٣ | جبل الساحرة

511 60 29
                                    


نظر أيان لبقايا ما سماه بيته يومًا، وأجزم أن جثة والده قد تفحمت بالداخل، خطر بباله قبل أن يفر هاربًا؛ إنها اللحظة الأخيرة، ربما لن يعود أبدًا إلى هنا، كيف ولا وهو يشق طريقه حيث الأراضي المحرمة، جبل الساحرة رحلة بلا عودة، وحتى وإن نجى، سيكون بانتظاره ذلك الرجل الضخم المرعب، البيدق سيفان، والذي يقال أنه لم يهزم سوى من رجل واحد، وقد كان سببًا في ندبة وجهه.

وإن نجى، لن يرغب أبدًا في المضي إلى الأطلال، سيكون كئيبًا إن عاد، مليئًا بالوحدة دون هدف، ودون شخص ما ينتظره بوجه عابس يجلس على دكة الساحة.

توغل الثلاثة إلى الداخل، بعد أن تركهم القط قائلاً أنه لن يقدم نفسه قربانًا للساحرة. بالكاد يرون أقدامهم التي تجتاز المياه الضحلة، والضباب يغطي المنطقة، مستندين بتلك الأشجار الرمادية الخالية من الورق.
ما أن تخطوا مياه النهر، وأخذوا يمشون على أرض طينية؛ اقترح حادس أن يمسكوا بأيدي بعض، حتى لا يضيعوا بفعل ذلك الضباب الذي ازداد فجأة، والطين الذي أصبح دبقًا وأشد عمقًا.

لا تزال عيني سيفان عالقة في بال بريق، وتلك الرعشة لا تزال تصيب أطرافها، متسائلة أي جبار ذاك؟ وترجو آملة أن لا يكون خلفهم.
قالت متحسسة يديهم بين قبضتيها: «أيديكم أصبحت لزجة ملمسها كالطين حقًا.» نزع حادس يده فورًا وقال: «هذا طبيعي، أنه التوتر، تخيلي أن ساحرة سفاحة تراقبنا الآن.»

– «لا تخف الطفل هكذا يا حادس.»
– «أنا لست طفلاً.» قال أيان بصوت خافت وهو يحاول نزع يده من يدها، ولكنها لم تفلته، بل لم تلاحظ أنه يجاهد بنزع يده.
قال حادس ساخرًا: «ماذا؟! هل سوف تتصرفين الآن كالأم؟»

ابتسمت بسذاجة وهي تحيط ذراعها حول عنق أيان المضطرب وقالت: «ربما كأخت، ما رأيك؟ وأنت الجدة المتذمرة. أظن أصبحنا عائلة رائعة، ألا تظن؟»
اكفهر وجه حادس، وجر ذراع بريق، حتى كاد يسقطها على وجهها.

– «ألم يعجبك لقب الجدة لتلك الدرجة؟ إذن ما رأيك بالكاهن المتشائم؟»
قال لها بحدة بعد أن وقفا بعيدًا عن أيان: «ألا تفهمين؟ لقد توفي والده اليوم وأنتِ تتصرفين وكأننا سوف نقيم حفلاً.»

أبعدت يده عنها بقوة وقالت: «أنا أحاول تلطيف الجو، ما فائدة الحزن الآن؟»
نظر إليها بحنق، وابتسم متكلفًا وقال:
– «أنتِ آخر من يتكلم عن فائدة البكاء، هل نسيتِ أيامك الأولى في البوتقة؟ لقد بكيتِ حتى مرضتِ.»

– «ولم يكن هنالك شخص يواسيني أيضًا، شخصًا يحاول أن يجعلني أنسى كما فعلت مع هذا الصبي المسكين».
سخر حادس قائلاً: «مع ذلك قطعتِ علاقتك بوالدتك سريعًا دون أي توضيحات، وكأنها لم تخرجك يومًا للحياة.»

شادهافار حيث تعيش القصص. اكتشف الآن