اليوم الموعود ..

463 16 23
                                    

الحلقة الثامنة عشر

عقب إنتهاء محمود من تناول الطعام، وبعد أن هدأ من روعه قليلًا .. دخل غرفة مكتبه ليفكر مليًا في الخطوة القادمة، وكيف يبعد تلك الفتاة عن طريق ابنه، من الواضح إنها لن تتركه وشأنه .
أوصت تهاني بإحضار فنجال من القهوة وتقديمها لمحمود في مكتبه، أما هي فخرجت للحديقة تحاول أن تفهم ما وصل إليه طارق من تفكير، لم تتوقع إنه مازال على علاقة بسارة طوال هذه الفترة .. يجب أن توقف الشجار والحدة التي بينه وبين محمود، وأن توقفه هو شخصيًا .
فتناولت هاتفها وقامت بالإتصال به .. رد بعد وقت، فقالت بحزم :
- أنت فين يا طارق ؟
رد طارق بلهفة :
- أنا في العربية .. خير يا ماما في حاجة ؟ صوتك مش مريحني
أردفت تهاني بنفس اللهجة :
- لما تيجي هتعرف .. متتأخرش
أردف طارق بلهفة أكبر وهو يزيد من سرعته :
- مش وقته يا ماما أنا في طريقي للمستشفى .. سلمى فاقت
صاحت به تهاني بفرحة حقيقية :
- أنت بتتكلم جد ؟!
إبتسم طارق تلقائيًا على فرحة والدته، ليقول بحب :
- ايوة بجد، لسة الدكتور قافل معايا مفيش دقايق
تهاني بفرحة قالت :
- ماشي يا حبيبي تبقى تكلمني لما توصل وطمنني عليها
إبتسم طارق وقال :
- حاضر إن شاء الله

نهضت تهاني سريعًا لتخبر محمود بهذه البشرة السارة، ونسيت تماماً ما كانت تجري المكالمة بشأنه، وفي ذات الوقت كي تزيح عنه أي هم او ضيق، لعله يسعد لسماع هذا الخبر .

***************

وصل طارق إلى المشفى وركن سيارته جانبًا، أخذ يهرول ركضًَا إلى غرفة سلمى .. فتحت الباب بسرعة ولهفة ودخل على الفور يلتقط أنفاسه وعيناه تعلقت بعيناها .. فرحته الداخلية بإفاقتها لم يلاحظ وجود الطبيب معه بالغرفة .
ظل ثابتاً في مكانه ينظر إليها فقط دون أي رد فعل آخر، أما سلمى تنظر إليه بتعب وعدم تركيز، تشعر بأن رأسها تؤلمها بشدة .. ولكن كانت متعجبة حقاً من تلك اللمعة التي تراها في عيناه من شوق، من قوة تطلعه إليها، حاولت أن تتلاشي تلك الأفكار التي أتت إليها وأبعدت عيناها عنه .
أنتبه طارق إلى صوت الطبيب وهو يقول له :
- محتاجة راحة وتبعد عن أي توتر .. وإن شاء الله هتكون كويسة
رد طارق بهدوء :
- تمام
بمجرد أن خرج الطبيب وأغلق الباب خلفه، أقترب طارق منها وجلس بجوارها على أحد المقاعد يتطلع إليها في هدوء .
منذ أن أستعادت وعيها وهي صامتة، تجيب على قدر السؤال المطلوب .. مشاعر متداخلة ومضطربة، تحاول أن تتماسك وتكون أقوى من قبل خاصًة أمامه .. ولكن لاحظت أن منذ جلوسه بجوارها لم يزيح عيناه عليها، توترت وشعرت بالضيق من نظراته .
قطعت الصمت الدائر بينهم لتقول بجمود دون النظر إليه :
- هتفضل متنحلي كده كتير ؟!
فاق على صوتها فأبتعد عن النظر إليها، وقال مغيرًا لمجرى الحديث بعدما شعر بالإحراج :
- حمد لله على السلامة
ردت دون النظر إليه :
- الله يسلمك .. شكرًا
اندهش .. فنظر لها وقال يتساءل :
- على إيه ؟
أردفت وهي على نفس الوضع :
- الدكتور قاللي إنك فضلت جنبي
تنهد طارق وقال بلامبالاه :
- حاجة بسيطة .. مش خطيبتي بردو ؟! ..
قاطعته سريعاً وهي تحاول استيعاب تلك الكلمة لتصيح بعدم فهم:
- إيه حكاية خطبتك دي
رد ببسمة متهكمة:
- يا ستي مش المفروض كنت هاجي أتقدملك بس حصل إللي حصل ..
رفعت إحدى حاجبيها لتقول بعدم فهم أكثر:
- نعم!! .. إللي هو ازاي يعني؟
رد بهدوء وابتسامة لم تصل لعيناه:
- أتقدمتلك من أبوكِ وقرينا الفاتحة وأنتِ نايمة
رفعت حاجبها بدهشة بعدم تصديق ليتجاهل هذه النظرة ويستئنف حديثه بهدوء مقاطعًا إياها قبل أن تتحدث:
- واضح إنك قوية وهتعدي المرحلة دي بسرعة وهترجعي لنرفزتك تاني
نظرت له بحدة شديدة وصاحت بغضب :
- أنا نرفوزة !! .. ما تلم نفسك يا أستاذ أنت مسمحلكش ..
صاح بها بسخرية :
- أهو شوفتي مجبتش حاجة من عندي ..
صاحت غاضبة أكثر وهي تعقد ذراعها اعتراضًا على حديثه :
- بقولك إيه يا طارق حل عن دماغي ها .. أنا فيا إللي مكفيني ومش ناقصة وجع قلب .. يا تقول كلمة عدلة يا تتكل على الله
فتح فاه بتعجب من ردها، ولما الغرابة فهذا المتوقع منها .. عصبيتها وضيق خلقها .. فصاح بها :
- هو مفيش فايدة فيكِ حتى وأنتِ تعبانة .. أقولك كلمة تردي بتقرير
نظرت له واردفت بغضب عارم :
- أعملك إيه ما أنت إللي جاي تحدف دبش وعايزني أسكتلك
صاح بها بحنق :
- خلاص خلاص حقك عليا .. ياخربيت إللي يزعلك يا شيخة بكابورت وأتفتح في وشي
شعرت بالدم يغلي في عروقها تحركت بألم وكادت أن تقذفه بالوسادة لتقول بحدة :
- أمشي من هنا يا طارق أحسنلك
ضحك بسخرية ليقول بإستفزاز :
- همشي بس قبل ما أمشي أحب أقولك أن أستاذ هاشم بخير وخرج من المستشفى
شعرت بإطمئنان وسلام داخلي لمجرد سماع سلامة والدها، ولكن أخفت مشاعرها لتقول بجمود وبردو :
- هو حد سألك !! .. شكرًا يا سيدي .. أتفضل مع السلامة
كتم ضحكته على هيئتها .. فنهض وهو يقول متجهاً إلى الباب :
- كويس إني أطمنت عليكِ .. سلام يا عروسة

صفقة حب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن