لقد مضت ثلاثة أسابيع ونحن على متن هذا القارب، استنزفنا الطعام، لم يكن باستطاعتنا سوى شرب مياه البحر المالحة التي زادت الوضع سوء مع الجفاف، قربة الماء قد خلت تمامًا.
أرى كل ما حولي يتموج إثر شعاع الشمس، خيوط رهيفة ممتدة ومشعة، كانت حارقة، وكنت أذوب، حتى المياه كانت ساخنة.
كالأموات ممددين على سطح القارب، أنا وأيان نضع العمائم، لحسن الحظ أنه قد تغلب على دوار البحر، بينما كان حادس يحتمي بجلبابه السحري، وكانت ريف أكثر من يعاني.
وجهتنا لأقرب يابسة هي مجموعة جزر البدر أحد المقاطعات الخاصة بمملكة العريب، تقول ريف أننا اقتربنا، قالت ذلك منذ يومين، وها نحن ذا نكافح في ظل الظروف الراكدة للبحر، حيث كان من المفترض أن نصل مبكرًا، ولكن الأشرعة لم تتحرك قيد أنملة، وأيدينا قد تيبست بفعل التجديف المتواصل، ولم يعد بوسع أيان استعمال طاقته في تحريك الرياح، فقد استهلك الكثير، مما جعله خامل ومرهق.
تقاسمت الخبز مع أيان، كان رطبًا بطعم الملح، كل شيء طعمه كالملح. حصلنا على مؤنة جيدة من جزيرة بتّار، بما يكفي لأسبوعين، ولكن مدة سفرنا قد طالت، حيث لم يبقَ لنا ما يكفي لأسبوع آخر.
- «لا أصدق أنني سأقولها، في هذه اللحظة الحارة أتمنى لو أنني كنت تحت السماء الصلبة المظلمة.» قال حادس متذمرًا، وقد نزع جلبابه بضيق، يبدو وأنه متعب لينفذ تعويذاته.
تملمت ريف في مكانها، وقالت: «أشتاق إلى أجواء قُطر شبال.»
- «طائر ضخم!» همس أيان وهو ينظر للخلف، وحين نظرت إلى حيث أشار، رأيت ظلاً كبيرًا في الأفق، حاولت التمعن به مستكشفة ما هيته، حتى لاحظت أنه يتحرك للأمام، متجهًا ناحيتنا.
- «إنها سفينة!» قال حادس هاتفًا، وقد اشتعلت عيناي حماسًا، وكل ما فكرت به هي النجدة، سنطلب النجدة، لن نموت جوعًا وسط المحيط.
وقفنا نحن الثلاثة عدا حادس، أخذنا نلوح للسفينة لعلهم يروننا.
اقتربت السفينة، وقد توضحت معالمها، كانت ضخمة للغاية، بأشرعة بيضاء واسعة.
أنت تقرأ
شادهافار
Fantasyغرقت السماء في دماء العالم السفلي، حمراء قانية، وزمجرت الأرض وأخرجت ما في كبدها. لا تزال بريق غير مصدقة لما حدث، رغم إدراكها أن أمرًا كهذا من الطبيعي أن يحصل، من الطبيعي أن تخسر مملكة العريب أمام شيطان مثله. ما هو الشيء الذي جعلتها الشادهافار الأولى...