— «لقد أخبرتك!» ارتفع صوتها حين بدت غاضبة فعلاً مما قام به الصياد أنمار، لكنها لم تعد بذلك الغضب الأول من سرقة ساعتها، لقد تبلدت مشاعرها لكثرة اختفاءها، كما أنها لم تعد تشعر بتلك المشاعر الجياشة نحوها، صارت بالنسبة لها شيء ما كان يجب أن تأخذه، شيء لا تنتمي له، لذلك لم تتردد في التفكير بإعطائها إلى البيدق ناب.
— «ربما فقط أضعتيها في مكان ما.» كان حادس واثقًا من أن الصياد قد سرقها، لكنه مع ذلك ظل يبرر موقفه حتى لا يبدو وكأنه قد تمت خيانته.
نظرت بطرف عينها نحوه، وقالت بانزعاج: «تعرف أنني أحافظ عليها في حقيبتي، ولم أخرجها أبدًا، كيف يمكن أن أضيعها؟ لِمَ لا تعترف وحسب أننا وثقنا بلص، أقصد وثقتم، فأنا حذرتكم منذ البداية.» استلقت على فراشها أرضًا، ونظرت عابسة للسماء، كانت النجوم شديدة اللمعان.
قالت لها ريف: «ربما عليك غدًا البحث عنه، لا أظنه قد يرحل، فلا رحلات تواجدت للسفن الليلة، كما أن هنالك الكثير من أفراد عصابة النيطل هنا، ودعيني أخبرك أنهم ليسوا بشر وحسب، بل الكثير من السنوريين.»
اعترض حادس: «لكنه لم يعد في العصابة، بل حتى الزعيم يمقته لسبب ما.»
— «لكنه لا يزال لصًا، وسوف يبحث عن من يشابهه.» نطقت بريق بحدة، وهي عازمة على البحث عنه إن كان ممكنًا إيجاده، وهذه المرة لن ترحمه.
كان عليهم النوم في العلية، كان ذلك كرمًا من البيدق ناب كما قال، وقد اتفق أن يجدوا وظيفة بجانب تدريبهم اليومي، حتى يسددوا المبلغ المطلوب.
— «بريق...» نادى أيان هامسًا، وقد كان مستلقيًا بالقرب من قدميها. حركت بريق رأسها متوجهة نحوه.
— «من الجيد أنه غادر، ربما يكون هو الخائن، فقد سرقك.» قال أيان مبررًا، وقد أخبرته بريق بما قال لها الملثم، ولم تستطع اخبار أحد غيره، فالبقية لا يثقون بكلام الرجل الملثم.
— «ليس ربما بل أكيد، لست أدري كيف عرف أن هنالك خائن معنا، ولماذا حذرني.»
— «ولماذا قال أنه قد يستغل غبائك إن لم تعرفِ الخائن؟»
— «عن أي شيء تتهامسون؟» تسلل رأس ريف معهم، وارتبك الاثنان، حتى ألقت بريق رأسها على الوسادة مدعية أنها نائمة، وفعل أيان ذات الأمر مصدرًا شخيرًا.
— «هكذا إذن..» عادت ريف لتستلقِ على فراشها، غير راغبة في التفكير في ذات الأمر، أرادت بشدة الهروب من خوفها وتفكيرها المؤرق، قبل أن تأتي لموطنها؛ ظنت الأمر يسيرًا وسوف تتجاوزه، ولكنها الآن تخشى أن يرونها، رغم ثقتها الكبيرة بأنها تستطيع الدفاع عن نفسها، خاصة بوجود رفاق سوف يدافعون عنها دون كلل، لكن ما يخيفها فعلاً كان نفسيًا، أن تراهم مجددًا، وتتذكر كل تلك المعاناة التي خاضتها.
أنت تقرأ
شادهافار
Fantastikغرقت السماء في دماء العالم السفلي، حمراء قانية، وزمجرت الأرض وأخرجت ما في كبدها. لا تزال بريق غير مصدقة لما حدث، رغم إدراكها أن أمرًا كهذا من الطبيعي أن يحصل، من الطبيعي أن تخسر مملكة العريب أمام شيطان مثله. ما هو الشيء الذي جعلتها الشادهافار الأولى...