الحلقة السادسة عشر
طارق بصدمة ودهشة وهو ينظر ليوسف .. أفكار كثيرة دارت في مخيلته ليست لها إجابة، فالتاريخ يعيد نفسه، فقال :
- أستاذ هاشم في العناية !
سمعت سلمى هذه الجملة ولم تحتمل .. دون أي مقدمات فقدت وعيها
صرخت نور بشدة وصدمة :
- سلمىىىىىىىىىىىألتقطها طارق قبل أن ترطدم على الأرض، حملها سريعاً بين ذراعيه ووضعها على الفراش .
حاولت نور وطارق إفاقتها بقلق وخوف شديد، حقاً لقد أنتزع قلبه من مكانه هذه المرة بقوة عندما رآها تسقط أمامه وأصبحت بين أحضانه، فقط يحتويها ذراعه المتين .
بينما يوسف ركض بسرعة لإستدعاء الطبيب، وأخبره بما حدث .. بعد الكشف والفحوصات أخبرهم بأن إنهيارها العصبي قد زاد أكثر من قبل، فقط تحتاج إلى راحة وسكينة تامة، ولا تتعرض لأي ضغوطات .
ماذا حل بعائلة الجوهري منذ سنوات لتصل إلى هذه المرحلة، بلا جدوى .. فقط يشوبها حزن وألم ودمار، لم تحظى بالفرح قط منذ وفاة فريدة رحمة الله عليها، كان فراقها بمثابة سكين في ظهر سلمى ويوسف .. وبرودة على عنق هاشم، فلن يستطع حتى الآن نسيان طريقة موتها وهي تلتقط أنفاسها الأخيرة .يجلس يوسف أمام فراش شقيقتة الأليمة، السكينة في جراح لا يداويه السنين، لم ترى يوم راحة بعد وفاة والدتهما، كأنها كانت لها حصن أمين من كل شر أو حزن، حماية وغطاء لهما ..
واضعاً رأسه بين كفيه في ألم ويأس، والده الذي جرحها وظلمها كثيراً من ناحية وشقيقته التي لم يستطع الزمن مداواة جروحها بعد ..
فمهما حدث فهو والده بين يدي الله، يمكن أن يودعه في أي لحظة .. لا يدري ماذا يفعل، أيظل بجانبها أم يذهب ليطمئن عليه ؟ .
من كانت تشعر به وبألامه، بالحيرة التي تقفز بين طياتي عيناه .. ربتت على منكبه بحزن وألم لتقول بهدوء :
- روحله يا يوسف .. مهما كان والدك وهو بين أيدين ربنا .. أنا هفضل معاها ومش هسيبها .. روح متقلقش ولو في أي حاجة أنا هبقى أكلمكرفع رأسه وهو ينظر إليها بغرابة ودهشة، كيف علمت ما يدور في ذهنه، ما يشغل قلبه، إلى هذه الدرجة تشعر به وبألامه ؟ .. أدرك الآن سر تمسك سلمى بها وأكثر .
بدون أدنى كلمة، ارتسم على محياه بسمة ضعيفة باهتة .. ثم قام ورحل بهدوء .
تنهدت نور بألم وحزن شديد، جلست مكان يوسف وبدأت تربت على شعرها الكستنائي المنساب على الوسادة بحرية وعشوائية .. وهي تدعوا الله أن يمر هذا الفترة على خير .*****************
وصل يوسف أخيراً امام المشفى التي يمكث فيها والده، ترجل من السيارة ودلف للداخل على الفور متجهاً لغرفة العناية المركزة .
لم يجد الطبيب المعالج هناك، فقط محمود يجلس بجانبه بحزن شديد .. وقف لأستقباله ثم قام بأحتضانه بشدة .أغمض يوسف عيناه وهو يتنهد بقوة، مستسلماً لتلك الضمة طالما أشتاق لمسها من والده الذي أنشغل عنه وعن شقيقته ووالدته عنهما .. فاق من شعوره فأبتعد عنه على الفور وهو يجفف الدمعة المنسدلة من عيناه دون أن يلاحظ محمود ذلك.
![](https://img.wattpad.com/cover/127369708-288-k109649.jpg)