1..زواج..و تعارف

6.7K 104 17
                                    

في جزيرة بوزكادا التركية..استيقظت هزان باكرا في غرفة نومها الصغيرة ..ارتدت ثيابها..جمعت شعرها الطويل إلى الأعلى في شكل ذيل حصان..وضعت مساحيقها الهادئة و ركبت دراجتها و خرجت..هي فتاة يتيمة..توفي والداها في حادث سيارة و تركاها لوحدها في عمر العشرين..كانت وقتها قد تخصصت في التمريض..و صارت تعمل في مشفى حكومي..بعد وفاة والديها..انتقلت للعمل في مصحة استشفائية في هذه الجزيرة المتاخمة للحدود اليونانية..أرادت أن تبتعد عن كل ذكرياتها في مدينة اسطنبول..و حصلت على فرصة لا تعوض للعمل في مصحة شهيرة مع راتب محترم..حياتها هادئة..دون مغامرات..أو تجارب..أو حب..فراغ أسود فقط..عملها هو الشيء الوحيد الذي يريحها..تمكنت من كراء غرفتين صغيرتين ملحقتين بمنزل لسيدة عجوز تدعى أنيتا..هناك تعيش بسلام بعيدا عن الضجيج و المشاكل..في المصحة..تعرفت على شاب في السابعة و العشرين من عمره..أجرى عملية على قلبه..و يقضي فترة خضوعه للعلاج و فترة النقاهة في الجزيرة..شهران مرا على تعرفها عليه..يدعى أوغوز ( سركان شايوغلو)

شاب مرهف الإحساس و ذو روح مرحة

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

..شاب مرهف الإحساس و ذو روح مرحة..تعتني به و لا تمل أبدا من صحبته..لكنها تتأسف على وضعه الصعب..فقلبه ضعيف جدا..قاموا فقط بتركيب بطارية يعمل بها ..لذلك فهو لا يستطيع القيام بأي شيء مجهد أو متعب..صارا صديقين مقربين..يقضيان أغلب وقتهما معا..اليوم..ارسل لها رسالة يخبرها فيها بأنه ينتظرها لكي يتكلم معها في موضوع خاص..كانت تعلم ما هو الموضوع..لقد لمح لها اكثر من مرة بأنه معجب بها..متأكدة من أنه سيعرض عليها الزواج..و وفقا لحياتها الخالية..و لمشاعرها الجميلة تجاهه..فانها ستقبل غالبا..دون أن تعلم من يكون أوغوز..دون أن تعلم شيئا عن عائلته..أو أهله..دون أن تعلم أنه الأخ الأصغر للآغا ياغيز ايجمان..ذلك الرجل القاسي و البارد و المخيف..
وصلت هزان إلى النزل المجاور للمصحة..كانت واثقة من أنه ينتظرها في الحديقة..وقفت خلفه و غمزت صديقه الذي لا يفارقه أبدا ألتان لكي لا ينبهه إلى قدومها..وضعت يديها على عينيه و قالت و هي تحاول تغيير نبرة صوتها" من أنا؟" ضحك أوغوز و قال" لا بد أنك ملاكي الحارس..مرحبا هزان" أبعدت يديها عنه و قالت" كيف عرفتني؟" التفت إليها و أجاب" من رائحتك..أستطيع أن أخطئ كل شيء إلا رائحتك..كيف حالك اليوم؟" ابتسمت و قالت" أنا من يجب أن تسألك هذا السؤال؟..أنا بخير..و أنت؟" أجاب" أنا بخير..و سأكون بأفضل حال إذا أجبتي على سؤالي الذي سأطرحه عليك بعد قليل؟" نظرت إليه متجاهلة أنها تعرف ما سيقول ثم قالت" تمام" نظر أوغوز إلى ألتان و أشار إليه ليقترب..اقترب منه و أعطاه علبة صغيرة..جثى اوغوز على ركبته و فتح العلبة أمام هزان..كان بها خاتم ألماسي صغير..نظر إليها أوغوز و قال" هزان..أعلم أنك قد تستغربين ما أفعله لأنني لم أصارحك بمشاعري من قبل..لكنني أحبك..رغم مرضي و رغم الوضع الصعب الذي أنا فيه..أحبك و أريدك أن تكوني زوجتي..هل تقبلين؟" صمتت هزان قليلا..فكرت..أوغوز شاب محترم..مهذب..و رقيق..يعاملها بشكل جيد..قريب من قلبها..تريد أن تكون مع شخص مثله..يعتني بها و تعتني به..أن تحصل على عائلة حرمت منها..ستعتبر عائلته هي عائلتها..ستحبهم و تحترمهم..و تعيش معهم..ابتسمت و أجابت" أقبل" وقف أوغوز..ألبسها الخاتم و عانقها بحنان..ابتعد عنها بعد لحظات و هو يسأل" هل لديك جواز سفر؟" أجابت" نعم" قال" تمام..سنتزوج هنا..بعد يومين..ثم نسافر" سألت" إلى أين؟" رد" إلى مملكتنا..إلى امبراطوية عائلة ايجمان..إلى عائلتي"..

بفستان أبيض قصير دون أكمام يتوسطه حزام رمادي و طرحة قصيرة فوق رأسها..تزوجت هزان من أوغوز الذي ارتدى بدلة سوداء جميلة ..كان عقد قران بسيط في قاعة زفاف..انتهى بقبلة وضعها العريس على جبين عروسه و بروش ألماسي رائع علقه على فتحة فستانها..كانت هزان سعيدة رغم أنها كانت تتمنى أن يكون أهله حاضرون عوض أهلها الذين فقدتهم..لكنه طمأنها بأنه سيقيم لها زواجا أكبر من هذا في مقاطعة ديار بكر..حيث امبراطوية أهله..اكتفيا بعد حفل الزواج البسيط بتغيير ثيابهم بالفندق ثم خرجوا مباشرة إلى المطار..في الطائرة..فركت هزان يديها بتوتر..وضع أوغوز يده على يديها و همس"لا تخافي..كل شيء سيكون على ما يرام" قالت" أتمنى ذلك..بالمناسبة..لم أسألك..هل والدتك على قيد الحياة؟" هز رأسه بالنفي و أجاب" لا..لقد توفيت قبل والدي بشهر تقريبا..موتهما مصيبة لم أستطع تحملها..و هذا عجز عن البقاء صامدا" و أشار إلى قلبه..وضعت هزان يدها على صدره و قالت" لا تحزن حبيبي..ليرحمهما الله..من بقي اذا من عائلتك؟" شرد أوغوز بنظراته و أجاب بنبرة جامدة" هو أخ واحد..ياغيز..أخي الكبير..الآغا" حملقت فيه هزان و سألت"  ماذا؟ آغا؟ هل عائلتكم عائلة آغاوات؟" أجاب" نعم..لا تخافي..أخي ياغيز يحبني كثيرا..و لن يتدخل في حياتنا" صمتت هزان طوال الطريق و لم تنطق بحرف..لم تكن تعرف ما تقول..توقفت السيارة المرسيدس التي كانت في انتظارهم في المطار أمام قصر كبير..تحيطه أسوار عالية و يقف على أبوابه حراس بالأسلحة..حملقت هزان في كل ما تراه..لم تكن تعلم أنها ستجد نفسها وسط هذه الأجواء الغريبة..فتح لها ألتان الباب فنزلت و دخلت من الباب المفتوح..نظرت إلى اللوحات الجميلة و التماثيل و الأثاث الفخم..سمعت صوتا رخيما يسألها" من أنت؟ " التفتت لتجد نفسها وجها لوجه مع شاب طويل القامة..بوجه جميل..و عيون بلورية...

الممنوع دائما مرغوب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن