37..الأعراف و التقاليد

2K 59 0
                                    

جمدت أوميرا في مكانها و لم تستطع ان تنطق بحرف..واصل فرات" قبل الزواج..لن تكون هذه المرأة سوى أرملة أخ فقط..لن تكون على نفس القيمة و الأهمية التي ستصبح عليها عندما تصير زوجة للآغا..عندها ستكون الضربة موجعة أكثر" لمعت عيون فرات بنظرة كلها حقد و خبث..نظرت إليه أوميرا و قالت" لا تؤاخذني يا آغا..لكن هناك أشياء لا تعرفها..لهذه المرأة بالذات مكانة خاصة لدى الآغا ياغيز ..انها ليست مجرد زوجة أخ بالنسبة إليه..انها اكثر من ذلك" رفع فرات حاجبه استغرابا و سأل" و كيف ذلك؟ مالذي تحاولين قوله يا إمرأة؟" صمتت أوميرا و ترددت كثيرا قبل قول ما ستقوله لكنها كانت تريد ان تتخلص من هزان بأية طريقة كانت..قالت بنبرة جادة" هزان هي حب الآغا ياغيز..حبه الممنوع و الذي كان مستحيلا بوجود اخيه بينهما..انه يحبها و يعشقها..و بموت اخيه..سيصبح الطريق مفتوحا امامه لكي يكون معها" انتفض فرات واقفا و امسك اوميرا من كتفيها و راح يهزها بشيء من العنف و هو يصيح بها" ما هذا الكلام الذي تقولينه يا هذه؟ هذا كلام خطير للغاية..هل انت متأكدة مما تقولينه؟" هزت براسها و اجابت" نعم..انا واثقة من ذلك..انه يحبها" قال فرات بنبرة تهديد واضحة" انظري يا هذه..اذا كنت تكذبين فستكونين قد جنيت على نفسك..انا لا أمزح..و لا بد انك تعرفين جيدا من يكون الآغا فرات" افلتها ففركت اوميرا كتفيها و هي تقول" أنا لا اكذب يا آغا..اذا اردت ان تسدد ضربة قوية لياغيز..فأبعد عنه هزان..و سترى انني صادقة فيما اقوله" ابتسم فرات بسعادة و قال" سيكون ذلك من دواعي سروري"..

انتهت أيام العزاء الثلاث التي تقبلت فيها هزان واجب المواساة من نساء المنطقة و زوجات كبار رجال العشيرة..كانت تأكل في المطبخ صحبة الخدم..تلتقي بالنسوة..ثم تنزوي في غرفتها..لاحظت غياب أوميرا لكنها لم تسأل..بل تكفلت إحدى الخادمات بإخبارها بأنها حملت حقيبتها و رحلت عن القصر..في أعماقها شعرت هزان بالإرتياح لذهاب أوميرا..لم تكن قادرة على تحمل وجودها بجانب ياغيز طوال الوقت..لكنها في ذات الوقت لم تكن قادرة على اعطاء نفسها ذلك الحق..بان تكون هي بجانبه و كجزء لا يتجزأ من حياته..مازالت ترى في علاقتهما مستحيلا و ممنوعا لا يجوز حتى الحديث عنه..رغم وفاة زوجها الذي كان هو العائق الوحيد بينهما..في صباح اليوم الرابع..راحت هزان تجمع ثيابها و تجهز حقيبتها استعدادا منها لمغادرة القصر..سمعت طرقات على الباب دخلت على اثرها الخادمة زليخة تدعوها للذهاب إلى غرفة الإستقبال حيث يجتمع ياغيز بكبار رجال العشيرة..نزلت هزان بخطى وئيدة و هي تتساءل عن سبب هذه الدعوة..دخلت و اخذت تنظر إلى الرجال العشر الذين كانوا جالسين على يمين ياغيز و شماله..رجال لهم هيبة و وقار و مكانة واضحة..وضعوا العبايات الحريرية على أكتافهم و امسكوا بالمسبحات في يديهم و زين خصورهم خناجر ذات مقابض ذهبية..ارتعدت هزان و سألت" تفضلوا..لقد ارسلتم في طلبي" وقف أحدهم و قال" البقية بحياتك يا ابنتي..لقد فقدت عزيزا و نحن كذلك..لكن هناك موضوع هام توجب علينا ان نحادثك فيه" قالت" تفضل" قال الرجل" بإسمي و بإسم كل كبار عشيرة ديار بكر..اردت ان اعلمك بأن عرفنا و عاداتنا ستطبق في وضعك هذا..و لن يسمح لك بمغادرة القصر" نظرت هزان إلى ياغيز و قد قطبت جبينها و سألت" ماذا يعني هذا الآن؟ماذا تريد أن تقول ؟" صمت ياغيز فأجابها الرجل" أنت ارملة الآغا الصغير..و بما أن الآغا الكبير اعزب..فتوجب ان نزوجكما في أقرب فرصة" ضحكت هزان و قالت" لا بد أنكم تمزحون..ما هذا الكلام الغريب" وقف ياغيز و قال" هزان..لم تسمح الظروف بأن أخبرك بأن هذا عرفنا في هذه المنطقة..و يجب علينا جميعا ان نحترمه..ارملة الاخ تكون زوجة للاخ الاعزب..هكذا هي العادات" همت هزان بالكلام لكن الرجل قال" استطيع تفهم استغرابك ..ستتحدثين فيما بعد انت و الآغا..و سيشرح لك الوضع بالتفصيل..أردنا فقط اخبارك بذلك.. اتمنى ان تلتزمي بكلامنا". .

الممنوع دائما مرغوب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن