٢٩ | شتات

168 38 74
                                    

ظلت ريف تدور في الغرفة، التوتر ظاهرًا على وجهها، ودت لو تخرج حالاً وترى ما يحدث حتى تصدقه. وقعت الأخبار كالصاعقة عليها، حين نطقوا أن بريق وغيهب لم يعد لهم وجود على اليابسة. انقبض قلبها، وأخذ جسدها يرتعش، ولم تستطع الجلوس لثانية منذ ذلك الوقت. راحت تفكر أنها السبب، ظنت لوهلة أن مجيئها إلى هنا هو خيرًا لبريق، لم يخطر ببالها أنها قد تعرضها لهذا الخطر الكبير.

نظرت إلى التوأمان النائمان على الأريكة، لقد شاركاها ما جرى، وتفاعلا معها، لكنهم لم يستطيعوا إيقاف اضطرابها، وظلا يراقبانها وهي تطوف الغرفة حتى غفى الواحد تلوَ الآخر.

جلست أخيرًا على الكرسي، آخذةً في مراقبتهم، واضعة كلتا يديها على رأسها، والضيق جليًا عليها. سبق وقد تضرعت لهم حتى يفتحوا لها الباب، قالت أنها ستعود إلى هنا إن أعطوا لها مهلة، وكانت محقة في وعدها، أرادت فقط أن تطلع حتى ترى بأعينها كيف اختفوا وأين اختفوا.

حتى حادس لم يعطِ استجابة، وقد أرسلت مِرسال إليه، تسأله عن الأحوال، كان ذلك منذ أكثر من خمسة ساعات، ولم يستجب، بل عاد مِرسال بلا أي رسائل أو توضيحات.

— «أنتِ!» رفعت رأسها بغتة، وأحست أنها قد بدأت تهلوس وتسمع أصوات، حتى رأت ظلالاً من النافذة المسيجة بقضبان معدنية. كان الجدار الحجري صلبًا، لكن السياج لم يكن بمثل صلابته، مع ذلك فهو قوي وراسخ في الحجر بشدة. أمسكت ريف بالقضبان، وراحت تحاول النظر لما حوله، وحينها شاهدت أيان محلقًا أمامها، وكانت صدمتها كبيرة أدت لشهقة عالية انتهت بوضع يدها على فمها، وعينيها تزداد اتساعًا.

تمسك أيان بالقضبان، وراح يعاينها، ثم ابتسم لريف المندهشة وقال: «جئنا حتى نأخذك.»

— «لكن...، جئت مع من؟» بدأت أثار الصدمة تختفي حتى ظهر الجدية والتحقيق، فأيان تحدث بصيغة الجمع.

— «مهلاً لحظة!» مدت ريف يدها معترضة وقالت: «لا تقل لي أن كل ما يحدث هو خطة حادس؟» شعرت بسعادة وهي تفكر أن بريق متواجدة في مكان ما بالقرب من هنا، وأنها لم تمت أو تختفي، وكانت مجرد خطة.

عبس أيان فيما يحشر ساقيه النحيفتين بين القضبان: «حادس ليس بخير إطلاقًا.»

— «ما الذي تعنيه؟!»

— «إنه لا يتحدث عن الأمر، ويرفض التحدث حتى، بالأمس جعلنا ننام رغم أنه من المفترض أن نواصل البحث عن بريق وغيهب، لكنه تصرف ببساطة، وقال أنهم سيأتون قريبًا بأنفسهم.»

زمت ريف شفتيها، وقد أنزلت يديها بإحباط، وصار لديها الكثير لتقلق بشأنه. سطعت شمس الظهيرة على وجه أيان فانكمشت ملامحه السوداء وقال: «دعينا نخرجك، أنتِ من سوف تحسن القيادة الآن، نحن بحاجة للبحث عنهم، ربما هم بحاجة للمساعدة.»

شادهافار حيث تعيش القصص. اكتشف الآن