سلام ..

205 15 0
                                    

الحلقة تسعة وثلاثون

صرخت بشدة وقلبها انتفض رعبًا، صوت طلقات الرصاص يدوي في كل مكان مش شدة الفراغ، شديد وعالِ للغاية .
تشعر بالعجز وهي مقيدة لا تستطيع الفرار، حاولت بقدر المستطاع التحرر دون أي جدوى نافعة، حاولت مرة أخرى ومن فرط الحركة وقعت مولية ظهرها للأرض ليسمع أنينها .
لا ترى سوى حذاءه يقترب نحوها حتى جثى على ركبتيه ورفع ذقنها بأطراف أنامله ليقول بنبرة مرعبة:
- متحاوليش .. أصل أنا رابطك بذمة
نظرت له بكل الكره الذي تحمله في قلبها له:
- أنت فاكر بكل اللي بتعمله ده هبقى ليك؟ .. أنت كده بتكرهني فيك بزيادة يا عاصم .. أنا عمري ما عرفت الكره إلا بيك
ضغط على فكها بقوة لتشعر هي بالألم وتتأوى من شدة القبضة، ليقول بغضب:
- صح عندك حق .. قليل أوي اللي بعمله .. أنا هعرفك تحبيني ازاي
فك قيدها بسرعة ثم جذبها نحوه لتعتدل وسحبها خارج هذا المكان المظلم ليصعدا على درجات سلم ليس بطويل، لتدرك أنها كانت في قبو لتخرج إلى منزل بمساحة متوسطة، قليل الأثاث إلى الدور العلوي له، ليفتح إحدى الغرف ويلقي بها إلى الداخل بعنف شديد .
رجعت للخلف وهي تتأمل هذه الغرفة شديدة الكآبة كأن أشعة الشمس فقدت عنوانه، بها فراش وثير وأريكة صغيرة وفي الجانب الآخر حمام داخلي، وعلى الأرضية سجادة صغيرة .
قلبها يرتجف رعبًا وعيناها تصرخ قبل حلقها، لا تعرف ماذا ينوي أن يفعل بها كل ما تعرفه بأنها لا تتوقع أن تخرج من هنا سالمة على الإطلاق، فقد تم حبسها مع مريض نفسي معتوه في مكان ناءِ .. كلما تعود للخلف يقترب منها أكثر والشرر في عيناه، قسمات وجهه جافة شرسة لا تبشر بأي خير .. خلع حلته وألقى بها على الأريكة لتنظر هي على هذه اللقطة السريعة ليرتجف قلبها وتصيح بارتباك:
- أنت هتعمل إيه يا مجنون
ابتسم بخبث وقال:
- هعرفك أنا هعمل إيه دلوقتي ..

********************
تسيران في أرجاء المكان ذهابًا وأيابًا في توتر كبير، حاولن الإتصال بهم أكثر من مرة ولا يوجد رد، حتى هم لم يتصل أحدهم حتى يطمئن قلوبهن حتى، إن اقترحت سميحة جلوسهم هكذا دون أي نفع أو جدوى يجب أن يلحقن بهم إلى الشركة .. إلى أن صاحت بها تهاني:
- وبعدين يا سميحة .. ولا حد أتصل ولا بيردوا حتى .. نور وطارق محدش فيهم بيرد على تليفونه .. حتى محمود
جلست سميحة وقالت:
- حتى أمير كمان مبيردش .. تفتكري وصلوا لحاجة؟
ردت تهاني وهي تجلس قبالها:
- كان زمانه أتصل لو فيه حاجة .. أو مرضاش عشان ميقلقناش .. كان مستخبيلنا كل ده فين يا ربي
شردت سميحة كأنها تحدث نفسها:
- مخدرات يا هاشم!! هي حصلت لكده .. مخدرات!! .. يا عيني عليكِ يا فريدة ضيعتي عمرك هدر مع راجل ملوش أمان زي ده .. مش هو أخويا بس فعلًا ملوش أمان .. الدور جاي على بنته يا تهاني .. وردة في عز شبابها عايز يقصف عمرها زي أمها .. لا حول ولا قوة إلا بالله
بكت فقامت تهاني تجلس بجانبها وتربت عليها برفق، لقد أدمعت هي الأخرى وبحزن:
- سلمى بنتي أنا كمان يا سميحة .. مرار وحل علينا كلنا .. ومحمود ذنبه إيه عشان يربطه في المصيبة دي .. طول عمرنا واكلينها بالحلال وكفيين غيرنا شرنا يقوم يلبسه مخدرات!! منك لله يا هاشم يا جوهري على المرمطة اللي مايعلم بيها إلا ربنا دي .. دي فيها سجن يا سميحة والولاد هيعملوا إيه وأنا أروح لمين .. ده حياتي كلها وعشرة سنين عمري
نهضت سميحة وصاحت بها:
- أنا مش هقدر أستنى أكتر من كده .. روحي أنتِ على شركة هاشم وأنا هشوف أمير فين
نهضت تهاني وقالت بدهشة:
- عايزة تروحي القسم لأبنك يا سميحة؟!
ردت بضيق:
- طالما مبيردش وحارق قلبي يبقى يحصل اللي يحصل .. يلا مش هنقعد حاطين أدينا على خدنا لحد ما البنت يجرالها حاجة
مسكت ذراعها كي تلحق بها:
- يا ستي استني بلاش صربعة .. نتصل بيهم تاني نشوفهم فين وبعدين نعمل اللي عايزاه
أقتنعت سميحة وقامت بالإتصال بأمير، جرس دون إجابة .. نفس الوضع لدى تهاني لم يرد محمود وطارق، لتصيح بها سميحة مؤنبة:
- مش قلتلك .. مفيش فايدة من الإنتظار
استسلمت للأمر الواقع، هي أيضًا أعصابها لم تتحمل أكثر من ذلك:
- طيب يلا أنا جاية معاكِ

صفقة حب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن