50..أنت دوائي

1.5K 41 0
                                    

.حملت هزان حقيبتها و خرجت صحبة داريا ركبتا السيارة التي خصصها ياغيز لهما و انطلقتا نحو المستوصف..فيما ذهب ياغيز صحبة ألتان إلى الحقول و المصانع..اهتمت هزان كعادتها بتنظيم المواعيد و استقبال المرضى أما داريا فكانت في غرفة المعاينة تفحص كل مريض تقوم هزان بتمريره اليها..نظرت هزان إلى الساعة..كانت تشير إلى الواحدة بعد الزوال..قاعة الإنتظار فارغة..و لم يبقى سوى المريض الذي كان في غرفة المعاينة..دخلت إلى المطبخ الصغير..أخرجت الأكل الذي احضرته معها و أخذت تجهز المائدة لها و لداريا لكي تأكلان في فترة الراحة..سمعت صوتا في الخارج..خرجت لتجد الآغا فرات واقفا وسط مكتبها..سألت بعصبية" ماذا تفعل هنا؟" وضع يده على قلبه و قال بسخرية" أنا مريض..قلبي يؤلمني..أريد أن تفحصيني" رمقته بنظرة غاضبة و قالت" لست انا من تفحص المرضى..انها الطبيبة..اذا أردت سأسجل اسمك و تحصل على موعد" و اخذت قلمها لتهم بالكتابة..وضع يده على يدها و قال" لا عمل لي مع الطبيبة..أنت دوائي..عالجيني" ابعدت هزان يده بعنف و قالت بعصبية" حذرتك سابقا..ابتعد عني و إلا لن أرحمك..أنا امرأة متزوجة و يجب أن تحترم ذلك..احترم على الأقل اتفاق الصلح الذي أقمته معه" قرب وجهه منها و همس" و أنت؟ هل احترمت زوجك المرحوم؟ هل صنته في حضوره و في غيابه؟ هل احببته بما فيه الكفاية؟ ها..أجيبي..ألم تخونيه مع أخيه؟ ألم تعشقي أخيه و تتبادلي معه القبلات عندما كان هو المسكين مريضا و نائما؟ هل انا مخطئ؟" تمتمت هزان"اخرس و اذهب من هنا" امسكها من ذراعها و ضغط عليها بأصابعه و هو يسأل" أليس لديك ضمير؟ كيف تعيشين الآن مع زوجك الجديد براحة؟ ألا يؤنبك ضميرك ؟ ألا ترين المسكين اوغوز في منامك؟ الا تتذكرينه عندما تنامين مع أخيه؟" أبعدته هزان عنها بكل ما اوتيت من قوة و قالت" اتركني..ابتعد عني..لا اريد رؤيتك مرة اخرى..أنا لم أفعل شيئا أخجل به..أنا لست امرأة خائنة..ابتعد عني و اتركني و شأني" ابتسم فرات بخبث و رد" لن أدعك و شأنك..أنت خائنة..أنت امرأة سهلة..مهما حاولت ان تظهري العكس..من تخون زوجها مع أخيه تخون زوجها مع غيره..و أنا لن أتوقف قبل أن أحصل عليك" صاحت هزان به" اذهب من هنا..ليلعنك الله..هيا اذهب..اغرب" خرج فرات فيما بقيت هي ترتجف من غضبها و قد لامست كل كلمة قالها اعمق اعماقها..

بعد ذهاب فرات..بقيت هزان ترتجف من غضبها..اتكأت بجسمها على الحائط لكي لا تسقط أرضا..فتح باب غرفة المعاينة و خرج منه المريض متبوعا بداريا التي قالت" لا تهمل صحتك ..خذ ادويتك في وقتها و عد بعد أسبوع" اجاب المريض" حاضر دكتورة" و ذهب..التفتت داريا إلى هزان التي كان وجهها شاحبا و جسدها يرتجف بقوة و سألت" هزان.. ماذا حدث؟ لماذا تبدين شاحبة هكذا؟" نظرت إليها هزان و أجابت بنبرة حاولت ان تبدو طبيعية" .أنا بخير" قالت" كأنني سمعتك تصرخين أو ماشابه.. هل هناك من يزعجك؟" ابتلعت هزان ريقها و ردت" انه رجل مزعج أسمعني كلاما سيئا و ضايقني بشدة فاضطررت أن أجيبه باللغة التي يفهمها" ابتسمت داريا و أمسكت يد هزان و ساعدتها على الجلوس و هي تقول" تعالي..ارتاحي..المهم ألا تزعجي انت نفسك..مع الأسف..يوجد أشخاص مزعجون كهذا في كل مكان" مررت هزان أصابعها خلال شعرها و تأففت بضيق..كانت تشعر أنها تفقد احترامها لنفسها أمام الناس..كانت تشعر أن كرامتها تداس من قبل أشخاص وقحين و بلا شرف دون أن تستطيع حتى الدفاع عن نفسها..هو خطأ ارتكبته بحق نفسها عندما تسرعت بالزواج من أوغوز..كانت قد أمنت بأن ذلك الرجل هو حظها من الدنيا..و بأنها لن تقع في فخ ظهور رجل آخر أمامها يسرق دقات قلبها و يجبرها على الوقوع في حبه..و من يأمن الدنيا و مفاجآتها ؟؟ ..أحضرت لها داريا كأسا من الماء و قالت" .خذي..اشربي" ارتجفت يد هزان و هي تأخذ الكأس من يدها..واصلت هزان شرودها و تفكيرها فيما حدث معها..لقد أخطأت أيضا باستسلامها لياغيز حتى و لو لم يكن بجسدها لكنها علقت و تورطت به و بالتفكير فيه عندما كانت على ذمة رجل آخر..هو أخوه..كانت تتألم بشدة من ذلك الكلام المقرف الذي سمعته..و الذي تجد نفسها في كل مرة مضطرة لسماعه دون القدرة على تكذيبه..أو الدفاع عن نفسها..رفعت رأسها أخيرا إلى داريا و قالت" داريا..سأذهب إلى المنزل..أشعر أنني متعبة كثيرا" ردت" حسنا..سأهتم أنا بالمواعيد..لا تقلقي..اذهبي و سأتصل بك لكي أطمئن عليك" حملت هزان حقيبتها و خرجت..وجدت محمود ينتظرها بجانب السيارة..هو السائق الذي خصصه لها ياغيز لكي يصطحبها إلى حيث تريد الذهاب..ركبت دون أن تقول كلمة و عادت معه إلى القصر..

انشغل ياغيز مع ألتان و الرجال في جمع محصول القمح و تخزينه في المخازن ..نظر ألتان إلى ياغيز و قال" آغا..كأن محصول هذه السنة أفضل من السنة الفارطة..أليس كذلك؟" ابتسم ياغيز و أجاب" نعم..الحمد لله..الأمور تسير على ما يرام..اسمعني ألتان..لا تنسى أن توزع المقدار المعهود على المنازل المعروفة..و لتتواصل مع حيدر ..مساعد الآغا فرات لكي تعرف ان كان هناك محتاجون من أهالي عشيرته لكي نوزع عليهم أيضا" هز التان برأسه و قال" أمرك يا آغا" ربت ياغيز على كتف ألتان و قال و هو يبتسم" ألتان..أعلم أنك لا تتفق مع حيدر و لا تثق فيه لكننا الآن نعتبر أهلا..الصلح اتى في مصلحتنا..ارتحنا من المشاكل و التجاوزات و الاعتداءات المتواصلة..لنعش في سلام من الآن فصاعدا..افعل ما قلته أيها الأسد..تمام" ابتسم ألتان و رد" أمرك يا آغا..من أجلك أضع يدي في يد الشيطان و لا أهتم" نظر ياغيز إليه و هم بالكلام لكن رنين هاتفه قاطعه..انها رسالة نصية..فتحها ياغيز و تجهم وجهه فور قراءته لما كتب فيها..كان فيها"انتبه لزوجتك يا آغا..افتح عيونك جيدا ..الماء يجري من تحت قدميك و أنت لا تعلم" نظر ياغيز إلى الرقم الخاص الذي لم يظهر..لا يستطيع من خلاله معرفة المرسل..بدا الإنزعاج و الضيق واضحين على وجهه..ضغط على الهاتف بين أصابعه حتى كاد يحطمه..سارع إلى محو الرسالة و هو يقول" ما هذا الهراء..انه كلام لا معنى له..هناك من يريد أن يوترني و يستفزني..و لن أسمح له بذلك..لن اسمح لأحد بالدخول بيني و بين زوجتي و افساد علاقتي بها..لن أسمح بذلك أبدا" ابتعد عن التان و ركب سيارته و انطلق بها إلى المستوصف..وصل و دخل مباشرة..لم يكن هناك أحد سوى داريا..نظر يمنة و يسرة و سأل" داريا..أين هزان؟" أجابت" لقد غادرت منذ ساعة تقريبا..عادت إلى المنزل لأنها كانت متضايقة و متعبة" قال بنبرة قلقة" ما بها؟ هل هي مريضة او ما شابه؟" اقتربت منه و ردت" لا..ليست مريضة..لكنها كانت منزعجة..لا أعلم السبب..غادرت على عجل كأن الشياطين تجري خلفها" رفع ياغيز حاجبه استغرابا و لم يقل شيئا..غادر مسرعا و توجه نحو القصر..

الممنوع دائما مرغوب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن