الفصل السابع والعشرين

3K 97 5
                                    

الفصل السابع والعشرين
عيون
تعبت من الظلام الذى تحياه ولم تعد تريد تلك الحياة التى لا معنى لها ..ام واخت لا يريدونها وحبيب ضاع فى الزحام وابنة لا يعلم احد مصيرها الا الله فاسلمت نفسها للضياع سقطت فى بئر عميق ليس له قرار لم تقاوم بل كانت سعيدة للبعد ربما يكون الضياع افضل من تلك الحياة ولكن فجأة رأت ضوء من بعيد يقترب وصوت يهمس " انا هنا صغيرتى "..
وحكايات تعرفها عاشتها معه اكيد هى تحلم وتسترجع شريط ذكرياتها معه ولكنها تسمع صوته وكلما ابتعد ترتفع من البئر لتسمعه وشعرت ان الذكريات تجذبها لأعلى الى النور الذى افتقدته ترى هل يمكن ان يكون هنا فهل تعود ؟؟
لم يمكنه ان يتوقف او ينتظر اندفع الى الداخل وسط جمع الاطباء وما ان وصل حتى سمع همسها " مالك "
زاد اندفاعه كالمجنون والقى بنفسي على الارض بجانبها ممسكا يدها دون ان يعترضه احد وهو يهتف
" رهف حبيبتى انا هنا انا مالك انا هنا صغيرتى "
هنا فتحت عيونها عندما تأكد لها صوته انها عادت للقمة الى الحياة صوته اعادها بالطبع عاد الظلام الحقيقى وانتهى نور الاحلام وشعرت بيد تمسك يدها بقوة فقالت
“ مالك ؟!"
دمعة حقيقية فرت من عيونه الزرقاء وهو يقترب منها ويحيط راسها بيده ويقول باشتياق وحب وحنان وسعادة
“ نعم حبيبة قلب مالك نعم يا من قتلتى قلب مالك بقسوتك ..نعم يا صغيرة مالك نعم انه انا "
ربت الطبيب على كتفه وابتسم وقال " كان لابد ان تأتى منذ زمن استاذ مالك حمد الله على السلامة مدام رهف "
لم ينظر اليه مالك وهو يتأمل ملامحها التى حفظها وعيونها الخضراء الصامتة هز فقط راسه للطبيب ثم عاد اليها فقالت
" كيف اتيت؟ ولماذا؟ "
قال وهو يعلم ما يدور براسها " جئت من اجل حقى الذى سلبتينى اياه حقى فى ان اكون معكى وبجانبك فى كل شئ الزواج والحب مشاركة فى السراء والضراء يا صغيرتى "
التقطت اذناها كلمة حب فتوقفت عندها وقالت " حب ؟"
قبل يدها وقال " وماذا تسمين ما بيننا صغيرتى ؟"
ابعدت وجهها وتذكرت عيونها فأعاد وجهها اليه بإصبعه وقال " رهف انا لا احبك "
اغمضت عيونها فهى تعلم انه لا يؤمن بالحب نعم هو اخبرها بذلك لكنه عاد واكمل
“ انا اعشقك صغيرتى اعشق صوتك ابتسامتك جنونك طفولتك ذكاءك اعشقك كلك حبيبتى حبي لكى جنون ولكنه حب تعلمته منك ومن قلبك الصغير تحملتى جنونى كثيرا احببتينى وانتى تعلمين انى لا اؤمن بالحب ومع ذلك لم تتخلى عنى انا بحبك رهف بحبك "
ضغطت بيدها على يده وقالت " انا لا اصدق انت اكيد تقول ذلك كى تخرجني مما انا فيه ولكن "
قاطعها" لو لم نكن بالمشفى لأريتك بالفعل صغيرتى وليس بالقول رهف انا احب قلب رهف جنونك حنانك طيبة قلبك وليست عيونك هى من ستنزع حبك من قلبي انتى جرحتينى وقسيتى على ومع ذلك ام استطع اخراج حبك من قلبى واستسلمت لك رغما عنى فأي عيون التى تتحدثين عنها "
واخيرا تساقطت الدموع من عيونها وهى تقول " مالك انا لم اعد تلك الفتاة التى عرفتها لم اعد استطيع ان اجرى والهو وامرح كما كنت لقد انتهى كل شيء وضاع "
قبل يدها بألم على حالها ولكنه عاد وقال " ستعودي حبيبتى وانا معك سنجرى سويا ونلهو سويا ومع ابنتنا التى تمناها كلا منا ام نسيتى ؟"
قالت بنفس الدموع " كيف انسي وانا كنت اعيش تلك الذكريات كل يوم كنت اعيد شريط ذكرياتى معك انا ..انا لا اصلح لك مالك لست المرأة التى تصلح لك "
مرر يده على راسها وقال بحنان " وماذا افعل مع قلبي الذى يعيش من اجلك رهف انه لا يريد سواك انتى صغيرته التى حيرته وهزمته واسرته انا اسيرك رهف لن يمكنك التخلص منى بسهولة "
مسح دموعها بحنان فقالت " حقا مالك تحبنى ؟ حقا لا يهمك كونى اصبحت عمياء ولن يمكننى ان اراك واشبع قلبي بصورتك حقا ستقبل ان تعيش مع فتاة لا يمكنها ان تفعل لك اى شئ حتى ابنتنا لن يمكننى ان اربيها وحدى دون مساعدة، الامر اصعب مما تتخيل ارجوك مالك انا لن اجبرك على البقاء معى من حقك ان تكون لك حياة افضل "
دمعت عيونه ولكنه ابعد الحزن وقال وهو يشد على يدها " ستفعلين كل شيء وانا معك سنفعل كل شيء لم اعهد بك الضعف او الاستسلام حبنا سيكون دافعا لك لان تعودى لرهف التى اعرفها رهف التى تمتلأ بالنشاط والحماس والقوة والامل هيا حبيبتي كفانا ما ضاع منا هيا دعينا نعود لحياتنا نلف العالم نبحث عن فرائسنا سويا نعلم حياة الصغيرة كيف تكون حياة الترحال هيا صغيرتى انزعى الياس من قلبك واعيدى الحب مكانه واحيطيه بالأمل ليكبر وينمو عودى الى فكم افتقدك حياتى لا معنى لها بدونك ارجوك رهف "
توالت الدموع من عيونها تغسل كل الالام والاحزان تزيح الياس والخوف وتفسح للحب المكان عد يا حب الى مكانك بك عشت ولك اعيش
امتلأت الغرفة بالجميع العم والجدة ..بعد أن عقد عليها من جديد لتعود له هو وحده زوجته وشريكة حياته، نظر إليهم جميعا، اشرف والطبيب ومريم اما هو فوقف بعيدا يستند على الحائط بكتفه ويعقد ذراعيه امامه ويتابعها بحنان والطبيب يفحصها واخيرا انتهى ونظر الى العم وقال
“ هى بخير الان يمكنها الخروج فقط بحاجة لفترة راحة ولا تتعرض فيها لأى ضغوط نفسية "
ثم التف الطبيب اليه وقال " افضل ان تخرج اليوم "
هز مالك رأسه دون ان يرد وتحرك الطبيب الى الخارج اتجه اشرف اليها وقال " حمد الله على السلامة رهف اعتقد ان عملى انتهى "
ابتسمت برقة وقالت " شكرا اشرف واسفة على اى شئ ضايقك بسببي "
قال بصدق " لستى بحاجة لذلك تعلمين انى موجود اذا احتجتى اى شئ "
هزت رأسها ابتعد وحيا الجميع وانصرف نظرت الجدة اليها وقالت " اعتقد اننا لابد ان نذهب كما قال الطبيب "
قال العم " نعم هيا لابد ان نذهب الان كفانا جو المستشفيات لقد تعبنا منها جميعا هيا يا مريم اعدى كل شيء"
ولكن مالك قال " اسف يا عمى اظن ان رهف لن تعود معكم "
نظر الجميع اليه وحركت هى رأسها تجاه صوته الذى كان يثير دقات قلبها ويعيد اليها الحياة
قال العم " لا افهم يا مالك ماذا تعنى ؟"
تحرك تجاههم وقال " سنرحل انا وهى وحياة الصغيرة الى حياتنا التى اعتدنا عليها "
اعترضت الجدة " ولكنها مازالت متعبة ولن تتحمل السفر "
وقف امام الجدة وقال بأدب " اسف حضرتك انا سالت الطبيب ولم يمانع بل اشاد بالفكرة فهى بحاجة لذلك ان تبتعد "
اخفضت الجدة وجهها فبحثت رهف عن يد جدتها وقالت " جدتى لا تحزنى سنعود لن نتغيب كثيرا انا ومالك لا يمكننا ان نبعد كثيرا عن الوطن وانتم الوطن "
ربتت الجدة على يدها وقالت " كما تشائين حبيبتى "
قالت " عمو انا بعت نصف الشركة لحضرتك وعملت توكيل رسمى عام لحضرتك ليمكنك التصرف بنصيبى بالشركة كما تشاء دون ان يضايقك احد هى حقك ولن تكون لسواك "
هتف الرجل " ولكن يا ابنتى هذا حقك واموالك "
قالت " مالى هو مال زوجى وزوجى يكفينى ولا احتاج لأى شئ طالما هو معى "
حدق فيها كلامك ليس له مثيل صغيرتى التى لم تكن يوما صغيرة
قال العم وهو يربت على ذراع مالك " ربنا يهنئكم ابنتى ويسعدكم ولا يفرق بينكم مرة اخرى  فانتى كالعادة على حق يا ابنتى "
ورحل الجميع الى الفيلا للقاء الصغيرة التى لم يرحب بها احد واخيرا ان اوان الترحيب
لم تكن تلك دقات عادية لقلبه عندما وضع العم حياة الصغيرة بين ذراعيه وتأمل وجهها المستدير الصغير الابيض بلون بشرة امها ونفس لون عيونها الخضراء دمعت عيونه وهو لا يصدق ان له ابنة ستناديه بابا سيلعب معها ويجرى ورائها قبل راسها وقال
" وجودك غير حياتى حبيبتي وجودك اعاد لى الحياة "
ثم اتجه الى رهف التى وقفت بمنتصف البهو وهى لا تعرف ماذا تفعل عندما اقترب منها امسك يدها وقال
" الن ترحبي بصغيرتنا الجديدة "
عاودتها الدموع وهو يضع الطفلة بين ذراعيها عاطفة الامومة تولد مع اول يوم لحمل الطفل لا تستمد وانما يبثها الله بقلب كل ام دون ان تدرى كيف تعلمتها او عرفتها ضمتها لصدرها ثم رفعت اصابها لتتحسس ملامح وجهها وقالت
" ليتنى استطيع ان اراك ولكنها حكمة الله"
شعرت بيده تحيطها بقوة وسمعته يقول " الن تسالين الى اين الرحيل ؟"
قالت وهى تشتم رائحة طفلتها " تعلم ان اى مكان معك هو جنتى "
قبل راسها وهو يقاوم حزنه عليها فقال " السعودية حبيبتى سنقوم بعمرة نحن الثلاثة ما رأيك ؟"
شهقت وهى تستدير لمواجهته وقالت بعيون صامته لا حياة فيها " حقا ؟ مالك انت ؟ انت ستقوم بعمرة مالك انت لا تمزح اليس كذلك "
ابتسم وهو يحيطها بيديه وقال " نعم حبيبتى لا امزح عمى فتح لى الطريق وانا لن اتراجع وجودك فى حياتى كان علامة من الله لأعود اليه واعتقد ان اول ما يمكننا فعله هو ان نغسل ذنوبنا قبل ان نبدء حياتنا "
هتفت " احضنى مالك احضنى بقوة انا سعيدة جدا سعيدة مالك "
ابتسم وجذبها هى وابنته لأحضانه وهو نفسه يشعر بنفس السعادة
يتبع…

صائد الصفقات وصغيرتهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن