٤٤ | معركة الرحيل

122 12 13
                                    


هل سوف يقتلني؟ تساءلت وأنا بين يدي غيهب.

ممسك بي بقوة، كما لو أني سأفرد أجنحتي في أي لحظة وأطير بعيدًا عنه.

أنظر تارة لأيامين وتارة لخاطفي، الذي أُمر للتو بأن يقتلني. مستعدة للموت، فكيف عساي أن أعيش في عالم يغزوه الظلام؟ فكرت أن ما تبقى من رفاقي قد لقوا حتفهم، حتى وإن لم يفعلوا، فلا أمل للنجاة بعد الآن.

هو لا يهتم لأمري، لربما أخطأت الشادهافار الأولى حين أخبرتني أن لا خيار لي سواه، أيامين لا ينظر إلا لعدوه الواقف باستقامة مستعدًا للانقضاض عليه.

أراد الأسدف أن يجعل مني جثة هامدة أمام الرجل الذي يفترض أنه والدي، ولكن غيهب لم يفعل سوى حملي بين يديه بعيدًا عنهم.

أرى أرض المهبط قاحلة جدباء، أشجارها المزهرة أضحت جرداء، وأنهارها الرقراقة جفت وتبخرت. الأراضي التي تغزوها الحيوانات البديعة، صارت أرضًا لغيلان الدرك.

كيف أنقذ هذا العالم من الدمار؟ اسأل بغية إجابة، ولا مكان في عقلي لصوت الشادهافار نور، ولا أحد هنا ليرشدني.

«تلميذك لا يبدُ مطيعًا جدًا.» أسمع صوت أيامين. يتمتع بروح الدعابة في حين أرضنا تسلب منّا ومعها الحياة.

«قلت لك اقتلها حالًا!».
لكم بدت عينيه الجاحظتين مرعبة، وتلك العروق السوداء تغزو وجهه الشاحب الشيطاني.

أعلم في قرارة نفسي أن غيهب لن يؤذيني، وكم بغظت ذلك! لقد رأيته وما زلت أراه يغرس يده في صدر أيان.

ضحك أيامين ساخرًا، في حين واصل الأسدف: «أو ربما علي التخلص منك أولًا، فتلك الفتاة حتى وإن عاشت فلا فرق بينها وبين الميت».

«تتحدث وكأن التخلص مني كما التخلص من ذبابة. الاستهانة بالعدو فكرة غبية، ظننتك أذكى من ذلك».

اقترب الأسدف منه رويدًا، رأيت يده تحوم حولها طاقته السوداء فارتعدت أوصالي.
«شخص لم يستطع الوصول إلي إلا بالتضحية بابنته، نعم أعتقد أنك مجرد ذبابة».

لم يتحرك أيامين، ولا زالت ابتسامته الساخرة حائل بين الدمار حولنا.
«لا يهم كيف توصلت إليك، ما يهم الآن أنني في صدد نزع أحشائك ورميها لحفارين القبور».

ضحك الأسدف ضحكة زلزلت كياني، وأردت الهرب بعيدًا عنهم، لكن يدي غيهب تؤكد استحالة ذلك. لم أرد أن أرى تلك المعركة، لم أرد أن أسمع أي كلمة منهما، كل ما أردته في تلك اللحظة هو البحث عن عائلتي، البحث عن سنمار الذي تركته وحيدًا غائب الوعي في أرض مقفرة، وتساءلت إن وصل إليه الظلام، وإن كنت سأصبح سببًا في مقتله أيضًا.

شادهافار حيث تعيش القصص. اكتشف الآن