تمتلك بريق ذلك الحقد المتأجج في نفسها، رغم محاولاتها العدة عدم التفكير فيه، إلا أن ذلك كان يتضح شيء فشيء على وجهها وأفعالها.
لقد عرف الأسدف منذ اللحظة الأولى التي شاهدها تنزل الدرج برفقة أكدى، أي قناع ترتديه. لقد كانت تنظر إليهم كوحوش وتدعي أنهم أسرتها.
دون شك أن بريق فقدت أعصابها، إن مسحة من الجنون ترتقي على تعابيرها، حين وقفت إلى جوار الوحش الضخم تشجعه وتبتسم كما لو أنها انتصرت في شيء ما، كما لو أنها تستعد للانقضاض على عدوها.
دخل الاثنان المتاهة تحت أنظار المشاهدين، في حين راح المعني يحسب الوقت ليرى من سوف يصطاد أكثر في وقت أقصر.
ظلت دُجنة تنظر إلى بريق بين الحين والآخر في شيء من الغرور، وقد بدأت تخشى أن تخسر بعد أن لاحت أخبار عن ذلك الضخم، عن كونه أحد السادة المعروفين باصطياد البشر المهول، وأن أعمالهم تصنف احترافية وأن أعمارهم طويلة تتجاوز المئتي سنة.
مع ذلك أبقت نظرة الثقة على وجهها، حتى تغيظ بريق التي لم تأبه بها، فقد ظلت واقفة أمام البوابة، تحدق في الواجهة دون أن ترمش، ورغم أن هنالك الكثيرين ممن جاؤوا يحدثونها إلا أنها لم تولِ انتباهًا لهم مطلقًا. بقيت تتنفس بصوت مسموع، تصطك أسنانها في غيظ، تنتظر وتنتظر.
—«ربما حفيدتك يا أكدى بحاجة للراحة.» قال الأسدف بهدوء، في حين ارتبك أكدى، وقد لاحظ تغيرًا كبيرًا في تصرفات حفيدته بريق، فذهب إليها محاولاً تهدئتها عبثًا، فقد كانت بريق مهتاجة ولا ترَ إلا فتحة المتاهة.
—«إن جدك يأمرني بأخذك إلى جناحك أيتها الشادهافار.» نطقت غانية بثبات نفس.
—«لن أتحرك من هنا حتى تنتهي الأمسية.»
—«أنتِ تفقدين أعصابك، الجميع هنا يتحدث عن تصرفاتك، ونبضاتك صارت أعلى وأسرع، وقد ينتهي أمرك إلى ما لا نحمد عقباه.»
—«فليجربوا أكلي إذن.»
—«هل تودين الانتحار؟»
شاهدوا ظلال داخل البوابة، وحلقت الأعين في حماسة وارتقاب، كان ظلاً ضخمًا أسعد بريق وراحت تصرخ سعيدة، سعادة أشبه بالجنون، حتى أفلتت من غانية وركضت إلى البوابة في استقبال حار.
خرج محملاً بجثة كبيرة على ظهره، وجثث أخرى ربطها ببعضها وقام يجرها خلفه.
بُهت وجه بريق، وسط الضجة والتصفيق الحار، كانت تنظر إلى غيهب وهو يضع جثة رشد أرضًا والدماء تغطيه.
أنت تقرأ
شادهافار
Fantasyغرقت السماء في دماء العالم السفلي، حمراء قانية، وزمجرت الأرض وأخرجت ما في كبدها. لا تزال بريق غير مصدقة لما حدث، رغم إدراكها أن أمرًا كهذا من الطبيعي أن يحصل، من الطبيعي أن تخسر مملكة العريب أمام شيطان مثله. ما هو الشيء الذي جعلتها الشادهافار الأولى...