الحقيقة العارية

249 14 0
                                    

الحلقة ثمانية وثلاثون

عقد طارق جبينه وهو يحاول أن يتمالك أعصابه من هول ما يسمع، وتلك الكارثة الجديدة التي حلت عليهم دون أي مقدمات:
ـ بتاع إيه ده الظرف الأسود
رد سريعًا:
ـ ده اللي فيه البضاعة المتهربة وبأسمائهم .. واللي كانت صفقة الأدوية ستارة ليهم .. الورقة دي لو وقعت في إيديهم كلنا هنروح في ستين داهية .. والأهم من كده لازم نتصل بسلمى قبل ما يوصلوا لها .. وده اللي ذكروه في المسدج عايزين الظرف الأسود
تناول هاتفه وحاول الإتصال بسلمى، يسمع الجرس دون إجابة، ليحاول أكثر من مرة ولا تستجيب بالرد عليه، يزفر طارق بغضب:
- مفيش فايدة جرس .. يمكن في الشنطة ومش سمعاه .. هتكون فين دلوقتي في المرسم؟
رد نور سريعًا:
- تصدق فكرة .. أستنى كده
تناولت هاتفها وضغطت على بعض الأرقام وقامت بالإتصال، أنتظرت سماع صوت الطرف الآخر بلهفة إلى أن صاحت فجأة:
- ألو .. ايوة يا جاسر .. بقولك أنت فين دلوقتي؟ .. بجد!! طب مشوفتش سلمى عندك ؟ .. بص كويس الله يكرمك لاتكون في أي ركن بتشتغل .. طيب ماشي يا جاسر شكرًا .. سلام
نظر لها طارق باهتمام وفضول:
- مين جاسر ده؟
ردت نور بهدوء وثقة:
- ده جاسر زميلنا في الكلية .. وأكتر حد بيكون موجود في المرسم معايا أنا وسلمى .. للأسف مش موجودة هناك
صاحت بهم تهاني في قلق:
ـ اومال هتكون راحت فين .. لا في الكلية ولا راحت لعمتها .. حتى المرسم مش موجودة فيه
القلق وإعادة التفكير والتساؤل رجع لها مرة أخرى، عدم الأمان الذي كانت تشعر به كان حقًا وبلا شك صحيح، كانت تحاول استبعاد وجودها في الشركة ووضعت جميع الاحتمالات الأخرى أمامها، ولكن بدأت تتساقط واحدة تلو الأخرى، لا يوجد أمامها إلا هذه الفرضية التي تؤمن نفاذها بالفعل .
لاحظ طارق شرودها وارتباك قسمات وجهها ليقول بجدية:
ـ شكلك مخبية حاجة يا نور .. أتكلمي
تدخل أمير وقام بسرالها بنبرة حانية:
ـ لو عندك أي معلومة حتى ولو كانت صغيرة ممكن تساعدنا إننا نوصلها قبلهم قوليها
حسمت أمرها، بالفعل لا يوجد مكان آخر تذهب إليه فقالت موجهة حديثها لوالدها:
ـ الشركة .. زي ما قلت لحضرتك يا بابا كانت بتدور في الموضوع ده وشكلها شكت في حاجات كتير .. فاحتمال إنها تكون راحت هناك بس أنا استبعدته
تدخل أمير بتساؤل:
ـ اشمعنى
نظرت لهاشم بعتاب وحزن:
ـ لأنها لا يمكن تروح الشركة وانكل هاشم هناك .. من يوم الفرح وهو يعتبر كأنه تخلص منها مكنتش تعرف هتبررله إيه بوجودها
كان حزين وهو يسمع هذا الرد، كأنه في غفلة ولتوه خرج منها عندما شعره بأنه يمكن فقدها
اقترب منهم طارق وقال بلهفة:
ـ احنا مستنيين إيه !! بينا على الشركة

****************
تحركوا جميعًا إلى مقر الشركة ومنها إلى السكرتيرة، التي شعرت بالريبة من هلّتهم عليها الخمس بعد رحيل سلمى بفترة ليست بطويلة .

وقفت بتوتر مستعدة لتساؤلاتهم، أقبل عليها هاشم بتساؤل:
ـ سلمى ماجتش الشركة ؟
توترت ونظرت لهم بلمحات خاطفة ولا تعرف ماذا تقول، شعر بتوترها أمير الذي حسم الموقف ليطمئنها:
ـ ردي على أد السؤال وخليكِ صريحة .. جات هنا ولا مجاتش
ردت بتوتر ملحوظ وبنظرات زائغة:
ـ بصراحة ايوة .. هي اللي قاللي متقوليش لأي حد إني كنت هنا وبذات أستاذ هاشم
نظروا له جميعًا لتقول نور بثقة
ـ كما توقعت
أكمل أمير أستجوابه معها:
ـ شوفتيها أمتى وبتعمل إيه .. قولي كل اللي تعرفيه
شعرت بالخوف من طريقة الأسئلة التي يعرضها عليها، يبدو أن هناك خطبًا ما، فقالت بعدما طمئنها أمير بالحديث:
ـ من حوالي ساعة جات باركتلها على الجواز بعدين سألت أستاذ هاشم موجود ولا لأ .. بعدين دخلت على مكتبه حوالي تلت ساعة ولا حاجة ماغبتش جوة .. بس طلعت مستعجلة حتى قالتلي سكي على النسكافيه اللي كانت طلباه .. حتى شكلها مرتبك جدًا ومخضوض ونبهتني مجبش سيرة لحد ومشيت على طول
تركوها ودخلوا غرفة المكتب ليجد كل شيء كما هو، دلف إلى مكتبه وبحث في الملفات وجدها كما هي ولكن ليست بنفس النظام التي كانت عليه من قبل، رفع رأسه وقال:
ـ سلمى كانت بتفتش في الملفات .. صحيح كل حاجة رجعتها مكانها بس مش بنفس الترتيب .. حتى ملف الصفقة ورقه مش مترتب كانت بتبص فيه بعشوائية
قال الأخيرة وهو يتفحص ملف الصفقة ثم لفت نظره شيئًا ما لم يلاحظه أثناء دخوله على سطح المكتب، ألتقط الورقة التي كانت على سطحه وقرأها بتمعن لفتح فاه في صدمة ودهشة لدرجة أدهش من معه ليقطع صمته محمود:
ـ إيه في إيه ؟.. لقيت حاجة؟
أكيل له الورقة ليتفحصها محمود ومن معه في صدمة، فأدركوا بأنها قرأتها وعرفت ما يدور حولها وما هو مقدمة عليه .. صاح محمود مناديًا على السكرتيرة في غضب، لتأتي مسرعة في خوف، رفع الورقة إلى الأعلى وقال بنبرة جعلتها تتوتر زيادة:
ـ إيه ده يا عبير ؟
نظرت للورقة ثم تذكرت لترد في لهفة:
ـ ايوة نسيت أقول لحضرتك أن الفاكس ده وصل لحضرتك قبل ما تنزل مفيش دقيقة وكنت لسة هديهولك بس مشيت بسرعة .. لما آنسة سلمى جات أدتهولها
ـ طيب روحي أنتِ دلوقتي
قالها محمود بعدما وجد هاشم لا يستطيع الرد من هول الأحداث التي تجري أمام عيناه وهو لا يصدق، خرجت السكرتيرة وهي تحمد الله أن خروجها كان بسلام وتدعو الله أن يمر هذه الأزمة التي تشعر ببوادرها .
جلس محمود وقال بعدما ربط كل الأحداث ببعضها البعض:
ـ كده سلمى عرفت كل حاجة وكانت بتتعامل في إيه .. صدمتها فيك أكتر ما تتوقع
تمتم هاشم بصدمة وفزع:
ـ يادي المصيبة روحنا في داهية ..
قاطعه محمود ساخرًا:
ـ مضايق من شكلك قدام بنتك .. كنت متوقع أن الموضوع هيكون مخفي عنها أكتر من كده
نظر له وقرأت محمود الخوف في عيناه:
ـ الظرف الأسود مش موجود .. كان موجود في ملف الصفقة .. مفيش غيرها .. لو وصلولها هنروح كلنا في ستين داهية .. راحت فين أنا أبتديت أقلق
نور تحاول الإتصال بها ولكن تسمع رنين دون رد، زفرت بقوة وحاولت عدة مرات دون جدوى:
ـ اللي مطمني شوية إن الفون مش مقفول .. ربنا يجيب العواقب سليمة
صاح أمير موجهًا حديثه لنور:
ِـ أتصلي بيوسف خليه يجي بسرعة .. مبيردش عليا
حاول أن يبرر لها كي تنفذ ما يقول، لتتصل به بالرغم عنها ..
يتفاجيء يوسف بإتصال من نور، رد رغم دهشته بغير رسمية:
ـ خير يا نور
قالت نور بتلقائية ودون رسمية هي الأخرى ولكن بلهفة:
ـ يوسف تعالى شركتكوا حالًا .. سلمى في خطر .. سلام

صفقة حب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن