الحلقة اثنان وثلاثون
كانت سلمى بالداخل تستمع ما يحدث من مشاجرة منذ البداية إلى أن قامت سميحة بالنداء عليها، لتخرج وهي في قمة هدوءها وبرودها الذي أعتاد وتركها عليه من قبل:
ـ أفندم .. جاي ليه وعايز إيه يا طارق .. رجوع معاك مش راجعة عشان نبقى واضحين .. هفضل هنا لحد ميعاد الطيارة
اقترب منها وقال وهو يحاول أن يتمالك أعصابه:
- استهدي بالله وأرجعي معايا .. أنتِ مش فاهمة حاجة .. لينا مكان نحل فيه مشاكلنا سوا
عقدت ذراعها وقالت بهدوء:
- مفيش مبرر للي شوفته وسمعته يا طارق .. بعد إذنك سيبني على راحتي
ولت ظهرها متجنبة الحديث معه، ثم نظر إلى
سميحة معاتبًا:
- عجبك كده!! .. والله في سوء فهم في الموضوع
ربتت سميحة على منكبه وقالت:
- خلاص يا طارق سيبها براحتها
نظر لهم جميعًا بضيق وعلى سلمى بعتاب وأردف قبل أن يغادر:
- ماشي يا سلمى .. براحتك
خرج طارق وصفع الباب خلفه لتسقط دمعة من عيناها، وتعود مرة أخرى لغرفتها وتغلق الباب بقوة .
يسود الصمت بينهم والحزن العام للجميع .. بعد قليل نهضت نور على الفور:
- لازم أمشي دلوقتي يا طنط .. هاجي بليل أطمن على سلمى .. أنا عارفة إنها مش قابلة كلام من حد فينا دلوقتي .. أنا حاسة بيها وعذراها
أومأت سميحة بحزن وقالت:
- خلي بالك من نفسك يا حبيبتي .. ربنا يصلح ما بينهم الحال
نهض أمير هو الآخر وعيناه منصبة لنور قائلًا:
- وأنا يادوب ألحق الشغل .. وهوصل آنسة نور على سكتي
تفاجأت نور من قراره ثم قالت بخجل وارتباك:
- لا طبعًا شكرًا يا أستاذ أمير أنا معايا عربيتي متتعبش نفسك
ابتسم أمير وقال بود:
- يبقى ننزل سوا .. سكتنا واحدة
نظرت ليوسف بلامبالاه وقالت:
- تمام مفيش مانع
كان يوسف الغيرة تأكل قلبه أكلًا، ودعت سميحة وخرجت على الفور بصحبة أمير .
ليلتفت يوسف إلى سميحة ويصيح بضيق شديد:
- عجبك إللي بيعمله ابنك ده؟!!
ردت سميحة وهي تدعي عدم الفهم:
- هو عمل إيه يابني!!
تعصب وثار غيرته وهو يغادر المكان بغيظ:
- يووووووو مفيشتركها ودخل غرفته هو الآخر لتضحك سميحة بشدة على حاله، فخطتها تسير على ما يرام وقد تأكدت الآن بأنه بالفعل يحبها ويغار عليها .
**********************
ظلت تسير ذهابًا وإيابًا في الغرفة تفكر في الحياة ومعاملتها مع طارق في الفترة القادمة، أحسنت القرار عندما رفضت الرجوع معه بعدما فعله، لابد وأن تأخذ موقف حاسم وتجعله يعرف بأن ما حدث ليس بأمر عابر ولا عادي لتضعه جانبًا وتمر بحياتها .. يجب أن يدرك أن كل فعل له رد فعل أصعب من الفعل ذاته الذي صدر منه .
مازالت على موقفها حتى تجعله يرى من هي سلمى الجوهري، لن تعود بأيامها كأبيها أبدًا مهما كان ومهما دفعت الثمن مقابل ذلك ..*********************
منذ وصوله إلى الفندق وهو لا يريد الصعود إلى جناحهما، كلما بقى بالأعلى تذكرها وتذكر خلافاته معاها، ولا يريد أن يجلس في كافتريا الفندق ليتذكر سارة والموقف السخيف صاحب تلك المشكلة، ولا يستطيع أن يجلس هكذا بمفرده حتى المساء، وأن علم والداه ما حدث سوف تحدث مشكلة كبيرة بالفعل ويستمع لكلمات حادة هو في غنى عنها، فلا يعرف إلى أين يذهب الآن وأصبح في حيرة، إلى أن جاء لخاطره فكرة عن مكان طالما أحب الجلوس فيه، فخرج من الفندق وبدأ في طريقه المنشود .