الفصل الرابع

16.4K 495 9
                                    

رواية "اقتسره العشـق"
"الفصل الرَّابِــعُ"

لهم بعض الوقت..
ولك أنتِ العُمر..
وأنكِ نبضي..
وأنهم لي لحِاسدون..

تحرك رجـل الذي كان يقوم بـ مُراقبـة "شريـف النصــار" نحو مكتب رب عملـــه بخُطى هادئـة، طرق على باب مكتبـه حتى سمع صوتـه وهو يأذن لـه بالدخول، فـ دخل وأرتسمت إبتسامة ظافرة على ثغره، وقف أمامـــه بثقة وهو يخبره بـ آخر التطورات:
-تمام يا ثروت باشـا، شريف بيـه نفذ أوامرك وبعت رجالتـه للناس إللي عاوز ياخُد منهم أراضيهم وبيوتهم، وأمرهم بأن محدش يزرع، وهُمــا نفذوا.

حرك "ثروت" رأسـه بإيماءة خفيفة ثم تمتم:
-كويس أوي، شريف عاقل وعـارف إنـه كان هينفذ إللي قولت عليـه.

سكت لحظةً قبل أن يسألـه بترقب:
-طب والبنت؟؟..

هز كفيـهِ قائلاً:
-لسـه معملتش حاجـة، بس إحتمـال بنسبة كبيرة مش هتسكت.

هز رأسـه قائلاً بعدم إكتراث:
-براحتهـا، لو فكرت تعمل حاجة يبقى هي إللي كتبت النهاية بنفسهــا.

******
في القرية وتحديدًا.. بداخل القصر الخاص بـ "شريف النصــــار"..

جلس "شريف النصـــار" في مكتبـــه الفخم بـ صحبة "فاروق" -الذراع اليُمنى لـ "شريف"- يراجعان بعض الملفات والأوراق الخاصة بإنشاء بناء المصنـع، ترك "فاروق" الملفات أمامــه وهو ينطق بـ:
-إنت ليه مُصر إنك تبني مصنـع؟؟..

توقف "شريف" عن الكتابة ثم حدق فيـه بـ نظرة جـادة قائلاً بهدوء:
-إيه لازمة السؤال ده؟؟..

أجابـــه "فاروق" مقوسًا شفتيـــهِ بتبرم:
-لأني عارفك كويس، عُمرك ما فكرت تعمل مصنــع وكُنت بتتعامل بالطريقة دي مع غيرك، إنت عاوز تاخُد أراضي منهم بالعافية!!..

تنهد "شريف" تنهيدة مُزعجة تاركًا قلمــه الذهبي، بينمــا أستمر الأخير قائلاً بضيق:
-وحاسس إنك مضايق إنك بتعمل كده، فـ إيـه السبب إللي يخليك تبني المصنـع وتاخُد أراضي ناس غلابة، وإنت أصلاً مش محتـاج فلوس!!..

نهض "شريف" عن مقعده وهو يُجيبــه:
-ياريت بلاش تسألني يا فاروق، أنا عارف أنك دراعي اليمين وأنك قلقان عليـا، بس حاليًا مش هقدر أتكلم.

عبس قليلاً، ولكن هتف بـ نبرة هادئة:
-على العموم يوم ما تحتاجني كلمني على طول، وهتلاقيني قُدامك.

حرك رأســه إيجابيًا بهدوءٍ زائف، ثم همس بداخلــه وقد تألقت عينـــاه بـ بريق حازم حامس:
-لازم أخلص منه، وإلا هيضيعني!!..

******
أرتجف قلبــه حُزنًا عليهـــا وهو يراهـــا مُمددة على الفراش، كانت ملامحهـــا شاحبة، والهشاشة بدت واضحة المعالم عليهـا، والهالات الزرقاء تظلل عينيهـــا، مد يده بـ بُطء لـ يلتقط كفهـا، وبـ يده الأُخرى مسح على جبينهـا وشعرهـا برفق، فهي على تلك الحـالة مُنذ سبعـة ساعـات، في تلك الساعــات كان أستطـاع أن يخرج تصاريـح الدفن وأنهى الإجراءات، زفر زفرة حــارة وعيناه تنحيان ألمًا، شعر بتلك الوخزة العنيفة في صدره، فقد بدت ضعيفة وتحتاج إلى الإشفاق والدعم لتجاوز تلك المرحلة العصيبة من حياتهـــا، أبتلع "يوسف" غصة مريرة عالقة في حلقــه، ثم همس مُبتسمًا محاولاً التهوين على نفسـه:
-طب ينفع كده؟؟.. يعني اليوم إللي أعرف أتكلم فيه معاكي بعيد عن الشُغل، يحصلك كده؟؟..

اقتسره العشق.... للكاتبة أميرة مدحتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن