الواحد والعشرون

344 8 0
                                    

رواية : انعكاس الماضي
بقلم : سمر خالد
الفصل الواحد والعشرون :

"أناديك والليل جاثم خلف الجدران , والفراق قد شهر مخالبه .. أناديك والنوم يتقدم مني مهدداً بعشرات من كوابيس الوداع .. أناديك يا من كنت قبل دقائق معي. - غادة السمان "

في منزل عم سعيد الصياد.....
كانت زمردة تجلس عند النافذة بترقب.. تراقب أي شاردة أو واردة، تنظر للبحر قليلاً.. ثم تعود لمراقبة الطريق!
فهي تنتظر قدوم مصطفي... لقد وعدها ألا يتأخر!.. هل سوف ينفذ وعوده ويحضر معه سليم.. أاااااه كم اشتاقت لرؤيته، تشعر كأنها لم تراه منذ عهد من الزمن، يجب أن يأتي لتطمئن عنه... لقد اشتاقت له ولإبنتها، هل تأكل وتنام جيداً؟.. هي تثق في سندس جيداً في الأعتناء بصغيرتها، لكنها تشتاق لهم ومنزلها وعملها وتشعر بالغربة وهي بعيد عنهم.
تتكأ برأسها علي النافذة وتشرد في أفكارها... تلاحظ بعد فترة  سيارة تقترب من المنزل، لكنها لا تخص مصطفي ولا طهَ!
إذاً لمن تلك السيارة؟.. تقف تنظر بترقب وقلبها ينبض بأمل أن يكون سليم هو من بالسيارة.

أما مصطفي فكان يقف أمام اليخت الراسي علي الشاطئ ومغلق من قبل الشرطة حتي ينتهي التحقيق في القضية.
دلف مصطفي بداخل اليخت وظل يمر في الحُجر يفتش عن أي دليل يدين يحيي!
نعم فهو يعوف أن سليم مظلوم وأنه وقع في فخ صنعه له يحيي... فقد أخبرته شاهي بشكوكها وأيضاً تحذير هنا زوجة يحيي لها.
دلف مصطفي احدي الغرف وجدها فارغة تماماً ومرتبة، كأن لم يدخلها أحد.... دلف للأخري التي يبدو عليها الفوضي والفراش غير مرتب والمنضدة بجواره مقلوبة ، وجد بالغرفة ملابس نسائية ورجالية... كان نظره يجول علي أي تفصيل ولو صغير... وبعد فترة من البحث... انحني لأسفل ينظر أسفل الفراش ليري بين الشراشف المتناثرة أرضاً.... ورقة مطوية!
ليقطب جبينه ويفتح الورقة ويقرأ المكتوب بها.

" شاهي حاولي تاخدي جوزك وتمشوا من هنا في أسرع فرصة، صدقيني ده لمصلحتكم... يحيي مش سهل، وشكله عاوز يأذيكم.. أرجوكِ اهربي انتي وجوزك...... هنا "

يقرأ الورقة ورأسه يضج بالأفكار... تلمع عيناه بنظرة نصر، فهو الأن في يده دليل برأت سليم!
لكن الوضع ليس بهذه السهولة، فهو يجب أن يقتلع المشكلة من جذورها حتي لا يكون لها فصول أخري.
يخرج من الغرف ومن اليخت بكامله وأفكاره تتكون في رأسه... ويعرف من أين تبدأ أولى خطواته.
يدلف لسيارته... ويقودها متوجهاً لمنزل والده، يلتقط هاتفه ويضغط عدة أرقام ثم يضعه علي أُذنه ينتظر الرد....
مصطفي بجدية : ألو... عملت ايه في إلي طلبته منك؟..... تمام، وسليم ؟...تمام أوي، مش عاوز أي حد يعرف بكلامنا ده!... سلام.
ينظر أمامه علي الطريق ويزيد من سرعة السيارة.

في مركز الشرطة.....
كان يجلس عادل أمام الضابط المسئول حتي يأذن له برؤية ابن عمه سليم الذي يرفض تماماً الزيارة،لكن عادل أصر أن يراه حتي يطمئن... ويخبره بما عليه معرفته منذ زمن!
بعد قليل جاء سليم لمكتب الضابط... كانت نظرات عيناه تشى بحالته، فمن الواضح أن ابن عمه وقع في حب تلك المرأة..ليشعر بالألم والحزن هو أيضاً، فهو الأن يقدر مأساته..فهو لا يتخيل أن يصيب أية مكروه... لا أن تتركه للأبد.
يتركهم الضابط بمفردهم بغرفته ويخرج....
عادل : عامل ايه يا سليم؟
سليم بسخرية : مراتي اتقتلت... وطلعت أنا إلي قتلها وقاعد في السجن مش عارف حتي أجيب حقها من إلي عمل كدة، تفتكر هكون عامل ايه ياعادل؟
عادل بحزن : أنا متأكد انك هتطلع منها ياسليم، انت مستحيل تقتل.
سليم بلامبالاة : معدتش فارقة يا عادل... خلاص إلي ربنا كتبه هيكون.. المهم تخلي بالك من ولادي، وكمان من سندس.
عادل بتنهيدة : أكيد في عنيا... بس في حاجة لازم تعرفها ياسليم... حاجة تخص والدك!
سليم بحيرة : بابا!!.. ايه الحاجة دي؟
يصمت عادل قليلاً ثم يسطرد قائلاً : عمي.. كان متجوز واحدة تانية غير والدتك !!!
سليم بصدمة : نعم!.. ازاي يعني؟... أنا أبويا وأمي طول عمرهم متفاهمين وبيحبوا بعض.. ازاي أبويا يتجوز علي أمي؟
عادل بجدية : بص أنا أبويا حكالي امبارح بس الكلام ده... وشوفت انه من حقك تعرف، ده غير أنه هيفسر حاجات كتير بتحصل.
سليم بضيق : اتكلم ياعادل واحكي كل حاجة.
عادل : بإختصار علشان وقت الزيارة... والدك السكرتيرة بتاعته كانت ست مطلقة، فضلت تلف حول والدك تحاول تجذبه ليها... لكن هو كان بيحب والدتك ومكنش بيستجاب لمحاولاتها.
سليم : وبعدين ياعادل؟
يسطرد عادل حديثه : في مرة كان مسافر بيخلص صفقة ومعاه السكرتيرة بتاعته طبعاً... المهم هي أوهمته أنه شرب كتير وعمل معاها علاقة.. ووالدك اضطر يتجوزها بعد ماهددت انها تقول لوالدتك.. فوالدك وافق يتجوزها بشرط محدش يعرف وخصتاً والدتك، وبعد كدة الست دي جابت طفل ولد وفضل الحال علي ماهو عليه... لحد ما الست دي ماتت والولد ده كان عنده 16 سنة.. والدك رفض يدخله بيتكم يتربي معاك، خوفاً علي والدتك لو عرفت، فسابه مع ناس يعرفهم لحد ما كبر وكان بيصرف عليه.
سليم بغضب : طبعاً الولد ده كبر لوحده وهو عارف ان والده موجود وراميه... فكره أبويا طبعاً.
يومأ عادل موافقاً ويضيف : ده غير أن والدته كانت  دايماً تقوله أبوك سبنا وراح للتانية وأبوك مش عاوزك وهكذا لحد ما الولد كره والدك.
سليم بحيرة : طيب وهو فين الولد ده ياعادل؟.. وأزاي ميورثش معايا في أبونا!
عادل : الولد ده اسمه يحيي!!
ووالدك قبل ما يموت اداله حقه في الورث فلوس كتير... علشان كان خايف علي تعبه وشركات العيلة تروح في ايده.
سليم بحزن : خايف أمي تعرف وخايف علي شركته وخايف من كلام الناس وخايف وخايف...ربنا يرحمه ويسامحه.
عادل : أمين... يحيي ده بيهدد أبويا انه يقولك وتديله حقه في الورث من الشركات، وأبويا عنده أحساس أن يحيي السبب في الحادثة إلي حصلتله.
سليم بتقطيبة : أستني.. أنت عاوز تقول أن يحيي ده إلي هو أخويا السبب في كل إلي بيحصلي من أول خطف ولادي.. له يد فيه؟

في منزل عم سعيد الصياد........
كانت تجلس زمردة حزينة وعقلها يدور ويلف حول سبب عدم حضور سليم لهنا وارسال تلك الملابس الجميلة لها؟... ياله من سخيف!
هل يظن أنها تفتقد للملابس؟... هي تريد رؤيته واستنشاق عطره وسماع صوته الذي يذيب عظامها ويجعل خفقات قلبها تتخطئ الحد المسموح لها... فهي تشتاق إليه هو.
يدلف مصطفي للمنزل... ليري شاهي تجلس علي الأرض وحولها حقائب كثيرة وهي تتجاهلهم وتذم شفتاها و تقطب جبينها بعبوس.
يبتسم ويقترب من تلك المرأة التي تشبه الأطفال

" أخاف عليكِ ولست أخاف علي , فأنتِ جنوني الأخير. - نزار قباني "

تنظر له شاهي وعيناها تلومه وتعاتبه.. ليقطب ويسألها بإبتسامة : مالك... في حاجة ضايقتك؟
تنظر له صامتة قليلاً ثم تسطرد قائلة : أنت مخبي عني حاجة؟... سليم حصله حاجة؟..
تنطفئ ابتسامته وتختفي تدريجياً : ليه بتقولي كدة؟.. أنا مش مخبي عنك شئ.
شاهي بعند : طيب ليه سليم مجاش ياخدني وبعتلي اللبس ده كله؟... أنا عاوزة أشوفه وأشوف كارما بنتي.
مصطفي بهدوء : اهدي ياشاهي كل شئ هيخلص قريب... سليم خايف عليكي وسايبك هنا لانه متأكدة انك هنا بأمان.
شاهي بحيرة : هو أنا ممكن يحصلي حاجة تاني؟... طيب أنتو عرفتوا مين إلي حاول يقتلني؟
مصطفي يبعد عيناه عن عيناها ويقول بثبات : لا.. لسة بنحقق في القضية، بس أوعدك أننا هنلاقيه.
تومأ شاهي بحزن وتلملم حقائبها وتذهب بهم للغرفة التي تقيم بها.
ينظر في أثرها ويتنهد ولسان حاله يقول : أخاف عليكِ يافتاتي الجميلة أن تتلوثي بأحقاد هذا العالم، أخاف أن يمسك أذي... وأعرف انك لم تكوني لي أبداً.. فقلبك ينبض بحب رجل أخر.
يزفر بألم ويذهب في طريقه لوالدته حتي يجلس معها.
في مركز الشرطة بشرم الشيخ.....
يجلس سليم بقوة وعيناه تلمع بإصرار... يقبض بيده علي صورة تجمعه مع زمردة وسندس وكارما ابنته... ترتسم ابتسامة عاشقة علي شفتاه ويتمتم بخفوت وعيناه ترتكز علي زمردة......
" لا تقلقي يا زمردتي الجميلة ياذات العينان الحنونتين... سوف أراكِ... ولن أتركك مرة أخري!. فيكفي بعاد ، فأنا اتخذت قراري بعشقي لكي... ولن يمنعني عنكِ أحد مهما كان. "

انعكاس الماضي💜 (سمر خالد) مـكتــملة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن