العصيان

167 10 0
                                    

الحلقة ثلاثة وثلاثون

عيناها لم تسقط عنه بفضول، تريد أن تعرف المزيد، منذ ليلة أمس وهو لا يدرك السبب الرئيسي لرؤيتها بشكل مختلف، كيف له أن ينسى ما حدث بينهم من قبل وينجذب إليها؟ .
حاول بقدر الإمكان أن يختصر الكلام معها وأن يبتعد عن النظر لعيناها عندما يتحدث معها، أجابها بهدوء وهو يشعر بأنها تنظر إليه، فبمجرد أن أنتهى تركها ودخل الشرفة قبل أن تقول شيئًا آخر .. وهو يفكر في هذه الحيرة التي شوشت على تفكيره ليقطعه صوت رنين هاتفه ليرا المتصل سارة، زفر بحنق شديد فكل ما مر به كانت هي السبب في ذلك وقرر أن لا يقوم بالرد عليها وتجاهل إتصالها، لتعيد نفس الكرّة عدة مرات إلى أن سأم و رد عليها بضيق:
- ايوة يا سارة .. خير
قالت سارة بتزمر:
- مالك يا طارق في إيه .. الطريقة اللي بتكلمني بيها دي؟
زفر بشدة وقال بضيق:
- سارة أنا مش فايق على الصبح ..
قاطعته وأردفت بحزن:
- في إيه يا طارق أنت مضايق مني ليه .. أوعى يكون بسبب إني جيتلك الاوتيل
صاح بها طارق:
- ما أنتِ حلوة وبتفهمي أهو .. كلامنا بيجيبلنا المشاكل يا سارة
صاحت سارة بتذمر وحقد شديدين:
- يا سلام!! تبقى خطيبي ومحرومة حتى إني أكلمك !! .. كل ده بسبب الست سلمى عفريت العلبة اللي أنت متجوزها
انفعل عليها طارق بحنق بمجرد أن سمع إهانتها
قلت مية مرة تبطلي تغلطي فيها .. لاحظي إنها بقت مراتي وكرامتها من كرامتي
حاولت اصطناع الدلال حتى لا تخسره:
- أعمل إيه يعني ما هو كل ما نتقابل معرفش بتطلعلنا منين في كل حتة .. والله حاسة إنها بتراقبنا وعاملة فيها سُهنّة
صاح بها بعدم تصديق:
- تراقبنا!! إيه اللي بتقوليه ده بس .. مستحيل سلمى تعمل حاجة زي كده
يشعر بأنه مقيد وهو يتحدث داخل الشرفة ويخشى من علو صوته تسمعه سلمى من الداخل، فخرج وقال وهو لا ينظر إليها ويتجه للخارج:
- مش هتنزلي تفطري؟
أجابت بشيء من الضيق هو لم يلاحظه:
- ما أنت عارف مبفطرش أول ما بصحى .. هطلب الأكل هنا مش قادرة أنزل تحت
- أنتِ حرة
قالها وهو يخرج ويتركها وحدها بالغرفة بكل برود وتهكم ويعود للمكالمة مرة اخرى:
- شيلي الأفكار دي من دماغك يا سلمى
صاحت به سارة بغضب شديد :
- سلمى!! .. أنا سارة يا أستاذ .. اللي واخد عقلك يتهنى بيه ..
من تفكيره بها مطولا تناسى سارة للحظات، حاول أن يخرج من هذا الموقف المحرج بأي طريقة ليقول:
- ما أنتِ مفيش سيرة إلا هي .. مفيش مرة نتكلم إلا أما أنتِ تفتحي سيرتها مش أنا
قررت أن ترخي قليلًا لتنعم نبرة صوتها وتقول بدلال:
- خلاص حقك عليا .. وحشتني أوي على فكرة
ابتسم وحن قلبه إليها:
- وأنتِ كمان وحشتيني أوي يا حبيبتي ..

شعر بوجودها فنظر خلفه ليراها في حالة ضيق ودهشة والدموع شرعت في التجمع بعيناها .. نظرة عتاب وألم مزقت عيناه وقطع الإتصال لينظر لها بصدمة .. بدون أي كلمة دخلت الغرفة وأغلقت من الداخل بالمفتاح، مسح شعره بكفه بكل عنف وحيرة، فكلما تُصلح الأمور تتعقد مرة أخرى، ليقرع على الباب مرات متتالية وينادي عليها .
بدلت ملابسها وأرتدت حقيبتها وفتحت الباب مرة أخرى لتمر بجانبه ورحلت، ليسير خلفها بلهفة وينادي عليها وهي تتجاهل مناداته إلى أن دخلت المصعد وفرت الدموع من عيناها وهي تقول بجمود "مفيش فايدة" .
عندما وصل للدور الارضي ظل يبحث عنها ليجدها في مطعم الفندق تجلس في هدوء شديد، اقترب منها بحذر وتردد في الجلوس إلى أن حسم أمره في النهاية .
ظل ينظر لها دون أي رد فعل منها فقط عيناها مقتظة بالدموع محاولة منها بقدر الإمكان أن تتحاشى نزولها أمامه .. بعد عدة دقائق حضرت وجبة افطارها وبدأت في تناوله في صمت وهي تبتلع كل قطمة بصعوبة شديدة، تنهار من داخلها ومن الخارج تتسم بالبرود والهدوء .
تناول فطوره هو الآخر وهو يسترق النظر إليها، إلى أن إنتهت وعادت إلى جناحهما مرة أخرى وذهب خلفها فضولًا منه .
ظلت تسير بها ذهابًا وإيابًا في توتر كبير، وهي تفرك بيداها في منتهى العصبية وهو يخشى أن يتحدث معها فتنفجر في وقته وهي غاضبة وفي شدة انفعالها ليقول:
- سلمى ...
انفعلت به بشدة وأحمر وجهها وأصبح مثل البندورة:
- مش طيقاك أبعد عني .. أنا عايزة أنزل مصر دلوقتي حالًا مش قادرة أستنى معاك دقيقة واحدة
صاح بها بغير استيعاب:
- اللي بتقوليه ده أنتِ اتجننتي .. مينفعش
لترد بنفس الحالة المهيبة لتصرخ أكثر:
- أنتوا خليتوا فيا عقل .. أنت إيه يا اخي مبتحسش معندكش قلب .. إيه الأنانية إللي أنت فيها دي .. ليه ها ... ليييييييه .. كنت بحسبك غيره ولقيت فيك شوية حنية من اللي مفتقداها من ساعة موت أمي .. كل ده طلع وهم وغش وخداع .. ليه ليه .. طلقني يا طارق .. طلقنييييي

صفقة حب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن