رواية :انعكاس الماضي
بقلم :سمر خالد
الفصل الخامس والعشرون :
في مركز الشرطة بشرم الشيخ...
كان سليم يجلس بقلق منذ ذلك الحلم الذي انتابه وجعله يشك بوجود خطب ما يهدد زمردته!
كان يقف وينظر من النافذة وعيناه متعلقتان بالسماء يناجي ربه أن يحفظها له سالمة لحين خروجه من هنا... كانت النجوم البراقة تختفي من السماء ويحل محلها ضوء الشمس الذي ينير كل شئ ويعلن بداية يوم جديد .
ليسمع سليم صوت صرير الباب يتبعه صوت خطوات ليلتفت خلفه ليجد أحمد وعادل يقفوا أمامه ويبدو عليهم التوتر والقلق وشئ ما!
سليم بتقطيبة : في ايه؟ حد من الولاد حصله حاجة؟... زمردة... وقبل أن يكمل وجد أحمد وعادل يتبادلوا النظرات في ما بينهم.
سليم بعصبية : دلوقت تقولولي حصل ايه لزمردة حالاً أحسنلكم.
يتنحنح أحمد وينظر لعادل نظرات ذات مغذي تخبره أن ينال هو شرف اخباره بما حدث.
عادل بهدوء : تنحنح عادل ثم قذف كلماته مرة واحدة! زمردة اتختطفت ياسليم... يحيي خطفها.. و مصطفي عرف مكانهم وراح ينقذها.
يحمر وجهه و عيناه تضيق ويتمتم بهدوء ينم عن مدي غضبه : أنا هخرج من هنا حالاً... حد يديني تليفون!..ويدس سليم يده في جيب سرواله ويخرج ورقة بها رقم هاتف مصطفي.
ينقل الرقم علي الهاتف بعد أن أخذه من أحمد ويجري الإتصال سريعاً... مرة واثنين وثلاثة مرات يهاتف مصطفي.. لكن بدون رد!!
ليتمكن منه القلق ويبدء عقله يتوقع الأسوء وقلبه ينفيه ، يعيد سليم محاولاته بالإتصال بمصطفي عدة مرات... شعر سليم فيهم بالترقب والقلق.
ليقاطع استرساله في افكاره صوت مصطفي المتناهي له عبر الهاتف : ألو.. مين؟
سليم بصوت بهدوء يحمل في طياته نفاذ صبره: أنت فين بالضبط أنا جاي حالاً!
مصطفي بهدوء : تمام العنوان....... اقفل دلوقت لأننا هنهاجم دلوقت.
سليم بلهفة : مصطفي...زمردة يامصطفي.
مصطفي بحزن : متقلقش مش هيحصلها حاجة اتأكد من كدة.
ينهي سليم المكالمة وقلبه يهتف بالدعاء لحبيبته...لكنه يذهب في طريقه متوجهاً للعنوان الذي ذكره مصطفي بتماسك وقوة يحسد عليهم!... بينما عادل وأحمد يقفان بإندهاش يتابعان تبدل مشاعره من القلق للغضب للهفة لحزن لقوة وإصرار!!
..........................................
أما في ذلك الطريق الصحراوي....
كان يحيي ينظر لزمردة بشر وعيناه تشي بمقدار كرهه لها... لتبادله هي تلك النظرات بأخرى متحدية وكارهة له، تخفي ذعرها جيداً فلن يفيدها أن يري هذا الرجل المخبول خوفها و تزداد متعته!
زمردة بحزم : أنا مش هخاف منك... إلي عاوز تعمله اعمله أنا قدامك، أنا عاوزة أعرف بس هتستفاد ايه؟
يحيي بغضب : ههزم سليم...هحرمه منك و من ابنه كمان... بموتك خلاص كدة ابن راح محدش غيرك يعرف مكان الولد ولا حتي أنا!
زمردة تحاول النقاش معاه : بس أنت هتتسجن... أنت عارف ان الشرطة محاوطة المكان!
يحيي بصوت مرتفع : ميهمنيش... المهم أحرق قلبه وأخد منه حاجة... كل حاجة كانت ليا راحتله هو، اشمعنا هو ها أحسن مني في ايه؟
زمردة بغضب من الضغط النفسي الذي تعرضت له لتصرخ بصوت مسموع : طبعاً أحسن منك... أنت انسان مريض، حتي لو اتظلمت في طرق كتير تجيب بيها حقك... بس أنت إلي مؤذي.
يحيي بغضب : أخرسي... هتقتلك و هقتل إلي فرحنالي بيه ده هقتله.
تتراجع زمردة للخلف زعراً من هستريته الواضحة... ليتقدم نحوها قاصد امساكها.. لتتراجع بظهرها للخلف، تتعثر عدة مرات وتقع لكن ذعرها يدفعها أن تبتعد عنه أكثر... فجأة ينقض عليها مثل الحيوان المفترس وهي كالضحية تحاول الفكاك منه بصعوبة... خفقات قلبها تتسابق لتخترق صدرها و ايقاعها يصم أذنها.. جسدها يرتجف بين يداه وذلك الصداع اللعين يعود من جديد تشعر كأن رأسها قد شطر نصفين!
كان يحيي يجذبها من ذراعها حتي اقترب من ذلك الوادي المرتفع و أسفله صخور حادة.
يهزها بين يداه ويصرخ بها : شايفة؟... أنا هرميكي من هنا دلوقت، بس المرة دي أنا متأكدة انك هتنتهي للأبد...يقبض علي رقبتها ويميل بها لأسفل الوادي، شايفة؟ بصي واتخيلي نهايتك كويس... خلاص ياشاهي هتموتي وهيموت سر ابن سليم معاكي.. هيعيش عمره كله متحسر علي ابنه ومراته.
في تلك الأثناء كان مصطفي ورجاله يحيطه بالمكان يترقبوا أي لحظة لينالوا منه.
غضب احتراق قلق، كل هذا كان يشعر بيه مصطفي وهو ينظر لوجه زمردة الخائف، وتلك العبرات الماسية تغرق وجهها العزيز وتغشي عيناها عن الرؤية...ينخلع قلبه من مكانه خوفاً عليها ليصيح في رجاله : محدش يتحرك إلا بأوامر مني...أي حركة مش محسوبة ممكن تكون سبب في موتها.. ركزوا يارجالة.
تنظر زمردة لأسفل الوادي و تشرد للبعيد لم تفق إلا علي صوته وهي يقول بشماتة : وقتك انتهي خلاص.. اتمني أمنية أخيرة يلا.. علشان تعرفي قد ايه أنا كريم معاكِ.
زمردة بخوف : أنا مش هي! أنت مين؟ أنا أنا...
يختل توازنها بسبب دوار قوي يصيبها، يصاحبه وجع شديد فب رأسها..لتسقط أرضاً علي تلك الصخور الصغيرة القاسية!
يحيي بغضب : أنتِ بتمثلي.. عاوزة تخدعيني أنا! مهما عملتي هموتك برده!
في مركز الشرطة بشرم الشيخ...
يقف كلاً من عادل و أحمد يتبادلان النظرات!
ليقاطع ذلك الصمت أحمد : هو ازاي هيمشي بالسهولة دي؟ قال أنه هيخرج وخرج عادي!
عادل بتفكير : كدة الموضوع وضح.. سليم مش محبوس أصلاً دي لعبة.
يقطب أحمد بحيرة : ازاي لعبة مش فاهم؟
عادل بنفاذ صبر : شغل مخك يادكتور.. واحد المفروض يموت هو ومراته، هو خرج وسابها في اليخت.. وهي رموها في البحر و افتكروها ماتت، وطلعت مامتتش... وللصدفة إلي أنقذها والد مصطفى، ومصطفي نفسه إلي ماسك قضية سليم.. يبقي بالعقل كل دي لعبة بينهم.
يصمت أحمد بتفكير ثم : برده مش واصل إزاي لعبة بينهم دي؟
ينظر له عادل ثم يتركه ويذهب وهو يتمتم : قال دكتور قال... دانتا خسارة للطب.
ينطلق عادل و أحمد خلف سليم الذي انتظر أن يوقع بعض الأوراق قبل خروجه..
سليم بجدية : سندس وكارما فين يا أحمد؟
أحمد : موجودين في الفندق يا سليم ومعاهم حراسة شخصية متقلقش.
يومأ سليم و يتوجه بالكلام لعادل : عمي عامل ايه يا عادل؟
عادل : الحمد لله بيقولولي أن صحته بتتحسن كل يوم عن إلي قبله.
يسأل أحمد الذي يقود السيارة، سليم : هنروح علي فين ياسليم؟
سليم بجدية : اطلع بسرعة علي الوادي إلي في.......لازم نوصل بسرعة مينفعش التأخير.
عادل بجدية : ناوي علي ايه يا سليم؟
سليم بغضب : هحمي إلي يخصني، مش هسمح لأي حد يأذي زمردة.. ولا ولادي.
ينطلق أحمد بالسيارة سريعاً متوجهاً للمكان الموجود به زمردة التي تحارب للبقاء.أما عند الوادي...
كانت زمردة تفترش الأرض غير مهتمة بالصخور الحادة تحتها، لكن ألم رأسها كان أشد...كانت تسمع يحيي يصرخ بها، لكنها لم تميز ماذا يقول!
ومضات وأحداث تنير عقلها.. ضجيج أفكارها وذكرياتها.. يصم أذنيها ويفصلها عن كل ما حولها، لكن يحيي كان غضبه لا يستهان به أيضاً
يحيي بغضب : فاكرة أن هيفرق معايا إلى بتعمليه ده؟..ليصرخ بجنون : أنتِ هتموتي انهاردة يا شاهي، يلا ابكي وأصرخي ونادي على سليم.. ليضحك بشماتة : بس هو مش هيسمعك لانه مش هنا هو في المكان المناسب ليه...
لتقاطع استرساله في الحديث صراخها : المكان ده للمجرمين أمثالك.. مش سليم، أنت أقذر شخص عرفته في حياتي كلها.
ليصرخ بها يحيي بجنون : اخرسي..ليقترب منها ويقبض علي خصلات شعرها و يجذبها منها بشدة بين صرخاتها المتألمة.. فمن جهة هي تشعر بالزعر من يحيي، وجهة أخرى تشعر بالألم من جذبه لها من شعرها علي تلك الصخور التي تجرح جسدها.
يقترب يحيي بها من الحفة ليقف و يجذبها لأعلي لتقف أمامه لكن قاطع كل هذا صوت مرتفع يتحدث من خلال مكبر الصوت.. انه مصطغي يخاطب يحيي بتحذير : سيب شاهي يا يحيي و ارفع ايدك فوق.
يحيي بسخرية : حبيب القلب التاني جه أهو.. دايماً ياشاهي عندك قدرة تخلي كل الرجالة بتدافع عنك.. ليضحك بصوت مرتفع و يشير اتجاه مصطفى : بصي مين كمان وصل.. واضح أن كل حبايبك هيحضره لحظة موتك.. سليم باشا واقف دلوقت هيشهد لحظة موتك وضياع ابنه للأبد.
في الجهة الأخرى كان سليم قد وصل و يقف بجوار مصطفي وينظر لزمردة... المسافة ليست بقصيرة لكن يصله وجعها وألمها وما تعانيه كله!
لينظر لمصطفى بنفاذ صبر ويصرخ فيه : اعمل حاجة بقي يامصطفي أنا معنديش أستعداد أخسرها... يا تسيبني أنا أتصرف بمعرفتي.
مصطفي بعصبية : سليم أهدي بقي أنا إلي بعمله ده علشان ميحصلهاش حاجة... لو هتوترني كدة يبقي تستني في العربية أحسن.
سليم بغيظ : طيب يلا بقي اعمل حاجة وابعد الحيوان ده عنها.
يتنهد يحيي بضيق وينظر تجاه يحيي و يرفع مكبر الصوت ويتحدث : يا يحيي سيبها و ابعد عنها.. أنا بحذرك أنت بتعرض نفسك كمان زيها للخطر.
يصرخ يحيي : أنا ميهمنيش.. لازم أقتلها.
ينظر لها ثم قبل أن يدفعها من علي حافة الوادي كانت استقرت رصاصة من مسدس مصطفى في مؤخرة رأسه وقع علي أثرها علي ركبتيه وهو ينظر أمامه وعيناه متسعتين... ثم يفترش الأرض وقد فارق الحياة فوراً، انتهت حياته و انتهي شره معه... فهو لم يترك خلفه غير أعماله السيئة فقط، حتي الإبن الذي كان سوف يحمل أسمه قتله قبل أن يكتمل فأي انسان هذا؟.. وأي حياة كان يعيشها؟..لم يكن له أي أثر جيد في الحياة.
رأت زمردة ما حدث بعيون متسعة وجسد مرتجف.. لكنها لم تحتمل أكثر من هذا، ليخونها جسدها و تقع بجوار يحيي مغشي عليها!
نظر سليم لزمردة وهي تقع بفزع ثم ركض نحوها سريعاً بقلق..ليلتقطها من علي الأرض ويحملها ويذهب بها نحو سيارة الإسعاف المتوقفة خلف سيارات الشرطة.. ليصرخ بهم : بسرعة افتحوا الباب.. يصعد بها و يضعها علي النقالة بداخل السيارة ويجلس بجوارها و كفيها يستريحان بين كفاه الكبيران نسبياً بالمقارنة معها.
يقترب منها و يبعد بعض خصلات من شعرها عن وجهها بحنان... ليري تلك الخدوش والرضوض علي وجهها و يداها وفي انحاء جسدها!
ليلعن بصوت غاضب.. ثم يستغفر فهو الأن في ذمة الله..
ليهمس سليم في أذن زمردة بكلمة واحدة تحمل مدي حبه وعشقه لها، لينظر لوجهها بشغف ويقول: بحبك يا زمردتي...بحبك.
أنت تقرأ
انعكاس الماضي💜 (سمر خالد) مـكتــملة
Mystery / Thrillerالملخص : دوامات تتقاذفها،موجات من الألم تصدمها تكاد تشق صدرها و تقبض قلبها.... لم تعي ما يحدث لها ، كل ما كانت تدركه حينها هو ذلك الألم الساحق الذي يفتك بجسدها، و تلك المرارة الخانقة التى تصاعدت في حلقها ... و شعور قاسي بالفزع و الوحدة، و تكالبت ال...