الحلقة الثلاثون
كان لديه أمل أن كل شيء لن يتم في موعده المحدد، أمل في أن لا يخسرها ليس حبًا بها ولكن بناءً على رغبة والده أولًا قبل أي شيء، وبعد تفكير عميق أدرك أن والده كان على حق .. فتلك الشراكة مكسب لكليهما قبل أن تكون مكسب عام للشركة .
ولكن كل شيء الآن أصبح منتهي بمجرد أن ألقت بوجه خاتم خطبتهما وسعيها للزواج من المدعو طارق الإبياري الذي يكرهه بشدة، لأنه بأعتقاده أخذ ما ليس من حقه، لديه قناعة كبيرة بأن سلمى لن تكون إلا له ..
لم يكن يومًا الحب ضمن حساباته على الإطلاق، أو حتى الإهتمام بمشاعر الآخرين يعيره .. هذا ما نشأ عليه منذ صغره، تربية حامد له على المال وجمعه، على التملك واكتساب ما لدى الغير بأي طريقة ممكنة .. فلن ينكر بأنه كان على إعجاب بسلمى منذ البداية وانجذابه بشخصيتها القوية حتى شعر مع الوقت بالإختلاف الشديد بينهم ونقده لها في العديد إلى أن شعر بالإختناق من تحفظها في الكثير من التصرفات والحديث بينهم، الذي يراه شيء مفروغ منه بين أي شخصين بينهما علاقة رسمية، علاقة جادة تسمح له بالأقتراب منه كما أحب ولكنها كانت على صد ومنع مستمر له ومن هنا نشأ الخلاف بينهما على أتفه التفاصيل والأشياء، فلم تتحمل سلمى تجاوزاته وتغيره نحوها ولم يتحمل عاصم صدها وأسلوبها الجاد والصارم معه وتحفظها الذي يكون جزء لا يتجزء من شخصيتها .
إذا بعد كل ما مر ستكون لرجل غيره، فكرة لا يتقبلها حتى الآن، على سبيل التملك أو إذا وجد بعد كل هذا ولو ذرة مشاعر تجمعهم، فلن ينكر أيضًا بأن سلمى أحبته في البداية كما أحبها، ولكن بدأ كل شيء يتغير بالتدريج إلى الأسوء .
خرج من شروده هلى صوت قرع الباب ليدخل والده ويقترب منه، ليجده جالسًا أمام مكتبه يبدو عليه الضيق والغضب ليقوم بسؤاله بمنتهى الهدوء:
- مش هتقوم تجهز ولا إيه؟
رفع رأسه ورد بمنتهى الاستنكار:
- أنت ناوي تروح ولا إيه؟
رد حامد بمنتهى الثقة وهو يجلس قباله ويضع ساق على الأخرى بكل هيمنة:
- طبعًا هروح هي دي محتاجة كلام .. وأنت هتيجي معايا
قطب حاجبه بضيق وطرق على سطح المكتب:
- وأنا بقى مش رايح .. الجوازة دي على جثتي
تحولت نبرة حامد إلى الصرامة:
- أعقل كده وخلينا نتكلم بالمنطق شوية
صاح به بانفعال:
- منطق إيه وهي هتتجوز راجل غيري .. عادي يعني المفروض اقبل واباركلها كمان!
رد حامد بهدوء وثقة، فهو على يقين بكل كلمة يتفوه بها:
- بلاش تضيع كل إللي بنيناه في السنين إللي فاتت دي كلها بتصرف طايش منك وفكر بعقل شوية .. ممكن تسمعني للآخر
زفر بشدة ليقول بحنق:
- اتفضل .. عايز تقول إيه؟
استرد حامد حديثه:
- لو الجوازة دي متمتش زي ما هي هنخسر كتير جدًا ومش بعيد سمعتنا في السوق تتهز .. ثم دي جوازة مؤقتة لحد ما الصفقة تتم وهيطلقها .. فاكر مثلًا إنه ممكن يستمر معاها وهما مش طايقين بعض بالشكل ده .. دي هربت يا غبي يوم الفرح عشان متتجوزوش تقوم أنت زي الأهبل كده عايز تفركش كل حاجة!.. هاشم وعدني إنها فترة وهو ما هيصدق يطلقها وساعتها هتبقى ليك
أقتنع عاصم نوعاً ما بحديث والده، ولكن رد بحنق:
- هو أنا لسة هستنى بسلامته لما يطلقها .. أفرض الموضوع طول ولا حليت في عينيه
ضحك حامد بخبث:
- قبل ما يحصل كل ده حاول ترجعها تاني .. لاغيها بكلمتين زن في ودنها .. هو أنا إللي هقولك تعمل إيه ما أنت راجل وعارف ازاي توقعها .. كل بنت ولها سكة وأنت وشطارتك بقى تنسيها طارق واللي جابوه