8..لن تتمكني من هزمي

2K 60 1
                                    

وصلا بعد قليل إلى القصر..دخلا من البوابة الخلفية من حيث الإسطبل..نزل ياغيز و وضع يديه حول وسط هزان و ساعدها في النزول..سألها" هل تستطيعين المشي أم أقوم بحملك؟" هزت رأسها بالنفي و أجابت" لا..سأمشي لوحدي..شكرا" خطت خطوتين متحاملة على نفسها و محاولة تجاهل الألم الذي تشعر به..تحسست بأصابعها الحائط و استندت عليه هربا من ذلك الذي كانت قريبة جدا منه قبل قليل..و ليست ابدا على استعداد لإعادة التجربة من جديد..شيء ما به يجبر عقلها على دق نواقيس الخطر..و على الإبتعاد عنه قدر الإمكان..دخلت اخيرا إلى الصالون و ارتمت على الأريكة قبل أن تسقط..اقتربت منها نظمية و سألت" هزان هانم..هل انت بخير؟" أجابت" لا تقلقي..أنا بخير..لقد وقعت عن الفرس..ساقي تؤلمني قليلا" قالت المرأة بقلق" ألا يجب أن نتصل بالطبيب؟" ابتسمت هزان و ردت و هي تتحسس ساقها"لا..انها منتفخة قليلة..بعض الثلج سيفي بالغرض" دخل ياغيز و قال" و أنا أعتقد ذلك أيضا..يجب أن تضعي الثلج على ساقك..لكن نصيحة مني..لا تركبي الخيل مرة أخرى..الله أعلم ماذا سيحدث لك في المرة القادمة" اخفت نظمية ابتسامتها و اسرعت بإحضار قالب الثلج..نظرت هزان إلى ياغيز نظرة غضب فضحك و قال" لا تغضبي..تحديتني و رايت النتيجة..كفي عن هذه التحديات الفاشلة..لن تتمكني ابدا من هزمي" قالت بعصبية" لو لم اقع لكنت هزمتك و لكنت أثبتت لك بأنني فارسة ماهرة" نظر إليها للحظة..قرب فمه من أذنها و همس" احمدي الله أننا لم ننهي السباق و أنني لم أهزمك..و إلا لكنت نفذتي طلباتي دون أي نقاش" رفعت هزان حاجبها استغرابا و سألت" و ماذا كنت ستطلب مني؟" ابتسم بخبث و قال" من الأحسن لك ألا تعرفي" عادت المرأة تحمل قالب الثلج..اخذه ياغيز من يدها و وضعه على ساق هزان..همت بالإعتراض لكن ألم ساقها أنساها ذلك..نظر إليها ياغيز..كانت مغمضة العينين و تعضعض شفتيها لكي لا تئن من الألم..حملق فيها للحظات..تأملها بشكل مطول و دقيق..عيونها..أهدابها الطويلة..انفها الصغير..شفاهها الممتلئة..خصلات شعرها المتمردة..و عنقها الطويل الذي تحدى ياقة القميص العالية..سمع صوت اخيه يسأل" هزان..جنم..هل أنت بخير؟" فأبعد نظراته عنها و وقف تاركا مكانه لأخيه..

قبل اوغوز جبين هزان التي ابتسمت رغم الألم الذي كانت تشعر به و اجابت" انا بخير حبيبي..لا تقلق..لقد وقعت عن ظهر الحصان..رضة خفيفة في ساقي و ستمضي..المهم ألا تخاف انت او تتوتر..تمام جنم" لامس وجهها بيديه و قال" و كيف لي ألا أخاف عليك؟ هزان..أنت حبيبتي و زوجتي و كل حياتي..أرجوك جنم..انتبهي إلى نفسك جيدا" راقب ياغيز ما يحدث بعيون جامدة لا تعكس أي تعبير..التفت إليه أوغوز و قال" شكرا لك أخي لأنك اعتنيت بها" ربت ياغيز على كتفه و هو يبتسم و يقول" لا داعي لشكري..لم أقم سوى بالواجب" قاطع بكير حديثهما بدخوله و اقترابه من ياغيز..وشوش شيئا له في أذنه بدا واضحا انه لم يكن خبرا جيدا..نظر ياغيز إلى أوغوز و قال" أخي..لدي بعض الأعمال العالقة في الخارج..و يجب أن أنهيها..اذا تأخرت لا تقلق علي..القصر هنا بأمانتك" وقف أوغوز و سأل أخاه بقلق" اخي.. ماذا حدث؟" تظاهر ياغيز بالإبتسام لكي لا يخيف أخاه و قال" بعض المشاكل في المعمل..يجب أن تحل على جناح السرعة..هذا كل ما في الأمر..لا تقلق انت..تمام" هز اوغوز رأسه و قال" تمام أخي..انتبه لنفسك" و عانقه بقوة ..ألقى ياغيز نظرة سريعة على هزان التي لم ترفع نظرها إليه رغم فضولها لكي تعرف ماذا يجري..ابتعد عن أخيه و خرج مسرعا و تبعه بكير..عاد اوغوز للجلوس أمام هزان التي سألت" ماذا يحدث؟ لماذا يبدو عليك التوتر؟" اجاب" لا اعلم..أشعر أن أخي يخفي عني شيئا ما..أتمنى ألا يكون للأمر علاقة بعائلة الآغا يلماز"..

سألت هزان بفضول" عائلة الآغا يلماز؟ هل هي عائلة عدوة لكم؟ هل بينكم قصص ثأر كما يحدث عادة؟" أجاب أوغوز و قد تجهم وجهه" لا..ليس بيننا قصص ثأر..بيننا قصص عاطفية بالأساس..أبي عزيز ايجمان كان صديقا مقربا للآغا نجدت يلماز..كانا لا يفترقان..إلى حدود ذلك اليوم الذي ظهرت فيه فتاة جميلة تدعى هاجر..أحبها كلاهما دون أن يخبر الآخر..كان كل واحد منهما يحدث الآخر عن مشاعره و عن حب جديد طرق بابه دون أن يذكر له اسمها أو هويتها..تقدم الآغا نجدت لخطبتها فوافقت عائلتها دون الرجوع إليها..فعندها لم يكن للفتاة حق اختيار زوجها..بل تكتفي بالرضا بمن اختارته العائلة..هاجر كانت تعشق والدي..و صارحته بذلك..لكنه صدها و أخبرها بأنها صارت خطيبة أخيه و لا يجوز لها أن تفكر فيه..كان يكابر على مشاعره و لا يظهرها لكي لا يحزن صديقه..حاول مقاومة مشاعره لكنه لم ينجح طويلا..هربت إليه قبل يوم من عرسها و هددته بأنها ستقتل نفسها اذا تخلى عنها و قرر اعادتها إلى أهلها..حبه تغلب عليه و عقد قرانه عليها في نفس اليوم..و كانت تلك الضربة القاضية لعلاقة صداقة دامت أكثر من عشرين سنة..حاول نجدت قتل والدي..و حاول أهل أمي قتلها..فاضطر أبي إلى حماية نفسه و حماية عائلته بالسلاح..رغم أن أبي لم يفكر يوما في رفع سلاحه في وجه صديق عمره..لكن الضرورة اقتضت ذلك..و منذ ذلك اليوم و نحن نحاول تجنب الإقتراب منهم أو الخضوع لاستفزازاتهم..و بعد وفاة والدي و والدتي و للآغا نجدت..ظننا أن الأمر انتهى و أننا نستطيع الإطمئنان على أنفسنا..لكن يبدو أن الآغا فرات..الإبن الأكبر لنجدت لم ينسى و لن ينسى..و لن يسمح لنا بالنسيان أو التجاوز..يحاول دائما عرقلة عملنا و تجارتنا..و .." ثم صمت فسألت" و..ماذا..أكمل" ابتسم و قال" لا شيء..هل ساقك أحسن الآن"

الممنوع دائما مرغوب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن