الفصل العشرون
غافلتني دمعه ترفض الحبس، فانسابت على وجنتي تبعتها اخرى ، وفجاءة قبضت يداه الكبيرتان على يديّ الصغيرتين معا مقيدةً حركتهما المعطوبة بينما همس بهدوء :
ـ ارفعي رأسك .ارفع رأسي ! يا للمزحه ! الا يعلم هذا الطارق ان هامتي قد كسرت ساعة تم بيعي بتلك الطريقه الخسيسة ؟! فكيف يطلب مني ان ارفعها ؟ انا ارتشف سم ملك اليمين الان وجفاف حلقي قد تغلل الى قصباتي الهوائيه وكأنني قد انهيت للتو سباقاً للجري وكنت فيه الاخيره التي تتربع على عرش الخساره وبجداره .
ـ زينه ..
هسمة صغيره خافته داعبت حاسه سمعي لارفع رأسي نحوه وانا انظر له بذهول وبفم مفتوح وعقل جامد، وكانني انسانة عاجزه . ويحك ألم تجد موقفا اسوا من هذا لتمرر على مسامعي الحقيقة المره ؟ حقيقه ان زينه مازالت تحيا وبين أضلعها قلب ينبض بقوة . الا تسمعه الآن وهو يهتف باسمك ؟
نكست راسي من جديد ثم همست بتعجب واضح
ـ زينه ؟!اردد كلمته التي قالها، همسة بالكاد تسمع ونحن على هذا القرب الخطير . القرب الذي يتلاعب بأعصابي وبكل حواسي ، ولا اجد له اثراً ولو بسيطا على وجهه . انكس رأسي الذي لن يرفع ابدا وانا افكر بكلمته . هل يعرفني ؟
ـ ما بك يا علا ، من زينه هذه ؟
رفعت عيوني ثانيه لتتوقف بتردد على تلك العضله التي تتوسط شفتيه والتي تلوك احرفاً يتراقص مستقبلي معها دون ان اتجاوز الى عينيه الماكرتين!. يتظاهر بأنه لا يعرفني ، وينطق اسمي يا إلهي الم اسمعه يهمس بها ؟! اكاد اقسم اني سمعتها .و لربما لا ؟
هل رهبه الموقف هي السبب ، وهي تخيل لي اني سمعته ينطق اسمي ؟ لا ورب الكعبه ! لقد انسابت حروف الزينه تلك كالحرير من بين شفتيه. اراقب شفتيه من جديد وكلي امل ان ينطقها من جديد .
ـ أترغبين ان اناديك بزينه بدل علا ؟ما به هذا الطارق اليوم ؟ هل ينوي ان يصيبني بالجنون ؟ هل يجاريني بلعبتي ؟ انه يتظاهر بأنه لم ينطقها . ثم ان كان هو يعلم ما اسمي فهل والده يعلم من انا ؟ لا ، انا متأكدة ان والده لا يعلم فلو كان يعلم لتوقف عن استجوابي .
ـ لا .
كانت تلك هي كل الاحرف التي تمكنت من جمع شجاعة كل الفرسان في صدري لأنطق بها .
استقرت يده على كتفي وبأطراف أصابعه رفع لي وجهي المصدوم شاحب اللون . يرفعه ببطء وكأنه تحفة خزفية ثمنيه لأصطدم بملامح وجهه الهادئه . لقد كان يبتسم بلطف .ـ انت مجنونه لتخافي مني ! كل تلك الأموال دفعتها كي لا تتعرضي لموقف كهذا ! ولكنك مصممه على ان تذكريني في كل دقيقه اني اشتريتك .
نظرت له بذهول وهو يتكلم بجديه تاره ويبتسم لي بلطف تاره اخرى
ـ علا ..
ركز على لفظ علا ببطء شديد وكأنه ينفي معرفته باسمي الحقيقي . وقاطع لي كل هذيان افكاري المجنونه في تلك اللحظه التي سرقت بريقها من ضوء القمر الذي يداعبني من نافذه غرفته المفتوحة فيثير شجوني الدفينة :
ـ هل انا بالنسبة لك مثل ياسر ؟