«لا أفهم المغزى من اغداقنا بكل هذا الطعام الكثير، نحن في حالة حرب، الناس يموتون جوعًا في بيوتهم خوفًا من الطلوع بحثًا عن لقمة العيش». لم يلمس المسن ذو اللحية البيضاء الصحون المتراكمة حوله من شتى أنواع المأكولات.
«إن كانوا يموتون جوعًا هذا لا يعني أن نقتل أنفسنا من الجوع تضامنًا معهم». تحدث قائد الحرس وهو يحشو فاه بقطعة لحم ضخمة.
كانت مائدة طويلة، اجتمع حولها خمسة وعشرون شخصًا من مختلف أقطار مملكة العريب، في جو مشحون متزعزع، من بينهم امرأة عريضة المنكبين، لها شعر قصير، تضع على صدرها الأيمن شارة الحماة. قالت وقد وضعت ساق فوق الأخرى:
«لا تستغرب سيادة الزوير، هؤلاء من عاشوا تحت ظل الحاكم، هم كالبهائم يعيشون من أجل بطونهم، ولا يفكرون في أحد غير أنفسهم».نظر أحد الكهنة الخمسة نحوها في غضب قائلًا:
«أرجو أن تراقبي ما تقولينه أيتها الآنسة المحترمة، تذكري أنك أقسمت بالعُرف».«قسمي بالعرف لا يعني أن لا أبدي رأيي بكم».
أنهى قائد الحرس لقمته ولا زال بعض من آثارها حول شفتيه المدهونتين بالشحم وقال: «يجب أن تكوني شاكرة لدعوتنا لك على هذه المائدة الملكية، فلم يتسنَّ لأي من أبناء الشارع مثل هذه الفرصة الذهبية».«أنت من يجب أن تكون شاكرًا لإبقاء رأسك بين كتفيك». ذكّرت قائدة الحماة الرجل الذي كاد يقتل على يديها، لو لم يعقد ذلك التحالف البغيظ بعد أن سقطت سماء مملكة العريب.
تعالت الهمسات الاستنكارية حول المائدة، في حين تبادل الاثنان نظرات متوعدة لم يقاطعها إلا اعتراض الزوير: «ما بالكم بحق السماء؟! الخصام لن يفيد أحد منا، هل يمكن لنا لمرة واحدة أن نجلس معًا ونناقش بسلام؟».
أيده أحد الكهنة، وكان أسمن الكهنة وله وجه بشوش. «إما أن تكرسوا غيظكم لمن يستحق،
أو تقتلوا أنفسكم بأيديكم. الظلام في الخارج يتوسع، والنبوءة تحققت، ونحن على أعتاب الموت إن لم نواجه هذا الخطر معًا متغاضين عن سوابقنا، فسوف نصبح نحن مائدة لغيلان الدرك».
أنت تقرأ
شادهافار
Fantasíaغرقت السماء في دماء العالم السفلي، حمراء قانية، وزمجرت الأرض وأخرجت ما في كبدها. لا تزال بريق غير مصدقة لما حدث، رغم إدراكها أن أمرًا كهذا من الطبيعي أن يحصل، من الطبيعي أن تخسر مملكة العريب أمام شيطان مثله. ما هو الشيء الذي جعلتها الشادهافار الأولى...