الفصل الأول

53.2K 918 33
                                    

رواية "اقتسره العشق"
"الفَصْلُ الأَوَّلُ"

تُفتـح أبواب الجحيـم حينمـــا تبدأ الحرب
ولكن لا يعلمون أن الجحيـم يتسـع للجميــع

وقف "سيـف النصـار" أمام اللوح الزجاجي العريض الذي يُغطي البناية، ينظر للخارج حيثُ يتميز بالونـه الغامق الذي يعكس الصورة فـ لا يرى من بالخارج الذي بالداخل، ومضى ينظر للبعيد، إنّـهُ بإستطاعتهُ أن يرى المدينة كلها من هذا العلو الشاهق، ألتوى فمهُ بشبه إبتسامة ماكرة على ما ينوي فعلهُ، تحرك نحو مكتبــه ثم جلس على مقعده الجلدي، أخرج من جيب بنطالهُ سجائره ليشعل إحداها بسُرعة، أستنشق دخانها بقوة قبل أن ينفثهُ ببُطئ، شبك أصابع يديـهِ وأستند بـ ذراعيـه على سطح المكتب مُفكرًا بعُمق في أمرًا ما.

******
في نفس الوقت في الخارج، جلست السكرتيرة بعد أن أعدت لنفسهـا مشروبٍ دافئ، تنهدت بعُمق ولكن قبل أن تبدأ بقراءة الأوراق..
-صباح الخير.

إنتبهت السكرتيرة للصوت، فـ رفعت وجههـا لتبتسم لهـا إبتسامة صغيرة وهي تُرد عليهـا بنبرة عملية:
-صباح النور يا فندم.

قالت بصوتٍ قوي:
-بعد إذنك أنا عايزة أقابل سيف باشا النصـار.

سألتهـا بجدية:
-في ميعاد سابق؟؟..

ردت عليهـا بصوتٍ حـاد:
-لأ، بس لازم أقابلـهُ.

حركت رأسهـا إيجابيًا مُتسائلة:
-طب نقولـهُ مين؟؟..

ردت عليهـا ببساطة:
-معلش هقول أنا مين لمـا أقابلهٌ بنفسي، هو فاضي دلوقتي؟؟..

رفعت السكرتيرة حاجبيهـا وهي تُجيب:
-أيوة فاضي بس لازم أعرف حضرتك مين؟؟..

ردت مُبتسمة ببرود:
-مش لازم، أنا هاروحلـهُ بنفسـي.

هبت السكرتيرة واقفة محاولة الإلحاق بهـا، ولكن الأخيرة لم تعبئ بهــا، عيناهـــا تنظر على هدف مُحدد، وقد ألتمعت بالخطر المُهدد رغم برود نظراتهـا، أقتحمت غُرفة مكتبــه بخُطى ثابتة، فـ رفع "سيف" رأســه نحوهــا وقد عقد ما بين حاجبيـهِ، بينمـا أظلمت عينــاه تلقائيًا من تلك الحركة الجريئة، دخلت السكرتيرة وهي تلهث قائلة بخوف:
-والله يا سيف بيه حاولت أمنعهـا بس معرفتش.

أشـار لهـا بالخروج، فـ أمتثلت لأمره، بينمـا عيناهــا ترمقانـه بنظرات قوية على الرغم من أنهـا قد ألتمعت بغضبٍ خفي، نهض "سيف" عن مقعدهُ وهو ينظر لها نظرات مُظلمة قليلاً، وسار نحوها بخُطوات ثابتة، أمّا هي فـ أخذت تنظر لهُ بتدقيق ورفعت رأسهـا بشموخ، لاحظت هيئتهُ الضخمة ولكن لم تهتز، وقف أمامها بشموخ ووضع كفي يدهُ بداخل جيب بنطالهُ وأمعن النظر فيها.

رفعت عينيها لـ عينيـه مُباشرةً، فـ شعرت أنها وقعت تحت وطأة عينيهِ الصارمتين، حتى أنها كانت تقف بطولها الذي بالكاد تجاوز المتر والنصف ببضعة سنتيمترات، ولكن نجح كعب حذائها المرتفع بإيصالها مستوى كتفيهِ، وقـد شدت خصـلات شعـرها البُنـي الكثيـف خلف عنقها بقوة وببعضُ من القسوة في حين ألتمع عنقها الأبيض بطولهُ لينتهي خلف قبة قميص البني، أخذ يتفحصها بدقة، ليعود برفع بصرهُ إلى وجهها ليراهُ متوجهًا بالحمرة من تفرسهُ البطيئ بها، ورأى عيونهــا الزرقـاء تلتمع بالحنق، فإبتسم لها ببرود ونظر إليها بـ نظرات توحي بالشر الدفين، ثم قال أخيرًا بصوتٍ لا يحمل أيّ نوع من الترحيب:
-مين حضرتك؟؟.. وإزاي تُدخلي بالطريقة دي؟؟..

اقتسره العشق.... للكاتبة أميرة مدحتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن