الفصل الواحد والعشرين

2.8K 100 8
                                    

الفصل الواحد والعشرين
ضياع
وقف الجميع امام غرفة العمليات عندما خرج الطبيب ونظر الى الجدة وقال
“ بصراحة الحالة صعبة جدا كسور عديدة بالجسد ونزيف داخلى لكن الحمد لله اوقفناه و.."
نظرت اليه امال وقالت بلوعة على ابنتها " وماذا يا دكتور تحدث ارجوك ماذا اصاب ابنتى ؟"
قال بحزن" اصيبت راسها بشدة والاصابة اثرت على .. على عصب النظر واظن انها لن تستطيع ان ترى "
صرخت الام بفزع وشهقت الجدة واحتضنت نور امها بدموع غزيرة فعاد الطبيب وقال " عموما العلم كل يوم فى تقدم ونتمنى من الله ان يقدم لها الخير "
ثم تركهم فى احزانهم دون ان ينقذهم منها الا رحمة الله الذى اراد ان يكون ذلك مصيرها وقد كان
مرت الايام ثقيلة بالطبع عادت نور مع تامر الذى اصر على ذلك رغم ظروف رهف ولم يعرف احد من قائد السيارة الذى صدمها فقد فشلت الشرطة فى الوصول اليه ،اما امال امها فقد رفضت ان تترك رهف وتحسنت صحة العم الذى كثر تساؤله عن رهف التى مازالت بالعناية لم تفق بعد من اثار الحادث ومالك الذى لم يعد احد يعرف عنه اى شئ واخيرا قررت الجدة ابلاغ العم  بكل ما حدث وقتها اصيب بالفزع والحزن على ابنته التى لم ينجبها وطلب من الطبيب رؤيتها فقال الطبيب
“ انها لا تستجيب لشئ ولولا الاجهزة لذهبت "
لكن العم قال " لا يا بنى انها ارادة الله ابنتى ستعود فقط دعنى اراها من فضلك هى بحاجة الى "
هز الطبيب رأسه وقال" ونعم بالله تفضل ولكن لا تطيل الزيارة انت ايضا بحاجة للراحة "
جلس العم امامها وامسك يدها الصغيرة وقال بقوة " رهف انا اتيت يا حبيبتى هيا اخبرينى كيف حالك؟ اعلم انكى لستى بخير واعلم ان قلبك يؤلمك جرح البرعم يفسد النبتة كلها مما لا يمكن معه الاصلاح ولكن النبتة القوية هى التى تعالج جرحها ولا تذبل وانتى قوية وانا اعلم ذلك .. رهف حبيبتى اعلم ان قلبك الصغير احب ذلك الرجل بقوة لذا كان جرحك ايضا بنفس القوة ولكن لماذا لا استطيع ان اصدق ان مالك خائن رغم ما عرفته عنه الا انه منذ دخل حياتنا لم يخن وهو اخبر جدتك بذلك انه يحبك يا ابنتى فعودى من اجله انتى من اصلحه فلا تكونى سببا فى عودته. رهف تامر ليس بالرجل الذى نأخذ منه البيان هيا حبيبتي عودى الينا لنعرف اين زوجك ونعيده الى احضانك انتى بحاجة اليه وانا متأكد انه بحاجة اليك الان .. يا ابنتى لو لم تعودى من اجله فعلى الاقل فكرى بى انا الرجل الذى اعتبرك ابنته التى لم ينجبها والله احببتك كما لم احب احد بحياتى ولن اتحمل يا رهف ..لن اتحمل فقدانك حبيبتي ..ارجوك رهف عودى انا أضعف من ان اتحمل فراقك روحى فداك حبيبتي.. انا اعلم انك لن تتخلى عنى ولن تذهبي ان الله ارحم من ان يفعل بي وبك ذلك انا اؤمن بذلك لذا انا لن اذهب الا عندما تعودين هيا رهف ..ردى على ارجوك حبيبتى ردى ..رهف .."
ولكنها لم تستجب ظل العم بجانبها وقتا طويلا ورغم ان ذلك مخالف لإجراءات المشفى الا انهم تركوه ولم يعلقوا على وجوده وظل يتحدث معها كثيرا حتى عن طفولتها والكلية التى لم تكملها.. على نصف اليوم كان الرجل قد تعب فقرر الذهاب فامسك يدها وقال
“ حبيبتي لابد ان اذهب لارتاح فقد تعبت سامحينى ولكنى سأعود مرة ومرة ولن اياس من رحمة الله"
كاد يتحرك لولا ان شدت بيدها على يده
تراجع ونظر اليها وتجمعت الدموع بعيونه فامسك يدها بقوة وقال " كنت اعلم انك تسمعينى هل تريديني بجانبك ؟ حاضر يا ابنتى ولكن لا تطيلي بعدك فقد اشتقت اليكى "
بدأت جفونها تتحرك وتغيرت مؤشرات الاجهزة فأسرعت اليه الممرضة وقالت " ماذا حدث سأحضر الطبيب القلب ينتفض بقوة يا الهى "
لم يترك يدها ودقات قلبه تتسارع ولسانه يدعو الله ان يعيدها اليه والخوف يأخذه علبها هل سترحل وتترك عالمها الصغير الذى لم تكمله ..
وصل الطبيب وبدء اجراءاته ثم قال” المخ بدء يستعيد نشاطه هذا شيء رائع اعتقد ان حضرتك افتدتها كثيرا مازالت تتمسك بالحياة "
على المساء كان رأفت قد ارهق جدا من البقاء فهمس بأذنها " حبيبتي انا تعبت جدا هل اذهب لارتاح قبل ان اسمع صوتك هيا حبيبتي قاومى وعودى من اجلى رهف "
وبالفعل لحظات وفتحت عيونها ولكنها لم تر الا ظلام همست بضعف شديد "مالك.."
لم يأتها اى رد فعادت تقول" اين انا ؟"
سالت دموع العم وهو يحتضن يدها بجانب قلبه قبل ان ينحني عليها ويقبلها ويقول " الحمد لله يا رب الحمد لله رهف حبيبتى انتى هنا معى الحمد لله "
ولكنها شعرت بصداع ووهن ليس مثله وهن وللحظات لم تدرك ماذا حدث ثم هتفت " عمو ..مالك اين مالك ؟"
تراجع الرجل ولم يرد ثم انتبهت هى للظلام الذى يحيطها فقالت " عمو اين انت لماذا لا اراك ؟"
ابتعد العم لحظات قبل ان يقول " حبيبتى انا هنا .. رهف يا ابنتى انتى فتاة مؤمنة وتعلمين اننا لابد ان نؤمن بقضاء الله "
دقات قلبها الغير منتظمة حذرتها من مغبة ما ستعرفه فقالت " عمو ماذا حدث اخبرنى ارجوك ما هذا الظلام واين مالك ماذا حدث ؟"
مسح الرجل دموعه وكان الطبيب قد وصل واخذ يطمئن عليها ولكن هى اخذت تصرخ بخوف " عمو اين انت واين انا وما هذا الظلام؟ "
واخيرا نظر الطبيب الى العم الذى قال " لقد كانت الحادثة كبيرة يا ابنتى وكدنا نفقدك لولا رحمة الله فقط اصبتي برأسك اصابة بالغة اثرت على عصب النظر و.."
ادركت ما حدث فصرخت من قلبها " لا.. لا عمو لا تخبرنى انى فقدت نظرى لا ارجوك افعل اى شئ ارجوك انا اريد ان اراه عمو اريد ان ارى مالك لأخبره انى احبه لقد سمعته عمو وهو يقول انه يحبنى نعم لقد قالها اخيرا فكيف اتركه يذهب هى السبب هى التى جعلته يرحل انا اكرهها . اكرهها هيا اخبرونى انكم كاذبون واعيدوا لى نظرى اريد ان اراه اعيدوا لى نظرى لن استطيع ان اعيش يا رب لا استطيع ان اعيش هكذا يا رب انا لا اريد اعيش لا اريد "
وزاد صراخها امسكها الطبيب والممرضات وهى تتلوى بين صراخها ودموعها واحزانها اى ظلام هذا الذى ستحيا فيه بعد اليوم ليتها ماتت ولا عادت لتلك الحياة
صرخت " مالك ..تعال وخذنى مالك انا بحبك كما تحبنى لا ..انا لن ابقي اريد ان اموت ..لا اريد ان اعيش دعوني ..دعوني اموت .."
لحظات وبدأت تغيب عن الوعى الى ان نامت فقال الطبيب
" لقد انهارت انا اعطيتها مهدأ واعتقد انها ستأخذ بعض الوقت قبل ان تعود لحالتها الطبيعية لكن الحمد لله على عودتها للحياة"
هز العم راسه بحزن وقال " الحمد لله ولكنها لا تستحق ذلك رحمتك يا الله "
خرجت من العناية ولكنها ظلت فترة تعالج نفسيا من صدمتها بعيونها لم تشعر خلالها بكل من كان يزورها الى ان استعادت نفسها اخيرا بمساعدة اشرف طبيبها النفسي الذى تأمل عيونها الصامتة وقال
“ اظن انك اليوم اصبحت بخير ويمكنك الذهاب الى بيتك وممارسة حياتك بشكل طبيعي "
لم تحرك وجهها الذى كان يحدق فى الظلام الذى اصبح دنيتها وقالت " اى حياة تلك الذى سأمارسها وكيف افعل وانا لا ارى اى شئ انا لا اريد العودة "
لكن اشرف الطبيب الشاب الذى اسرته عيونها التى لا حياة بها قال " رهف يمكننى مساعدتك إذا اردت "
حركت رأسها تجاهه وقالت " كيف؟ "
قال " عندما تخرجين سأكون معك دائما سأعرفك على طرق كثيرة للتغلب على اعاقتك التى لابد ان تتقبليها كما اتفقنا رهف انتى فتاة جميلة ورقيقة وامامك الكثير بالحياة اغلقى صفحة الماضي وابدئى من جديد "
قالت بحزن " ليتنى استطيع ولكنى احب الماضي ولا اريده ان يتركنى واكره الحاضر ولا اريد ان اعيشه "
ابتعد وقال " مالك ؟"
هزت رأسها وقالت" زوجى "
قال " ولكنه تركك ورحل لم يعد ليراك ولم يبحث عنك رهف انا .."
قاطعته بشدة " اخبرتك انه لم يفعل ذلك الا من اجلى كان دائما يرفض ان اكون له لأنه يعتقد من داخله انه لا يستحقني وانى استحق افضل منه ولكنه مخطئ انا لا اريد سواه فقلبي لم يعرف غيره "
نهض اشرف مبتعدا وقال " والان ستبحثين عنه ؟"
هزت رأسها وقالت" لا "
نظر اليها وقال " لا افهم "
قالت" لن احكم عليه ان يعيش مع عمياء لن يكون وجوده معى وقتها حب وانما شفقة وانا لا اريد شفقة من احد "
ضاقت عيون اشرف البنية وقال " ولكن هو زوجك وأي زوج يحب زوجته من واجبه ان يبق بجانبها ويرعاها واظن انه سيفعل طالما يحبك كما تقولين "
دمعت عيونها التى فقدت رونقها ولمعانها وقالت بحزن " وانا لا اريد ذلك مالك يستحق افضل من امرأة عمياء "
عاد اليها وامسك يدها ولكنها ابعدتها فقال " رهف انا ..انا بحبك فهل تقبليني بحياتك "
لم تعرف بماذا تخبره وزادت الدموع قبل ان تقول " ليتنى استطيع ولكن قلبي معه فقد ملكه يا دكتور منذ اول يوم عرفته فيه واصبحت انا وقلبي سجناء حبه فكيف لى بغيره لن اظلمك معى لأنى لا استطيع ان امنحك ما ليس ملكى "
اخفض رأسه لحظة قبل ان يقول " اذن لنكن اصدقاء ربما اساعدك على العودة الى الحياة هل توافقين ؟"
هزت رأسها نفيا وقالت " لا اظن ان هذا صح لأنك تظلم نفسك بقربك منى وانت تعلم انه بلا امل تتألم فقط فلماذا ارجوك اتركنى انا اصبحت قادرة على مواجهة الحياة "
ابعد عيونه ثم قال " ستعودين اليه؟ "
صمتت لحظة قبل ان تقول بحزم " لا اخبرتك انى لن افعل لن اجعله يعيش مع عمياء "
غير الموضوع وقال " الن نتحدث عن امك من حقها فرصة اخرى "
عاودها الغضب وقالت " لا ليس من حقها اى شئ لم ولن اسامحها ولا تتحدث عنها "
قال " رهف من منا لا يخطئ هى انسانة مثلنا جميعا ربما أخطأت ولكن وقتها كانت ترى ان ذلك لمصلحتك "
قالت بقوة “ دكتور اشرف من فضلك انا لا اريد ان اتحدث عنها انا منحتها العديد من الفرص وبكل مرة تثبت انها لا تستحق لذا ارجوك ابعدها عنى لا اريد ان اراها هى سبب كل ما انا فيه حياتى كانت هادئة ولكن هى وزوج ابنتها دمروا حياتى لذا عليهم بالابتعاد لاننى لا اضمن نفسي "
لم يرد عليها . عندما خرج من عندها قابلته امال بلوعة وقالت " ماذا يا دكتور طمنى "
قال " يمكنها ان تخرج اليوم ولكن بالطبع مازالت بحاجة للعناية النفسية مازالت تحاول ان تتعامل مع اعاقتها "
قالت الام " وانا هل استطيع رؤيتها انها ترفضنى "
نظر اليها وقال" نعم وللأسف تعتبرك المسؤولة عن كل ما حدث اتمنى ان تداوى الايام ما فشلت انا فيه ،"
مالك
بالطبع عندما رحل كان يظن ان برحيله سينتهى الالم ولكن ما ان رحل حتى بدء الالم بحق ففي كل لحظة كان يقضيها بدونها كان يتألم اخيرا اعترف بالحب وانه يحبها هى نعم هى من ملكت قلبه وروحه وعقله وكل كيانه ادرك الان لم كان يريدها بجانبه طوال الوقت وعرف لم كان يرفض بعدها وقبل ان يكون زوج لها رغم عدم إيمانه بالزواج بل وقبل من اجلها ان يبقي معها ببيت الرجل الذى رفضه واهانه مرة بالحياة ولكن الان ها هو يدفع ثمن حبه وضعفه لقد صفعته الام على وجهه بقوة فأعادته الى الواقع انه لا يصلح لها كم اخبرها ذلك كثيرا، كم قاوم حبه لها ورغبته فيها كثيرا ،وعندما ضعف واستسلم لمشاعره ندم اشد الندم وها هو يرحل ويترك صغيرته التى ذاب فى عشقها فهل سيستطيع ان ينساها كيف وهو ما ان صعد على متن طائرته ونظر الى المقعد الذى كانت تجلس عليه بجانبه حتى انقبض قلبه وهو يراها تبتسم له القى نفسه على المقعد واغمض عيونه لم يكن يظن ان مازال هناك قلب يدق بصدره لقد ظن انه قتله يوم رفضته نور ولكنه ادرك الان انها احيت فيه كل المشاعر والأحاسيس التى لم يعرفها من قبل اغمض عيونه فسمعها وهى تحدثه  ببراءة " مالك عثرت على فريسة جديدة الن نذهب اليها .." نظر الى المقعد واغمض عيونه عندما راه فارغا
ثم تذكرها وهى ترقص بين ذراعيه فى ليلة حفل الزفاف كم كانت جميلة ورقيقة .. ثم فجأة ظهر تامر امامه عندما كاد ينالها لولا ان انقذها هو ..تامر ..تامر ذلك اللعين لن يتركه لقد اثار غضبه الى حد لم يعد يمكن معه ان يتراجع عما قرر لن يرحمه سيدمره ويسحقه كما لم يفعل من قبل مع اى احد ..اما هى صغيرته فسيبتعد عنها الى نهاية العالم ولكنها ستظل بقلبه الى نهاية العمر ولن يمكن ان يكون لأى امرأة سواها هى من ملكته وسيظل ملك لها الى اخر نفس من حياته
واخيرا عادت الى الفيلا ولكن بقلب مجروح ويأس من كل شيء اشرف وعمها هما الشخصان الوحيدان اللذان كانا يمكنهما التحدث معها والجدة هى الصدر الحنون .. ولكن مازال الحزن يطغى عليها مرت الايام لتجمع شهرين تقريبا على خروجها عندما كانت تجلس مع جدتها بالحديقة فهى والعم هما الشخصان الباقيان لها عادت لهما كما بدأت من عندهما
كما لم يتركها اشرف وانما كان يأتى ليتابع حالتها باستمرار واحضر لها عمها فتاة لمرافقتها ولكن مع ذلك كان الالم والحزن رفيقاها والياس حياتها والذكريات دنيتها التى تعيشها كان عليها ان تبعده عنها بأى شكل لذا لم تبحث او تسال عنه
“رهف الامر خطير بجد هذا الدوار لابد ان يكون له سبب "
لم تتحرك وهى تحاول ان تستعيد نفسها فذلك الدوار رافقها منذ ان خرجت من المشفى قالت للجدة
“ ربما بسبب الحادث جدتى "
ربتت الجدة عليها ونظرت الى مريم الرفيقة لها وقالت " مريم عندما يأتى اشرف لابد ان نبلغه "
وصل العم وقال " تبلغوه بماذا ؟"
قالت الجدة " بالدوار الذى يصيب رهف انها تكاد تفقد الوعى "
تأملها العم وقال " هل اتصل بالطبيب يا ابنتى ؟"
هزت رأسها وقالت" لا عمو انا بخير اكيد اشرف سيعرف بالأمر هو على وصول "
وبالفعل وصل اشرف وقال " انا وصلت بالتأكيد تنتظروني بفارغ الصبر جدتى كيف حالك ؟ عمو رافت وحشتنى كيف حال صحتك "
ابتسم الجميع لجو المرح الذى يضفيه وجود اشرف عليهم ثم جلس بجانب رهف وقال
“ وجهك شاحب اليوم لم تتناولى الطعام بالتأكيد تنتظريني "
حاولت ان تبتسم ولكن ما ادركته جعلها تنسي الابتسام او السعادة قالت الجدة
“ انها متعبة ويصيبها دوار كثير هذه الايام ولا تتناول اى طعام وكلما حاولنا معها اصابها القئ "
صمت اشرف قليلا ثم قال " رهف هل اجريتى تحليل حمل من قبل "
هزت رأسها نفيا ولكنها كانت تشك بالأمر فأي امرأة لابد ان تعرف ذلك نظرت الجدة الى العم الذى قال بدون ان يعلم ما اذا كان هذا الامر سار ام محزن
“ حمل ؟ لم نفكر بذلك خاصة بعد الحادث اقصد .."
هز اشرف رأسه وقال" معك حق يا عمى ولكن لله الامر من قبل ومن بعد ربما استمر الحمل رغم كل ما مر بها على العموم يمكننى ان اخذها الان للمعمل ونجرى التحليل "
صمت رهف اثار دهشة الجميع ولكن هى لم تكن تعلم ماذا تقول او تفعل اى طفل هذا الذى سيولد لام عمياء واب لا وجود له ولا يؤمن بالأسرة والاستقرار واصلا لو فعل هى ستبعده لن يتواجد معها وهى مجرد عمياء
قالت " لا اريد ذلك الحمل "
تفاجأ الجميع من قولها وقالت الجدة " رهف انتى مجنونة كيف تقولين ذلك ؟"
قالت بإصرار " لا لست مجنونة انا فى افضل حالات العقل الان "
قال العم متفهما " اذن لنفكر جيدا يا ابنتى اليس ذلك الطفل روح بثها الله داخلك كيف يمكننا ان نقتلها بأيدينا "
قالت بعيون جامدة " افضل من ان يولد لام عمياء واب لا يعرف عنه شئ "
قال العم " اذن نخبره وانا متأكد من ان مالك ..."
ولكنها اسرعت تقول" اياك عمى ان تفعل لو عرفت ان احدكم اخبر مالك بأى شئ فسأرحل ولن تعرفون مكانى لن اعيش مع رجل كل ما سيربطه بى الشفقة وابن اغصب عليه لن افعل ولن ترضون لى ذلك "
قال اشرف " اهدى رهف لن نفعل اى شئ رغم ارادتك ولكن لا تنسي انه والده ومن حقه ان يعرف "
حركت رأسها تجاه اشرف وقالت " انا اكيدة ان مالك لن يهمه مثل ذلك الحق لأنه ليس الرجل الذى يبحث عن اسرة او بيت وما الى ذلك ليس بعد ما حدث لذا لا داع لكل ذلك لا مكان لهذا الطفل اريد التخلص منه "
كادت الجدة ترد لولا ان اشار أشرف اليها وقال " حسنا ولكن الا نتأكد اولا من الحمل ونعرف كم عمره وما اذا كان بإمكاننا التخلص منه ام لا "
قالت بنفس القوة " لا يهم المهم اننى لا اريده "
نظرات التعجب بعيون الجميع لم تراها هى وانما شعرت بها ولكنها لم تهتم ورغم تلك الذكرى القريبة لها معه عندما أخبرته برغبتها فى الانجاب ولم يعارض والحلم الذى عاشاه سويا يوم اصطحبها الى تلك الارض كان يتمنى اولاد واسرة وبيت لكن ماذا الان بعد ان اصبحت هى شبح امرأة لا تصلح لأى شئ  . ربما وقتها كان مازال يحبها كما قال ولكن بعد ما حدث لها لن يريدها ولن يريد اى اولاد منها ..
اجرى لها اشرف اختبار الحمل وتأكد الامر ولكن الطبيب اخبرهم ان عمر الطفل ثلاث شهور ومن الصعب اجهاضه رغم ان اشرف اخبر الطبيب بكل ما مرت به رهف من الحادث والعلاج ولكنه مع ذلك اصر على ان الجنين بخير ولا يمكن ان يفعل ما تريد
ولكن رهف لم تستسلم وحاولت ان تجد اى وسيلة كما بالأفلام ولكن حتى ذلك فشلت فيه عندما اوقفتها مريم وقالت
“ مدام رهف الا تؤمنين بالله انها مشيئة الله وما تفعليه يغضبه افيقي قبل فوات الاوان الطفل لا ذنب له وربما يكون هو سبب فى سعادتك ،اى امرأة تلك التى لا تتمنى ان تكون ام ..مدام رهف انتى بحاجة لهذا الطفل لأنه هو الذى سيعيدك للحياة ليس معنى انك فقدت نظرك ان تقف الدنيا عند هذا الحد ،لا انها تستمر وتسير فإما ان نسير معها واما ان تدهسنا تحت اقدامها بدون ادنى اهتماما فلا تجعلى الدنيا تدهسك ،مدام انتى مازلتى صغيرة وجميلة والحياة امامك بها الكثير من الاشياء التى يمكنك ان تعوضي بها نظرك "
قالت بألم " مثل ماذا يا مريم لقد فقدت كل شيء بفقدان نظرى "
قالت مريم " يمكنك اعادة زوجك قلتى انه يحبك "
تعصبت وقالت " اخبرتكم انى لا اريد "
هدئتها مريم وقالت " حسنا .. اذن عليك ان تجدى نفسك فى مجال اخر اكملى دراستك ابحثى عن هواية قراءة او كتابة او عمل اى شئ وانا معك ولا تتركى اليأس يملأ حياتك "
لم ترد لقد فقدت رغبتها فى اى شئ وكل شئ لم تعد تريد الا ان تموت وتنتهى حياتها او ان تعيش فى دائرة الذكريات تسرح معه مع كلامه ولمساته واحضانه وقبلاته كل ما عاشته معه كم احبته وتمنته ولكن ...هو قضاء الله
خمس اشهر تقريبا منذ الحادث لم تتغير الاوضاع ولم تعرف عنه اى شئ ولم تغير من حياتها ربما وافقت على ان تكمل دراستها بمساعدة مريم ولكن بدون اى حماس كما تقبلت الحمل لأنها عادت الى ايمانها بالله وادركت انها لو اجهضته فستغضبه لذا استسلمت وتقبلت الامر وما اضعفها اكثر عندما سمعت نبضات طفلتها لأول مرة وقتها تمنت لو كان معها بجانبها ينظر اليها كما اعتاد كما لو كان ابوها المسؤول عنها ثم تعود للواقع فلا تجده بجانبها فيعود الالم والاحساس بالضياع بدونه
كانت مريم تساعدها فى المذاكرة عندما سمعت صوت سيارة تقف امام الفيلا فقالت " من وصل يا مريم؟"
نظرت مريم وقالت " من الصور اظن انها اخت حضرتك مدام نور واولادها "
لم تبدى اى تعبيرات فلم تعد تهتم بأحد تغيرت كثيرا بعد الحادث ..ما ان وصلت اختها حتى التف الاولاد حول رهف فاحتضنتهم بحنان وسمعت نور تقول بدموع
“ رهف حبيبتى كيف حالك؟ "
قالت " بخير حمد الله على السلامة نور لم تخبرينا برجوعك "
شعرت بان نور تجلس ثم انهارت فى البكاء فقالت رهف " ماذا حدث يا نور لماذا تبكين ؟"
نظرت نور الى مريم التى اعتذرت وذهبت فقالت " الشرطة قبضت على تامر وصادرت كل املاكه فلم يعد لنا مكان هناك انا تداينت بثمن التذاكر "
لا تعلم لماذا انقبض قلبها وتذكرت مالك بالتأكيد هو قالت " ماذا ؟ متى وكيف حدث ذلك"
سمعت رهف صوت امها وهى تهرع الى نور وترحب بها ومن بعدها الجدة ثم عادت نور تحكى
“ لقد بدء الامر منذ فترة عندما بدأت صفقات تامر تنهار الواحدة تلو الاخرى بدون اسباب واخيرا وجدنا الشرطة تهجم على بيتنا للبحث عن تامر واخيرا قبض عليه بالشركة و.."
قالت الام " وماذا يا نور اكملى "
قالت نور وهى تنظر الى رهف " ما عرفته ان ..ان مالك كان موجود وقت القبض عليه ويقال انه هو السبب فيما حدث لتامر ..."
يتبع…

صائد الصفقات وصغيرتهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن