١ | البوتقة

3.2K 145 83
                                    

حدث ذلك في مقاطعة شبال، وفي ذلك اليوم، أحتفل الشعب بحلول عيد مطلع الربيع، يرقصون ويغنون في الأزقة وساحات البيوت، ويصنعون كعك التفاح، والذي تفوح رائحته أرجاء المعمورة، وتبعث البهجة إلى صدور السكان

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

حدث ذلك في مقاطعة شبال، وفي ذلك اليوم، أحتفل الشعب بحلول عيد مطلع الربيع، يرقصون ويغنون في الأزقة وساحات البيوت، ويصنعون كعك التفاح، والذي تفوح رائحته أرجاء المعمورة، وتبعث البهجة إلى صدور السكان.

أذكر كيف كانت أول مرة زرت فيها المدينة الحية بكل ما فيها. عندما ذهبنا في رحلة خارج البوتقة، لحضور الاحتفالات، لست أدري كم كنت أبلغ من العمر، ولكني كنت في طول ثيران البوتقة صهباء الفراء.
كان شعري منفوش ولا يزال، والنمش أكثر بروزًا على وجنتي. عددنا عشرون طفلاً، ويرافقنا معلمان. لا أذكر لماذا بالضبط تم اختيارنا نحن العشرون وحسب من بين مئات من أطفال البوتقة، ولكني أذكر سعادتي ودهشتي عندما وقفنا في الأعلى نشاهد الجوقة وهي تطوف شوارع المدينة بآلاتها الموسيقية، وكيف كان الجميع يحمل الزهور ويغني أعذب الألحان.
انخطفت الأنظار ناحية مسيرة الجمال المحملة بالهوادج على ظهرها، وظهرت من خلف الستار طفلة مزينة بتاج من الورود، وهي ابنة وصي شبال الوحيدة 'أجاويد'، وتمثل أيقونة الجمال بشعرها الأسود المجدول. لا أزال أذكر جيدًا كيف أطلت بابتسامتها البريئة، وهي تلوح للحشد بيدها الصغيرة. وقفت حينها متأملة مسحورة بتلك الأجواء الخلابة.

بعد شتاء قارس كاد يفتك بهم، وبعد مرور سنتين على انتهاء الحرب، وتعيين 'بهرام' كحاكم للملكة العريب ومقاطعاتها الاثني عشر. انتهت حقبة صراعية، أودت بحياة الكثيرين إلى التهلكة، ولا زالت تظهر بعض معالمها على جدران البيوت. مع ذلك، نسي الجميع المقابر الفائضة، والمساجين الأطهار، ورؤوس الثوار المعلقة كعبرة، وقد نضت وصارت جماجم مرعبة. نسي الجميع كل شيء، وبدأوا في التأقلم مع الحياة الجديدة، الأوصياء الجدد، والبيادق المحدقين بكل جشع لما في يديك. نعم لا أزال أذكر ذلك بدقة، ذلك بالذات.

أهم أحداث ذلك اليوم كان في نهايته، عندما أخذت أجسادنا تهتز على ظهر العربة إثر دخولنا غابة اللَّبْلاَبْ عائدين إلى البوتقة، لكن أمرًا غريبًا جعل المعلم يوقف الثيران التي خرخرت على عجل، وهو يحرك عصاته بانفعال. ارتطمت رؤوسنا ببعضها، وتطاير عشب اللَّبْلاَبْ من حولنا.
صاح المعلم بصوت جهور: «يا إلهي! أي مصيبة هذه؟»
ارتفعنا لنرى إلى ما يشير، أصدرت الثيران الأربعة صوتًا رهيبًا مخضخضة رؤوسها. ظننت لوهلة أن ذلك الجسد الصغير مجرد كومة قماش ملقاة في منتصف الطريق.

شادهافار حيث تعيش القصص. اكتشف الآن