الفصل السابع
- يا سافلة
لم أعِ بعدها ما سيحدث لي ، وكل ما فعلته هو إلقاء نظرة عتاب لنوال التي اشاحت بوجهها عني.
لم يمهلني عمي لأقف بل سحبني من على الأرض سحباً وهو يجر جسدي المتهالك من اعلى كتفي حتى احسست به ينخلع من مكانه .
صوت طرقعة مفاصلي تحت يده يثير تقززي .
ـ أتظنين انني عاجز على تأديبك يا حقيره ؟ بيدي هذه اذبحك وارميك للكلاب السائبه !
كلمات كان يهذي بها وقد تملكه الغضب الاعمى وهو غير قادر على سماع تأوه جسدي المتوجع . وصلنا لغرفه المعدات الزراعيه التي تقع قرب السور، بعيدا عن البيت نفسه .
ـ ستبقين هنا للصباح .
ـ لاااا !
صرخه خرجت من اعماقي وانا اتمسك بساقه، ركلة قاسية اجبرتني على ان افلته، لم يضربني هذه المرة فقد وجد طريقه افضل وحبسني في مخزن الأدوات المظلم . خرج وأقفل الباب وان اتوسله
- عمي ارجوك انا اخاف الظلام ، ارجوك عمي.كنت خائفه ومرعوبة فانا اعلم ان هذا المخزن ملئ بالحشرات والزواحف الصغيرة وحتى الفئران وانا أخاف النمله الصغيرة، تكورت قرب الباب في الظلام وانا استمع لصوت الحركات من حولي .
شعرت بشي ما على ظهري فانتفضت اصرخ واقفز من الخوف كالذي يقف على صفيح ساخن وهو حافي القدمين، هذا كان حالي ! وانا بصراخي وصياحي قد حفزت كل مخلوق في هذه الغرفة المقرفة ليقفز علي، وبعد فتره مرت علي وكانها قرون طويلة، فقدت كل احساس املكه فأصبحت كصخرة وحيدة وسط المحيط وهي تقاتل امواج عاليه .
لا اعلم كم مضى من الوقت فاغمضت عيني وانا جالسة ورأسي بين احضاني وقد امسكت ساقيّ بيدي الاثنتين وجسدي يهتز الى الامام والخلف بلا وعي وهو يرتعش من تلك الاقدام الصغيرة التي تسير على ظهري صعودا ونزولا، حتى فُتح الباب وضوء مصباح قوي اعمى عيني رفعت رأسي، فلم اتمكن من تمييز شئ لأني كنت اجلس في ظلمه شديدة .
ـ يا صغيرتي .
كان صوت امي الحنونه فشهقت مصدومة وغير مصدقة لرؤيتها امامي وفي هذا الوقت المتأخر من الليل .
ارطام جسدي على أرضية المخزن كان التالي لأغيب عن الوعي هربا من واقع مؤلم لم اكن لاصدق بوجوده يوما!!.ـ والدي ..
تقدم نحوي وعيونه حزينه . لم يكلمني بل اقتربت شفتاه وقبلت عيني اليمنى فشعرت بحرقه شديده عندما نزلت اول دمعه منها وفعل الشيء نفسه مع العين الأخرى نفس الحرقه داهمتني لأشهق ، ثم بدأت عيوني تبكي بحسرة، ذهب وتركني وهو منكس الرأس فاخذت اصرخ به وايادٍ تمسك بي تقيد حركتي وتمنع لحاقي به .
ـ ابي ، لا تذهب !ـ بحاجه لحقنه مهدئه .
دموع لم تتوقف أبدا، صراخُ من حولي، اليد الباردة التي لامست جبيني ، الماء الذي رطب
شفاهي الذابلة.