بدا كل شيء مثالي، كنت متأكدة من سلامة ريف، لأنها معلقة بسلامة ابن عمها، لذلك لم أخشَ بقائها هناك لمدة قد تكون أسبوع أو ربما أقل. كنا فقط ذاهبين لنلقي نظرة، وشاهدنا ما لم نتوقعه إطلاقًا.
كانت سفينة بخارية ضخمة، من السفن الجديدة، لا أشرعة ترفرف عليها، أشعة الشمس تسطع على جدرانها الحديدية، ما كان يرفرف حقًا؛ كانت ثيابهم البيضاء، والخيوط الرفيعة من الذهب الخالص تتلألأ نقشًا على ستراتهم الطويلة.
— «الحماة!» نطق حادس، بدا غائبًا عن الوعي، وقد توقف عن التجديف محملقًا بسير السفينة السريع، وقد تسبب بارتفاع الموج، وجعل قاربنا يرقص في صمت مريب.
— «ما الذي يفعلونه هنا بحق الله؟!» وقف اللص يحجب الضوء بيده عن وجهه، مراقبًا الحدث يقترب من الميناء. نظر إلي حادس نظرة ذات مغزى، نحن الاثنين ندرك ما يجري فعلاً، لم يسبق لي الشعور بالخيبة والخذلان لتلك الدرجة.
— «إنه سراج، إنه من أفشى لهم بخطتك.» شعرت أن حادس يعاتبني، لم يكن مجرد حديث عن ما يجري.
استغربت إيناس قائلة: «عن ماذا تتحدثون؟!»
قال دون أن يرفع بصره عن السفينة: «بريق قامت بإخبار شخص من الحماة أننا سوف نأتي إلى جزيرة السنورية، من الطبيعي أن يتبعونا الآن.»
— «أنتِ حمقاء حقًا.» تذمر اللص وقد رفع قدمه على مقدمة القارب.
قلت: «سوف نواجههم، أيًا كان ما يريدونه.»
ضحك حادس متكلفًا وقال: «بالطبع سنفعل، ليس لدينا وقت في الحقيقة للف والدوران.»
كانت السفينة تتجه إلى الميناء، من الواضح أنهم لم يلحظونا، لذلك انعطفنا ناحيتهم، حركنا المجاديف بالاتجاه المعاكس، لكن القارب أبى أن يلتف، وقد بدأت المياه من تحتنا تبربر، إلى أن تحولت إلى دوامة أخذت تسحب القارب للأسفل بسرعة فائقة.
في تلك اللحظة، سمعت صوتًا من الأعماق، كان صوتًا مخيفًا مرعبًا، زئيرًا عال أجش، جعل كل خلية في جسدي تهتز فزعًا.
كانت المياه تحيطنا تكاد تغطي السماء وهي تلتف وتدور في دوامة، لم أرَ سوى الموت، شيء ما جمدني، لم أستطع تحريك نفسي للنجاة، رأيت البقية يصرخون، يتحركون، إيناس قد تحولت، غيهب يمسك بي يجرني نحو الأعلى، لكن الأيدي الصغيرة من الماء أمسكت بي، راحت تجرني للأسفل، لسبب ما تأذى غيهب من لمس تلك المياه، حرقت قفازه، وراحت تعدو على جلده، شعرت حينها أنني استيقظت من سبات دام مليون سنة.
أخرجت نفسي من تدفق الماء، أمسكت بغيهب وقد أخذ القارب في التحطم إثر اندفاع المياه. لم أكن خائفة من الموت، ما أفزعني هو رؤية غيهب يتألم ويسقط خلفي، ولم يتبقَ شيء من القارب.
أنت تقرأ
شادهافار
Fantasyغرقت السماء في دماء العالم السفلي، حمراء قانية، وزمجرت الأرض وأخرجت ما في كبدها. لا تزال بريق غير مصدقة لما حدث، رغم إدراكها أن أمرًا كهذا من الطبيعي أن يحصل، من الطبيعي أن تخسر مملكة العريب أمام شيطان مثله. ما هو الشيء الذي جعلتها الشادهافار الأولى...