الفصل الرابع
حقيقة
عادت الى العمل منذ الصباح بأفكار جديدة كلماته ونظراته وعرضه ما زال كل ذلك يطاردها ..على الظهيرة استدعاها عمها
“ مساء الخير عمو كيف حالك ؟"
كانت ملامحه غير مريحة فقالت " عمو ماذا بك؟ "
نظر اليها وقال" اجلسي وخذى اقرأي هذا "
دق قلبها وهى تأخذ منه الملف واخيرا فهمت فنظرت اليه وقالت " لا انا لا اصدق ،هذا معناه افلاسنا كيف ذلك يا عمى لقد كنت تثق بهم جدا "
وضع يده على وجهه وقال" نعم سمعتهم لم تكن سيئة ولم اتوقع خيانة. السفن الثلاث غير صالحة للإبحار لا اعرف كيف سأعوض الخسارة حسابنا لا يغطيها "
تراجعت فى مقعدها وقالت بحزن والم " ولكن كيف الم ترسل خبراء معاينة ككل مرة و.. "
هز رأسه وقال" تم رشوتهم واختفوا بمجرد اتمام الصفقة الشركة تسقط يا رهف وانا عاجز عن انقاذها"
توقف عقلها عن التفكير ولا تعلم لماذا تذكرت مالك عندما توقف عند ذكر شركتهم وقال بلهجة ذات مغزى " التى يديرها عمك؟ " هل كان يعلم لذا هو ايضا يعلم انها ستوافق كى تنقذ الشركة فهى يمكنها ان تحصل منه على اموال مقدما نظير عملها لإنقاذ الشركة ولكن اين كرامتها وكيف تطلب منه هو دون عن كل الناس الرجل الذى رفضه والدها يوما ما لفقره وسمعته اليوم هو نفس الرجل الذى تفكر فيه لإنقاذهم لا لن تفعل مهما كان الثمن لن تفعل
قال عمها " الحل الوحيد ان نبيع الشركة الان وهى مازالت بسمعتها ويتحمل المشترى الخسارة "
هتفت بحزن " لا ، شركة بابا لن تباع ابدا فلنبحث عن حل لم لا نأخذ قرض من البنك نعم هذا حل جيد "
نهض عمها وتحرك مبتعدا قبل ان يقول " هناك ثلاث قروض مازلنا نسددها ولن يسمح لنا بالمزيد خاصة ان أمر الصفقة الاخيرة سرعان ما سيصل الى الجميع ووقتها لن يمكننا ان نفعل اى شئ "
اغمضت عيونها لترى عيون مالك تنظر اليها بسخرية فتحت عيونها وقالت" والان ما الحل ؟ هل نرسل لتامر ونطلب سيولة "
نظر اليها وقال" لقد فعلت ولكن تامر وضع كل سيولته فى صفقة كبيرة ولا يعلم كيف يوفر لنا اموال انا اشعر ان الابواب كلها مغلقة فى وجهى و.. “
وضع يده على صدره فلاحظته هى فأسرعت اليه وقالت " عمو ماذا حدث ؟"
###
خرج الطبيب من العناية واتجه اليها فقالت بخوف " كيف حاله ؟"
قال " بداية ذبحة الحمد لله اسعفناه "
تنهدت فاكمل " فقط هو بحاجة للراحة يومين وسيكون بخير ان شاء الله"
الان اصبح الامر اكثر صعوبة رن هاتفها برقم خاص فعرفت أنه هو ويا له من توقيت كانت مشتتة التفكير ولم تعرف بماذا سترد عليه ردت بأصابع مرتعشة
“ اهلا استاذ مالك "
قال" احببت ان اسمع صوتك كيف حالك ؟"
قالت بحزن حاولت ان تخفيه " بخير الحمد لله"
صمت قليلا ثم قال" ماذا هناك ؟صوتك ليس بخير "
ابتعدت وقالت بغضب " كنت تعلم اليس كذلك ؟"
عاد الى الصمت لحظة ثم قال" اعلم بماذا ؟"
قالت وهى تقاوم دموعها وكبريائها " مالك لا داع لان تتصنع الذكاء معى، انا اعلم انك تعرف كل شئ وربما تكون وراء كل ذلك لتكسرنا وتثبت انك الافضل احب ان اهنئك لقد اصبت الهدف وحققت ما اردت فابتعد عنى لا اريد ان اسمع صوتك مرة اخرى ابتعد عنا "
واغلقت الهاتف وانهارت فى البكاء والحزن ينهشها لقد هزمها هى فنور اختها مع زوجها تعيش براحة بعيدا عن اى ضغوط ومعها امها وهى فقط من تدفع الثمن فلماذا ؟
نظر الى الهاتف بعد ان اغلقته هى واستعاد كلماتها انها تظن انه وراء ما أصاب شركتهم كى ينتقم منهم فكرته فى الانتقام كانت واردة فى البداية ولكنه لم يملك الوقت لتنفيذها وليس بهذه الطريقة المكشوفة وربما تراجع اصلا عنها. الان تعقدت الامور انه يريدها وقد ضبط امور عمله عليها ولن يتركها لن يسمح لتلك العائلة ان ترفضه مرتين ...
عادت الى عمها الذى استعاد نفسه وفى اليوم التالى كان يجلس معها ومع امه التى اصرت على الحضور لتطمئن على ابنها الباقى لها
رن هاتفها برقم غريب ظنت انه العمل فردت جائها صوته العميق يقول بحزم " لا تغلقي واخرجى وقابلينى واذا لم تفعلى سأدخل انا "
واغلق الهاتف نظرت الي الجميع وقالت “ سأقابل احدهم واعود "
عندما خرجت كان يستند على سيارة سوداء ويشعل سيجارة تأملته لحظة قبل ان تتجه اليه انتبه اليها فاعتدل ليواجه غضبها
“ كيف تجرؤ على ان تأتى ام جئت لتشمت بنا وتتباهى بنجاحك امامى على فكرة كل ما فعلته لن يثبت انك اصبحت الافضل ولن يمحو اى شئ من الماضى او يغير الحقيقة التى نعرفها جميعا وها انت انتقمت . والان لا اظن ان لوجودك اى داع "
تراجع من كلماتها التى تعمدت ان تهينه فيها ومع ذلك كان يعلم انها ستفعل كل ذلك اغمض عيونه لحظة وفتحها قبل ان يقول
“ هل انتهيتى ؟ هل يمكن ان تسمعى الان ؟ انا لا املك وقت اتيت مخصوص لأخبرك اننى لم اكن وراء ما حدث انا عرفت بالصدفة من السمسار الذى يأتيني بالصفقات ورغم ذلك لم اخبرك لأنى كنت اعلم انك ستظنين بي ما ظننتى ."
ابعدت وجهها فقد كانت تعلم انه كاذب وانه لا يريد الا اذلالها انتقاما من اختها ولكنها لن تصدقه لذا قالت
" من المفترض ان اصدق كلامك هذا ؟"
دخن سيجارته وقال بثقه " تعلمين جيدا اننى صادق ،الانتقام لن يكون هكذا او على الاقل سآتى واتباهى بنجاحي امامك وينتهى الامر ولكن بدلا من ذلك انا اتيت وعرضت طلبي لك بالعمل معى فهل هذا يعنى اننى اشمت بكم "
هدء غضبها قليلا ولكنها مازالت حائرة ومتألمة ولا تعرف ماذا تفعل فقالت
" انا لا اوافق على العمل عندك. بصراحة انا لا افهمك "
اعتدل واقترب منها وانحنى عليها وهو ينظر بعيونها مباشرة وقال بجدية " انا صائد ليس فقط صفقات وانما اى شئ مفيد ويؤدى الى النجاح حتى ولو كان اشخاص وانت شخص بك مواصفات تعجبنى لغات اربع، ادارة اعمال، كومبيوتر وجرأة واضحة اعرفها لذا انا اريدك والان اسمعينى انا لا وقت لدى لهذا الجدال يوم الخميس سأعود على التاسعة صباحا عليك ان تكونى مستعدة للرحيل لا تأتي بملابس كثيرة يمكنك الحصول على ما تشائين من اى بلد تعجبك فقط جهزى اوراقك وانتظرينى يا صغيرتى "
ثم ابتعد تاركا اياها فى ذهول وغضب وعندما استعادت نفسها كان قد انطلق بسيارته دون ان ينظر اليها
مر يومين وخرج عمها من المشفى بل وعاد الى الشركة تابعته قليلا ثم عادت لعملها ولا تعلم لماذا اخرجت جواز سفرها وتأكدت من صلاحيته هل لأنها تريد ان تجرب تلك الحياة التى يعيشها ام لانهم بحاجة الى الاموال ام ماذا ؟
طلبها عمها فاتجهت اليه وقالت " حضرتك طلبتنى ؟"
نظر اليها وقال" اجلسي "
جلست فقال " لقد طلب احدهم شراء الشركة وتحمل الخسارة "
ضاقت عيونها واتى مالك على ذهنها فقالت " مالك عرفان ؟"
هز رأسه وقال" نعم يوم ان دخلت المشفى عرض على الشراء وتحمل الخسارة ولكنى رفضت املا فى ان يقبل البنك القرض "
ابعدت وجهها وقالت " وماذا "
قال " مازلت انتظر رد البنك ولكنه اتصل بى اليوم ليسألني عن ردى فلم امنحه اى رد "
قامت وقالت " وعرض على العمل عنده وانا رفضت "
حدق العم بها فحكت له ما كان فصمت قليلا ثم قال " وما سبب رفضك؟ "
“ عمى انت جاد ؟الا تعلم لماذا انه يريد الانتقام"
قام الرجل واتجه اليها وقال " انتقام ؟ لا اظن اى انتقام هذا الذى يريده وهو يقربك من حياته ويشركك فى اعماله كيف سيثق بك وهو يريد ان ينتقم منك يسلمك اسراره ويمنحك نسبة من الارباح كى ينتقم هل تمزحين لم اعهد بك الا الذكاء يا رهف "
نظرت اليه بحيرة وكأنها لأول مرة تفكر فيما يقول عاد وقال
“ الان نحن بحاجة لعملك هذا ربما هو يحاول مساعدتنا بطريقة مهذبة انا ارى ان تقبلي عرضه "
قالت بضيق " ولكن يا عمى انا هكذا اهين نفسي بعملى عنده "
“ رهف اهدى وفكري جيدا الرجل يعرف من انت ويعرف قدراتك ويريد ان يستفيد منها وعرضه هذا اكثر من رائع فرصة لا ينالها احد بسنك هذا وافقي يا ابنتى واذهبى واكتسبي خبرة جديدة وانقذى شركتنا "
قالت " عمو انت جاد هل توافق على سفرى معه وحدى هكذا ظننت انك لن توافق "
ابتعد الرجل وقال" ربما لو لم نكن فى تلك الظروف لرفضت الفكرة ولكن .. رهف انا اعلم انكى اصغر من ان احملك هذه المسؤولية لذا انسي الامر وارفضي طلبه و.."
ابتعدت وقاطعته " لا عمو انا لست صغيرة وسأذهب معه لأجرب كما قال ربما انا لا اعجبه "
“ رهف الامر ليس عند انه سفر وغربة وبعد ربما انا اندفعت ولكن "
نظرت اليه بقوة وارتجف قلبها من فكرة الرحيل ومع رجل مثله يكفى النظر بعيونه حتى تسقط ملكة الجمال صريعة له دون ادنى مقاومة فما بالها بنفسها ؟
عادت لنفسها وهى تخجل من افكارها اى تفكير جنونى هذا الذى يتقاذفها الان وهى تحمل عبأ الشركة على عاتقيها لذا ربما هو على حق عليها ان تنقذ الشركة ..
لم تجهز اى شئ وظنت انه لن يعود ربما لأنه لم يتصل او لأنها مازالت مترددة ولكن لم التردد وهى الان تعرف الحقيقة ان حياتها تبدلت واصبح عليها ان تدفع ثمن اخطاء الجميع بداية من نور ووالدها ورفضهم لمالك ومرورا بوالدتها التى تركتها وحيدة دون ان تبالى بها او تبحث عنها ونهاية بعمها الذى اضاع شركتهم
فتحت عيونها على رنين هاتفها كانت السابعة عندما نظرت للساعة امسكت الهاتف كان رقم خاص فعرفت انه هو لم ترد
عاد واتصل مرة اخرى فارتجفت يداها قبل ان ترد " الو "
“ لا احب ان انتظر كثيرا على الهاتف عليك بتغير هذا الامر هل جهزتي نفسك ؟"
تضايقت من اسلوبه وقالت" لا "
قال بقوة " اذن فلتفعلي مازال امامك ساعتان لا وقت سأنهى ما افعل وامر عليكى "
واغلق الهاتف دون ان ينتظر ردها اصبح اسلوبه مثير للغضب ولم تعد تتحمله وضعت راسها بين قدميها ولم تعرف ماذا تفعل ..
فى التاسعة كان يدق باب الفيلا اتجهت وفتحت الباب ورأته امامها كانت ملامحه غير راضيه وهو يتأملها بملابس المنزل
قال " ماذا يعنى هذا ؟"
ابتعدت للداخل وقالت " يعنى اننى لا اوافق على تلقى الاوامر انت لن تشتريني بأموالك لمجرد ان شركتنا تنهار "
ضاق صدره منها فاتجه اليها وامسكها بقوة من ذراعها ليعيدها امامه وهو يقول بغضب اخافها " اسمعى ايتها الصغيرة انا لم ات هنا لألهو معك بألعابك الصغيرة ولا لتزعجيني بأفكارك التى لا معنى لها انا اتيت للعمل والعمل فقط فاذهبي الان وارتدى ملابس ملائمة واحضرى اوراقك والا اقسم ان افعل بنفسي هل تفهمين "
ثم ترك ذراعها وقد رأى الدموع فى عيونها من الم ذراعها تراجعت وقالت " اخرج من هنا انا لا اطيق رؤيتك ولن تجبرنى على شئ لم لا تتركنى وشأنى"
نفخ بشدة وهو يحاول ان يتحكم فى غضبه قبل ان يقول " هل انتى غبية الى هذا الحد ؟ كيف لا يمكنك ان تفهمي ان ما اعرضه عليك فرصة ذهبية لا ينالها احد بسنك و.."
قاطعته والدموع تقاطعها " لن اقبل شفقتك "
“ انتى بالتأكيد فقدت عقلك اى شفقة هذه التى افقد فى نظيرها اموال تعبت سنوات لأجمعها انا لا احب الخسارة ولا اخسر واختياري لك كان بعد دراسة وتفكير وليس لأنى اريد مساعدتك اضيع اموالى هباء والان هل استعدتى عقلك لأنى لن اتمالك نفسي اكثر من ذلك فلتذهبي الان وتعدى نفسك امامك ربع ساعة وانا انتظرك بالسيارة "
تركها والغضب يتطاير من عيونه والحزن يتقطر من عيونها اى ضعف هذا الذى ينتابها ولماذا لا تصدق انه يريدها من اجل كفاءتها لماذا لا تفكر الا بالماضى فقط ..
ركبت السيارة فى صمت ووضع حقيبتها بالخلف وجلس بجانبها وقاد فى صمت الى مكان لا تعرفه تركها بالسيارة بعد ان اخذ جراز سفرها ثم عاد وانطلق الي المطار ولم يتحدثا الى ان رأته يقودها الى مهبط خاص وانتابتها الدهشة وهى ترى طائرة صغيرة امامها لم تر عيونه من وراء نظارته الشمسية تقدم منهم احدهم وأخذ منهم الحقائب وقال
" امامنا دقائق يا فندم "
لم يرد وشعرت بيده تقودها من ذراعها الي سلم الطائرة الخاصة ..كانت من الداخل رائعة حقا بمقاعدها الجلدية لأكثر من اربع اشخاص وفى الجانب الاخر مائدة اجتماعات وحولها كراسي جلدية وقف امام مقعدين ونظر اليها فتقدمت وجلست ثم جلس بجانبها ربط الاثنان الاحزمة وتحركت الطائرة تاركة بلدها وراحلة بها الى المجهول
يتبع..
أنت تقرأ
صائد الصفقات وصغيرته
Romanceفجأة حجب أحدهم الضوء عنها فاستدارت إليه كان جسدا يافعا وقويا فى بدلة ثمينة كحلية اللون وعلى ذراعه بالطو بنفس اللون وبيده الأخرى حقيبة اعمال جلدية رفعت رأسها لتصل لقامة صاحب هذا القوام المتناسق كان ينظر إلى السيارات بفارغ صبر عرفته عشر سنوات مضت ومع...