١٤ | الحُماة

237 35 60
                                    


لم ترغب بريق بأخذ أحد معها عدا الطبيب، لكن غيهب استثناء حطم الجدار، لأنه كان أكثر عنادًا من الجميع، كان عنيدًا بلا نقاش، مما جعل بريق تستاء أكثر، فهي لم تفهم بعد لماذا جاء معهم، بل لماذا يُصر دائمًا على اللحاق بها.

انعطفوا يسارًا باتجاه الأزقة المظلمة، كانت بريق تتقدمهم ويملي عليها الأب اتجاهات الطريق. توقفت النيران عن السقوط، لم يكن هناك أي أصوات للمدافع، استطاعت بريق رؤية الكثير من الحُماة يتجولون على أسطح المباني، بل إن منهم مجموعة لا بأس بها يمشطون المنطقة بالأسفل. ثيابهم البيضاء لا تتناسق مع الجثث والدماء التي ملأت الطرقات.

كادت بريق أن تقطع الشارع، فأمسك بها الرجل من تلابيب ثيابها، وأعادها إلى البقعة المظلمة، حيث اختبأ الثلاثة هناك لمدة قصيرة. كانوا ثلاثة من الحماة يسيرون ضاحكين، بدا أنهم يلقون النكات. نزعت بريق قبضته عن ثيابها، كان وجهها مشتاط، فخرجت لهم من زاويتها المظلمة إلى النور، فهب الثلاثة مُستلين أسلحتهم.

– «توقفوا!» قالت بملء صوتها، صار غيهب محاذيًا لها، فركز اثنان منهم على قناعه المريب.

– «من تكونين؟» قال أوسطهم موجهًا سيفه إلى وجهها، لكنه لم يلبث حتى أخفضه، بل طار عاليًا، وسقط صاحبه وقد ذرف الدماء من عينه. كان غيهب قد وجه إليه سهمًا دقيق التصويب. حين هجم الاثنان الآخران؛ قضى عليهم في لمح البصر، كان سريعًا بأسهم فتاكة تعرف طريقها جيدًا. سقطوا أرضًا، في حين ما زالت بريق تقف مندهشة، تحدق بأجسادهم وهي تتلوى ألمًا في الأرض.

– «لا تفعل هذا!» قالت صارخة: «لم يكن هذا ما أردته، لقد أردت اخبارهم بما نفعل، أردت طلب المساعدة، فهم ضد الحاكم قبل كل شيء، ونحن كذلك. قد يمكن أنهم فعلوا أمورًا سيئة، ولكن ما يزال هدفهم سامي، ربما لم يكونوا ليقتلونا إن قلنا لهم أين نتجه ولماذا.» لم يكن بوسعها رؤية تعابيره بذلك القناع الموحش، لكنها متأكدة أنه يظهر تعابيره المتبلدة.

– «علينا الإسراع.» قال الآخر منبهًا، أصغت إليه وهي تشتعل غضبًا، أرادت أن تضرب غيهب حتى يتوقف عن كونه غريب أطوار.

وصلوا إلى حيث تواجد منزل صغير في نهاية الشارع، كان المنزل مكشوف من جوانبه، واضطروا للركض وصولاً إليه ظاهرين للعيان، فشكر والد الطفل ربه مرارًا عندما وصل للباب سالمًا، فيما أدارت بريق الباب ولم يفتح. سار الثلاثة للخلف، فتسلقوا إلى النافذة. حطت أقدامهم على سطح المنزل، فراح الأب من فوره نحو سلم للأسفل، قائلاً أنه القبو حيث يبقى السكان، بدا سعيدًا كما لو أنه وجد كنزًا، ولم تكن سوى لحظات حتى غابت سعادته بعيدًا.

حطت كرة المدفع متفجرة، تحطمت واجهة المنزل تمامًا، سقط الثلاثة إثر الارتجاج، وحين أبصرت بريق ما حولها خوفًا، وجدت أن الجميع بخير، لكنها أبصرت في قمة مبنى أمامهم خمسة من الحماة يوجهون فوهة مدفع ضخم نحوهم. ركضت إلى الفتحة التي تُظهرها، راحت ترفع يديها عاليًا ملوحة، كان وجهها وثيابها ملطخة بالرمال بسبب حطام المنزل.

شادهافار حيث تعيش القصص. اكتشف الآن