الممنوع دائما مرغوب

3..لا فرق بينكن

طرقت هزان باب المكتب الذي دلتها عليه السيدة نظمية..سمعت صوت الآغا يقول" ادخل" ..فتحت الباب و هي تحاول الظهور بشكل هادئ..دخلت و قالت و هي تنظر إليه" تفضل يا آغا..لقد طلبتني" كان واقفا ينظر عبر النافذة..التفت إليها عندما سمع صوتها ..تأملها بنظرات باردة..جافة..لا حياة فيها..أبعدت عيونها بسرعة عنه..سألها" كيف تعرفت على أخي؟" ابتلعت ريقها و أجابت" أنا ممرضته طوال الشهرين اللذان بقيهما في جزيرة بوزكادا" ابتسم ياغيز بسخرية و قال" جميل..هذا يعني أنك أكثر شخص يعرف وضعه الصحي" هزت رأسها و أجابت" نعم..أعرف و.." قاطعها" هل لديك عشيق؟" حملقت فيه هزان للحظات ثم قالت" عفوا..لم أفهم" تحرك من وراء مكتبه و تقدم نحوها..كان يرتدي سروالا أسود اللون..قميصا أبيضا..سترة كحلية..و يزين خصره بساعة ذهبية يلمع سلسالها ممتدا من صدره إلى جيبه..لحيته طويلة قليلا مع شارب..ملامحه توحي بالقسوة و الصرامة..و في عيونه نظرة احتقار لم تعرف لها هزان سببا..وقف على بعد خطوة واحدة منها و قال" سؤالي واضح..هل لديك عشيق؟ فليس زواجك من أخي و هو بهذه الحال أمرا طبيعيا..اما أنك تغطين به على علاقة..أو.." صمت فقالت" كيف تجرؤ على اتهامي بأمر مقرف كهذا؟ ..أنا أحب أوغوز..و لذلك تزوجته..و وضعه الصحي سيتحسن لا محالة..الأمر مرهون ب" قاطعها" بزراعة قلب جديد..و هذا قد يستغرق وقتا طويلا..اسمعي يا هذه..لا تظني بأنني غبي و أنك قادرة على خداعي..خذي..هذا دفتر الشيكات..اكتبي المبلغ الذي تريدينه و اغربي من هنا قبل أن تبدأ مراسم الزواج" و أخذ من جيبه دفتر شيكات مده نحوها..ضربته هزان على يده فوقع دفتر الشيكات أرضا..قالت" اسمع..لا أسمح لك بالتحدث معي بهذه الطريقة..أنا لا أطمع في المال..أساسا لم أكن أعرف أن أوغوز آغا..أصله و نسبه و ما يملكه لا يعنيني..أنا هنا معه..لأنني أحبه..افهم هذا"..

تمالك ياغيز نفسه لكي لا يرد عليها بعنف..جذبها نحوه بقوة حتى كادت وجوههما تتلامس..تكلم من بين أسنانه" اسمعي يا هذه..لن تقنعيني بأن الحب هو ما جعلك تتزوجين أخي..أنا أعرف مثيلاتك جيدا..تمثلن الحب على الرجال الضعفاء و العاطفيين لكي توقعوهم في شباككن..ثم تستولين على كل ما يملك..و تخونونهم..و تكسرن قلبوهم..لكنني لن أسمح لك بذلك..أخي هو كل عائلتي..و كل ما تبقى لي..و لن أسمح لوصولية مثلك بأن تستغله و تخدعه..مثلي كما تشاءين..و تظاهري بالحب..لكن لعبتك ستنفضح بالنهاية..أنا أعدك بذلك..و عندها..تأكدي بأنني لن أرحمك أبدا" حاولت هزان التملص منه لكنه أطبق عليها بأصابعه حتى آلمها..قالت" اتركني..انك تؤلمني" ابتسم بسخرية و تركها و هو يقول" جيد..سيكون هذا كافيا لكي تتخيلي ما أنا قادر على فعله..هذه ليست سوى البداية فقط" مررت هزان يديها على ذراعيها و قالت" متوحش..عنيف..لن أسمح لك بأن تلمسني مرة أخرى..صدق او لا تصدق..أنا لا أريد أموالا..و ليس لي عشيق..أنا أحب أوغوز..و أريد أن أقضي حياتي معه..لست مضطرة لاثبات شيء لك أو لغيرك..لا دخل لك في علاقتي بزوجي..انا و هو نحب بعضنا..لكن صعب على شخص مثلك أن يفهم هذا..أنا واثقة أنك لم تقع في الحب أبدا..و أية مجنونة تلك التي ستحبك أنت..و تكون معك أو تتزوجك..و حتى اذا فعلت ذلك..فستخونك عاجلا أم آجلا" احتنقت ملامح ياغيز غضبا و كور قبضته بقوة ..نظر إليها بعيون ملتهبة و صاح" اخرجي من هنا قبل أن أضع رصاصة في رأسك..اغربي" كان شكله مخيفا و نبرة صوته مرعبة..سارعت هزان بفتح الباب و الخروج..أما هو فضرب المكتب بقبضته بكل قوته..ترك حفرة وسط الخشب جراء لكمته تلك..ضغط بأصابعه على حافة الطاولة و تمتم" و ماذا تعرفن أنتن غير الخيانة؟ اساسا كلكن متشابهات..كلكن خائنات..حقيرات..لا فرق بينكن أبدا..عاهرات"

فتحت هزان باب غرفتها و هي تحاول إخفاء خوفها و اضطرابها..لقد ارتعبت من رد الفعل القاسي من الآغا..لم تعرف سببا لغضبه الكبير و لنظرة الإحتقار التي رأتها في عينيه..انه رجل عنيف و عصبي..و كانت تفضل ألا تلتقي بشخص مثله أبدا..انه نقيض أخوه الصغير أوغوز..لا يشبهه أبدا..لا تستطيع أن ترى فيه حنانا او تعاطفا او هدوءا..يرتفع غضبه كموج بحر جارف يغرق ما حوله..وقف اوغوز وراءها و همس" حياتي..أين شردتي؟" أجابت"لا شيء..أفكر في حفل الزواج..هل سيكون هناك كثير من الناس؟ أنت تعرف أنني أكره الاكتظاظ" ابتسم و قال" أعلم ذلك حبيبتي..لكن الأمر لن يطول..ساعتان او ثلاثة على أقصى تقدير..و نعم..سيكون هناك الكثير من الناس..عائلتنا عائلة آغاوات توارثت السلطة منذ أجيال..و كل أهالي ديار بكر يحبوننا و يحترموننا..لذلك سيكونون متواجدين بلا شك" تأففت هزان بضيق و قالت" اوف يا..سأكون محط انظار الجميع اذا..هل هناك زي خاص يجب أن أرتديه؟" و قبل أن يجيبها..طرقت نظمية الباب و دخلت و هي تحمل فستانا أبيضا طويلا و قالت" هزان هانم..هذا الثوب الذي يجب أن ترتديه هذه الليلة..تفضلي" نظر إليها اوغوز و قال" تمام..فهمت..سأخرج لكي تتجهز عروسي الجميلة ..سأكون مع أخي" قبلته هزان على خده و قالت" تمام حياتي" ..بعد خروج اوغوز..ارتدت هزان الفستان و وضعت مساحيقها و ثبتت الطرحة على رأسها ثم ثبتت الحزام الأحمر على خاصرتها..ابتسمت نظمية و قالت" هزان هانم..أنت جميلة جدا..سيدي أوغوز محظوظ جدا " ربتت هزان على كتفها و ردت" و أنا ايضا محظوظة به..شكرا لك نظمية" بعد لحظات..خرجت هزان من الغرفة عند سماعها صوت الطبل و الزمامير..رأت زوجها يقف مع الآغا..تقدمت نحوهما..التفت إليها ياغيز قبل أخيه..تسمرت نظراته عليها للثواني..ثم سارع بإبعاد عيونه عنها..وضعت هزان يدها على ذراع زوجها و قالت" أنا جاهزة حبيبي" ابتسم أوغوز و قبل جبينها و هو يقول" أنت فاتنة حبيبتي..هيا..يجب أن نخرج"..