الحلقة الثامنة
أطمئنت سلمى على والدها بأعطاءه الدواء، والإشراف على غذاءه .. أستقلت سيارتها متجهة إلى الكلية .
قادت بغيظ وهي تتذكر مكالمة نور لها، ورأت أن التصرف الذي بدر منها سليم، نظير ما فعله في الحفل .. كنوع من العقاب، ولكن لا تدري أي نوع من أنواع العقاب، ما شأنها حول عدم مجيئه أو حضوره بوجه عام، فهي دائماً على خلاف معه، ولكن شيئاً ما بداخلها جعلها تشعر بذلك .كانت نائمة وأستيقظت على رنين هاتفها .. مدت يداها على الكومود بحثاً عن الهاتف، ردت فآتاها صوت نور
- إيه يابنتي صحي النوم كل ده الضهر هيأذن
ردت بصوت نائم :
- ليه الساعة كام دلوقتي ؟
أجابت نور باستعجال :
- الساعة 12 يا هانم قومي يا بت ورانا محاضرات
أعتدلت سلمى جلستها وهي تقول :
- طيب طيب قايمة خلاص
قالت نور بتلقائية :
- ألا صحيح طارق جاي دلوقتي
قضبت سلمى حاجبيها بدهشة وتساؤل :
- جاي فين ؟
ردت نور سريعاً :
- ركزي يا حاجة جايلك يعني .. يطمن على أنكل هاشم ويعذر عن عدم الحضور
زفرت سلمى بعدم إهتمام :
- طيب يعني ما يجي وأنا هعمله إيه، مش بردو عشان العربية عطلت وكده
لم تستطع نور كبت ضحكتها وهي تقول بخبث :
- ههههههه أصلك متعرفيش إللي فيها يا بنتي
قضبت سلمى حاجبيها بإهتمام شديد :
- حصل إيه ؟!!
أجابت نور بحذر :
- من الآخر كدة طارق كان بيحاول يزوغ من الحفلة علشان متتقبلوش
صاحت سلمى بها بضيق :
- نعم !! بقى كده هو أنا مسكاله العصاية ! .. ومين قالك إني كنت عايزة أشوفه أصلاً
ردت نور بإبتسامة خبيثة :
- اممممم عليا بردو ده أنتِ عينك مبطلتش تدوير
شعرت سلمى بالإحراج، لم تكن تعلم بوجود من يراقبها، أو معرفة ما يتوق به عيناها، فردت سريعاً متنحنحة كي تنفي كﻻمها :
- احم بطلي هبل ها
شعرت نور بإحراجها، فضحكت وهي تستكمل الحديث :
- ههههه طيب مكنش عايز يروح، مش كفاية إللي بيحصل في الشركة بهدل نفسه زي ماشوفتي .. قال يعني إنه كان بيصلح العربية
ردت سلمى بعد تفكيرها في حديث نور، بنبرة وعيد :
- اها قاصد يعني .. طيب
قلقت نور من نبرتها ألا يعرف طارق ما حدث، فخفضت نبرتها وردت بحذر :
- بقولك إيه متقوليش لحد إني قلتلك محدش يعرف الموضوع ده حتى بابا وماما
عكس ما توقعت سلمى، فتسائلت بإهتمام وفضول :
- اومال أنتِ عرفتي ازاي ؟؟
تنحنحت نور وقالت مداعبة :
- احم مصادري الخاصة يا بنتي
ضحكت سلمى وقالت بمرح :
- ههههه يا جامد أنت طيب متقلقيش
تنهدت نور وهي تنهض وأردفت :
- طيب قومي اجهزي قبل ما يجي هو ف السكة ناو
نهضت سلمى هي الأخرى وهمت بإنهاء المكالمة :
- اوك يلا سلام نتقابل في الكلية
أنهت نور باسمة :
- سلااامأغلقت سلمى بغضب وهي تقول في سرها بتوعد "أما وريتك يا طارق ..."
******************
صعق إيهاب من قرار طارق، كان متوقع خطبتها ولكن الخبر مفاجئ بالنسبة له .. نظر له طارق وأكمل بجدية
- اها زي ما سمعت المفروض كفاية كده نعرف بعض من أولى كلية
تطلع إليه إيهاب وأردف بتأكيد :
- طارق أنت بجد متأكد من مشاعرك ناحيتها ؟
رد طارق بثقة :
- أكيد طبعاً
حاول إيهاب جس نبضه قائلاً :
- طب وهي ؟ ..
أجاب بنفس الثقة :
- بتحبني كمان زي ما بحبها
إندهش إيهاب من هذا القرار المفاجئ، فقال بإهتمام :
- اشمعني يعني الخطوة دي دلوقتي ؟
تنهد طارق بأريحة وهو يعود بظهره إلى الخلف، هو ذاته لا يعرف .. أو بالفعل يعرف ولكن ينكر، كأنه يشعر بالهزيمة عندما علم بزواجها، كأن شيئاً ما كاد أن يتكون وتحطم واختفى فجأة، لا يعلم حقاً فهناك أشياء كثيرة مبهمة بداخله تحتاج لترتيب، فأخبر إيهاب بالجزء الظاهر فقط من الحقيقة، أو بمعنى أصح شبه الحقيقة:
- المفروض كنت هاخد الخطوة دي من زمان، بس زي ما أنت شايف كل مرة يطلع حاجة تبوظ الموضوع
ﻻ يعرف إيهاب أن كام ما يشعر به صحيح أم ﻻ، ولكن في نهاية الأمر القرار يعود له، فربت على منكبه قائلاً :
- على العموم ربنا يعمل إللي فيه الخير
نظر له طارق ورد ساهما :
- ونعم بالله عندك حق
حاول إيهاب إنهاء الحوار سريعاً فقال :
- طيب يلا روح على الشركة عشان متتأخرش أكتر من كده
نهض طارق وهو يفكر في قراره :
- ماشي يلا سلام .. نتكلم بعدين
إبتسم إيهاب ولوح له بتفكير وشرود هو الآخر:
- اوك سلام