الفصل الاول
رن جرس المدرسه معلنا انتهاء الدوام في ثانوية النخبة وخرجت البنات من المدرسة . بعضهن مسرعات والبعض الاخر كنَّ يتمايلن ببطء ودلال .
أنا كنت من أوائل من خرجن لأني سرقت دفتر مذكرات شيماء انتقاما منها بعدما هزأت بي امام الفصل بأكمله الأسبوع الماضي وجعلت الفتيات يضحكن عليّ ، فأنا الأصغر سنا بينهن ومع هذا فقد كنت اكثرهن ذكاءً وتفوقا . كنت انظر لعلاقة الفتاة بالشاب على انها شيء تافه لا يستحق إضاعة الوقت به مثلما كنَّ اغلبيتهن يفعلن .
أخذت كلماتها ترن في أذني فتثير في نفسي موجة من الغثيان والتقزز وهي تشمر بيدها وتهتف امام البنات بصوتها العالي المزعج :
ـ زينة لن تتزوج أبدا ليس لأنها لا تؤمن بالزواج كما تدّعي بل لأنه لا يوجد مخبول واحد يفكر بالتقرب لها ولو عرضا بإلقاء رقم هاتفه مثلا .
لم أشعر بالغيظ في حياتي كما احسست ساعتها ، فرددت عليها اليوم بسرقة دفتر مذكراتها واخذت أقرأ امام جميع الطالبات مقتطفات من قصه عشقها لابن عمها حسين ، بنفس أسلوب الاستهزاء الذي تكلمت به عني في الأسبوع الماضي فجن جنونها واخذت تطاردني وأنا اركض فرحه مستمتعة بانتقامي وفي يدي كنز شيماء وكل اسرارها ولن يهدأ لي بال حتى افضح كل كلمة كتبتها امام الجميع !
ـ لن تفلتي مني يا صعلوكة ! سأمسك بك وانتف لك شعرك !
التفت نحوها وأخرجت لها لساني لا غاضتها اكثر ، وبدأت أردد ما كنت قد قرأته سابقا في الصف بصوت عالٍ وأنا في الشارع :
ـ فارتجفت يدي ودقّ قلبي بجنون عندما لامست يداه كأس الماء الذي احمله ..وفجاه وفي غمره انشغالي بالقراءة والالتفاف الى
الوراء ، اصطدمت بشاب فتبعثرت اغراضه وكتبه ارضا . رمقني بضجر ولكني لم أعِرهُ اهتماماً وواصلت الركض وأنا أضحك دون خجل وكأن الدنيا ملك لي وحدي فها هو يوم الانتقام ! بعد اليوم لن يجرؤ احد ابدا على العبث معيـ قولي اسفه على الأقل !
صاح الشاب بعصبيه وهو يلملم أوراقه وكتبه التي تناثرت في كل حدب وصوب .ـ آسفة .
قلتها لمجرد انه طلبها وليس لأني احسست بالذنب تجاهه . توقفت شيماء عن اللحاق بي فجاءه وأخذت تساعد الشاب ، فتعجبت منها واخذت ألوِّح لها بالدفتر وكأنني أقول لها
" أن رقبتك في يدي "
ـ دفتر مذكراتك معي !لم تلقِ شيماء لي بالاً واستمرت تساعد الشاب ووجنتاها قد تلونت بلون الخجل الأحمر بعد أن وشوش لها الشاب بشيء وضحك الاثنان على اثره ، فعدتُ ادراجي وقد فقدت متعة إغاظة شيماء والفضول يتملّكني لمعرفة سبب ضحكاتهم .
ـ شيماء ، ما بك هل غضبتي ؟
وهنا وبسرعه انقضت شيماء على شعري واخذت تسحبه بعنف وأنا اصرخ متوسلة :
ـ اتركيني ! خذي الدفتر واتركيني !