21..ستدفع ثمن فعلتك

2.2K 59 3
                                    

تحركت هزان بسرعة مبتعدة عنه..كانت تتعثر في مشيتها كأنها ثملة..قلبها ينبض بقوة و يكاد ينفر من صدرها..عقلها لا يكاد يستوعب ما سمعته من ياغيز منذ قليل..لا تريد أن تصدقه..و لا أن تسمعه..لأن النتيجة واحدة بالنسبة إليها..لن يتغير شيء..و لن تسمح لنفسها بأن ترتمي بين أحضانه و هي زوجة لأخيه..لن تكون امرأة خائنة أبدا..لن تقدم على تلك الفعلة القذرة و لن تفقد احترامها لنفسها..رغم أن كلامه لامس شغاف قلبها و أثر عليها..الفراغ العاطفي الذي تعاني منه أرض خصبة لكي ينمو فيها حب كهذا..أن تجرب الحب و العشق..أن تجن و تفقد عقلها..أن تجرب كل شيء مع الشخص الذي تحبه..أن تعيش علاقة كاملة دون نواقص..كل ذلك يغريها بالإستسلام و انزال أسلحتها..لكن عقلها و ضميرها مازالا يقاومان و بشدة..يرفضان الإنصياع وراء كل ما يحدث..سواءا كان إغواءا أو حبا..دخلت هزان إلى غرفتها و أغلقت الباب خلفها..اتكأت عليه و أغمضت عينيها بقوة..رائحة ياغيز علقت بثيابها..صوته المبحوح مازال يرن في أذنيها..أنفاسه الحارقة مازالت تترك أثرها على بشرتها..و ملمس شفاهه الدافئ مازال ينطبع على خدها..انهارت جالسة على الأرضية..ضمت ساقيها إلى صدرها و وضعت رأسها عليهما و أخذت تبكي في صمت..في غرفة الإستقبال الواسعة..جلس ياغيز متوسطا رؤساء العشائر الذين جاؤوا لكي يزوروه و يتطمنوا عن صحته..ابتسم و قال" شكرا لكم جميعا..لقد شرفتموني بزيارتكم هذه..أنا بخير كما ترون..الحمد لله..وجود أناس شرفاء أمثالكم حولي يزيدني قوة و تماسكا..تفضلوا بشرب قهوتكم ثم لنتحول معا إلى فناء القصر حيث نصبت موائد العشاء" ...

أنهى ياغيز اجتماعه مع رؤساء العشائر الذين أتوا لزيارته و الإطمئنان على صحته..رافقهم إلى البوابة الرئيسية و ودعهم و هو يقول" لتسلم أقدامكم أيها السادة..لقد شرفتموني بزيارتكم لي..كونوا دائما بخير" و انتظر ذهابهم ثم تحرك عائدا إلى القصر..ابتعد أوغوز عنه فاقترب منه ألتان و همس" آغا..الهدية هنا كما أمرتم" ابتسم ياغيز و ربت على كتف ألتان دون أن يقول شيئا..نظر إليه أوغوز و سأل" الن تنام يا أخي ؟ لقد تأخر الوقت و لا بد أن ذراعك آلمتك" هز برأسه و أجاب" بلى..سأذهب إلى غرفتي..تصبح على خير" غمز ياغيز ألتان غمزة ذات معنى و دخل صحبة أخيه إلى القصر..خرجت هزان من المطبخ فالتقت بزوجها و بأخيه ..قالت" هل انتهى عشاءكم؟" أجاب أوغوز" نعم جنم..لا بد أنك مللت لوحدك" ابتسمت و شبكت يدها في ذراعه و هي تقول" نعم..مللت..لكنك ستعوض ذلك بكل تأكيد..يجب أن تقضي معي أكثر وقت ممكن ..لنفكر معا بأشياء ممتعة نفعلها معا في الغد.. ما رأيك؟" لامس زوجها وجهها بأصابعه و قال" حسنا حياتي..سنفعل" نظر إليهما ياغيز نظرات باردة و تجاوزهما و هو يقول" تصبحان على خير" رد عليه أوغوز و تجاهلته هزان..ترافقا معا و دخلا إلى غرفتهما..في غرفته..مشى ياغيز ذهابا و إيابا دون هدى..مرر يده على صدره..شعر كأن قلبه يحترق..ما يعيشه جديد عليه..لم يتذوق طعمه من قبل..مؤلم و موجع..يريد أن يوقعها في فخه..يريد أن يثبت لنفسه أنها خائنة ..مثلها مثل الجميع..يريد أن يحطم غرورها و مقاومتها..يريد أن يرضي غروره كرجل..فهذه اول مرة ترفضه فيها امرأة..تهزمه و ترفض أن تكون له رغم كل محاولاته..لم تنجح محاولاته في اغواءها..فغير الخطة و قرر أن يحاول كسب ودها و قلبها عن طريق كلامه العاطفي..أن يوهمها بأنه يحبها..لكي تلين و تستسلم له..الطريقة لا تهمه..ما يهمه هو النتيجة..ان يوقعها في الخطأ..أن يجعل منها امرأة خائنة..أن يثبت لنفسه أنها تشبه زوجته..لكي يستطيع هو أيضا مقاومة هذه المشاعر التي تكبر في قلبه يوما بعد يوم..لكي يكرهها و يطردها خارج حياته و حياة أخيه..لن يعرف أخوه طبعا بذلك..لن يجازف بأن يخسره من أجلها..فهي بخيانتها ستثبت بأنها لم تحب أخاه من الأساس..و لذلك لن تستأهل ان تكون زوجة له..سيخرجها من حياتهما إلى الأبد..هذا ما سيفعله..لكن عليه اولا أن يصمت هذا الصوت الذي يعلو و يعلو..صوت قلبه..رغم أنها زوجة أخيه..و انها ممنوعة عليه..يؤلمه قلبه على أخيه..و ضميره يعذبه..لكنه يفعل كل شيء لأجله و من أجل مصلحته..هذا ما حدث به ياغيز نفسه..مشاعره متداخلة و متضاربة..

سمع ياغيز طرقات خفيفة على باب غرفته..كان يعلم أنه ألتان..خرج إليه و ذهبا إلى الإسطبل ..حمل التان المصباح ..فتح الباب و انتظر دخول الآغا ثم أغلقه خلفهما..تقدم ياغيز نحو الرجل المقيد على كرسي و رأسه مغطى..ابتسم بسعادة و التفت إلى ألتان و هو يقول" لتسلم يدك أيها الأسد..لقد أحضرته إلى تحت قدمي كما وعدتني " ثم مد يده و نزع الغطاء عن رأس الرجل..انه حيدر..الرجل المقرب من فرات آغا و ذراعه الأيمن..و هو الذي أطلق النار على ياغيز..حملق حيدر في ياغيز و قال بصوت مرتعش" آغا..لماذا أحضرتموني إلى هنا؟ ماذا ستفعلون بي؟ ارحمني يا آغا..أنا لم أفعل شيئا" هم التان بضربه لكن ياغيز منعه و هو يقول" آاااا ألتان..ما هكذا يعامل الضيف..حيدر أفندي ضيفنا..و يجب أن نعامله جيدا" هز ألتان برأسه و قال" أمرك آغا" نظر ياغيز إلى حيدر و سأل" حيدر..هل الآغا فرات من أمرك بقتلي؟ أم أنت من قمت بذلك لوحدك؟ قل الحقيقة" أجاب" آغا....أنا..انا عبد مأمور..أنفذ ما يطلب مني دون نقاش..الآغا فرات أراد أن يخيفك و يبعدك عن طريقه فقط..لم يرد أن يقتلك..لو امر بقتلك لكنت ميتا الآن" لم يتحمل التان ما قاله حيدر فتقدم منه و لكمه بقوة على وجهه..ابتسم ياغيز بسخرية و قال" تمام..فرات آغا يريد أن يخيفني..لكنني لا أخاف..أنا لم أؤذه..هو من قام بإيذائي اولا..لم يرد أن يفهم بأنني لا علاقة لي بما حدث في الماضي..لكنني سأفهمه ذلك على طريقتي.لا تقلق..و أنت..ستدفع ثمن فعلتك..لن يبقى ما فعلته دون حساب" أخذ حيدر يصيح و يقول" آغا..أرجوك..لا تقتلني..لدي عائلة و أولاد..أشفق علي..أرجوك يا آغا" ..

الممنوع دائما مرغوب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن