رواية :انعكاس الماضي
بقلم :سمر خالد
الفصل السابع عشر :بعد مرور عدة أيام كانت زمردة تقف ومعها صغيرتها كارما أمام سندس ينظران لها من رأسها لأخمص قدمها بتقيم... فاليوم خطبتها علي أحمد حبيبها وهي متوترة من كل شيء حولها... خائفة من أن يعيق هذا اليوم شئ ما!!
فإن حلمها يتحقق بإرتباطها بأحمد...
تنظران زمردة وكارما لسندس لتهتف زمردة بسعادة : زي القمر ياحبيبتي.. بسم الله ماشاء الله، بجد اللون الموف لايق عليكي جداً.
سندس بتوتر : بجد يازمردة؟..يعني شكلي حلو؟
زمردة بإبتسامة : أيوة ياسندس زي القمر... حبيبتي متضيعيش فرحتك بيوم خطوبتك من الإنسان إلي بتحبيه بقلقك الزايد، متخافيش إن شاء الله كل شيء هيكون بخير.
تبادلها سندس الإبتسامة وهي تحاول أن تعمل بنصيحتها.....
في الأسفل كان أحمد يجلس ونظره معلق علي الدرج يترقب نزول سندس!!
اقترب منه سليم وهو سعيد حقاً لأخته وصديقه فهما الإثنين يستحقان السعادة بقدر معاناتهم... يقترب من صديقة و ليجلس بجواره وهو يتتبع نظراته ليبتسم بخبث و......
سليم ببراءة : بتبص علي ايه ياابو حميد؟
أحمد بتوتر : ها... لا ولا حاجة عادي.
يسترد أحمد : هي سندس هتنزل امتي؟
يرجع سليم رأسه للخلف : اااااه مستني سندس، متقلقش ياأبو حميد.. زمانها نازلة انت عارف أن البنات بتتأخر قد ايه علشان تجهز.
فجاة نزلت سندس بخطى مرتعشة وهي تشعر بدقات قلبها تعلو اكثر كلما زادت خطواتها نحوه لكنها تشعر بالسعادة فحلمها يتحقق الأن.....!
كان أحمد يقف في استعداد لاستقبالها وهي تهبط الدرج بهدوء وابتسامة رقيقة مرسومة علي محياها....
يشاركه قلبه بإستقبالها وخفقاته تتسارع بمجرد رؤيته لها... يفكر أحمد بكم تبدو جميلة بذلك الفستان بلون التوت البري، وأهم ما يميزها تلك اللمعة في عيناها المعبرة عن فرحتها..
كانت تقف بين الناس وتشرف علي كل شئ، لم تجلس ولو للحظة من بداية الحفل وهي تمر علي الطاولات لتتأكد أن كل شيء بخير.
يراها تتفتل بثوبها الأخضر الطويل.. تبدو كجنية خضراء تتهادي برقة وأنوثة تهتف لها القلوب
تقدم نحوها قبل ان يسحب يدها ويذهب بها نحو الساحة المخصصة للرقص، اما هي فكانت أثار الصدمة بادية علي وجهها... كانت تغمض عيناها قبل ان تفتحهما وترى تلك النظرة الحانية التي يخصها بها.. ازدادت خفقات قلبها وتعلقت عيناها بعيناه... ليقبض بيد علي خصرها والأخري علي كفها ويقودها للرقص مع الموسيقي بتناغم يلائم حوار عيونهم وتلك الرسائل المبطنة والوعود المتبادلة.
انتهى الحفل بعد مدة و ذهب الجميع لمنزله ،بينما كانت تجلس هي في غرفتها، محتضنة ابنتها بقوة كأنها تستمد منها ثباتها!
تغمض عيناها وتتذكر نظراته لها وتلك الهالة الحالمة حولهم... ابتسمت للحظة كرد فعل عفوي لذكرياتها التي اجتاحت ذهنها لتستمر في اعادة أحداث اليوم في عقلها.....
دلف فجاة للغرفة لإخبارها بشئ ما... ليجدها تجلس هكذا وشفتاها منفرجتين بإبتسامة رقيقة، سببت نسيانه لماجاء لقوله ليظل واقفاً يتطلع إليها بحب ورأسه يدور ويدور ويحلل شخصية تلك المرأة الذي يكتشف بها دائماً شيء جديد يزيده هياما بها، فشخصيتها رغم بساطتها إلا انها جذابة.
فتحت عيناها ببطء بسبب تغلغل جزيئات عطره الرجولي لانفها لتجد مصدر ذكرياتها وأفكارها يقف أمامها يتطلع إليها بشرود!!
تنحنحت زمردة لتتحدث بصوت عذب: سليم.. سليم!..
يفيق سليم من شروده :أيوة يازمردتي... آآآ.. أنا كنت جاي أقولك.. أننا مسافرين بكرة شرم الشيخ علشان الشغل متأخر هناك، لازم حد يتابعه.. وانتِ عارفة ان عادل مش هيقدر يروح هو
اومأت زمردة برأسها لتتحدث بهدوء: حاضر هحضر الشنط وهكون جاهزة إن شاء الله... كارما هتيجي معانا؟
سليم بجدية : لا.. احنا هنشتغل هناك كتير ومينفعش نسيبها لوحدها، تفضل هنا مع سندس أحسن، المهم بكرة الساعة 9 صباحاً هنتحرك.
اومأت زمردة برأسها موافقة علي حديثه...
خرج سريعاً تاركاً خلفه قلب يتمزق قلقاً وخوفاً فحدسها يخبرها أن شئ ما سيحدث.... لا تعرف لما لكن قلبها ينقبض، وكل خوفها موجه لزوجها سليم....!
تأخذ أنفاس بطيئة زفير وشهيق حتي تهدئ من قلقها هذا.... لكن بدون فائدة تذكر!
كانت شاردة الذهن لتسمع صوت اقشعر له بدنها وايقظها من شرودها لتشعر بكم هي صغيرة.. شعرت كم هي مقصرة... كيف لم يخطر ببالها؟.. هل هي سيئة لدرجة أنها لم تلاحظ صوت الأذان منذ قدومها لهذا المنزل!
ذهبت سريعا للمرحاض لتتوضأ ثم باشرت في البحث عن شئ واسع يستر جسدها لتقف بعد مدة على سجادتها وهي تغلق حجابها الطويل استعدادا للصلاة....
كانت تقف في خشوع وقلبها يهفو كأنه كان ينتظر منذ زمن هذه الراحة....
تدعو الله وتشكيه بكل ما يحمله قلبها بكت وبكت وهي تحدث ربنا وتدعوه أن يحفظ زوجها وابنتها وأن يغفر لها أخطائها السابقة.
..........................................
في شرم الشيخ....
يجلس يحيي علي الأريكا بغرفة نومه يتأمل بضيق تلك المرأة التي حصلت علي لقب زوجته مؤخراً وهي تستعد للخروج معه وترتدي تلك الملابس المقرفة... لا تليق أبداً بزوجة يحيي الشرقاوي!
يخرج عن صمته بعد فترة كمن سكت دهراً ونطق فجراً يقتدي بذلك المثل إذا قال :انتِ هتخرجِ معايا باللبس ده، رافق كلماته اشارة سبابته لأعلي وأسفل بإستهزاء ويسطرد كلامه : لا يمكن أمشي جنبك وانتِ بلبس الشحاتين ده!
ترد هنا ببرود : ده نظام لبسِ لو مش عجبك خليني هنا، مش لازم أروح معاك وأحرجك بلبس الشحاتين بتاعي.
يقطب يحيي جبينه ويفكر منذ متي تعلمت هنا مجابهته في الحديث؟..
يحيي بتساؤل : انتِ غيرتي ستايل لبسك امتي؟.. أنا فاكر انك مكنتيش بتلبسي كدة!
هنا بنفس البرود الذي أصبح كل مايناله منها في تلك العلاقة البأسا : في حاجات كتير في حياتي اتغيرت، وحاجات كنت فكرة نفسي مقدرش أعيش من غيرها... وقدرت!.. فكرك هيفرق معاك امتي غيرت نظام لبسي؟... انت أصلاً عمرك لاحظت حد غير نفسك؟..
يحيي بإبتسامة سخرية : مفيش حاجة تستحق انِ ابص ليها مرتين.
كلماته أصابتها في مقتل وكانت تود لو ذهبت وصفعته علي هذا الوجه المستفز.. لتمحي تلك الإبتسامة عن ثغره.
يضيف شئ أخر قبل أن يخرج من الغرفة تاركاً خلفه قلب يمتلئ لأخره بالحقد والكره عليه....
يحيي بلامبالاة : اه.. علي فكرة في ناس أصدقائي مهمين هيوصلوا بكرة... أحب تكوني موجوده وياريت تمسحي نظرات البؤس دي، داحنا عرسان جداد... قال جملته الأخيرة بسخرية ثم رحل صافقاً الباب خلفه بقوة!!
..........................................
في اليوم التالي...
تجلس زمردة بجوار سليم في سيارته الرياضية السريعة وهي تتأفف للمرة الألف!
لا تعرف لما أصر سليم علي السفر بالسيارة لساعات طوال بينما الطائرة أسرع وأكثر راحة.
يقود السيارة بسعادة بالغة... فهو أصر علي السفر بالسيارة ليتمكن أن يجلس معاها بمفرده لوقت أطول، كما أن الهواء يعمل لصالحه ويأتي إليه حاملاً رائحتها المسكرة.... ليأخذ نفس عميق ويتمتم.... لافندر!..
تعقد حاجبيها وتنظر له بتساؤل بعد أن سمعت تلك الهمسة، ليرد عليها بإبتسامة ساحقة لقلبها الذي لم يتعافي بعد من تأثيره عليها، ليأتي بكل برائة ويبتسم لها تلك الابتسامة..!!
كم أنت مسكين أيها القلب تخر صريع ابتسامة مجاملة من رجل وسيم حد الهلاك.
تخرج من بين أفكارها التي أتخذت مسار أخر لا تحبذه وهو التعدد في صفات سليم.
تسمع صوته يوضح لها ماقاله : لافندر... ريحتك لافندر.
تسارع بالتوضيح : بس أنا مش بستخدم عطور...
تصمت بعد أن أدركت أنها غير قادرة علي سماع صوته العميق المميز الذي يرسل لقلبها ذبذبات صغيرة تربكها، وتختار الحل الأمثل وترجع رأسها للخلف تتكأ علي ظهر المقعد وتتظاهر بالنوم حتي تغلق أي حوار يمك أن يدور بينهم.
بعد ساعات وصلا أخيراً بعد أن نال التعب والإرهاق من سليم وجعلاه يتمني أن يلقي بنفسه علي فراش قريباً، ويبدأ في الندم علي قراره السفر بالسيارة!
استقبلهما يحيي وزوجته بإبتسامة، ويوصلوهم علي جناحهم بالفندق ليستريحوا بعد السفر، علي وعد باللقاء غداً للقيام برحلة بحرية طويلة علي اليخت الخاص بيحيي.
يذهبان لذلك الجناح المصمم ببذخ ويتكون من غرفتى للنوم ليختار كلاً منهم واحدة ويذهبا في نوم عميق...
..........................................
في المستشفي الراقد بها شوكت أبو العزم....
كان يجلس بجوار والده كعادته منذ أيام لا يفارقه منذ اكتشافه لما كان يحدث مع والده، يشعر بقليل من الذنب فهو لم يبذل قصارى جهده في العناية بوالده.... ليمسح علي وجهه بضيق وينظر لوجه والده الشاحب ومظهره يبدو كأنه تقدم في السن لسنوات!!
يعقد حاجبيه ويتذكر تلك المدعوة دعاء.. الذي أصر أن يذهب لها ليعرف من دفعها لتؤذي والده هكذا؟... ليتفاجأ بخبر وفاة والدتها... وقد قر بعض جيرانهم أن المرأة توفت بعد شجار حاد بينها وبين ابنتها أدي لسكتة قلبية وماتت!
ويقولون ان دعاء فقدت عقلها بعد أن شعرت بالذنب لوفاة والدتها وخرجت بعد دفن والدتها ولا يعرفون لها مكان!!
يعرف انها مخطئة لكنه لم يتخيل أن تنال هذا العقاب من الله بتلك السرعة.
كان يضم كف والده بيداه، ليشعر بحركة خفيفة واهتزاز اصابع يد والده!
ينظر تجاهه وهو يدعو الله أن يرجعه له ويفيق حقاً.... تتكرر رعشة أصابعه، ليقف عادل غير مصدق يريد أن يري والده ينظر له حتي يصدق!
ينحني عادل علي والده مقبلاً جبينه ويهمس له بحب ورجاء : بابا.. أنت سمعني؟.. حاول تفتح عينك يا بابا أرجوك!
ينحني علي كفه بدموع ويقبله وهو يتمتم برجاء ان يفيق ويعود له.
يعتدل عادل لتقابله عينان تشبه عيناه تنظر له بحب وفمه يظهر أثر ابتسامة ويتمتم باسمه ويذهب في سبات من جديد، يقلق عادل ويسرع للطبيب ليخبره بما حدث يسرع الطبيب خلفه ويفحص والده جيداً ثم يقول: مبروك ياأستاذ والدك خلاص فاق من الغيبوبة.
أنت تقرأ
انعكاس الماضي💜 (سمر خالد) مـكتــملة
Misterio / Suspensoالملخص : دوامات تتقاذفها،موجات من الألم تصدمها تكاد تشق صدرها و تقبض قلبها.... لم تعي ما يحدث لها ، كل ما كانت تدركه حينها هو ذلك الألم الساحق الذي يفتك بجسدها، و تلك المرارة الخانقة التى تصاعدت في حلقها ... و شعور قاسي بالفزع و الوحدة، و تكالبت ال...