الفصل السادس عشر

3.2K 105 5
                                    

الفصل السادس عشر
عودة
واخيرا هدئت عاصفة الامومة والبنوة والتئمت الجروح وتعافت الصدور ابعدها برفق فقالت وهى تنظر اليه " اخبرنى انك سامحتنى حبيبي ارجوك اريد ان اسمعها منك ارجوك "
اخفض عيونه ثم قال " سامحتك .."
ابتسمت وتنهدت براحة وقالت " اراح الله قلبك حبيبي ..هيا اعدنى الى بيتى لتعود لحياتك وزوجتك انا هكذا ارتحت "
ابتعد واعتدل فى جلسته وقال " لن تعودى لأى مكان انسي ما كان وانا سأدبر الامر"
نظرت اليه وقالت " لن اقيم معكم ببيتكم احب ان اعيش وحدى "
ابعد وجهه وقال " ليس لى بيت انا اقيم بالفنادق لاننى لا ابق ببلد واحد هكذا هو عملى "
تراجعت الام وقالت بدهشة " كيف ذلك وزوجتك ؟"
حدق بالمرأة فهو لم يفكر ابدا بانها يمكن ان ترغب ببيت او سواه فقال " هى تعلم وضعي وتوافق عليه هى بالأصل شريكتى بالعمل من قبل زواجنا "
قالت المرأة" اذا كانت ترضي فهى تفعل من اجلك لكن ليس هناك امرأة لا تتمنى ان يكون لها بيت واسرة واولاد "
نهض واشعل سيجارة وقال مغيرا الموضوع " تحدثتى عن رغبتك فى العودة لمصر اذا شأتى اعدتك ووفرت لك بيت وحياة هادئة "
قالت " اتمنى بالطبع ولكن انت لن تتحمل كل ذلك من اجلى لك حياتك حبيبي "
لاح شبح ابتسامة على شفتيه ثم قال " اذا كنتى تعنين الاموال فلا تقلقى لدى منها الكثير من الغد نعد اجراءات عودتك وعندما تتعافين نعود "
نظرت اليه وقالت " سنعود ؟ هل ستعود معى انت وزوجتك "
قال " ربما هيا ارتاحى الان وانا سأدبر الامر "
قالت " لا حبيبي انا اريد البقاء هنا وان اردت العودة ساخبرك "
هز رأسه وكاد يذهب لولا ان نادته " مالك .."
نظر اليها فقالت " زوجتك مصرية اليس كذلك ؟"
هز رأسه فقالت " حافظ عليها حبيبي انها جميلة ورقيقة وحنونة "
هز رأسه ثم تركها وخرج ليبحث عن رحيق حياته
عندما خرج كانت تقف امام النافذة لم تشعر به عندما خرج ولكنها فزعت عندما لمس كتفها فاستدارت منتفضة فتلقاها بين يديه مبتسما وهو يقول
" اين ذهبت صغيرتى وفيمن تفكر ؟"
وضعت يدها على صدره ورفعت راسها لتنظر لقامته الطويلة وقالت " فيك ..وفى والدتك ماذا حدث "
امسك يدها وقبلها وقال" كيف تسالين وانتى تعلمين ماذا حدث فانتى سبب كل ما حدث"
تحركت عيونها زائغة بين عيونه وقالت " لا افهم اى شئ ماذا حدث مالك هل أسأت انا التصرف فى شئ "
انسابت يده بين خصلات شعرها وقال " وهل تخطئ الملائكة او تسئ لاحد صغيرتى ؟"
ابتعدت من امامه وخرجت من حضنه بصعوبة وقالت " والان تهزء بى "
فجأة احاطها من الخلف وشعرت براسه تنساب على عنقها فارتعش جسدها وهى تشعر بانفاسه تتخلل بشرتها وتثير الضعف فيها
همس " تعلمين انى لا افعل ..رهف انا لا اعلم لماذا منحنى الله فتاة مثلك وانا كنت اعصاه فى كل شىء"
زاد ضعفها فأغمضت عيونها لتستمتع بقربه منها اعادها امامه فنظرت لعيونه وقالت " لأنه يعلم ان داخلك رجل افضل مما يحاول ان يبدو "
ابتسم وقال " لا يمكن ان تكونى فتاة التاسعة عشر "
قالت بضيق " عشرين انا لست صغيرة "
وانفلتت من بين ذراعيه ومن المرات القليلة تسمعه يضحك بقوة ادهشتها وهو يقترب منها ويقول " لكن بالنسبة لى ستظلين صغيرتى وصغيرتي انا فقط هيا ارتدى ملابسك سنتناول العشاء بالخارج لقد نامت وليست بحاجة اليك "
ذهب غضبها بلحظة وهى تسمع كلماته فقالت " حقا سنتناوله سويا يمكن ان نفعل هنا كى لا نترك والدتك "
ابتسم وقال" اخبرتك انها بخير هيا دعينا نذهب تعلمين انى لا احب البقاء بالغرف كثيرا هيا قبل ان اغير رأى واذهب وحدى "
اسرعت الى الغرفة وقالت " انا انتهيت بالفعل "
ابتسم ثم قال " رهف .."
توقفت ونظرت اليه فقال " ارتدى الفستان الاحمر الطويل "
احمر وجهها وهى تهز رأسها بسعادة وانطلقت لتلبي رغبته وتعيش تلك السعادة التى تدق ابوابها ربما قررت الايام ان تمنحها بعض السعادة وربما دق قلبه لها اخيرا ولم لا ؟ والا لماذا زاد قربه منها وقبلاته لها ونظراته الجديدة هل حقا يمكنها ان تحلم بقلب ذلك الرجل الوسيم
اهتمت جدا بنفسها تلك الليلة فاختلفت تماما نظر اليها عندما وقفت امامه كانت برنسيسة فرنسية تأملها من اعلاها الى اسفلها نظرة رجل يعلم عن النساء الكثير اخجلتها نظراته هو يعلم انها جميلة ولكن ربما ينسي فى خضم الاحداث انه هو الذى يملك تلك الجميلة
اتجه اليها بعد ان اغلقت الباب واستدارت لتجده خلفها نظرت اليه فقال " انا اتراجع عن رغبتى فى الخروج لا يمكننا ان نذهب "
تراجعت وقالت "  لا ..لماذا ؟"
ابعد الخصلة الهاربة من اخوتها عن عيونها وقال " لاننى ارفض ان يري احدهم هذا الجمال لن نذهب "
اخفضت وجهها فعاد يكمل " اتعلمين لم ارى امرأة من قبل جميلة فى كل صورها مثلك "
نظرت اليه فاكمل " عندما ترتدين ابسط الملابس اراكى فاتنة والان ترتدين افخمها وايضا تبدين كالملكة على مملكة النساء جميعا "
دقات قلبها اوجعتها فقالت " كفى مالك انا لا اتحمل كل ذلك "
امسك يدها وقبلها وقال " اما براءتك هذه فهى سبب ضعفى امامك "
اهتزت من كلماته وقالت " لم اراك يوما ضعيفا كنت وستظل بالنسبة لى حصنى وأماني وسر قوتى "
قبل يدها وقال " كيف تهزمينى دائما بكلماتك الصغيرة هذه لم يستطع احد من قبل ان يفعل انتى فقط صغيرتى من فعل "
ابتسمت وقالت " لأنها كلمات صادقة مالك وحقيقية دون زيف "
تأمل عيونها وقال " لولا انى رأيت السعادة بعيونك عندما اخبرتك بالخروج لما اخرجتك من هذا الباب ولحبستك هنا الى الابد "
قالت ببراءة " سعادتى ليست فى الخروج وانما لأنى سأكون معك "
اغمض عيونه لا تفعلى بي ذلك يا فتاة اللعب بالنار يحرق وانا لا اريد ان يلمسك حتى الهواء فتح عيونه وقال
"وانا ايضا صغيرتى هيا تعالى اعد لك ليلة ستعجبك "
امسك يدها بقوة فتركتها لله بسعادة وانطلقت معه ربما تشبع قلبها وتهدئ نوبات حبها ... لم تظن انها ستستمتع هكذا لقد تناولا العشاء على ظهر يخت وسط البحر وتحت ظل السماء الصافية وتلك النجوم تنظر اليهم فى ترقب  متى سيصرح كلاهما للآخر بحبه وانسابت الانغام الرومانسية من حولهم استأجر اليخت لهما هما الاثنان فقط لن يشاركه احد تلك الليلة فهى له وله هو فقط اميرته الفاتنة
جلست على طرف اليخت ولحق بها جلس خلفها وقال " اعجبك "
تنشقت نسيم الليل المختلط برائحة البحر وقالت " جدا تعلم انى احب البحر "
مرر يده على شعرها وقال " ومازلت اتذكر رغبتك بالسباحة وسنفعل اكيد "
نظرت اليه كان ينظر اليها بنظرة حنان ابتسمت وقالت  " وانا انتظر ..هل سامحت والدتك ؟"
قال " نعم "
نظرت اليه وقالت " الحمد لله انا متأكدة انك الان تشعر بالراحة "
قال وهو ينظر اليها " ربما اتعلمين ماذا اريد ؟"
قالت " ماذا "
“ ان اعود لسنوات كثيرة مضت كنت اضع راسي على قدميها واغمض عيونى وانسي العالم من حولى "
ابتسمت ولم تعرف كيف وضعت يدها على وجهه فأحاطها بيده وقبل راحة يدها وقال " اريد ان انسي العالم رهف "
ثم اعتدل ووضع راسه على قدمها وتمدد وهو يغمض عيونه داعبت شعره بحنان وقالت " فلتفعل مالك ولا تدع اى شئ يمنعك "
احتضن يدها وفتح عيونه وقال "
لا اعلم ماذا يحدث لى وانا معك وهل يمكن لمالك عرفان الرجل الذى لا قلب له ولا وطن ان يضعف امام فتاة جميلة ورقيقة مثلك من انتى وماذا فعلتى بى ؟"
ابتسمت وهى تمرر يدها على وجهه بحنان وقالت " انا رهف صغيرتك التى ادخلتها حياتك فلم تستطع ان تخرج منها ولا تريد ان تخرج "
قبل يدها مرة اخرى وقال " كلامك هذا اخطر من نيران العالم كلها يحرقني من داخلى "
قالت " اخبرتك ان تكف عن كلامك هذا الان نحن بحياة اخرى جديدة بعيدا عما كان وعلى ابواب ما سيكون فدعنا نعيشه دون مقاومة ربما نسعد به ونجد ما حرمنا منه "
رفع نفسه ليواجه وجهها وقال " اخبرتك انى اضيع بين كلماتك صغيرتى "
ابتسمت فجذبها اليها ليشبع احساسه الجارف تجاه قبلتها التى تمنحه الشجاعة على البقاء فعندما تلمس شفتيه شفتيها تتساقط الذكريات وتختفى الاجواء وتلتهب المشاعر وترتفع الصدور بالأنفاس ابعدها برفق وهمس " رهف انا .."
كاد يصرح بكلمة الحب لولا ان رن هاتفه ففزعت هى فتراجع واخرجه ليرى رقم خارجى فقال " انه من مصر "
اجاب فجائه صوت امرأة تقول " انا جدة رهف هل يمكن ان احدثها تليفونها مغلق "
اجاب على الفور " نعم بالطبع "
اعطاها الهاتف وقال وهو ينهض "انها جدتك "
ابتعد ليمنحها بعض الخصوصية  واشعل سيجارة سمعها تهتف " ماذا عمى كيف ومتى ولماذا ؟"
عاد اليها وراها تقف وتكمل " نعم اكيد سأعود فقط ادبر امورى مع مالك اولا "
نظر اليها بقوة ولكنها اكملت " حاضر جدتى نعم انا بخير سأتصل لاطمن مرة اخرى "
اغلقت ونظرت اليه فقال " ماذا حدث ؟"
قالت " عمى بالمشفى وحالته خطر "
قال " حسنا دعينا ندبر امورنا لتعودى "
تراجعت وقالت" وحدى "
حدق بعيونها لحظة ثم قال " رهف انا لا اريد تركك ولكن لابد ان ادبر امرها اولا ثم اعود اليك "
ابعدت وجهها لن تطلبها منه مرة اخرى فقالت" حسنا "
امسكها من ذراعيها وقد ادرك حزنها فمنذ ساعات قليلة اخبرته انها لا تريد بعده والان يريد ان يتركها كيف يفعل بها ذلك
قال وهو يفكر جيدا " حسنا لن اتركك لن تعودى وحدك فقط امنحينى غدا ادبر الامر وربما نعود جميعا "
نظرت اليه وقالت " هى ستعود ؟"
هز رأسه وقال" ربما لا اريد ان اتركها هنا فقط ادبر اوراقها وبيت لها بمصر ثم نذهب جميعا هل يمكنك الانتظار معى "
هزت راسها وقالت " انا معك اينما تكون "
جذبها اليه وضغط عليها بقوة ليتها تدرك ماذا تفعل به هذه الكلمات همس
“ وانا معك الى ان تشائي"
ابتسمت بسعادة وتركت نفسها تتمتع بأحضانه رغم ان ذهنها كان مشغول بعمها وتمنت لو اسرعت اليه ولكنها لن تتركه فهو الامان وهو الوطن
رفضت والدته العودة وطلبت منه ان تظل باستراليا فقد عاشت بها كثيرا وطالما انه لم يستقر بأى بلد فهى ستبقي هنا سهل ذلك من الامر حيث استأجر لها بيت صغير ونقلها اليه بمساعدة رهف التى امسكت المرأة يدها قبل ان تذهب وقالت
“ ربما لم ابق معك كثيرا ولكن ما فعلتيه معى جعلنى ادرك ان لك اصل طيب جعلنى احمد الله انه جعلك من نصيب ابنى ليتك تمنحيه ما لم استطع ان امنحه له .. الحب يا ابنتى هو اساس الحياة ومهما حدث بينكم لا تفكرى يوما ان تتركيه والا ستندمى ما تبقي من عمرك "
ابتسمت وهزت رأسها هى بالفعل لا يمكنها ان تبتعد عنه ابدا فهو كل حياتها
عادت اليه واتجها الى المطار فقال " الرحلة طويلة ولكن بالتأكيد ما ان نصل سأوصلك للمشفى بأسرع ما يمكن "
نظرت اليه وقالت " الن تأتى معى لرؤيته "
كان الخوف والحزن اللذان ظهرا بعيونها يجبرانه على البقاء معها الى اخر العمر فقال
" تعلمين موقف اهلك منى "
قالت " ولكن عمى مختلف عنهم من فضلك مالك لا تتركنى كيف اضمن الا اجد ماما او نور او تامر هناك ثم انت زوجى ولن ينكر احد ذلك او يمنعه "
هز رأسه لمجرد ذكر اسم تامر فالحساب لم يبدء بعد قال" حسنا "
عندما وصلا المطار اتصلت بجدتها التى ردت على الفور واخبرتها انها بالمشفى فاستأجر سيارة كما اعتاد وانطلق الى المشفى وهو يتابعها بنظراته انطفأ بريق الطفولة والسعادة الذى كان يملأ عيونها وحل محله نفس النظرات التى عرفها من قبل الجدية والحزن والمسؤولية فتألم لها واشتاق لتلك الطفلة التى عشق تصرفاتها ولكنه اعجب بقوتها المتصنعة ..
عندما وصلا المشفى انطلقا للداخل ورأت جدتها تخرج من باب العناية بحزن اسرعت اليها ثم وقفت امامها والدموع تملأ عيون المرأتين واخيرا فتحت الجدة ذراعيها لتلقي رهف نفسها فى احضان جدتها الى ان هدأت
نظرت الى جدتها وقالت " كيف حاله ؟"
قالت الجدة " كما هو لا يوجد اى تحسن منذ ان دخل العناية الازمة كانت شديدة ولم يتحملها القلب "
نظرت الجدة الى مالك فانتبهت رهف وقالت " مالك يا جدتى زوجى "
هزت المرأة راسها وقالت" نعم اهلا بك "
حياها مالك دون اى تعبيرات على ملامحه قالت رهف " هل يمكن ان اراه ؟ "
هزت الجدة راسها فدخلت دون تردد سالت الممرضة عن فراشه فاشترت اليها ، اتجهت اليه ونظرت الى جسده الملقى على الفراش سجين بين الأجهزة الطبية اقتربت وامسكت يده ففتح عيونه ابتسم عندما راها وقال
“ كنت انتظرك "
دمعت عيونها وقالت" لم يكن ليبعدنى عنك اى شئ"
قال " انتى بخير ؟"
قبلت يده وقالت" نعم فقط اريد ان اطمن عليك "
قال " بخير ، تزوجتيه ؟"
هزت رأسها ولم ترد فقال " هذا هو الصواب هو من سيحميكى منهم "
أغمضت عيونها وقالت" للأسف هم اهلى "
قال " تامر لا يعرف عن الاهل شئ فقط مصلحته والاموال "
هزت رأسها وقالت" كنت تعلم ؟"
قال " عرفت مؤخرا ولو عرفت من قبل لما وافقت على زواجه من ابنتنا ولكن هو نصيب المهم هل زوجك معك ؟"
قالت " نعم انا طلبت منه الا يتركنى فقط اخشي من جدتى "
قال " لا تخشين شئ هى تعرف كل شئ"
ضاق نفسه فقالت " سأذهب الان عمو حتى ترتاح "
هز رأسه وقال" سترحلين ؟"
قالت" عندما تعود الينا "
قال " لا تدعيه يذهب واخبريه انه اصبح جزء منا "
هزت راسها وخرجت ولكنها لم تجده وجدتها تجلس وحدها هل رحل وتركها اوصلها هنا ورحل .. هل يمكن ان يفعل بها ذلك ...
يتبع…

صائد الصفقات وصغيرتهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن