كان يقف أعلى الدرج وعلى وجهه تعابير مستمتعة بالحدث، الذي اشتعل في ثانية رغم محاولات حادس في تهدئته. لم يتدخل البيدق ناب، وقد ملؤوا فناء الدار، وأشهروا أسلحتهم على حراسه.
— «اتركوها!» صرخ أيان وقد قفز نحو السنوريين، محاولاً تحرير ريف من قبضتهم، لكن حادس أمسك به مانعًا إياه من مواصلة القتال الذي سوف يضرهم، وذلك السيف على عنق ريف يمنعهم حتى من الكلام.
كان أيان على وشك اللحاق ببريق وغيهب، حتى ظهر أمام البوابة أقرباء ريف مسلحين والغضب يعلوهم. لم يهن عليهم ضرب وإهانة أخيهم ورجاله، ما أن زف لهم الأخبار متورم الوجه؛ حتى اهتاج أخيه 'بَشّ' وأقسم أن يعثر على ريف ومن معها، وحينها أجرى تحرياته، ولم يكن صعبًا عليه إيجادهم.
تحت ضوء القمر، ورياح بحرية حركت النخل، تساقط الثمر من بين الليف، جاء نعيق بومة ليس ببعيد. أحست ريف بتلك الأجواء المرعبة، بل إنها شمت تلك الرائحة، ذات الرائحة التي شمتها قبل أن يجرف وحش الموجة عائلتها.
نظرت إلى السيف وهو يلمع أسفل ذقنها، وقد انعكس عليه ضوء القمر، كان بوسعها سماع نبضات قلب بَشّ، وهي ملتصقة بجسده السمين، أحست باشمئزاز كبير ناظرة إلى لعابه الذي راح يرش على فروها، أرادت بشدة أن تخبره أن يخرس فلعابه مقزز، لكنها لم تتجرأ، بل شاهدت شجاره مع رفاقها بصمت وخوف، مع ذلك، كانت تعلم أن مثل هذا اليوم قادم لا محالة.
— «هذا اتفاقنا، سوف نذهب دون أن نسبب لكم ضررًا، لكننا سنأخذ ابنة عمنا الرائعة هذه.» كشر عن أسنانه ضاحكًا.
— «اتركوا الفتاة وشأنها، ما الذي تريدونه منها؟» احتجت إيناس فاتبعها أيان ونبرة صوته تنذر باستشاطة: «من الأفضل أن تتركوها الآن، قبل أن تأتِي بريق وتحطم رؤوسكم.»
— «اتفقنا.» قال حادس منقبض الأنفاس، منحني الرأس، لكن عينيه مركزتين على وجه بَشّ.
نظر الاثنان إلى حادس بشيء من الاستنكار، لم يكونا مستعدان لفقدان ريف خاصة أيان، لكن حادس وجد أنه الخيار الأفضل، بدلاً من قطع رأسها أمامهم في أي لحظة.
— «هذا جيد لي ولكم، لا أريد إضاعة وقتي مع بشر منافقين، هل تعلم من أعلمني بمكانكم؟ لقد كان بشريًا مثلكم، كم أشفق على جنسكم، فأنتم خونة حتى مع أنفسكم.»
لم تعترض ريف على السير، لكنها نظرت بشدة إلى رفاقها وهي تُسحب خارج الفناء. رأت أيان يبكي ويحاول اللحاق بها، حادس وإيناس يمسكان به، ينظران نحوها بألم كبير، لكنها شعرت أنهم سوف يعودون من أجلها.
وصلت بريق إلى الأعلى، كان الأوان قد فات، رحل بَشّ وإخوته دون أن يعرفوا وجهتهم.
أنت تقرأ
شادهافار
Fantasyغرقت السماء في دماء العالم السفلي، حمراء قانية، وزمجرت الأرض وأخرجت ما في كبدها. لا تزال بريق غير مصدقة لما حدث، رغم إدراكها أن أمرًا كهذا من الطبيعي أن يحصل، من الطبيعي أن تخسر مملكة العريب أمام شيطان مثله. ما هو الشيء الذي جعلتها الشادهافار الأولى...