الفصل الرابع والعشرين
دمرتنى
عندما سمعت صوته شعرت بالسعادة للحظة ولكنها ذابت عندما تذكرت الظلام الذى تحيا به .. وفجأة خطرت على بالها فكرة مجنونة ولم تتردد فى تنفيذها
اقتربت من اشرف وقالت بصوت منخفض" اشرف هل تحبنى فعلا ؟"
نظر اليها بدهشة وقال" ماذا ؟"
قالت " ارجوك اجبنى "
قال بحيرة " بالطبع يا رهف انتى تعلمين ذلك جيدا "
اغمضت عيونها قبل ان تفتحها وتقول " اذن لن تغضب منى فيما سأفعله اكيد لن تتخلى عنى وستساعدني"
لم تذهب الحيرة من عيونه وقال" لا افهم شئ "
قالت " فقط سامحنى فيما سأفعل ولا تتخلى عنى ارجوك اريد منك وعد "
صمت فحثته على الموافقة فاستسلم فتراجعت فى مقعدها وقالت بصوت مرتفع
“بالطبع يا اشرف احبك وبجنون اى امرأة لا تحب طبيب ناجح مثلك ومن اسرة معروفة ولكن انت تعلم ان عندى مشكلة وهى اننى متزوجة ولا اعلم اين ذهب ذلك الزوج ورحل "
تراجع اشرف دون ان يفهم اى شئ وقال " رهف انا .. انا لا اعرف ماذا اقول "
قالت وعيونها فى اتجاه صوت اشرف والتصقت بالمائدة حتى لا يظهر حملها فهى الان تهدم المعبد على نفسها وتدمره وتدمر كل شيء وللأسف لم تتراجع وهى تقول
“ لا داع لان تقول اى شئ انا مازلت ابحث عنه واكيد سأصل اليه ووقتها لابد ان يفهم اننى لابد ان أحصل على حريتى ولو كان بالمحكمة حتى يمكننا الزواج "
وهنا لم يستطع مالك ان يتحمل نهض واستدار فراها هى بالفعل تنظر الى ذلك الرجل بعيون لا معنى لما بداخلها.
تقدم ووقف امامهم فنظر اشرف اليه بحيرة ولكنه لم ينظر الى اشرف وانما اليها والغريب انها لم تنظر اليه وكأنها لا تراه الهذه الدرجة نسته عدة شهور قليلة اخرجته من قلبها وهو الذى يزداد الما لفراقها فى كل لحظة ،لم يصدق
سمعته يقول " اعتقد انه لا داع للمحكمة لو كنت اعلم ان هذه رغبتك لنفذتها على الفور "
ارتج قلبها داخل صدرها ولم يعد الظلام الذى يحيطها يكفيها لتهرب منه اليه وكأنها الان تتوه داخله تتخبط دون هدى ارتجفت يداها التى وضعتها بين حجرها لتخفى ارتجافتها وقالت دون ان ترفع راسها اليه
“ وها انت عرفت فلم لا تنفذ "
تراجع مالك من كلامها تلك الفتاة ليست صغيرته التى عرفها مال عليها وقال " رهف انتى تسمعين نفسك ..هل تريدين حقا الطلاق انتى من تمسك بي واراد الزواج انتى من .."
قالت بغضب حاولت ان يكون صادقا اخفت وراؤه ضعف شديد والم كبير " نعم كنت صغيرة وغبية ظننت وقتها انى احبك ولكنى ادركت بعدها انه كان مجرد اعجاب برجل مثلك ثم اكتشفت ان كل ذلك وهم خاصة بعدما عرفت بوجودك مع جى جى كان هذا اكبر دليل على سوء اختيارى وقتها فقط عرفت ان ماما كانت على حق انت لا تناسبنا فانت كما اخبرتنى رجل بلا دين او وطن رجل السكر والعربدة اليس هذا كلامك ؟ ثم ..ثم ماذا افعل انا مع ..مع رجل يكبرني بكل تلك السنوات ... انا ..انا اريد شاب مثلى يكون سننا متقارب كى يمكننا ان نتعايش ...كما واننى ادركت انك كنت ترغب فى الانتقام وقد فعلت وانتهت التمثيلية "
تراجع وهو لا يصدق ما تقوله امطرته بوابل من الرصاص اصابه بقلبه فارداه صريعا لا يقوى حتى على الرد او الدفاع، فقد النطق للحظات من هول ما سمع الى ان استجمع نفسه بصعوبة وقال بألم واضح وغضب عميق
" تمثيلية ؟حبي لكى تمثيلية تعلمين ان اكثر شئ فعلته بصدق واخلاص هو حبي لكى .. تعلمين اننى تغيرت بسببك امنت بأشياء لم اكن اؤمن بها ايضا من اجلك غيرت حياتى لك ولم اخونك بأى يوم انتى تعرفين ذلك والان تتحدثين عن ماذا ؟ "
اخفضت وجهها بألم لا يشعر به سواها وقالت " تأخرت جدا فى التغيير لاننى لم اعد اهتم به لم يعد وجودك يمثل لى اى شئ "
قال وقد بدء الغضب يتخلله " وجودى لا يمثل اى شئ انتى مدركة لم تقولين رهف افيقي انه انا مالك زوجك انا “
قالت بقوة استمدتها من رغبتها فى تحريره من امرأة عمياء لا تصلح له " انا ادرك كل كلمة اقولها ولن اتراجع من فضلك انه تلك العلاقة السخيفة التى لا معنى لها انت دمرت اسرتى وفعلت كل ما طاب لك والان انا لا اريد ان اكمل معك "
زاد غضبه وقال " من اجل هذا "
واشار الى اشرف الذى ارتبك وهو حائر بينهما وخفق قلبها بألم مما وصل اليه الامر لكن للأسف لم يعد من الممكن التراجع فهزت رأسها
فانقض على اشرف وامسكه من قميصه بقوة لفت نظر الحاضرين اليه بينما فزع اشرف منه وهو يقول بقوة " استاذ مالك انا "
ولكن مالك هتف بقوة " انا يمكننى ان اقتلك الان الا تعرف انها زوجتى كيف تجرؤ "
تمنت ان تنهض لتبتعد من امامه ولكنها لم تقو على الوقوف فقط اسرعت تقول بنفس القوة الغير حقيقية
“ مالك كفى هو يعلم انك زوجى ولو كنت تحبنى حقا كما قلت فأكيد ستريد لى حياة سعيدة وحياتي السعيدة ليست معك "
تراجع من كلماتها التى اوجعته وجعلت قلبه يزداد الما . السعادة؟ انه لم يتمنى لها الا السعادة وظن انها سعيدة معه
نظر اليها ولكنها لم تنظر اليه كانت تتعلق بأشرف لهذه الدرجة تريده وتحبه تراجع وترك اشرف الذى كان يحاول ان يتدارك الامر
بينما عدل مالك من جاكتته وقال وقد ادرك ان الامر اصبح حقيقة وليس وهم هو الذى خدع فيها فقال
“ من الواضح اننى انا من خدعت بك كان على ان اعرف ان طفلة صغيرة مثلك لا تفهم شيء عن الحب ولكنى لم اتدارك الامر ويبدو انك استطعت ان تخدعى مالك عرفان الرجل الذى لم يخدعه اى رجل او امرأة من قبل انتى فقط فعلتى خدعتينى وانا ..للأسف صدقتك وصدقت برائتك وطفولتك ولكنى الان نادم على كل لحظة عشتها معك وعلى كل ثانية صدقت فيها انك اردتينى مثلما اردتك ..ولكن لا لست انا من تهزمه فتاة مثلك لو كنتى رجلا لعلمتك درسا لن تنسيه وانتى تعلمين انه يمكننى ان افعل ولكن لا لست ذلك الرجل والان لابد ان ادفع ثمن تراجعى عن مبادئ فانا استحق وسأدفع كي استعيد نفسي ليس مالك عرفان من يخسر صفقة او ربما انتى بالنسبة لى كنت صفقة لا ربح من ورائها ولا خسارة لذا كى لا اخسر ..."
وصمت قليلا وهو ينظر بعيونها تلك العيون التى دمرته والان انتهى كل شيء اغمض عيونه من شدة الالم الذى يشعر به بقلبه ثم فتح عيونه قبل ان يقول بألم لم يشعر به من قبل يملأ صدره " انتى طالق ..طالق.. طالق "
نطق كلماته ورحل لم يعد يتحمل ان ينظر اليها وهى حتى تأبي النظر اليه وهى تخبره انها لا ترغب فى رؤيته قاد سيارته بسرعة جنونية مخترقا كل الاشارات غير عابئ بأى نظام حتى توقف بمكان بعيد منعزل وعاوده الشريط ليعيد كلماتها وقسوتها فاخذ يضرب المقود بيديه بقوة مرة وراء الاخرى حتى ادمى يديه فشعر بألم يضاهى الم قلبه فاسقط راسه على عجلة القيادة واغمض عيونه وهو يحاول ان يتحكم فى تلك الدموع التى ملأت عيونه
كيف صدقها وصدق براءتها كيف امكنها ان تخدعه وتغشه ولكنها لم تفعل فهى لم تخبره بانها تحبه وانما ارادت ان تخرج به من ازمتها مع امها فتزوجته ولكنها سلمته نفسها فماذا ؟..
الان لم يعد يفهم اين الحقيقة لماذا يا رهف لماذا فعلتى بي ذلك لم يمكن لأى امرأة ان تؤلمنى مثلما فعلتى انتى ؛لقد خرقت كل القواعد التى عشت عليها من اجلك منحتك قلبي رغم انى كنت اقيده بقيود من نار .. قبلت اهانات اهلك من اجلك ضحيت بحبي وتركتك من اجلك والان ماذا ؟ هل هذا هو المقابل الغش والخداع بالتأكيد
هتف بقوة " ااااه .. كفى "
ثم اخذ يضرب قلبه بيده بقوة ويقول " كف عن الالم لم اعد اتحمله ..انها لا تستحق لحظة الم واحدة كف عن النبض بحبها وعد لحياتك التى كنت تعيشها بدون دقات او نبضات عش وكأنك ميت كما كنت فهو افضل لن اسمح لك يا قلبي ان تؤلمنى اكثر من ذلك ولو استطعت لاقتلعتك من صدري حتى تتوقف عن حبها .."
مسح وجهه بيديه وفتح عيونه المغرقة بالدموع وقد قرر ان يعود لمالك الذى لم يكن يعيش الا للمال وبالمال ..ادار السيارة واتجه لأقرب نادى ليلي ودخل شرب كما لم يفعل بحياته كلها واخيرا التقطته امرأة عرفها بيوم ما جذبته الى بيتها الصغير لم يكن يفهم ماذا يفعل او يقول وكأنه غائب عن العالم تائه ضائع او كما كان يقول لا دين له ولا وطن ،ولكن ما ان جذبته المرأة لأحضانها حتى راها امامه فى صورتها التى عرفها اولا بريئة ،جميلة ورقيقة فانتفض مبتعدا عن المرأة اغلق قميصه وانطلق خارجا لم يعد يريد اى امرأة ايا كانت هى فقط من كانت تملأ فجوة الرضا والسعادة بحياته وها هى قد هدمت كل الآمال والاحلام فلم يتبق له الا الذكريات لتؤنسه فى طريق العزلة الذى قرر اتخاذه
ظلت جامدة بعد كلمات الطلاق لم ترمش جفونها حتى. اليس هذا ما ارادته فما هذا الالم الذى يأن بصدرها ..
سمعت صوت اشرف غاضبا " رهف ماذا فعلت ؟ انتى جننتى ؟"
اغلقت عيونها وتركت انفاسها تندفع من بين شرايين صدرها ربما تعيد اليها الحياة التى توقفت وقت نطق بطلاقها ولكن هل يحيي الماء النبتة بعد موتها؟
عاد اشرف يهتف " لماذا رهف ؟ لماذا تعلمين انه يحبك وانتى تحبيه فلماذا "
فتحت عيونها وقالت بصعوبة " من اجله لا يستحق امرأة مثلى لن اتقبل منه الشفقة لن اتحملها منه هو بالذات كان لابد من النهاية الطلاق هو الحل "
قال بنفس الغضب " مازلت زوجته وانتى تعلمين ذلك ما زلت بالعدة حتى تلدي"
صمتت لحظة وقالت " لا افهم "
قال " الا تعلمين انت حامل وما زلت بالعدة التي لا تنتهي الا بعد ان تضعي حملك يا رهف يمكنه أن يردك بأي وقت ما فعلتيه هو الجنون ولابد ان تعودى الى الصواب "
قالت بقوة " لا ..حتى ولو كنت كذلك فهذا بالنسبة لى امر لا يضرنى وانما بالنسبة له الطلاق واقع واصبحت ماضي لا يريد ان يتذكره ولن يفكر بردي ولا يعلم بحملي وهذا ما اردته "
تراجع اشرف وقال" يا لك من قاسية كيف تفعلين به ذلك انتى لم تشاهدى نظراته اليك و .."
ادرك كلماته بعد ان نطقها تراجعت وقالت بألم " لا ..لم اشاهدها يا دكتور لاننى عمياء والعمياء لا تليق برجل مثل مالك انا فقط من اعرف نوع المرأة التى يهواها وانا لن أستطيع ان امنحه اياها ولن احكم عليه بالسجن بظلامي للابد لست انا .."
ونهضت وهى تكمل " من فضلك اعدنى لغرفتي حتى موعد الطائرة"
ظلت جالسة على طرف الفراش جامدة لا تتحرك وهى لا ترى فى ظلامها الا صورته منذ ان راته اول مرة مرورا بكل ايامها معه ونهاية بالفراش الذى جمعهم ولحظات الحب والرومانسية و العشق ،لحظات كانت لها اسمى المعانى بينهما الان لن تستطيع ان تعيدها فقدتها الى الابد كما فقدته.. ليتك تعلم كم اهيم فى حبك حبيبي احببتك منذ رأيتك وعشت احلم بقلبك كنت اهواك دون ان تشعر بى وما ان اصبحت لى حتى فقدتك سامحنى حبيبى غصبا عنى المتك ولو كان بيدى لقتلت نفسي قبل ان اكون سببا بجرحك ولكن يوما ،يومان او ربما اسبوع ثم ستنسانى ستعود الى دنيتك صيدك الذى سيعيدك لنفسك اما انا فمن يعيد لى نفسي وانت نفسي ..
احاطت بطنها بيديها وقالت " حتى انتى يا حياة لن تستطيعى ان تعيدى لى نفسي انا كنت اعيش بداخله ارى بعيونه وانبض بقلبه والان ذهب قلبه فماتت روحى بدونه سامحينى ابنتى الحبيبة لو عجزت عن ان اكون الام التى تتمنيها سامحينى لانى حرمتك من ابوك ربما يعود اليك ولكن ذلك سيكون برحيلي "
شعرت بصدرها يؤلمها وذراعها الايسر يثقل ذاد الاحتراق بصدرها وتصبب العرق على جبينها وتقطعت انفاسها وضعت يدها على قلبها من ذلك الالم فى نفس الوقت الذى دق فيه الباب حاولت ان تنهض او ترد ولكن خانتها الدنيا واسقطتها فى دوامة الاحزان لتكمل بها دنيتها الجديدة من الالام
يتبع…
أنت تقرأ
صائد الصفقات وصغيرته
Romanceفجأة حجب أحدهم الضوء عنها فاستدارت إليه كان جسدا يافعا وقويا فى بدلة ثمينة كحلية اللون وعلى ذراعه بالطو بنفس اللون وبيده الأخرى حقيبة اعمال جلدية رفعت رأسها لتصل لقامة صاحب هذا القوام المتناسق كان ينظر إلى السيارات بفارغ صبر عرفته عشر سنوات مضت ومع...