٢٢ | طائر العنقاء

175 32 67
                                    

— «إنهم يتسائلون عن ماهيتك، لقد صرت تبدين....» حملق في وجهي محاولاً إيجاد الوصف المناسب لمظهري الغريب. لقد توقعت أن يتحدث الحماة بشأن شكلي، عيني وأذني وذلك القرن الذي يزداد طولاً يومًا بعد يوم.

— «تبدين مثلي، غريبة.»

وجهت عقلي إليه، كان سراج محقًا، إن شعره الأبيض الذي اعتدته تخلله اللون البرتقالي، بينما عينيه رمادية اللون، هل كان لونها هكذا من قبل ولم ألحظ؟ من النادر أن أرى بؤبؤ عين ليس بداكن، لقد كنت دائمًا الوحيدة من تحمل أعين غريبة.

— «هذه القلادة.» أمسك سراج بقلادته، عينيه كانت متوهجتين. إنها القلادة التي تحمل شكل طائر العنقاء، راح يتأملها ثم قال لي: «إنها هدية من والدتي، تمثل ما أنا عليه، لقد كنت فخر عشيرة دَمخ ذات يوم، كنت المنتظر، وهل تعلمين ماذا حدث؟ ولدت كأسطورة قد تحققت أخيرًا، سُميت بفارس العشيرة لفترة طويلة، حتى جاؤوا وحملوني إلى البوتقة، عشيرتي وكل من عرفته قد ماتوا، كنت الوحيد الناجي من ذلك الوباء.»

الوحيد الناجي؟! إن سراج يشبهني إلى درجة لم أتوقعها. ابتعد عن هاوية السطح، نظر إلي مطولاً وقال: «أريد أن أرد الدين لك، لإنقاذي يومًا، لذلك اسمحي لي بمساعدتك.»

— «كنت على وشك أن أرجوك لتفعل ذلك.»

ابتسم بحرج ناظرًا إلى قدميه، لم يقل شيء، بل واصل في تحريك قلادته على عنقه. جاءت رياح حارة عابرة، كان القمر مضيء بأكمله، وصوت صفير الرياح اشتد.

— «كيف سوف تساعدني؟»

قبض على قلادته بقوة، أبصر وجهي بأعين لم أعهدها من قبل، شعره صار أصهب اللون بالكامل.

— «عديني أنكِ لن تخافي!»

ضحكت! كم بدا الضحك بعد مدة طويلة من العزاء مريبًا، لكنني حقًا ضحكت بمرارة قائلة: «أخاف؟! لقد خضت الكثير من المعارك، لقد مات أصدقائي، ماتت عائلتي، ما الشيء الذي قد يخيفني بعد ذلك؟» تبًا! أكره هذه الدموع التي تركض لعيني تطلب الخلاص.

لم أرَ تعابيره، انفجر الريش من حولي، ريش أحمر ورمادي، رأيت جناحين غاية في الضخامة يرفرفان فوقي.

لم أستوعب الأمر سريعًا، كنت تائهة، حتى رأيت وجه سراج، كان وجهه مليء بالريش، ولم يلبث إن اختفى وظهر بدلاً منه وجه طائر العنقاء ، الضخم والمهيب، غطى السماء من فوقي، حجب ضوء القمر الباهت، ثم عصف بجناحه جاعلاً الرياح تدب في أعماقي!

لم أفهم للحظة، بقيت محدقة به دون وعي، فقط أشاهد هذا المخلوق الخلاب، لم أشعر بشيء منذ فقداني لهم، لكنني الآن أشعر، أشعر بالانبهار، بالدهشة، بل الرغبة في الطيران مثله.

شادهافار حيث تعيش القصص. اكتشف الآن