لن استسلم ..

444 15 12
                                    

الحلقة الحادية والعشرون

أصبحت غرفة الإجتماعات فارغة، لم يتبقى بها سوى هاشم ومحمود .. منذ بداية الإجتماع وهو في حالة من الصدمة الشديدة ولا يعرف ماذا يقول، لا يجد الكلمات المناسبة في مثل هذا الموقف الذي يعتبر أخر شئ يمكن أن يتوقعه في هذه الصفقة .

من الواضح إنها ليست بفكرة سديدة حتى يوافق عليها هاشم منذ البداية، كان يشعر بشيئًا ما غير منضبط .. أكان يشعر بما سوف يترتب عليه ذلك العقد أي في لحظتنا هذه ؟ ..
فما كان له أن يرفض في بادئ الأمر بعد إقناع هاشم له بأنها صفقة مربحة وما شابه، وسوف تنقل الشركتي نقلة كبيرة في عالم صناعة الأدوية والربح سوف يتضاعف بنسبة جيدة .. فمضى في طريقه إلى أن أنصبت عليهم اللعنة جميعاً .
اللعنة التي قضت على شابين لا ذنب لهم إلا أن أحد أبويهم لا يهمه سوى السلطة والنفوذ وجمع الأموال .. أي كان من سوف يدفع ثمن هذه اللعنة ولكن النتيجة المربحة سوف توؤل له .
ولكن بكل آسف ليست هذه اللعنة الأولى في حياة هاشم الجوهري .. بل حلت الكبرى والأسوء التي بمثابة نقلة كبيرة في عائلته وبالأخص أبناءه، ليكسب المزيد من الملايين خسر أعز الناس إلى قلبه .. خسر شريكة حياته، من تحملت معه كل لحظة قاسية ومريرة .. من وقفت بجانبه في أعز أزماته زوجته السيدة فريدة ..

تلك الحسناء التي أحبها ليس من النظرة الأولى .. بل من التعامل الأول بينهم، جذبته برقتها وحسن تعاملها، فقد كانت سيدة أعمال ناجحة للغاية وذكية .. جميع أصدقائه حسدوه عليها، تقدم لها الكثير ولكنها فضلته عليهم فقد أحبته بصدق وشعرت بحبه نحوها وبعد مدة ليست بطويلة تزوجا وأنجبت له أول مولود لهم، وبعد أن رزقهم الله بسلمى بسنوات تبدل حال محمود تدريجيًا وقد لاحظته فريدة ذلك وحاولت التقرب منه لتعرف سر التغير العجيب الذي حدث، فكان يهرب منها بأنشغاله في الشركة والمصنع .. فلم تيأس أو تستسلم بل ظلت بجانبه حتى النهاية .. تلك النهاية المؤلمة التي كانت مكافأة لها على كل ما قدمته لأجله، وكان وفاتها صدمة كبيرة على الكل .
عاتبه محمود بشدة بأنه لم يصونها ولم يحافظ عليها بل أستغل طيبتها ومحبتها له وها هي كانت النتيجة .. أبتعاده أكثر عن أبناءه في أكثر وقت أحتياجاً له ..

حزين للغاية على تلك المسكينة التي دفعت خطيئة أبيها للمرة الثانية ولا يعرف إلى أين ذهبت، ولكن لماذا فعلت ذلك فهي كانت على أتفاق مع طارق في أخر أجتماع لهم وبناء على رغبتهم حسم الأمر، ما الذي جد في الأمر ؟.. رفع رأسه وصاح بهاشم بعنف وغضب :
- عجبك إللي حصل ده .. اودي وشي فين من الناس
صاح هاشم هو الأخر فلم يحتمل النبرة التي يتحدث بها محمود :
- هو أنا إللي قولتلها تهرب .. مش هي وابنك كانوا متفقين على كل حاجة وأقتنعوا خلاص بجوازهم .. يبقى أكيد عملها ولا قالها حاجة خلتها تهرب
أتسعت عيناه دهشة لم يصدق ما يسمعه، فقط يعلق أخطاءه على غيره وهو السبب في كل ما حدث لهم بموافقته على هذا الشرط وعلى هذا العقد منذ البداية .. فنهض وقال بخيبة أمل وحزن :
- للآسف مفيش فايدة فيك .. عمرك ما هتتغير .. فوق بقى يا أخى فوووق

صفقة حب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن