53..نادمة

1.5K 40 0
                                    

شحب وجه ياغيز فجأة كأن روحه تنسحب من جسده و حملق فيها بعيونه البلورية الحزينة و سأل بصوت مخنوق" ماذا قلت؟ هزان..هل ما سمعته صحيح؟ " نظرت إليه و قالت بإصرار" نعم..ما سمعته صحيح..أنا أريد الطلاق..أنا و أنت يجب أن نعاقب على خيانتنا لأوغوز..يجب أن نفترق..هذا هو العقاب الأنسب" استوى ياغيز جالسا في السرير و جذبها من يدها لكي تجلس هي الأخرى و قال بعصبية" هزان..لا تهذي..فراقنا لن يعيد أوغوز و لن يجعلنا نتعافى مما حدث..بل على العكس..سيتألم كل واحد منا على حدى..سيموت و هو بعيد عن الآخر..سيذبل و ينتهي وحيدا..دون حبيب يمسك بيده..لا..لن أمنحك الطلاق..لن أرضى بذلك..أنت تبالغين..ما تطلبينه مستحيل" ردت" ما أطلبه هو الحل الوحيد لكي ينتهي عذاب الضمير هذا..نحن أخذنا حياة ليست من حقنا..أنا و أنت ارتكبنا الخطأ و سمحنا لنفسينا بأن نخون..لذلك لم يكن يجب أن نتزوج..كان يجب أن نعاقب منذ البداية..لا أعلم كيف قبلت بالزواج منك..لا اعلم كيف نسيت نفسي و أحببتك و تزوجتك في الوقت الذي كان يجب علي أن أعاقبك و أعاقب نفسي..ضميري متعب و بحاجة للراحة..و ما دمت هنا..في نفس المكان الذي كنت فيه زوجة لأخيك..في نفس المكان الذي خنته فيه..في نفس المكان الذي تزوجتك فيه..لن أرتاح..و لن ينتهي تأنيب الضمير هذا..لذلك يجب أن ننفصل..لا يوجد حل آخر..لقد فقدت احترامي لنفسي..و كرهت نفسي لأنني خنت..حتى و لو لم تكن خيانة جسدية كاملة..لكنها تبقى خيانة..و الخيانة جرم يجب أن نعاقب عليه" مرر ياغيز أصابعه خلال خصلات شعره و تأفف بضيق..نظر إليها و حاول تهدأة نفسه..لم تكن تعلم بأن ما قالته كان يمزقه من الداخل..أن يفقدها بعد أن وجدها..أن يفترق عنها بعد أن اجتمع بها..أن تختفي من أمامه بعد أن تعود على وجودها..فهذا يشبه الموت بالنسبة إليه..تجمعت الدموع في عينيه و همس" هزان..حبيبتي..أنا و أنت لم نخن..أنا و أنت وقعنا في الحب..أنا عشقتك و أنت عشقتني..نحن بشر بالنهاية..لم ننجح في مقاومة مشاعرنا..أخطأنا نعم..تجاوزنا الحدود نعم..لكنها لم تكن خيانة جسدية..و اوغوز لم يعرف بشيء..لم نؤلمه بما فعلناه..لم يشعر بشيء..كان منطقيا أن نجتمع بعد كل ذلك الحب..أنت الآن زوجتي..و لا نية لي بتركك..انسي أمر الطلاق لو سمحت" أجابت" لا..لن أنسى..حتى و لو كانت مشاعرنا هي التي غلبتنا..لكن ما فعلناه كان خيانة..و زواجنا أكبر خطأ..لم يكن.." قاطعها و هو يحملق فيها" زواجنا خطأ؟ عم تتحدثين هزان؟ حبا بالله..يكفي..لا تتكلمي هكذا..أيعقل أنك نادمة على زواجك مني" ردت دون تفكير" نعم..أنا نادمة.."

نظر ياغيز إلى هزان بعيون حزينة ..تنهد بعمق و تمتم بصوت مخنوق" حسنا..فهمت..لم يبقى لكلامنا أي معنى..لا فائدة مما قيل أو سيقال..ما دمت نادمة على زواجك مني" تحرك خارجا من السرير و غادر الغرفة دون أن يلتفت وراءه..سمعت هزان فور خروجه صوت تحطيم شيء وقع على الأرض..كان ذلك صوت تحطم المزهرية الكبيرة التي كانت في مدخل الطابق العلوي..وضعت هزان رأسها بين يديها و أخذت تبكي في صمت..أطلت داريا برأسها من باب غرفتها فرأت ياغيز ينزل على الدرج بخطى مسرعة و الغضب باد على وجهه..أخذت هاتفها و اتصلت برقم ثم قالت" آغا..الخطة تسير كما أردنا..الخلاف دب بينهما و الأجواء متوترة جدا..تمام..ستكون الحركة التالية هي القاضية كما اتفقنا..لا تقلق..سأتبع توصياتك بالحرف..تصبح على خير" و أنهت المكالمة و هي تبتسم بخبث..وقف ياغيز أمام البوابة الرئيسية للقصر و نادى بصوت عالي" ألتان..أحضر السيارة" تحرك ألتان مسرعا و أحضر له السيارة..نظر إليه ياغيز و قال" انزل..سأقود بنفسي" رمقه ألتان بنظرات قلقة و اعترض" آغا..لكن.." قاطعه بنبرة حادة" انزل" فتح ألتان باب السيارة و نزل فركب ياغيز مكانه و انطلق مسرعا..في غرفتها..فتحت هزان حقيبتها السوداء الكبيرة و أخذت ترتب ثيابها فيها..ستفعل ما كان يجب أن تفعله فور وفاة أوغوز..لم يكن عليها أن تبقى هنا في ديار بكر..و لا أن تتزوج من ياغيز..كان يجب أن تذهب بعيدا..و أن تنسى..و أن تبدأ حياة أخرى..أنهت حزم حقائبها..وضعتهم بجانب الباب و خرجت إلى الشرفة..وضعت وشاحا صوفيا أسودا على كتفيها و جلست على كرسي هزاز و بقيت تراقب البوابة الرئيسية..

الممنوع دائما مرغوب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن