض وتعتدل لتجده يقف خلف الباب وينظر لها بتمعن، لتبلع غصة وتحاول الكلام بتلعثم وهي لا تنظر له : هو.. أنا أسفة بس معرفش إن هو قريبك وبعدين أنا خوفت منه لما قرب مني و... لتصمت عن ثرثرتها وتنظر له لتري رد فعله لترى وجهه جامد لا يظهر عليه أي ردود أفعال.
ليضيق عيناه وينظر لها بتمعن :انتي محستيش انك تعرفي أو شوفتي يوسف ده قبل كدة؟
لتقطب جبينها بتفكير وترد بشرود : مش عارفة بس أول ماشوفته خوفت، كمان نظراته مريحتنيش. لتنظر له بتوتر وتسأله : هو في مشكلة بينك وبينه؟.. هو جوز أختك مش كدة.
لينظر لها بصمت لفترة ثم يرد بصوت هادئ محمل بالكراهية والبغض : المشكلة الوحيدة في حياتنا كلنا... هي انتي، ليلاحظ صدمتها لكنه لا يهتم ويكمل بإشمئزاز : انتي دخلتي حياتي دمرتيها ومكتفتيش بكدة بس لا كنتي عاملة زي المرض الخبيث إلي جذوره اتمدت كمان ومقدرتيش تسيبي حد كويس ومرتاح، انسانة مريضة مبتحبيش غير نفسك بتكرهي تشوفي حد أحسن منك، وجوز أختي ده واحد من إلي أستخدمتيهم في بلاويكي.. لينظر لوجهها الشاحب وعيناها الجاحظتان برعب من كلامه بلامبالاة ويكمل بقسوة : أختي البريئة كانت صغيرة متعرفش تفرق بين إلي بينصحها وإلي بيضرها.
لتنظر له بعينان زائغتان ووجهها رغم جروحه لكن ظهر عليه الشحوب بشدة وشفتاها المرتجفتان تشي بحالتها المضطربة.
لتنتظر أن يكمل لكنه أولاها ظهره ينظر من النافذة وعضلات ظهره المتشنجة نبأت عن حالته التي لا تختلف عنها.
لتتحدث بعد صمت طويل خرج صوتها مهزوز ومضطرب : حصل ايه؟ التفت يواجهها ونظراته تشي بفهمه لسؤالها لكنها أعادت صيغته مرة أخري حتي يجيبها : حصل ايه لاختك؟
ليلتفت يوليها ظهره ويزفر بشدة ثم يتحدث بشرود : سندس أختي كانت صغيرة، وأحمد صاحبي حبها وقالي وأنا قولتله يستني ميكلمهاش ولا يلمحلها بكدة إلا لما تكبر وتكون مستعدة للمشاعر دي.. مكنتش أعرف انها هي كمان بتبادله نفس مشاعره وكانت حاسة انه حب من طرف واحد وبعدين جيتي انتي وعرفتي بحبهم لبعض وقدرتي تلعبي في دماغها وأي أمل ليها في انه في يوم يحس بيها ويحبها انتي دمرتيه وصلتيها لدرجة انها بقت بتكرهه وتنفر منه، وفي نفس الوقت قربتيها من يوسف إلي لعب علي قلبها المجروح وسمعها الكلام إلي كانت محتجاه وهي كانت صغيرة ووقعت في فخه واتعلقت بيه وصممت تتجوزه لما حكتلي وانا كنت رافض في الأول، شوفت انهيار صاحبي يوم ما عرف حسيت بوجعه، وبعد جوزها وقسوته معاها ومعاملته الزبالة ليها، كانت بتخبي عليا وتستحمل وتلتمس له الاعذار علي أمل انه يتغير معاها، لحد ماعرفت سبب جوازه منها وانه بينتقم مني وانه لسة بيحبك انتي.
سبته وجيتلي منهارة وجالها انهيار عصبي وفضلت في أوضتها مش بتكلم حد ورافضة تقابله أو تقولي سبب حالتها دي لحد ما انتي خطفتي ولادي واختفيتي حكتلي كل حاجة ورفعنا عليه قضية طلاق لكنه بيماطل ومش عاوز يطلقها عند فيا، شوفتي أذيتي كام شخص!!
شوفتي كام واحد اتجرح بسبب أنانيتك وقلبك الاسود؟
ليلتفت اليها ليصدم من حالتها.. كانت تبكي بإنهيار وندم لأول مرة يري شاهيناز بتلك الحالة
لتنظر له وتقول من بين شهقاتها : أنا.. مش.. قادرة.. أصدق،لكن.. لو انا فعلا عملت كدة.. صدقني أنا أسفة.. أنا عارفة ان أسفي ملوش فايدة ومش هيعوض عن إلي حصل.. بس صدقني أنا مش فاكره حاجة من كل ده وأنت بتحكي أنا أحتقرت نفسي أوي.. أنا أسفة.
لتنخرط في بكاء شديد، ينظر لها بإستغراب حائر من تغيرها، هل تلك الفتاة بارعة في التمثيل وتلك الدموع والاسف المطل من عيناها مجرد وهم، أم هي فعلا نادمة لا تتذكر شيء ومشوشة، لا تلك المرأة خبيثة يجب أن يحذر منها ولا يثق فيها.
ليلتفت ويذهب من الغرفة دون اضافة أي شئ أخر، تركها ورائه تنتحب، الأن عرفت سبب كره أحمد لها وهو محق في هذا.
في مكان أخر في قصر كبير، تجلس فتاة رقيقة شاردة وجهها جامد لا ترمش جالسة في شرفة غرفتها تنظر للحديقة بالأسفل.
يطرق باب غرفتها بهدوء، لم يسمع صوتها تسمح له بالدخول.. ليتنهد ويفتح الباب بحذر ويدخل يراها جالسة كاعادتها، ليشعر بالحزن علي حال تلك الفتاة.
ليجلس أمامها ويتحدث بحزم : ايه ياسندس هتفضلي كدة لحد أمتي، هتوقفي حياتك وتضيعي شبابك ومستقبلك بسبب راجل واطي ميستهلكيش زي يوسف ده!!
لتنظر له بعيناها التي فقدت بريقها ووجهها الذي ذبل، امتعض وجههاوتكلمت بصوت محمل بالألم : أنا مش زعلانة عليه، أنا زعلانة علي نفسي.. مضايقة ان واحد زي ده قدر يخدعني، زعلانة ان أنا جيت علي نفسي كتير أوي وأستحملته وهو ميستحقش اي شيء، زعلانة ان انا مصدقتش كلامك ومشيت ورا واحدة انا عارفة انها مؤذية وصدقتها وكنت مغفلة.
ليذهب تجاهها وينحني ويقبض علي أكتافها بيده وينظر في عيناها بإصرار : سندس انتي رغم برأتك ورقتك لكنك قوية لازم تتخطي العلاقة دي وتنسيها مش هسمحلك تقفلي علي نفسك أو تكتأبي وهو عايش حياته ولا همه، انتي هترجعي زي زمان ومش هتُذكُري الموضوع ده تاني وهتكملي حلمك إلي نستيه وتفتحي المعرض إلي حلمتي بيه زمان، مفهوم؟
تحرك رأسها موافقة علي كلام أخيها الغالي فهو مصدر قوتها الأن وكلامه شجعها فعلاً.
ليخرج من غرفتها لتستوعب كلامه وتلملم ذكرياتها السيئة مع يوسف وتدفنها، لقد حان الوقت لكي تدرك نفسها وتعمل علي مستقبلها.
يجلس سليم مع أحمد في شقة الأخير،يتحدثون
تنحنح أحمد وتكلم بتردد : سليم.. سندس عاملة ايه؟ اقصد يعني هي كويسة ولا لسة زعلانة؟
لينظر له سليم ويزفر : هتبقي كويسة.. أنا كلمتها انهاردة ومتأكد انها اقتنعت وهتشوف حياتها وتكمل حلمها.
لتلمع عين أحمد بفرحة : بجد يارب تنسي كل إلي حصل ده فعلاً وتقدر ترجع سندس بتاعت زمان.
سليم : أحمد أنت لسة بتحبها وعاوزها في حياتك؟
ليتنهد أحمد ويرد بهدوء بصوت يحمل مدي عشقه وحبه : أنا مش بحبها أنا بعشقها تفتكر حبي ليها السنين دي كلها ممكن أي شيء يأثر عليه؟ ليبتسم بحزن. أما انها تكون ليا ده حلم بالنسبة ليا ومش عارف هيحصل ولا لا بس أنا أهم شئ عندي أنها ترجع سعيدة وكلها حيوية وتحقق حلمها.. بس مش عاوز حالياً غير كدة.
لينظر له سليم بتمعن : أنا عمري ماأتمني حد لأختي غيرك وصدقني حلمك أنت كمان هيتحقق وهتكون ليك بس تنسي إلي حصل، مش هقولك انها لسة بتحبه لا هي كرمتها بس إلي اتأذت وهي محتاجة وقت علشان ترجع تثق في أي حد تاني.
ليتنهد أحمد ويسأل سليم سؤال خطر له : سليم.. أنت قولت لشاهيناز ولا لا، مينفعش تخبي عنها الموضوع ده أكتر من كدة!!
يتبع..
أنت تقرأ
انعكاس الماضي💜 (سمر خالد) مـكتــملة
Gizem / Gerilimالملخص : دوامات تتقاذفها،موجات من الألم تصدمها تكاد تشق صدرها و تقبض قلبها.... لم تعي ما يحدث لها ، كل ما كانت تدركه حينها هو ذلك الألم الساحق الذي يفتك بجسدها، و تلك المرارة الخانقة التى تصاعدت في حلقها ... و شعور قاسي بالفزع و الوحدة، و تكالبت ال...