الفصل الرابع عشر
جرح قديم
تصلبت عيون مالك على عيون تشبهه تماما وكأنها انعكاس لعيونه بالمرآة ظل ممسكا بذراعى المرأة بقوة وينظر بعيونها كما كانت تفعل لحظة طويلة الى ان ابعدها فجأة وهو يمسك بيد احد الشباب الثلاث الذي كاد يتهجم على المرأة ثم جذبه اليه بقوة ولكمه بوجهه بقوة فاسقطه ارضا واسرع اليه الاثنان الاخران ولكنه استدار ليواجههما بقوة لكم الاول بانفه والثانى بعينه اليسرى فتراجع الشابان ..
كل ذلك بلحظة لم تستطع رهف ان تفهم ماذا يحدث وما ان قررت ان تنزل حتى رات المرأة العجوز تنادى بفزع
“ مااالك .. ابنى "
ثم اندفعت الى جانب مالك وقد رأت ما راته رهف ذلك الشاب الذى نهض من على الأرض وهو يخرج مطواه ويندفع بها تجاه مالك الذى كان يشتبك مع الشابان الآخران واختلط صوت رهف وصراخها بصراخ المرأة عندما انغرزت المطواه فى كتفها الايمن والتف مالك الي صراخها وهو يتلقاها بين ذراعيه بينما اسرع الشبان الثلاثة هاربين بعد رؤيتهم للدماء التى انسابت من كتف المرأة التى ابتسمت بين ذراعين مالك وهى تسقط على الارض وهو معها لم يتحدث وهو يحتويها بين ذراعيه والمرأة ترفع يدها السليمة الى وجهه وتقول بضعف
" ابنى ... كم تمنيت ان اراك حقا ... كم.. اصب ..اصبحت ..و.. وسي.. وسيما يا.. حب.. حبيبي "
ثم اغمضت عيونها وضعت رهف يدها على فمها لتكتم صرختها وقد اصابتها صورة الدماء بذهول وسقطت يد المرأة بجانبها على الارض بينما افاق مالك من حالته وهو يضع يده على رسغ المرأة ليعرف نبضها ثم حملها وصرخ فى رهف
“ افتحى السيارة مازالت على قيد الحياة رهف افتحى الباب "
افاقت رهف على صوته فأسرعت لتفتح الباب وضعها واسرع الاثنان يركبان وكلمات المرأة تتردد فى ذهن رهف هل يمكن ان تكون تلك المرأة..؟؟
نظرت اليه كانت ملابسه قد تلطخت بالدماء اسرع الى احد الاماكن التى لا تعرفها فقالت " الن نذهب للمشفى ؟"
اوقف السيارة وقال باختصار " لا "
كان الهدوء والظلام يحيط بالمكان وهو يحمل المرأة ويتقدم بها الى بيت طوبي صغير على مشارف البلد ..
حمل المرأة و قال لها " استخدمى جرس الباب "
فتح الباب وتراجع الرجل الذى فتح الباب عندما رأى مالك الذى اكمل المسيرة الى الداخل ورهف وراؤه فى حيرة وصمت ..
عرفت ان ذلك بيت صديقه عدنان الذى اسرع واتصل برجل يعرفه طبيب اتى لإسعاف المرأة التى لم تتوقف عن النزيف ..لم تتركها رهف حتى عندما وصل الطبيب وساعدته كثيرا الى ان انتهى وقال
" يمكنك الذهاب سابقي قليلا معها حتى تستعيد وعيها"
وقف امام النافذة يدخن سيجارته والدخان يحيطه من كل جانب وقد انهالت عليه كل الذكريات لم ينقذه الرحيل من لقائها كم كان يخشي من تلك اللحظة وها هى تطارده رغما عنه اين كانت وماذا تفعل هنا و..
شعر بيد على كتفه فاستدار ليجد رهف تنظر اليه بحيرة كان يعلم ان عليه تفسير ما يحدث فهى تعرف كل شيء وهى ..زوجته واختارته ووافقت عليه رغم كل شيء والان وقد رأت وسمعت لابد لها من تفسير و..
ابتسمت وقالت" لا تفكر كثيرا هى تحتاج اليك "
اغمض عيونه كانت حيرته والمه اقوى من ان يشعر بها احد .. شعر بيدها الصغيرة على وجهه ففتح عيونه فراها مازالت تبتسم وتقول
“ دع الماضي جانبا وامنح قلبك فرصة للسماح لا يمكن ان تأتيك فرصة كهذه وتتركها تضيع "
امسك يدها بقوة اوجعتها وقال بنفس القوة " ليتنى استطيع ان ابعد الماضي ليتنى استطيع "
ثم ابتعد تاركا يدها ولكنها لم تتركه اقتربت وقالت بحنان " كلنا نخطئ ونرتكب اخطاء كثيرة ولكن قليل منا من يجد من يقومه ويثنيه عن الطريق لكن ما ان نجد من يمد لنا يده نتشبث بها لتعيدنا لبر الامان اسمعها اولا يا مالك ربما لديها ما يجعلك تسامح "
اشعل سيجارة اخرى من سيجارته الاولى ولكنها تقدمت لتقف امامه فنظر الى عيونها من بين دخانه وهى تقول
“ كادت تموت من اجلك "
امسكها من ذراعيها وقال بغضب " وانا مت بعد رحيلها نعم مت وولد شخص اخر تعرفيه شخص لا يهتم الا بكل ما هو خطأ لقد ضعت بسببها هى التى قادتنى للعار الذى اعيش فيه هى التى تجعلنى غير جدير بفتاة مثلك او غيرك هى التى دفعتنى لكل الكره والحقد تجاه كل امرأة هى الظلام والوحدة اللذان عشت فيهما سنوات طويلة فمن اين ياتى السماح وانا لم اعرفه لم اتعلمه انها لا تستحقه ..هل تفهمين لا تستحقه "
وتركها واتجه الى الباب ليخرج ولكنها اسرعت اليه ووقفت امامه وظهرها للباب كى تمنعه ونظرت اليه وقالت
“ مالك ارجوك اهدء واسمعنى ارجوك بالنهاية هى امك ونحن لا نختار اهلنا "
قال بنفس الغضب " نحن لم نختاهم ولكننا نختار ان نبعد عنهم هى انقذتنى وانا انقذتها ليس لها عندى اكثر من ذلك"
“ لا مالك لا يمكنك ان تبعد بعد ذلك لن تهرب والا ستظل طوال عمرك تهرب عليك ان تواجه الان والا ستندم لن يمكنك ان تخرجها من حياتك لأنها بدمك هى امك "
امسكها من ذراعيها بقوة مرة اخرى وقال بغضب لم يقل " لم تعد امى هل تفهمين لا تقولي هذه الكلمة مرة اخرى انها لا تستحق لفظ الامومة وهى من فعل ذلك بي وبنفسها زرعت الكره بداخلى فماذا تريدين رهف ابتعدى عنى واتركينى الان ابتعدى من امامى "
ارتجفت من نبرته الغاضبة والشرر المتطاير من عيونه وتشبثت بملابسه وقالت وهى تشعر بألم من يده التى تطبق على ذراعيها
“ لا يمكننى ان اتركك وانت بهذه الحالة لن اتكلم لكن لا تذهب ارجوك فقط اهدء مالك من فضلك اهدء "
حدق بعيونها وادرك الفزع الذى سببه لها فخفف من قبضتيه على ذراعها لحظة قبل ان يبتعد مرة اخرى من امامها فلم تتحدث مرة اخرى وتركته مع احزانه والمه فقد ادركت ان ما بداخله اقوى من ان تمسحه كلمه سماح
عاد عدنان وقال " مالك الطبيب خرج ويريدك هيا "
نظر اليه وقال " وفيم يريدنى ؟"
قال عدنان " لا اعلم هيا انه ينتظر "
نظر اليه ولم يقل اى شئ ثم تحرك خارجا وتابعته هى فى صمت وخوف وربما لا تعلم كيف ستصلح ما كان
نظر الى الطبيب الذى كان قد اطمن علي الام فقال " مستر مالك ؟"
هز رأسه وقال باقتضاب " نعم .."
قال الطبيب " اظن انها بخير الان ولابد من ابلاغ الشرطة ثم انها تنادى باسمك "
لم ينظر اليها وانما قال" لا داع للشرطة لقد انتهى الامر لن نصل لأولئك الشبان وانا لا املك وقت للتحقيق وطالما هى بخير فلا داع لأى جلبة "
هز للطبيب رأسه وقال" كما تشاء هى بحاجة للراحة سنها كبير وقد نزفت كثيرا الغذاء مهم والرعاية الصحية اهم "
هز مالك رأسه بنفاد صبر وقال " الن ننتهى من كل ذلك ؟"
تدخل عدنان وقال" حاضر دكتور اكيد سنفعل شكرا لك "
تحرك الطبيب الى الخارج وتبعه عدنان وكاد هو يذهب لولا ان سمع المرأة تنادى باسمه " مالك .. ابنى "
تسمرت قدماه بالأرض وتحركت عضلات وجهه وانقبض قلبه ولم يستدير لينظر اليها ربما كان يخاف من النظر اليها او غاضب لدرجة انه لا يريد ان يراها. عادت المرأة تنادى باسمه ولكنه لم يهتم وخرج
اتجه الى حيث رهف وعدنان وقال " عدنان اعلم اننى اثقلت عليك ولكن .."
قاطعه الرجل " كيف تقول ذلك انت اخى ووجودك يسعدنى "
نظر اليها وقال " سأوصل رهف ثم اعود اليك لأجد لها مكان "
اوقفته رهف بقوة " انت تعنى انك ستتركها وهى بهذه الحالة انها تحتاج للعناية "
نظر اليها بقوة وقال " اى عناية تلك انا لست ملزم بها عندما تفيق سأعرف مكانها واخذها لهناك ليس لها عندى شئ اخر "
اتجهت امامه وقالت بقوة " بل لها عندك كل شيء هى امك وعليك ان تراعيها حتى تشفى لن تتركها "
كانت نظرات التحدى بعيونها اقوى من ان يرجعها ولكن غضبه كان اقوى فقال بنفس التحدى " قلت انها ليست امى وابتعدى من امامى الان هل تفهمين؟ "
لم تتراجع وهى ترد بقوة " لن ابتعد يا مالك اذا لم نأخذها معنا سابقي انا هنا مهما اخطأ الاباء فمن واجبنا ان نراعيهم وقت شدتهم لا ان نرميهم هكذا كف عن غضبك هذا واعد التفكير جيدا مهما حدث علمنا ديننا وبالوالدين احسانا فاين احسانك لوالديك لن تعيد الايام بغضبك ولن تزيل ما كان فقط احسن اليها فى ارذل عمرها ولا تنسي انك مالك بيه عرفان وليس من مصلحتك ان يقال انك اهملت امك ويبحث الجميع لماذا ويفتح الماضي الذى لا تريد ان تفتحه الان .."
كانت كلماتها قوية وسريعة ولكنها لم تضعفه وانما قال " انا لا يهمنى احد وانتى تعلمين ذلك اما الاحسان فانا لم اعرفه لم اتعلمه هى لم تفعل فمن اين لى به وستفعلين ما اقول والى هنا وكفى "
تدخل عدنان " مالك اهدء ..مدام رهف من فضلك اتركينا قليلا "
نظرت اليه ولكنه لم ينظر اليها فتحركت الى الخارج بنفس الغضب وهى لا تعلم هل سيعود لصوابه ام لا
نظر اليه عدنان وقال " ماذا بك مالك انت تعلم ان زوجتك على حق فى كل ما قالت "
لم يرد فعدنان من اقرب اصدقاؤه ولكنه لا يعلم اى شئ هى فقط من تعلم ابتعد وقال " عدنان انت لا تعرف شئ"
قال عدنان " ولا اريد ان اعرف لأنه لن يغير من الواقع اى شئ لن يغير انها امك ولا ان من واجبك ان تراعيها مالك صحيح نحن عانينا الكثير ولم نجد صدر حنون نلقى عليه راسنا ولا يد رقيقة تربت علينا ولكن هذا لا يمحو الحنان من قلوبنا تجاه من هم منا بل نحن منهم ابعد غضبك الان فلا مجال له وعندما تستعيد صحتها يمكنك ان تحاسبها على ما بينكم "
قال بضيق " لا تقلق انا لن اتركها هنا و.."
قاطعه عدنان " مالك لا تجعل غضبك يعميك انت تعلم ان هذا لا يقلقنى ابدا فلو طلبت حياتى لن ابخل بها عليك "
ابعد عيونه عن صديقه الذى ربت على كتفه وقال " هيا اذهب لزوجتك ودبرا الامر سويا انها زوجة صالحة حقا احسنت الاختيار يا اخى "
نظر اليه وقد بدء الهدوء يتسرب اليه من كلمات صديقه الذى ابتسم ليشجعه فابعد وجهه وتحرك خارجا يبحث عنها
كانت تقف أمام النافذة نظر اليها ثم اتجه اليها وقال " سنتحرك الان الى الفندق "
استدارت بقوة كان يقف خلفها فنظر بعيونها الغاضبة فاكمل " سنأخذها معنا حتى تتعافي سيكون الامر مرهق "
هدأت عيونها فأخفضتها وقالت " ليس هناك اى ارهاق سأقوم انا باللازم لا تقلق "
لم يبتعد فنظرت اليه فقال " انتى عنيدة لم اكن اعرف ذلك "
احمر وجهها فأعادت له مشاعره التى خبت خلف غضبه وقال " لماذا الخجل الان ليس وقته لا احب ان يرى سواى هذا الخجل "
دق قلبها وهى تحدق بعيونه ثم انتبه الى ذراعها الذى بدت ندبات عليه من اثر اصابعه فشعر بالضيق من نفسه فأشار اليه وقال " يبدو انى كنت فى حالة اللاوعى وانا افعل ذلك "
نظرت الى ذراعها ولكنها قالت " انها لا شيء "
مرر يده على وجنتها وقال " لا تتحدينى بغضبي مرة أخرى فانا افقد نفسي وقتها "
نظرت اليه وقالت" للأسف لن يمكننى ان افعل لن استطيع الا ان اكون معك فى كل حالاتك"
شعر بوخزه فى قلبه فابعد وجهه لحظة ثم فجأة جذبها اليه واغمض عيونه وهو يشعر انه يلقي بما داخله بين ذراعيها احاطته بذراعيها الصغيرة بسعادة وسمعته يهمس " وانا سعيد انك لم تتركينى .. رهف انا اسف على ما حدث "
لم ترد وهى سعيدة لأنه شكر وجودها معه اخيرا دق الباب فابعدها ورأى عدنان يدخل فقال " هيا لابد ان نذهب النهار قارب على الظهور "
يتبع…
أنت تقرأ
صائد الصفقات وصغيرته
Romanceفجأة حجب أحدهم الضوء عنها فاستدارت إليه كان جسدا يافعا وقويا فى بدلة ثمينة كحلية اللون وعلى ذراعه بالطو بنفس اللون وبيده الأخرى حقيبة اعمال جلدية رفعت رأسها لتصل لقامة صاحب هذا القوام المتناسق كان ينظر إلى السيارات بفارغ صبر عرفته عشر سنوات مضت ومع...