الفصل الخامس

3.5K 102 3
                                    

الفصل الخامس
حياة الترحال
ما ان ارتفعت الطائرة حتى قال دون ان ينظر اليها " عندما تكفين عن الارتجاف اتبعينى "
نهض الى المائدة الكبيرة وفتح حقيبته الجلدية واخرج اوراقه .. تابعته لقد شعر بها وادرك ان خوفها يتملك منها لأول مرة تشعر بالضعف من هذا الرجل ولماذا يفعل بها ذلك وكيف لا يمكنها مواجهته والتصدى له ؟ لهذه الدرجة هى ضعيفة وتخاف منه هل لأنها تعرف انه كان زعيم لبعض الشباب الفاسدين فهذا يخيفها ؟
اغمضت عيونها وحاولت ان تستعيد نفسها وقوتها ربما يمكنها ان تتأقلم مع حياتها الجديدة
كان الغضب يتملكه من نفسه كيف تقاومه فتاة مثلها ؟ لقد اعتاد ان يأمر ويجاب دون جدال والغريب انها كلما زادت رفضا زاد اصرارا عليها ترى هل تستحق ؟..وهل فريسته هذه المرة رابحة ؟..
شعر بها تجلس امامه وسمعها تقول " انا لم ات لارتجف وانما اتيت لأعمل "
نظر اليها كانت نظرتها قوية رغم اثر الدموع بعيونها ولكنها اعجبته قذف اليها بالملف وقال" ادرسيه واخبرينى رأيك الليلة سنقابل احدهم وعليك ان تعرفى ما انت مقبلة عليه"
ترددت قبل ان تفتح الملف ولكن سرعان ما اخذها الامر واندمجت ووجدت نفسها تساله ويجيب ويتناقش معها تناولا الطعام اثناء العمل ولم يتنازل عن مشروبه المعتاد ولكنها لم تتقبل الامر وقالت
“ الن تتوقف عن هذا الشئ كما توقفت عن سواه ؟"
نظر اليها بقوة وقال" هناك اشياء لا اسمح لاحد بالتدخل فيها "
ثم نهض ليضع بعض من المشروب فنهضت اتجهت اليه وقالت
“ ولكنك افسحت لى المجال من قبل وتحدثت معى عن حياتك الماضية "
تجرع الكاس مرة واحدة ثم نظر اليها وقال" عنوانين فقط انت لا تعرفين الا عنوانين "
ضاقت عيونها ولا تعرف لماذا شعرت بأنه يخفى الكثير او ربما عانى الكثير فقالت
“ وهل للمشروب علاقة بشئ تخفيه ؟"
ابتعد وقال" رهف توقفى لا داع للحديث فى اشياء لا دخل لك بها "
اقتربت منه وشعرت بانها تريد ان تعرف اكثر فقالت " ماذا قصة حب ؟ ربما نور "
استدار بقوة ليجدها خلفه حدق بعيونها بقوة فلم تتراجع فهمس " الى هنا وتوقفى ولا تزيدى كلمة واحدة نور انتهت منذ ان رفضتنى والحب ليس من شيمى فكفى عن كلامك هذا ولنعد الى العمل افضل "
وتركها وعاد الى المائدة نظرت اليه لحظة وقد ادركت ان بحياة ذلك الرجل اسرار كثيرة وبالطبع ليس الحب احداها كما قال ولكنها تمنت لو عرفت تلك الاسرار 
وصلا الى نيويورك وعدلت ساعتها كما طلب منها كانت التاسعة مساء قالت وهو يقودها فى المطار
" موعدنا فى العاشرة اى لابد ان نذهب فورا "
كانت تتأمل المكان ولكنها قالت" أهكذا حياتك ؟"
“ ليس دائما ولكن اليوم انت السبب فى التأخير "
لم ترد وهو يفتح لها باب السيارة والسائق يضع الحقائب بالخلف جلس بجانبها وقال بإنجليزية واضحة " الى الفندق جون "
نظرت اليه وقالت" انت تتحدث الانجليزية "
نظر اليها وقال" بالتأكيد هى اللغة الاساسية فى كل بلد اذهب اليها "
قالت " ولماذا تحتاجنى ؟"
ابعد عيونه وقال بضيق " تعرفين الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية واعتقد اليابانية فلماذا احتاجك اذن ؟"
ابعدت وجهها وشعرت انها سخيفة التفتت الى المدينة كانت رائعة سمعته يقول " ربما نملك بعض الوقت لمشاهدة المدينة لو لم نرتبط بموعد غدا "
قالت " اى موعد ومع من ؟"
اعطاها اجندة صغيرة وقال " هؤلاء ارقام السماسرة الذين اتعامل معهم وعنوانهم الالكترونية وعليك متابعتهم باستمرار للبحث عن الفريسة الجديدة "
توقفت السيارة امام احد الفنادق الفاخرة فقال " امامك نصف ساعة لتغيير ملابسك قبل ان نلتقى بالرجال هيا "
كانت غرفتها صغيرة ولكنها مريحة وجميلة غيرت ملابسها بسرعة واعدت الاوراق وتركت اللاب الخاص بها الى ان تبدء العمل عليه وما ان انتهت حتى تحركت الى الاسفل لتبحث عنه وجدته يقف فى احد اركان الاستقبال وامرأة يافعة شقراء تقف امامه وتستند بيديها على صدره وقد غير ملابسه الى بدله رمادية وقميص ابيض فتح أزراره كالعادة..  والمرأة تعبث ببشرته البرونزية توقفت وهى تشعر بالضيق وهو ينظر للمرأة باهتمام ثم رأت المرأة تشب على اطراف اصابعها وتحيط عنقه بيديها وتقبله قبله طويلة استجاب هو لها لحظة ثم ابعدها بلطف ابتسمت المرأة له ثم ابتعدت لم يتابعها بنظره وانما عدل جاكتته ورفع رأسه ليراها تتابعه من بعيد وقد احمر وجهها
اتجه اليها ووقف امامها وقال" احمر وجهك من قبله ترى ماذا سيحدث لك اذا رأيت اثنان يمارسان الحب امامك "
اتسعت عيونها وفتحت فمها لترد فابتسم وقال" فتاه بسنك هنا ولم يقبلها شاب تكتئب وتعتبر نفسها عانس "
استدارت لتعود ولكنه امسكها واعادها امامه وقال" الن تكفى عن تصرفات الاطفال هذه عليك ان تعتادي على مثل تلك الامور انت بأمريكا ولست بمصر "
ابعدت ذراعه وقالت" اولا انا لست طفله ثانيا الاخلاق ليس لها وطن وانما هى موجودة بداخل كل واحد يعرفها ويؤمن بها ومهما تنقل من بلد لأخر فهى تصحبه وتظل معه واذا لم تتوقف عن كلامك هذا فلن ابق معك ولتعتد انت على أخلاقي ومبادئ وليس العكس "
حدق بعيونها لحظة قبل ان يقول " حسنا دعينا نذهب الان ولنكمل محاضراتك هذه لم بعد "
وتحرك مبتعدا فانتظرت قليلا فتوقف ونظر اليها فتحركت بجانبه وهو يشعر بحيرة تجاه تلك الفتاة التى ادخلها حياته لتحدثه عن الاخلاق والمبادئ التى نساها منذ سنوات كثيرة
ادركت ان اللقاء مع مدير الفندق وهو نفسه الفريسة التى اتوا من أجلها كان اللقاء واضح وجرئ فى البداية تابعت من بعيد ولكنها بدأت تشارك لم يهتم برأيها فى البداية وتجاهلها ولكنها لم تستسلم وعاودت التدخل بقوة اكبر وذكاء واضح وثقة اعجبته ..
انتهى اللقاء وخرج الاثنان نظر اليها فقالت " ظننت انك ستوافق "
لم ينظر اليها وهو يشعل سيجارته ثم قال " السكوت ليس علامة الرضا عندى وانما علامة التفكير وانا لا احب ان يلوى احدهم ذراعى وهو حاول ان يفعل فتركتها له ليشبع بها "
ابتسمت وقالت" ولكنك تعلم انه سيتصل بك ويوافق على عرضك "
لم ينظر اليها وقال " ربما هيا الوقت تأخر يمكنك الذهاب لغرفتك طابت ليلتك "
اوقفته قائلة " وانت الن تنام ؟!"
نفخ الدخان بعيدا ثم نظر اليها وقال" لا ليس الان انا لم اعد تلميذ لأنام مبكرا لدى خطط اخرى للسهرة ولا داع لنخوض فى حديث ترفضيه ..لا تنسي ان توقظينى بالصباح "
وتركها وذهب وهى تشعر بالغيظ فبالتأكيد يقصد تلك المرأة هل سيمضى معها ليلته ولم لا وهى كانت تعلم انه كان يقيم علاقات مع البنات ايام الكلية عاودها الغضب فاتجهت الى غرفتها اخذت حمام وطلبت عشاء تناولته وهى تفتح العناوين الالكترونية على اللاب وقد اعجبها العمل الجديد
فى الصباح الباكر استيقظت على صوت المنبه اوقفته ثم نهضت لا تعلم لماذا ارادت ان تواظب على الصلاة وتذكرت والدها عندما قال لها
“ اذا وجد الانسان نفسه وسط الضياع فعليه ان يتمسك بدينه ثم اخلاقه فمنهما يستمد القوة على مواجهة اى شئ ولن ينهار امامه، الصلاة يا ابنتى  ..الصلاة اقوى سلاح نواجهه به شرور انفسنا ومجتمعنا وكل ما يواجهنا فهى تقينا من كل شئ "
اغمضت عيونها وتوضأت وصلت ودعت الله ان يحفظها فى هذا المجتمع الجديد والا تفقد ايمانها او اخلاقها مهما حدث ..
اتصلت به فى التاسعة لم يرد فعاودت الاتصال فلم يرد ارتدت ملابسها وطلبت الافطار ثم عاودت الاتصال به واخيرا رد بصوت عميق فقالت
“ من الواضح انك سهرت كثيرا "
اعتدل فى الفراش وقال" نعم كانت سهرة مثيرة وجميلة و.."
ابعدت السماعة ثم عادت وقالت" الساعة التاسعة والنصف وانا حددت موعد لك مع احد السماسرة على العاشرة والنصف فارجوا الا تتأخر "
واغلقت الهاتف نظر الى هاتفه وابتسم وقال" طفلة ..ولكن تعجبنى فى تفكيرها وجديتها بالعمل لم اخطأ فى الاختيار "
كانت تجلس بالاستقبال تعبث باللاب عندما رأته يتقدم منها بشعره المبلل وسترته البنية على بنطلون جينز اعجبها مظهره ولكنها لم تبدى الاهتمام وهو يجلس امامها ويقول
" تفاصيل "
ابعدت اللاب وبدأت تشرح له ما وصلت اليه تناول قهوته مع سجائره وهو يسمعها وما ان انتهت حتى قال " وحددتى الموعد دون ان ترجعي لى "
قالت بثقة " ومن اين كنت سآتى بك وهاتفك مغلق حتى الثانية صباحا والفريسة كادت تضيع منى ؟"
احال دخانه بينهما بينما قال وهو يقترب منها " على فكرة هذه حياتى منذ القدم ولا تخبرينى انك لا تعرفين عنى ذلك فلا تحاولين ان تخبرينى الان ان ما افعله خطأ وتبدأين بالمواعظ "
ابتسمت بخبث وقالت " ومن قال انى سأفعل انت رجل كبير بالغ وعاقل ولست بحاجة لطفلة مثلى لتنصحك هى حياتك افسدها كما تشاء والان هل نذهب ام تحب ان الغى الموعد ؟"
تراجع امام قوتها الجديدة اين ذهب خجل البنات واين ذهب ارتجاف يدها من المجهول الان تتحدث كأفضل مدير اعمال ولا تعبأ لأفعاله الشخصية أطفأ السيجارة بغيظ ونهض وهو يقول
" لا اظن ان تلك الفريسة يمكن ان تضيع منى ثم انها اول فريسة لك دعينا نتذوقها "
قامت وهى تغلق اللاب وتتحرك امامه بثقة غريبة لا تعلم من اين اتت بها ربما من ادراكها أنها بدأت حياة عمليه جديدة وتريد ان تنجح بها او ربما لان صلاتها اعادت لها ثقتها بنفسها واحساسها ان الله اكيد سيكون معها
تأمل الاثنان السفينة التى اصبحت مهجورة الى ان قال" اعتقد انها تستحق "
قالت" لا اعلم اشعر انها ستحتاج الى الكثير من العمل والمال "
ساعدها على النزول ثم نظر للسفينة وقال" اعلم ولكن اسمها وسمعتها سيأتينا بمشترى جيد يعوضنا التكاليف المالية هيا دعينا نذهب "
تناقشا كثيرا فى الامر وتقابلا مع بعض الاشخاص الذين يعرفونه ولكنهم ليسوا اصدقاء مقربين مجرد معارف بالعمل.. تعرفت عليهم وتناولوا الغداء جميعا ولاحظت نظرات احدهم لها فتضايقت ولكنها لم تبد الامر الى ان انتهوا وكادوا يذهبون فاقترب منها الرجل وقال
“ تسمحين لى بدعوتك على العشاء الليلة "
لاحظت ان عيون مالك تتبعها ولكنها لم تهتم وقالت" لا شكرا عندى عمل "
كادت تتحرك لولا ان امسكها الرجل من ذراعها وقال" اذن غدا "
ابعدت يده وقالت بضيق " لا اليوم ولا غدا ولا اى يوم انا لا اخرج مع احد عن اذنك "
عاد الرجل ليمسكها ولكن يد مالك كانت اسبق وأمسك يده بقوة وقال " اخبرتك انها لا تخرج مع احد اذن لا داع للغصب "
نظر اليه الرجل وقال وهى تلتفت لتتابع بدهشه " مالك ماذا اصابك اترك يدى ولا تتدخل الامر لا يعنيك "
لم يترك مالك يده وقال" يبدو انك نسيت انها مساعدتي وأمرها يهمنى وهى ليست كمن تعرفهم فابتعد عنها "
ولكن الرجل قال وهو يخلص يده من يد مالك " ولكنك تعرفها وانا اعرف نوع النساء اللاتى تعرفهن فلا داع لادعاء البراءة "
ضربه مالك بقبضته بقوة فى وجهه فنزف انفه امسك الرجل انفه بينما امسكه مالك من قميصه وقال بغضب
“لا دخل لك بى وبمن اعرف وهى خط احمر لا تفكر فى تجاوزه هل تفهم دان ؟"
ثم تركه وابتعد دون ان يتدخل أحد بينما امسكها من يدها وجذبها معه الى الخارج واركبها السيارة وقاد فى غضب لم تملك هى ان تقطعه .
اوقف السيارة امام بحيرة صغيرة كان حولها اشخاص فى شكل ثنائيات اشعل سيجارة وقال
“ هل ننزل لا مواعيد عندنا اليس كذلك ؟"
قالت وهى لا تعلم ماذا يدور بذهنه " نعم لا مواعيد الا فى التاسعة مساء "
لم ينتظرها ان تنتهى ونزل من السيارة وتحرك الى الرمال التى تحيط بالبحيرة تبعته وهى تحاول ان تفهم ذلك الرجل
وقفت بجانبه تحترم صمته انهى سيجارته وقال" على فكرة ما حدث اليوم سيتكرر كثيرا فيما بعد فلا داع لان توزعى نظرات الاعجاب على من حولك فالنظرات هنا لها معان مختلفة "
تراجعت من كلماته هل يظن انها هى من اثار الرجل قالت فى ذهول
“ انت جاد هل تظن اننى انا التى .."
نظر اليها بغضب وقال" انا لا اعرف سوى شئ واحد ان المرأة هى التى تفتح الباب للرجل وهى التى تقدم له الدعوة ولو لم تفعلى لما تجرأ دان على دعوة امرأة تخصنى "
شعرت بإهانة فاستدارت لتبتعد لن تتجادل معه ولكنه امسكها من ذراعها واعادها امامه وقال بقوة
“ عندما اتحدث معك لا تتركينى ابدا هل تفهمين ليس معنى انى تعاملت معك بطريقة ودية اننى اتساهل مع الخطأ وتنسي نفسك واننى انا مديرك المباشر وانا من سيدفع لك وعليك احترامي وتتوقفي عن تصرفات الاطفال هذه وتقدري المكانة التى وضعتك بها انا لن اتحمل تصرفات الاطفال هذه كثيرا "
دمعت عيونها غصب عنها وقالت " انا لا اتصرف كالأطفال ولم انس انك رئيسي المباشر وانك تفضلت على ومنحتني العمل لتنقذنا بأموالك ولكنى لم اطلب مساعدتك ولست بحاجة اليها ولا اريد ان اعمل عندك بعد اليوم واعتبرني مستقيلة "
وابعدت ذراعها منه وابتعدت والدموع تغطى الرؤية امامها ..ولكنه لحق بها ووقف امامها وامسكها من ذراعيها وما ان رأى انهيار دموعها حتى اغمض عيونه واشاح بوجهه ثم نظر اليها وقال
“ على اساس انك تملكين حرية الاختيار فى ترك العمل او اننى سأسمح لك بالذهاب هكذا "
لم تبعد ذراعيها وانما قالت " انت لن تتحكم فى حياتى وانا لم  ادخل حياتك وانما انت من دخلت حياتى وجذبتنى غصبا لحياتك لم افرض نفسي عليك والى هنا وكفى انا لا اريد ان اكمل لن اقبل اهاناتك هذه "
حاولت ان تتحرك ولكنه شد على ذراعيها وقد ادرك انه تجاوز معها فقال " ليست اهانات انا فقط كنت غاضب مما حدث انا اعرف هذه الاشكال جيدا ولابد ان تتعلمى كيفية التعامل مع امثالهم "
قالت " اكيد سأتعلم ولكن ليس بهذه الطريقة "
هز راسه وقال " حسنا انا اصلا لن اعرضك لمثل هؤلاء الأشخاص مرة اخرى فخبرتك بالحياة لن تماثلهم "
زاد ضيقها وقالت بعصبية " كف عن معاملتى كالأطفال "
ابتسم وقال" يعجبنى شكلك بدموعك ووجنتيك الحمراء هذه فكيف لا اعاملك كالأطفال وانتى الان تبدين مثلهم "
خلصت ذراعيها منه وقالت " اذن اتركنى "
ضحك لأول مرة بصوت مرتفع وقال وهو مازال يسد طريقها" حسنا اهدئى ودعينا نتناول بعض القهوة بتلك الكافية الصغيرة هناك فهى تقدم قهوة امريكية رائعة "
نظرت اليه ولأول مرة يمد اصابعه على وجهها ويمسح دموعها ..ولكنها ابعدت وجهها واخفضت عيونها ادرك خجلها فابعد يده واندهش من نفسه وكأنه يشعر انها طفلته الصغيرة المسئولة منه ابعد عيونه وقال وهو يجذبها من يدها
“ هيا تعالى "
كانت الكافية جميلة فعلا بمكانها المطل على البحيرة والشمس التى بدأت تنساب من اعلى السماء الى مستقرها على صفحة البحيرة الساكنة نظر اليها وقال
“ لم تخبرينى رأيك عن فريسة اليوم "
قالت" اظن انها مكلفة ولكنها ربما تكون مربحة كما قلت انت لا اعلم انت اكثر خبرة ودراية "
وضع الرجل القهوة واشعل هو سيجارته وقال" الايام علمتني ان الخبرة مكانها التجربة اذن سنجرب لتزدادي خبرة "
نظرت اليه وقالت" الايام علمتك الكثير "
نظر اليها وقال" اكيد "
قالت" ومصر ؟"
لم يبعد عيونه عنها وقال " ماذا عنها ؟"
قالت" لم تعد تمثل لك شئ اليس كذلك ؟"
تناول القهوة مع سيجارته وانتشر الدخان حوله لم يكن يحب الحديث عن حياته ولكن امامها احب الحديث وكأنها ابنته التى يحتاج لان تسمعه فقال
“ من قال ذلك ؟.. مصر هى كل شئ بالنسبة لى حتى ولو عشت حياتى كلها بعيدا عنها سأظل دائما راغبا فى العودة إليها ولو فكرت يوما فى ان استقر فسيكون بها"
“ ظننت انك لا تحب التواجد بها ربما لا تحب ذكرياتك بها "
ابعد عيونه وقال" تصرين على اثارة غضبي وضيقي "
قالت" اسفة لم اقصد ولا اجبرك على شئ"
نظر اليها وقال" هى فترة من حياتى لا احبها ولطالما تاهت منى وسط الايام ولكن لم استطع ان انساها .. وانت تبدين وكأنك تعرفين عنى كل شئ اليس كذلك ؟ اذن لا تنبشين فيم لا يسعد احد أخبرتك من قبل الا تخوضي في تلك الامور يكفى ما تعرفيه اولا تعرفين الكثير "
اخفضت عيونها وكأنها تستسلم له وقالت" نعم اعرف البعض فنور تحدثت عنك كثيرا لأنك كنت تتوقف فى طريقها كثيرا كنت تحبها ؟ "
تناول ما تبقى من القهوة ونفخ سيجارته وقال بضيق" وماذا ايضا تعرفيه عنى ؟ ام ان معرفتك لي توقفت عند نور؟ الم تخبرك عن حياتى الشخصية وسبب فقرنا الذى رفضني والدك بسببه ولان ابى كان عامل بأحد المصانع وكان يكسب ما يكفينا لنعيش حياة جيدة ولكن الحظ السيء بدء يحط على شاطئ بيتنا فأصيب ابى اثناء العمل اصابة بالغة قضت على ذراعه واصبح معاقا رفض التعويض حفاظا على كرامته وطبعا شاب فاسد مثلى لم يكن بالقدر الكافي لتحمل المسئولية فزدت همومه وبدلا من ان اعوضه انا اصبحت هم اخر وزاد مرضه وبالطبع لم املك اى اموال كى احصل له على طبيب او دواء .. ولم افيق من دنيتي الفاسدة الا وانا اقف امامه والموت قد انتصر عليه وجذبه منى ومن دنيتى وقتها فقط ادركت ان الحياة انتهت وانتهى معها مالك الذى خسر كل شيء ؟"
اشعل سيجارة اخرى وقد ابعد عيونه الى البحيرة التى ابتلعت الشمس وحط الليل على الدنيا من حولهم وكأنه نفس الظلام الذى أحاط حياته وقتها
للحظة احترمت صمته وشعرت ان الذكرى تؤلمه واخيرا قالت " احببته ؟"
لم ينظر اليها وقال" وهل يوجد ابن لا يحب والده؟"
اخفضت وجهها فقد كان على حق ثم عادت وقالت" ووالدتك اين دورها ؟"
نظرة غاضبة تلقتها منه واشتعل الغضب داخله ولكنه حاول الا يخرجه ابعد عيونه عنها الى ساعته وقال" انها السابعة لنذهب لنغير ملابسنا قبل موعدنا "
تحرك فقامت وهى لا تعرف سر غضبه او ربما سر والدته ..
مرت الايام بعد ذلك فى نفس الوتيرة ولكن تنقلا الى الكثير من البلدان واندمجت معه فى العمل تمتعت جدا بالسفر وكانت حريصة فى تصرفاتها وحاولت الا تبدو طفلة صغيرة كما كان يناديها.. ولم يبخل هو عليها بمشاهدة بعض الاماكن ولم تشعر بالضيق من تلك الحياة وربما ذلك هو العمل الذى تمنته يوما ..بينما اصبحت تذاكر فى اوقات فراغها ولم تعرف كيف سيمكنها إجراء الامتحانات ولكنه طمنها فلم تعد تقلق ،وكانت تطمئن على اهلها بالهاتف ثم تهرع اليه لتتعلم منه فقد ادركت كم هو صائد محترف ولا يخسر ابدا وارسلت كل ما كانت تحصل عليه من اموال الى عمها فهى لم تكن بحاجة لأى اموال فمالك كان يتكفل بكل مصاريفها واعتادت على وجوده بحياتها بل وكانت تتضايق عندما تعرف انه يبيت بين احضان امرأة ممن يعرفهم او لا يعرفهم ولكنها حاولت الا تهتم لان الامر لا يخصها وركزت فى عملها فتعلمت الكثير فى وقت قصير واصبح لديها دائرة كبيرة من الاشخاص على النت واصبحت شغوفة بتلك الحياة ولم تعد تفكر انها مجرد فترة تجريبية وانما اصبح الامر كل حياتها
اغلق هاتفه واتجه اليها وقال وهو يراها منكبة على اللاب كعادتها " جيم يريد لقائنا غدا لقد وافق على عرضنا "
ابتسمت وهى تنظر إليه وقالت بسعادة " حقا؟"
جلس امامها وقال " الفضل لك كيف اقنعتيه ؟"
احمر وجهها وابعدت عيونها وقالت" فعلت كما قلت لى خضت التجربة لاتعلم منها "
لمعت عيونه وهو يراقب خجلها تلك الطفلة اصبحت تتعلم بسرعة كل يوم يتأكد من انه لم يخطأ فى اختياره لها
قال " اذن انت تلميذة ممتازة هل تخبرين طائرنا اننا راحلون الليلة "
هزت رأسها وقالت" حالا "
قال وهو يتابعها وهى تعبث باللاب " الم تشتاقي لمصر ؟"
نظرت اليه لحظة قبل ان تقول " انت اشتقت لها ؟"
لم يبعد عيونه عنها وهو يقول " جزء من مصر معى فلم اشتاق بعد اليها "
حدقت بعيونه الزرقاء الجميلة وهى تحاول ان تفهم اى شئ منها ولكن ككل مرة لم تستطع ان تفهم اى شئ
عاد وقال" يمكننى ان امنحك يوم اجازة للقاء اهلك اذا اردت "
هزت رأسها وقالت" لا انا اراهم واطمن عليهم فيديو كول فلا تقلق اتدبر أمورى جيدا "
قال " ووالدتك و.."
عندما لم يكمل قالت بحدة " ونور لم لا تكمل اطمن هى بخير واولادها ايضا وزوجها يمنحها كل ما تمنت بحياتها فلا تشغل بالك بها "
اشعل سيجارته وقال " هذا جميل ربما نزورهم قريبا "
شعرت بالغضب يملأ صدرها مازال يفكر بها وربما حبها يملأ قلبه حتى الان أبعدت عيونها كى لا يكشف ما بداخلها فهو يقرء افكارها
قالت" ربما ..انا اخبرت الطيار بالرحلة سينتظرنا على السادسة عن اذنك سأجهز نفسي "
امسك يدها وهى تنهض وقال" هل ضايقتك فى شئ؟"
نظرت اليه بشدة ثم قالت وهى تبعد يدها " لا ابدا عن اذنك ليس لدينا وقت "
وتركته ورحلت وهو يتابعها بعيونه وقد شعر بتغيرها الغريب الذى يتبدل بلحظة من النهار المشرق الى الليل المظلم
يتبع…

صائد الصفقات وصغيرتهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن