الفصل الثامن والعشرين وقبل الاخير

3K 101 11
                                    

الفصل الثامن والعشرين وقبل الاخير
امل بنور الله
لم تكن العمرة شيئا عابرا بحياة ايا منهما فكل واحد لجأ الى الله بطريقته هو طلب المغفرة على كل ما كان بحياته وسال الله ان يبارك له فى زوجته وابنته وحياته القادمة ..بينما طلبت هى من الله ان يعيد اليها بصرها من اجل حبيبها وربما ابنتها بكى الاثنان كثيرا امام ذلك البيت الكبير طلبا من صاحب البيت الذى لا يرد عبدا من عباده اتى اليه بقلب صاف ورغبة نقية عبد مؤمن بان الله فقط هو القادر على كل شيء وهو من يمكنه تغيير اقدار الجميع
كانت سعيدة معه لم يشعرها بنقص عيونها حاول ان يكون هو عيونها تعلم ان يكون الاب والاخ والزوج واخيرا انتهت العمرة وحان موعد العودة فقالت وهى تجلس على طرف الفراش
" مالك "
عدل جاكتته وقال " نعم حبيبتي"
قالت "هل اتصلت بجدتى ؟"
اتجه اليها وقال " نعم اطمنى كلهم بخير رهف كنت اريد ان اعرض عليك امر ما "
وقفت وهى تبحث عنه بيديها فامسك يدها فقالت " ماذا هل حدث شئ"
قبل يدها وقال " لا حبيبتى انه امر شخصي كنت اتساءل هل يمكن ان تبقي الطرحة على شعرك لا اريد لاحد ان يراه ليس بعد الان ما رايك "
ابتسمت وقالت" حقا ؟ هل تريد ذلك ؟"
هز رأسه وقال" نعم "
قالت بسعادة " اتعلم لقد طلبتها من الله فقط كنت اخشي الا توافق انت انا سعيدة جدا مالك "
جذبها اليها وهو ايضا سعيد وقال " يبدو ان الله يحبك حبيبتي لقد استجاب لدعواتك "
قالت وهى بين احضانه " انه يحبنى لأنه القاك بطريقي حبيبي "
ابعدها فجأة وقال " ماذا ؟ ماذا قلتى ؟ اعيديها رهف من فضلك "
اخفضت وجهها الذى عاد يتحول الى اللون الاحمر من الخجل فرفع وجهها وقال بلهفة
“ مرة واحدة رهف مرة واحدة "
قالت بحب صادق " حبيبي .. نعم مالك انتى حبيبي .. "
ارتفع صدره مع ارتفاع انفاسه وهو يشعر بسعادة لم يشعرها الا معها همست " انت لست حبيبي فقط انت ابى واخى وزوجى وكل ما لى اخبرتك من قبل انك الامن والامان انت الوطن حبيبي "
لم يبعدها وهو يشعر انه يملك العالم بين بيديه ولم يعد يريد اى شئ من الدنيا اكثر مما هو فيه
واخيرا عادا الى استراليا لزيارة والدته التى حزنت كثيرا من اجلها وفرحت كثيرا بحفيدتها الوحيدة ثم عادا اخيرا الى الفندق احضر معه المربية بالطبع التى اصبحت متفرغة لحياة سعيدة لكم المال الذى يغدقها به مالك
اغلق باب الغرفة ونظر اليها كانت تقف بمنتصف الغرفة تحاول ان تتذكر ما كان بينهما هنا ..شعرت بيديه تخترق خصرها من الخلف فأسندت راسها على صدره وقالت وهو يزيح طرحتها ويترك لشعرها العنان  على عنقها
“ مازالت رائحتنا هنا "
شعرت بشفتيه على عنقها وهو يهمس " مازالت ذكرياتنا بكل مكان اشتقت إليك صغيرتى اشتقت إليك حتى وانت بين ذراعى "
اغمضت عيونها وهى تحاول ان تتخيل صورته وهو يضمها اليه فقالت " انا ايضا اشتقت اليك حبيبي لا تتركنى مرة اخرى ومهما تصرفت انا بغباء اياك ان تصدقنى لا تصدق الا شئ واحد هو انى احبك ولم احب سواك ولا اريد من الدنيا الا انت "
اكتفى بكلامها هذا لتعيد اليه كل ما كان بينهما ولتمحو من حياته تلك الشهور التى عاشها من الالم والحرمان .. واخيرا انتقل لشفتيها كما اعتاد ليروي عطشه الى رحيقها الذى ادمنه فتعيد اليه الحياة واسلمت له نفسها سعيدة راضية غير راغبة الا به وبقربه وبلمساته
مرت الايام سعيدة حاول ان يشعرها بان الحياة طبيعية شاركها العمل كالعادة وكان يصحبها معه بكل اجتماع عمل لم يهمه نظرات الاخرين لها ورغم رفضها الا انه اجبرها فاعتادت وعادت الى طبيعتها الجميلة وذكائها بالعمل معه وحتى الامومة اعطتها حقها على قدر استطاعتها لم تعد تلك البائسة الضعيفة وانما بسببه عاودتها قوتها وما ان وصلا المانيا حتى قال وهو يركب بجانبها
“ عندى لك مفاجأة حبيبتى "
حركت رأسها اليه وقالت " تعلم انى احب المفاجآت هيا مالك اخبرنى ما هى "
ابتسم وقال" سنقابلنها عندما نصل الفندق "
تراجعت وقالت " اقابلها من هى ؟"
نظر اليها وقد تبدلت نبرة صوتها فقال " ماذا اصابك حبيبتى ؟"
قالت وهى تعلم ان المربية معهم فلم تتحدث كثيرا وقالت " لا شيء فقط افكر بالمفاجأة"
ابعد عيونه ولم يتحدث الى ان وصلا الى الفندق طلب من المربية ان تصعد بالطفلة ثم قال لها وهو يقودها برقة
" هيا حبيبتى لنذهب الى البهو "
تحركت وقلبها يدق لا تعلم لماذا فكرت فى امها هى لا تريدها ولن تريدها ولكن ما ان توقف بها حتى سمعته يقول
“ اهلا دكتور اشرف حمد الله على السلامة"
ارتاح قلبها وتنهدت براحة وهى تقول " اشرف "
لم يبعد يده عنها واشرف يقول " اهلا رهف كيف حالك اراك افضل بكثير "
ابتسمت اكثر وقالت" وكيف لا وانا عدت الى الحياة هذه هى حياتى وانا سعيدة بها "
اجلسها مالك بينما قالت " ترى ما سر زيارتك وكيف عرفت اننا هنا ؟"
نظر اشرف الى مالك الذى اشعل سيجارته ولم يرد بينما قال اشرف " مالك اخبرنى "
لم ترد فقال مالك " حبيبتى هناك امر هام اشرف اراد اخبارك به واعتقد انكى لابد ان تسمعيه "
زالت ابتسامتها وقالت " الذى هو ماذا ؟"
تبادل الرجلان النظرات الى ان قال اشرف " تذكرين الطبيب الألماني الذى قابلناه من قبل دكتور هوفمان لقد اتصل بي وطلب ان يراك ويبدو ان لديه شئ ما يخص حالتك "
قالت بحدة " اخبرتكم انى لا اريد اى جراحة لا احب ان اعيش امل كاذب لا اريده "
كادت تنهض لولا ان شعرت بيده على يدها وهو يقول " رهف هل يمكن ان تهدئي من فضلك "
قالت " مالك ارجوك انا لا اريد "
قال " بلى تريدين .. انا اعلم انكى تريدين من اجل نفسك واجل حياة ابنتنا "
قالت بقوة " ومن اجلك تريد زوجة كاملة اخبرتك انى لا اصلح لك و.."
ضغط على يدها وقال بهدوء " لا حدود لجنونك صغيرتى "
ابعدت وجهها وقالت بغضب وقالت " لم اعد صغيرة "
ابتسم وقال" الان بالذات انتى اصغر من صغيرة .."
ادارت وجهها لترد ولكنه قال " حبيبتى نحن ولدنا بالحياة كى نعيشها بحلوها ومرها نبتسم يوم ونبكى يوم واعتقد اننا اكتفينا من البكاء حبيبتي فدعينا نبحث عن الابتسامة انا اريد ان ارى تلك السعادة التى كنت اراها بعيونك .. صدقينى رهف انه من اجلك وليس من اجلى فلا فارق عندى طالما انتى معى "
اكمل أشرف" نعم رهف كلنا نسعى من اجلك واجل ابنتك جدتك وحتى عمك هيا رهف لا تكونى عنيدة "
تراجعت امام اصرار الرجلان او ربما هى من داخلها كانت تتمنى ان تعود ولكن خوفها من الفشل هو الذى جعلها تتراجع
****
“ اهدء يا مالك انها ستكون بخير "
نظر الى اشرف وقال " لقد استغرقوا اكثر من ساعة يا اشرف لماذا كل ذلك "
قال اشرف بهدوء " الدكتور قال انها من ساعة لساعتان فلا داع للقلق ان شاء الله تعود اليك سالمة "
اغمض عيونه وهو يدعو الله من داخله ان تعود اليه صغيرته بخير وان يعيد الله لها نظرها لتعود اليها ابتسامتها وتضئ عيونها بنور الامل الذى اعتاده فيها
خرج الطبيب فاسرع اليه الاثنان ابتسم الطبيب وقال " هى بخير اطمأنوا"
قال مالك " اريد ان اراها "
“ مازالت بالإفاقة قريبا ستخرج لغرفتها وغدا نفك الضمادات وانا متفائل جدا "
تراجع مالك وقلبه ينتفض خوفا عليها لن تتحمل الصدمة ربت عليه اشرف وقال" ستكون بخير اطمئن"
نظر اليه وقال" اخاف عليها لن تتحمل اى صدمات اخرى تعلم ان قلبها ضعيف "
هز رأسه وقال" لا تقلق تعلم ان العناية الطبية هنا فائقة"
مر الوقت بطيئا حتى استعادت وعيها بالمساء وهو يقف امام النافذة محاولا ان يتمالك نفسه الى ان سمعها تنادى باسمه فاسرع اليها امسك يدها وقال
“ انا هنا صغيرتى"
قالت " اشعر بصداع مالك "
قال بحنان " الطبيب قال ان هذا طبيعي حبيبتى وغدا سيزول الالم ان شاء الله"
ضغطت على يده وقالت " لا اريد ان اعود للظلام مالك ..اريد ان ارى النور اريد ان اراك .. اري عيونك التى جذبتنى من اول يوم اري يدك التى تحيطنى بحنان فتشعرني بالأمان .. اريد ان ارى ملابسك كى انتقيها لك اريد ان اري حياة ابنتنا ، انا لا اريد ذلك الظلام مالك من اجلك حبيبي "
اغلق عيونه بألم وقبل يدها بحب وقال " ستعودي حبيبتى انا اعلم ان الله لن يكسر قلبك الطيب ستعود الحياة لتلك العيون الجميلة البريئة لا تقلقي صغيرتى "
تراجع الى ابعد مكان بالغرفة وهو يتابع الطبيب يفك الضمادات لم تقو قدماه على تحمل مقدار القلق الذى كان ينهشه هو لا يخاف من الا تستعيد نظرها فالأمر لا يهمه طالما هى معه وانما هو يخاف عليها لن تتحمل الفشل وهو لن يتحمل ضياعها منه مرة أخرى .. مرر يده بشعره وهو يغمض عيونه لقد امضى الليل كله يصلى ويدعو لها ويعلم من داخله ان رحمة الله اوسع من كل شيء
واخيرا انزاحت الضمادات من على عيونها وسمعت الطبيب يقول " هيا مسز عرفان افتحى عيونك ببطء من فضلك"
وبالفعل بدأت تفتح عيونها وهى لا تعلم ايهما سيكون مصيرها النور ام الظلام
يتبع…

صائد الصفقات وصغيرتهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن