الفصل الثامن
ـ توقفي !
صرخة مزقت سكون ليلتي ولكنها حفزت كل جزء في لأنفذ بجلدي . ركضت بأقصى سرعة وصوت ركضٍ خلفي حتى تعثرت بعباءة عمي وسقطت ارضا .
ـ هل انت بخير ؟
امتدت يد تساعدني لأنهض . ظللت انظر لها قبل ان ارفع رأسي لأجد نفس الشاب الذي صادفته تحت الشجرة وهو ينظر لي بقلق .
ـ هل تهربين من بيت عمك؟!
تنهيدة افلتت من بين اضلعي ثم اعتدلت في جلستي على الأرض . عليّ ان التقط أنفاسي أولا . فاقترب مني وعيونه قد افضحت غضبا بدل القلق الذي توهمت لرؤيته في ملامحه !
ـ لا انا لست هاربه بل عائدة .
ـ عائدة !!
ـ عائدة لبيت والدي . البيت الذي خياله يطوف في كل زواياه واركانه .
نظر الي وصمته كان الحافز لا كمل :
ـ هنا اشعر بأن ابي قد مات حقا .كانت نبرتي تتوسله ان يفهمني ويتركني وحدي قبل ان يمسك بي عمي .
جلس بقربي وبدا كأنه يرغب بالاستماع لي :
ـ كيف ستعيشين هناك وحدك؟ـ لست وحدي هناك ، طيف والدي معي . اجلس على المائدة فلا يجرؤ احد على الجلوس مكانه . احساسي بأنه مازال موجودا في غرفه مكتبه ، على سريره ، كرسيه الهزاز في الشرفة وهو يقرأ الجريدة . انه حي في كل شبر من البيت .
نظرة الألم بعينيه اعطتني املاً باستعطافه وتوسله لمساعدتي :
ـ هل تساعدني ؟ـ للرجوع للمدينة ؟
هززت رأسي مؤيدة .
ـ لوحدك؟
ـ اجل .
ـ ألن تخافي ان يتعرض لك احد او يؤذيك؟
ـ لا طبعا !
تكلمت بثقة ورفعت راسي عالياً قبل ان اكمل
- أولا لأني أبدو كرجل وثانيا لأن القمر بدر .
رفع حاجبه تعجبا وابتسامه لطيفه قد ارتسمت على وجهه .
ـ انظر للقمر بدقه وسترى صوره والدي داخله . والدي يحميني لذلك انا لا أخاف .ـ تعالي .
استقام واقفا وانا انظر له وهو يعرض المساعدة فوضعت كف يدي في يده وهو يساعدني لأقف .
ـ انت تسيرين بالاتجاه الخطأ .سحبت يدي من يده بسرعة وابتسمت له بمرح :
ـ شكرا لك .ابتسامة رقيقة كانت إجابته وهو يسير بقربي والصمت سيد الموقف بيننا، فلسكون الليل وهيبته وانعكاس ضوء القمر الفضي تأثير مهدئ لنفسي التي وجدت الخلاص في طريق العودة نحو منزل طفولتي مع هذا الشاب الشهم .
أخذت أتأمل وجهه تحت ضوء القمر . شاب صبوح الوجه رغم الصرامة الباديه عليه ، اسمر بعيون سواء واسعه ورموش طويله الى حد يثير فضولي لأعرف ما السر وراء طولها ، شعر حالك السواد، شارب اسود يغطي فمه وابتسامة اراقبها الان وهي ترتسم على وجهه ببط . هل يا ترى يشعر بمراقبتي له ؟