الفصل الثالث والعشرين
فلاشة
عندما عاد الى الفندق كانت جى جى بانتظاره بالقاعة نهضت عندما راته ولكنه القى نفسه على اقرب مقعد وقال وعدنان يجلس امامه
“ اجلسي ماذا فعلتى ؟"
مدت اليه بفلاشه صغيرة وقالت " فيديو واضح "
اخذ الفلاشة وقال " لم اظن ان تساعدينى "
ابعدت عيونها وقالت" تعلم انى مازلت احبك "
ابعد وجهه وقال" جى جى عودى للواقع الحب ليس عالمنا نحن بعالم المال انا حولت المبلغ المتفق عليه لحسابك ولا اريد رؤيتك مرة أخرى"
نهض فقالت " ستعود اليها "
توقف ولم ينظر اليها لحظة قبل ان يقول " لا اعتقد ان هذا امر يخصك لقد انتهى كلا منا من حياة الاخر فانسيني ولا تضعى نفسك بطريقي مرة أخرى"
تبعها عدنان وهى تبتعد ثم عاد يقول " يا لك من قاسي المرأة قدمت اليك خدمة وانت "
قاطعه مالك " بل هى تسدد دينها لى انا راحل الى المانيا ستاتى "
قال عدنان " لا انا الان لى بيت وزوجة لن اعيش تلك الحياة اذهب انت واذا احتجتني تعلم اين تجدني "
ابتسم وودع صديقه الذى ساعده فى كل ما فعل وعاد الى طائرته راحلا ليعود الى حياته القديمة ربما يجد بها الصبر على فراقها فكل تلك الشهور لم تجعله ينساها لحظة وكيف ينساها وهى صغيرته وحبيبته
****
بالطبع تراجعت رهف وقالت " مالك وما دخل مالك بالأمر ؟"
قالت نور بقوة من بين غضبها " هو من دبر كل شئ هو من فعل بتامر ذلك هكذا قال لتامر لقد اضاع حياة زوجى تامر متهم بقضايا كثيرة تجارة سلاح وتجسس وغسيل اموال و... لماذا فعل به ذلك ؟"
لم ترد رهف ولكنها كانت تعلم ان مالك يأبي الا الانتقام بداية مما فعله بأمه ونهاية بما دبره للتفريق بينها وبينه ، هى نفسها ادركت ذلك ولكنها لم تشأ ان تؤلم اختها التى قالت
“ الم يكفيه ما فعله بك دمركى ودمرنى كل ذلك لأنى رفضته "
لم تعد تتحمل فقالت بقوة " لا ليس من اجل رفضك له وانما من أجل ما فعله تامر به عندما خطفك منه اول مرة ثم دمر اسرته وابعد امه عنه وشردها ثم كاد يغتصبني عندكم فى لندن لمجرد انى امرأة مالك ثم هنا عندما اوقع بينى وبينه واختلق امر الخيانة تامر هو من دمرك ودمر نفسه ودمرني بحقده وكرهه لمالك عودى الى لندن واسالى الناس من هو تامر عز الدين ،من هو الثعلب زوجك لم يكن الرجل المخلص الشريف الذى كنتى تظنيه توقفى عن دفن رأسك بالرمال لعدم رؤية الحقيقة وارفعى عيونك وافتحيها وانظرى للحقيقة التى ترفضينها "
ونهضت لتذهب ولكن امها قالت" رهف كفى انها اختك كيف تفعلين بها ذلك "
حركت راسها تجاه صوت الام وقالت " انا احاول ان افتح عيونها على الحقيقة انتى وهى لا تريدون ان تشاهدوا الا الاموال التى كان يغدقها عليكم اصبحتى تعشقين تامر لأنه يلبي كل ملذاتك التى حرمت منها مع بابا لذا اخذك العز والجاه ونسيتى ان تراعى ابنتيك وألقيتي بواحدة فى احضان رجل العصابات والثانية نسيتى اصلا انها ابنتك والان تلومينى لومى نفسك اولا يا ...امال هانم "
وتحركت بخطوات حفظتها مع الزمن القصير دون ان تزرف دمعه واحدة او ترمش بجفن واحد من جفون الندم على ما قالت
لم تتحدث مع احد وظلت بغرفتها تتلمس بطنها التى بدت صغيرة جدا تكاد لا تلاحظ لضعف جسمها وصغر حجم طفلتها تأملت الصور التى ترسمها بخيالها وقالت لطفلتها
" انه والدك يا حياة ..والدك يأخذ بثأري وثأره ليتنى كنت معه لأرى نظرات الهزيمة بعيون تامر واشفى قلبي من جروحه برؤيته مهزوما ..لكى ان تفخري بابيك حبيبتى كما انا فخورة به سامحنى حبيبي بعدك يقتلنى ويحيينى يقتلنى لأنى اموت بكل لحظة لست فيها معى واحيا لأنك لست بجانب تلك العمياء التى اصبحت عليها ، سامحنى يا مالك غصب عنى لن اتحمل كلمات الشفقة منك لن اتحملها حبيبي الموت اهون عندى منها صدقنى لو كان بيدى لتمنيت الموت لبعدك عنى ولكن ابنتك اعادتنى للحياة ليتنى املك ان اراك ولو للحظة واحدة واخبرك كم احبك واعشقك ولكنى لا استطيع. لا يمكننى ان اراك ولا ان اتوقف عن حبك ستظل حبيبي للابد وسأظل صغيرتك الى نهاية العمر "
فى الصباح لم تسمع اى اصوات وانما دخلت مريم وقالت " صباح الخير مدام دكتور اشرف ينتظرك بالحديقة "
قالت " اشرف ؟ الان ؟ لماذا ؟ "
نزلت والصمت يعم الفيلا ولكنها لم تهتم اوصلتها مريم الى اشرف الذى قال " اهلا رهف كيف حالك ؟"
سمعت جدتها تقول " رهف انتى بخير ابنتى ؟"
حاولت الابتسام وقالت " اهلا اشرف ..نعم جدتى انا بخير اطمنى ..خير يا اشرف جئت مبكرا على غير عادتك "
قال بحماس " عندى خبر رائع لم يمكننى ان اخبرك به بالهاتف فأتيت بمجرد ان ظهر النهار "
تراجعت وقالت " ما هو اذن تحدث "
قال " بالطبع انا لم اتوقف عن مراسلة كل اطباء العيون على مستوى العالم صحيح لم اكن القى اى استجابة حتى امس رد على احد الاطباء الالمان "
دق قلبها هل يمكن ان يعاودها الامل فقالت " هل تكمل ؟"
ابتسم اشرف وقال " لقد طلب ان يراك واخبرنى انه اجرى جراحة مشابهه لحالتك ونجحت فقط يريد ان يجرى الكشف عليك بنفسه "
نطقت الجدة بسعادة " حقا يا اشرف ؟ هل ما تقوله صحيح ؟"
“ نعم يا جدتى فقط علينا ان نحجز التذاكر ونجهز حقائبنا ونرحل مع اول طائرة "
ولكن هى قالت دون اى مشاعر " اشرف لابد ان ننتظر لا يمكن ان نتعلق هكذا انا لا اريد .."
قاطعها اشرف " لن ننتظر انا اخبرت العم وهو سيتولى حجز التذاكر وما الى ذلك فقط مريم تجهز الحقائب "
لم تستطع ان توقفه اكثر من ذلك واستسلمت اليه فهى ايضا تتمنى ان تذهب ربما عاد لها نظرها وقتها ستبحث عنه بكل مكان وتلقى نفسها بين احضانه تلتمس حبه وحنانه ودفء لمساته
دخلت غرفتها والامل يملؤها ودق الباب وفتح من رائحة العطر عرفت انها امها فابتعدت بينما قالت المرأة
“ الان تبتعدى ولا تريدين ان تتحدثى معى "
لم ترد فاقتربت المرأة وقالت" اسمعينى جيدا شأتى ام ابيتى انا امك واعرف مصلحتك جيدا الان اصبح كل شيء واضح ذلك الرجل تسلل الى حياتنا من خلالك ليدمرنا وها هو قد فعل بدء بك ثم انتهى بأختك ومر بعمك وبنا جميعا .. انتى لا تعلمين انه كان يبتزني و.."
صرخت رهف بها " كفى .. لا اريد ان اسمعك انتى لا تكفين عن ايلامى لماذا الا يكفيكى ما انا فيه ابتعدى عنى انا لا اريد ان اسمعك وجودك يؤلمنى "
ولكن المرأة لم تستسلم وقالت" ليس قبل ان تخرجيه من قلبك وتقتليه بيدك انا لن اقبل به بحياتك مرة اخرى هل تفهمين "
استدارت اليها دون ان تراها وقالت بقوة " هذا ليس من شأنك حياتى لا دخل لك بها هل تفهمين انا كل يوم ازداد كرها لك انت بالتأكيد لستى امى لان الامومة حب وحنان وانا لا اسمع الا كره وقسوة فابتعدى عنى لست بحاجة لك ولا نصيحتك وفريها لابنتك الحقيقية التى افنيتى عمرك من اجلها "
امسكتها المرأة من ذراعها وقالت بغضب " لن اسمح لكى ان تتحدثى عن اختك الكبيرة هكذا لقد دمر زوجك المصون زوجها وحياتها والان ماذا "
ابعدت ذراعها وقالت" زوجى اشرف من ذلك الندل الجبان واذا لم تصدقى فهذا شأنك لكن الحقيقة ستظهر وتتضح بيوم ما ووقتها لن اسامحك الى اخر العمر والى هذا اليوم لا اريد ان اسمع صوتك فانا اكرهك ..اكرهك ..اخرجى ..اخرجى "
هزتها المرأة بقوة وقالت " انا متأكدة ان تامر لن يترك مالك وسينتقم منه اشد انتقام و.."
فتح بابا الغرفة وسمعت صوت اختها تبكى وهى منهارة وتقول "ماما ..تعالى بسرعة وانظرى انا لا اصدق "
نظرت الام لابنتها وتركت ذراع رهف وقالت " ماذا حدث وما الذى اراه "
قالت نور من بين دموعها " احدهم ارسل لى فلاشة وما ان وضعتها باللاب حتى رأيت ...اه "
قالت الام بقوة " رأيت ماذا انطقى "
قالت وسط البكاء " انه تامر يخوننى مع نساء كثيرة انا لا اصدق ومقاطع اخرى له وهو يتفق على صفقات السلاح تامر ليس كما كنت اظن يا ماما .. لقد كان يغشنى طوال تلك السنوات "
دق قلب رهف وادركت ان الحقيقة ظهرت الان ان الله يساندها وينصرها وينصر زوجها ويظهر برائته فابتعدت وهى تبحث عن الفراش حتى سقطت على طرفه تحاول ان تستجمع انفاسها ومشاعرها بينما استدارت المرأة اليها ولم تقل شئ وهى تجذب نور الى الخارج وتغلق الباب ورائها بقوة
اغمضت رهف عيونها لتسقط دموعها اعلم انه انت حبيبي انت من يفعل كل ذلك انه والدك يا حياة يدمرهم كما دمروا حياتنا وتعرفين شئ انا لست بحزينة عليهم فهم يستحقون ما اصابهم لانهم ظلمونى وظلموا حبيب قلبى
وصلا الى المشفى بالصباح الباكر قادها اشرف الى احد الأماكن واجلسها وقال" انتظرينى هنا حتى اصل لدكتور هوفمان "
لم ترد كان احساس الخوف يملأ صدرها هل يمكن ان ترى نور الشمس مرة اخرى هل يمكنها ان ترى ابنتها التى ستأتى قريبا الى الدنيا يا رب ساعدنى فليس لى سواك
فحصها الطبيب جيدا مرة واثنان واخيرا قال بعد ان انتهى " انا اسف لا يمكن اجراء الجراحة الان هناك خلل بأحد الاعصاب لابد من علاجه اولا "
نظر اشرف اليها فلم تتغير معالمها اصبح الجمود هو صفتها اين الضحكات والابتسامات اين الحرية والسعادة والطفولة كل شيء ذهب بذهابه
قال اشرف " ولكن حضرتك اخبرتنى ان الحالة مماثلة لحالاتك "
قال الدكتور " واخبرتك ايضا اننى لابد ان ارى الحالة بنفسي هذا العصب من الواضح انه اصيب من الحادثة واهمل دون علاج لذا لابد ان نشرع فى علاجه فورا وننتظر النتيجة "
قال اشرف " لا افهم هل تعنى انه ربما لا يستجيب "
هز الطبيب رأسه وقال" وربما يستجيب الامر يحتاج الى وقت وامل "
نهضت رهف وقالت " اريد ان اذهب تعبت "
وقف اشرف وقال " رهف انتظرى "
قالت بعصبية " لا اريد اخبرتك انه لا داع للتعلق بالأمل "
وقف الطبيب واتجه اليها وقال" مدام رهف انتظرى لحظة من فضلك"
توقفت ولم تتحرك فتقدم منها الطبيب وقال " الياس لا يقود الا الى الفشل ولو كان كل معوق استسلم لإعاقته وياس من الحياة لانتهت الحياة ولا وصل العلم لم عليه الان تعلمين ان معظم العباقرة لديهم اعاقات مختلفة ومع ذلك لم توقفهم عما ارادوا تحقيقه مدام انا لم اقل ان لا امل وانما قلت نحن بحاجة للوقت "
ولكنها لم تكن تسمعه وكأن اليأس طغى على حواسها فقالت " لم اعد اهتم انا عرفت مصيرى سلمت به ولم اعد اريد ان اتعلق بآمال كاذبة تتحطم بى على صخور الفشل ... دعوني اعيش حياتى كما ارادها الله لى وابتعدوا عنى "
ثم تحركت على غير هدى ولكن أشرف اسرع والتقط يدها وقال" رهف اهدى وانتظرى سنذهب سويا ولكن "
قالت بإصرار" لا سنذهب الان لن ابقي لا اريد "
بالطبع انصاع أشرف لرغبتها وتحرك بها الى الخارج معتذرا من الطبيب جلست بجانبه فى السيارة فنظر اليها اشرف وقال " لا اعلم ماذا اصابك رهف مازال المشوار امامنا طويل وعليك بالقوة والتمسك بالأمل لا يعجبنى ضعفك هذا "
قالت بجمود معتاد " ليس ضعف وانما هو اعتراف بالواقع الذى اعيشه كفى يا اشرف اعدنى مصر ولا داع لكل ذلك "
لم يستطع ان يقاوم اصرارها اكثر فقال وهو يطلب من السائق العودة بهم الى الفندق " حاضر رهف موعد الطائرة بالصباح الباكر هيا سنعود للفندق نتناول الغداء ونستعد للعودة "
قالت " لا اريد اى طعام فقط اعدنى مصر "
اجلسها اشرف بالمطعم وجلس امامها وقال " رهف هل يمكن ان نتحدث بهدوء "
قالت " اشرف انا لم اعد افكر الان بأى شئ فدعني احيا بهدوء "
قال بضيق " اكره هذا الياس لماذا لا تنظرين الى الغد عندما تلدين تلك الفتاة وتأتى للدنيا ماذا ستخبرينها ؟ ان امها اضعف من ان تواجه الحياة وانها لم تحاول ان تبحث عن الامل و.."
لقاطعته " كفى أشرف من فضلك كفى اتركنى حتى استطيع ان اتقبل الامر ربما عندما تأتى هى تكون سببا فى تغييري فدع الايام هى التى تفعل "
وضع الرجل الطعام فصمت الاثنان ولكنها اثناء الصمت اشتعلت حاسة السمع التى تقوى عند فاقدى النظر والتقطت اذناها صوته نعم انه هو لن تخطا ابدا فيه ...
وصل المانيا بالصباح الباكر كان قد عاد الى عمله محاولا الخروج من احزانه والم فراقها وربما انتصاره على تامر هدء من ثورة غضبه ولكنه لم يقتل احزانه
التقى مع اصحاب الفريسة التى اتى من اجلها وعاد الى الفندق ليتناول الغداء قبل ان يلتقى مع بعض رجال الاعمال فى المساء جلس فى صمت وهو يتذكر وجودها بجانبه وهى تتناقش معه بتفاصيل الصفقة ولكن اين هى الان ليته يستطيع ان يراها ولو لحظة واحدة ينظر لعيونها يلتقط شفتاها الرقيقة بين شفتيه فتعيد الحياة لنبض قلبه ولكن لن يمكنه ان يفعل فقد رحل بدون عودة
رن هاتفه برقم عدنان فأجاب " اهلا عدنان كيف حالك "
عندما انتهى من مكالمته وصل الغداء وقبل ان يتناوله سمع صوتها توقف وهو غير متأكد منه فسمع مالم يتوقعه
يتبع…
أنت تقرأ
صائد الصفقات وصغيرته
Romanceفجأة حجب أحدهم الضوء عنها فاستدارت إليه كان جسدا يافعا وقويا فى بدلة ثمينة كحلية اللون وعلى ذراعه بالطو بنفس اللون وبيده الأخرى حقيبة اعمال جلدية رفعت رأسها لتصل لقامة صاحب هذا القوام المتناسق كان ينظر إلى السيارات بفارغ صبر عرفته عشر سنوات مضت ومع...